
بمناسبة ذكرى استشهاد بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله، اُمّ الأئمة الأطهار، سيدة نساء العالمين، مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها، اُقيم مجلس العزاء في بيت سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله بمدينة قم المقدسة، في 13 جمادي الأولى 1426 للهجرة، حضره السادة الأجلاء من آل الشيرازي وعلماء وفضلاء الحوزة العلمية، والهيئات الدينية وعامّة المؤمنين.
وارتقى المنبر الحسيني فضيلة الخطيب الشيخ عالمي حفظه الله، وبعد أن عزّى العالم الإسلامي بذكرى شهادة الصديقة الكبرى سلام الله عليها أشار إلى أسباب سكوت أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه تجاه غاصبي الخلافة وقال:
إن الإسلام كان في بدء نشوئه، وكانت الدولة الإسلامية التي أسّسها رسول الله صلى الله عليه وآله في المدينة فتية، فإذا حصل نزاع وفتنة تنتهي الدولة الإسلامية، وتهدر التضحيات الكبرى التي بذلت لإقامة صرح الإسلام وتشييد الحق، فلذلك سكت الإمام علي سلام الله عليه عن حقّه، وكان ذلك بأمر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله. إذ الإسلام يحتاج إلى مثل هذه التضحيات حتى يبقى. فمصلحة الإسلام مقدّمة، وقد قدّمها أمير المؤمنين وفاطمة سلام الله عليهما على حقّها وأنفسهما، كما في الروايات التالية:
1 ـ جاء في كلام لأمير المؤمنين سلام الله عليه مع عمر عندما أراد الأخير أن ينبش قبر الزهراء سلام الله عليها : «يا ابن السوداء ! أمّا حقّي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس عن دينهم». (1)
2 ـ قوله سلام الله عليه لما عزم الناس على بيعة عثمان :«لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها ـ أي الخلافة ـ من غيري ؛ ووالله لاُسلمنّ ما سلمت اُمور المسلمين ؛ ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصّة، التماساً لأجر ذلك وفضله، وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه».(2)
3 ـ من ِخطبة له سلام الله عليه بالمدينة في أوّل إمارته:
«أما بعد فإنه لمّا قَبَضَ الله نبيّه صلى الله عليه وآله قُلنا: نحن أهلُهُ وورَثَتُهُ وعترتُهُ وأولياؤُه دون الناس، لا ينازعُنا سلطانه أحد، ولا يطمع في حقّنا طامع، إذ انبرى لنا قومُنا فغصبونا سلطانَ نبيّنا، فصارت الإمرةَ لغيرِنا، وصِرنا سُوقةً ؛ يطمع فينا الضعيف، ويتعزّزُ علينا الذليل، فبكت الأعينُ منّا لذلك، وخشِنَتِ الصدور، وجزعت النفوس، و أيْمُ اللهِ لو لا مخافةُ الفُرقَةِ بين المسلمين، وأن يعود الكفر ويبورَ الدّينُ لكُنّا على غير ما كُنّا لهم عليه».(3)
وأضاف عالمي: ليس من شأن الإمام المعصوم سلام الله عليه أن يدعو الناس إلى نفسه ؛ بل الواجب على الناس أن يعطوا حقّه كما في الرواية التالية:
عن محمود بن لبيد قال: ...قلت(لفاطمة سلام الله عليها): يا سيدتي! فما باله (أمير المؤمنين سلام الله عليه) قعد عن حقّه؟ قالت:«يا عمر! لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مثل الإمام مثل الكعبة، إذ تؤتى ولا تأتي».(4)
كما ارتقى المنبر فضيلة الخطيب السيد أحمدي إصفهاني وقال: بعد استشهاد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله تآمر بعض من سُمّي بـ «الصحابة» في سقيفة بني ساعدة وغصبوا الخلافة من أمير المؤمنين فصار سلام الله عليه جليس البيت. فسألته الزهراء سلام الله عليها عن سبب عدم الأخذ بحقّه؟ فقال لها سلام الله عليه (ما مضمون الرواية) وكان المؤذّن قد وصل إلى قوله: أشهد أن محمداً رسول الله: إن بقاء اسم أبيك (يُردّد) في الأذان هو رهين سكوتي عن حقّي.
وارتقى المنبر أيضاً فضيلة الشيخ مولانا وقال: إن العترة الطاهرة هم عدل القرآن، كما صرّح بذلك الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في مواطن كثيرة ومواقف عديدة، ولولا العترة لما عرفنا شيئاً من القرآن الكريم. لذا من الواجب على المسلمين جميعاً أن يتمسّكوا بعترة رسول الله صلّى الله عليه وآله، إن أرادوا الصلاح والسعادة في الدنيا والفوز في الآخرة.
--------------------------------------------------------------------------------
1 / دلائل الإمامة للطبري / ص 46.
2 / نهج البلاغة / صبحي الصالح / الخطبة 74 / ص 102.
3 / شرح نهج البلاغة / لابن أبي الحديد المعتزلي / ج1 / ص 307.
4 / كفاية الأثر / للخزاز القمي / باب ما جاء عن فاطمة سلام الله عليها عن النبي صلى الله عليه وآله/ ص199.








تعليق