إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

السيدة زينب (عليها السلام) الصوت الناطق بإسم ثورة الإمام الحسين عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السيدة زينب (عليها السلام) الصوت الناطق بإسم ثورة الإمام الحسين عليه السلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    كانت السيدة زينب (عليها السلام) تتمتع بفكر سديد وثاقب وفصاحة اللسان حتى أصبحت مضرب الأمثال بين أقرانها في الفصاحة والبلاغة وحسن البيان وكانت تسرد قولها سرداً كأنه عقد نظيم، فقد منحها الله سبحانه وتعالى صفاء القريحة، وسداد الرأي فكانت فوق أترابها فقهاً وأدباً، وحلماً وديناً وخلقاً، ولا غرابة في ذلك لأنها من بيت النبوة، فجدها سيد الخلق محمد (صلى الله عليه وآله) وأبوها علي (عليه السلام) وأمها فاطمة الزهراء (عليها السلام) وأخويها الحسن والحسين (عليهما السلام).

    وهاهي بنفسها تترجم عن هذا فتقول كما رواه ابن حميد وابن عساكر: (ومن كجدي النبي العربي، الهاشمي القرشي، الذي اصطفاه الله تعالى واختاره ليبين للناس طريق الحياة من خير وشر في أسلوبه العذب الجميل، وعباراته الممتعة، التي تفيض رقة وحنانا، عطفاً واشفاقاً). كما أنها أدركت ما لها من كريم

    الفضل وأسمى المنازل عندما لمحت علم أبيها علي (عليه السلام) وأمها فاطمة، وأخويها الحسن والحسين. فلا يمكننا مقارنة النصوص الأدبية التي نقرأها اليوم مع ما جاء على لسان أهل البيت (عليهم السلام) لأن الكثير منها يخلو من المحتوى الرفيع والمعنى الشامخ والفكرة الراشدة، فيبدو فارغاً من الذوق أحياناً، فكلام أهل البيت (عليهم السلام) فضلاً عن بلاغته وعلو فصاحته فقد تضمن المعاني الجليلة من الاعتقادات الحقة والوصايا الأخلاقية، والدعوات الموجهة إلى الخير والجهاد، معبراً عن أهداف الشريعة، وعن شجاعة المتحدثين به فكانت أحاديث المصطفى (صلى الله عليه وآله) في مكة المكرمة وخطب أمير المؤمنين (عليه السلام) وخطبتي فاطمة (عليها السلام) إضافة إلى خطب الحسن والحسين (عليهما السلام) ... سلسلة من نور تمتد لتصل إلى السيدة زينب (عليها السلام).

    فالسيدة زينب (عليها السلام) هي وريثة هذا البيت الطاهر، فقد جاء في إحدى زياراتها: (السلام على المولودة في معقل العصمة والتقى، ومهبط الوحي والهدى، والموروثة عظيم الفضل والندى.. سلام على المرأة الصالحة، والمجاهدة الناصحة، والحرة الأبية، واللبوة الطالبية، والمعجزة المحمدية، والذخيرة الحيدرية، والوديعة الفاطمية).

    ورد عن الشيخ جعفر النقدي رضوان الله عليه: (في الطراز المذهب، عن ناسخ التواريخ انه قال: من معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه كان يضع لسانه في فم أولاد فاطمة الرضع فيغنيهم عن اللبن. قال: والأولاد الرضع يشمل الذكور والاناث، فزينب وأم كلثوم تشاركان الحسنين (عليهما السلام) في هذه الفضيلة.

    ولا عجب أن من التقم لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ وارث علوم الأولين والآخرين ـ وارتوى علمه، سيحصل على المراتب العالية، ويأخذ مقامات العلم والشرف. لقد أدركت الحوار أمها فاطمة (عليها السلام) ورأت مصيبتها وسمعت خطبتها وشاهدت كسر ضلعها وسقطها واستشهادها وتشييعها ليلاً، وأدركت أبيها وكانت حاضرة خطبه وجهاده واستشهاده وأدركت أخيها الحسن (عليه السلام) وتسميمه وحضرت كربلاء بكل قضاياها الفريدة في العالم.

    وكانت فصاحة سيدتنا زينب (عليها السلام) تجمع بالإضافة إلى قوة العبارة وحسن الأسلوب أمرين آخرين هما المعرفة والشجاعة، فقد هيمنت كلماتها على السامعين وجعلتهم مذهولين حيارى لا يستطيعون أن يجيبوا بأي حرف وهناك شواهد كثيرة على ذلك.

    صرخة الطف

    بعدما وضعت معركة الطف أوزارها وبدأت الجنود تنسحب من أرض الميدان، حاول ابن زياد بأمر من يزيد لملمة الوضع والتستر على الجريمة ولهذا أمر بأسر كل من بقي من النساء والأطفال، للتغطية وضمان عدم إشاعة خبر قتل الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته، فكان موقف السيدة زينب (عليه السلام) بمثابة البيان الإعلامي الذي حرك تلك الضمائر التي كادت أن تموت فكان الهتاف:

    (ليت السماء أطبقت على الأرض).. فبلغ هذا الصوت أسماع القوم، فتساءلوا من هذه المرأة؟ فإذا بامرأة تعلوها الهيبة ويجللها الوقار متشحة بالسواد وإذا بالمجيب أنها زينب بنت علي بن أبي طالب تشق طريقها وسط الجيش بقلبها الذي لم تثنه شراسة الأعداء فتقف على جسد أخيها الحسين (عليه السلام) لتطلق العبارة الخالدة (اللهم تقبل هذا القربان من آل محمد) لتوصل رسالة إعلامية بالغة الأهمية إلى القوم فكانت كالعاصفة التي هزت الطغاة وأربكتهم، حيث فاجئتهم (عليها السلام) بهذا الموقف البطولي الذي لا يستغرب من أهل بيت نذروا أنفسهم لبارئهم وأدركوا حينها أنهم في مأزق حقيقي تجلى في خطبها الثورية في أكثر من مجلس أثارت فيه (سلام الله عليها) حماس الجماهير للثورة على الطغاة وكادت عروشهم أن تتهاوى بفعل هذه الخطب والمواقف المؤثرة.

    وتستمر التعليمات الزينبية للتعريف بأهل البيت وبمن قتل منهم فعندما كان الأطفال من أسرى آل البيت (عليهم السلام) يمرون على جموع الناس، كانت نسوة أهل الكوفة يسارعن في حمل الخبز والتمر ويلقين به على الصبية والأطفال، فكانت بطلة كربلاء ترفض ذلك وتأمر الأطفال بالامتناع عن أخذ ما يعطونه وتصيح بالجموع (يا أهل الكوفة نحن أهل البيت لا تحل علينا الصدقات) وهكذا كانت مواقفها تتوالى للإعلان عن هوية الأسرى وبأنهم آل بيت النبي محمد (صلى الله عليه وآله) لكي تعرف المغرر بهم أن هذه المعركة إنما هي ضد الإسلام وبنيه وأبناء نبيه صلوات الله عليهم أجمعين.

    قال حذيم الأسدي: لم أر والله خفرة قط انطق منها، كأنها تنطق وتفرغ من لسان علي (عليه السلام) وقد أشارت إلى الناس (أي أهل الكوفة بعد فاجعة كربلاء وقد جيء بها سبية) بان انصتوا، فارتدت الانفاس، وسكنت الأجراس، ثم قالت: أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل، والغدر والخذل، اتبكون فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الزفرة..

    هل فيكم إلا الصلف والعجب والشنف والكذب. وملق الاماء، وغمز الأعداء. قد ذهبتم بعارها، ومنيتم بشنارها، ولن ترحضوها (أي لن تغسلوها) أبداً، وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم.. أتدرون ـ ويلكم ـ أي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فريتم؟ وأي كريمة له ابرزتم؟ وأي حرمة له هتكتم؟ وأي دم له سفكتم؟.. لقد جئتم بها شوهاء(قبيحة) صلعاء، عنقاء، سوداء، فقهاء خرقاء (حمقاء)، ثم انشأت تقول:

    مـاذا تقـــــــولن إذ قال النبي لكم ماذا صـــــنعتم وأنتــــم آخر الأمم
    بــأل بيتـــي وأولادي وتكــــــرمتي منهم أسـارى ومنهم ضرجوا بدم
    ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

    قال حذيم: فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم. فالتفت إلى شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته من البكاء وهو يقول: بأبي وأمي، كهولهم خير كهول، ونساؤهم خير نساء، وشبابهم خير شباب، ونسلهم نسل كريم، وفضلهم فضل عظيم، ثم أنشد:

    كهولكم خير الكهول، ونساؤكم إذا عد نسل لا يبور ولا يخزى

    وحين جيء بالسبايا إلى قصر ابن زياد أخذ يستعرض عائلة الرسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسؤال عن أفرادها، ثم سأل: من هذه المنحازة عن النساء؟ فقيل: زينب بنت علي، فقال الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب احدوثتكم، فأجابته (عليها السلام):

    (الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وطهرنا من الرجس تطهيرا، انما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا).

    قال ابن زياد: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك؟ قالت: (ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا ابن زياد). فغضب ابن زياد واستشاط من كلامها معه في ذلك الحشد الكبير.

    وحينما جيء بالسبايا إلى الشام، وادخلن إلى قصر يزيد سمعت زينب (عليها السلام) يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعري:

    لعبت هاشـــــــــم بالملك فلا خبر جـاء ولا وحــي نزل

    لست من خندف إن لم انتقم من بني احمد ما كان فعل

    فأنبرت له العقيلة زينب (عليها السلام) وألقت خطبتها المعروفة في مجلسه، وكان منها: (أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وامائك وسوقك بنات رسول الله سبايا،.. وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت كمة من دماء الشهداء،.. فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا حززت إلا لحمك، ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته.. ألا فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء.. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين..).

    فكانت (سلام الله عليها) صرخة الحق التي نبهت الغافلين من رقدتهم.

    فسلام الله عليك يا سيدتي يوم ولدت ويوم توفيت كمداً ويوم تبعثين مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X