إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين

    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

    نماذج من الخلاف والاختلاف بين المسلمين
    1 - الاختلاف السياسي
    أجمع خلفاء دولة البطون وشيعتهم ( أهل السنة ) على أن رسول الله انتقل إلى جوار ربه ، وترك أمته ولا راعي لها من بعده ، فهو لم يستخلف ، ولم يحدد من سيخلفه ، ولم يصدر عنه أي نص لتحديد خليفته من بعده ! وأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، قد خلى على الناس أمرهم ! وأجمع أهل بيت النبوة وشيعتهم والباحثون المحايدون من المسلمين على أن رسول الله استخلف عليا " بن أبي طالب ، وعينه بأمر من ربه إماما " ووليا " وخليفة من بعده ومرجعا " للمسلمين ، ولكن بطون قريش ال‍ 23 التي اتحدت ضد النبي وقاومته و أجبرته على الهجرة ثم حاربته حتى هزمها عادت واتحدت ضد أهل بيت النبوة . والهاشميين بعامة وضد علي بن أبي طالب وذريته بخاصة لتحول بينهم وبين حقهم في خلافة النبي ( 1 ) ! !
    معنى الولي أجمع خلفاء دولة البطون وشيعتهم ( أهل السنة ) وأجمع أهل بيت النبوة وشيعتهم على أن رسول الله قد قال لعلي بن أبي طالب حال حياته ( أنت وليي في الدنيا والآخرة ، وأنت ولي كل مؤمن ومؤمنة ، وأنت ولي المؤمنين من بعدي ، ومن كنت وليه فهذا علي وليه ، ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، وخاطب المسلمين قائلا " : إنه وليكم من بعدي ، ولكنهم اختلفوا من بعد هذا الإجماع في المراد من ( الولي ) :
    1 - قال خلفاء دولة البطون وشيعتهم ( أهل السنة ) إن الرسول لم يقصد من كلمة الولي الحاكم أو الإمام أو الخليفة أو المرجع ، إنما قصد بهذه الكلمة المحب أو الناصر !
    * ( هامش ) * ( 1 ) وقد وثقنا ذلك في كتبنا وفصلناه : نظرية عدالة الصحابة والمواجهة ، والخطط السياسية . ( * )
    2 - أما أهل بيت النبوة وشيعتهم فيؤكدون أن الولاية تعني الإمامة والخلافة والمرجعية والقيادة من بعد النبي ، ويفهم هذا من القرآن بأن الولي هو الأولى من غيره ، ويفهم هذا بالعقل ، فمن غير المعقول أن يجمع الرسول المسلمين في غدير خم في الرمضاء ، ولأمر خطير ليعلن لهم أن عليا " بن أبي طالب محب وناصر !
    ويفهم هذا من النصوص الأخرى كقوله لعلي : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) ، وقوله : ( إن هذا أخي وخليفتي ووصيي فيكم من بعدي ) ، وقوله : ( هذا أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين ) . . الخ .
    وقد أجمع أهل بيت النبوة وشيعتهم على صحة هذه الأحاديث ، وأجمع على صحتها الباحثون المحايدون من شيعة الخلفاء ، وروى الكثير منها أصحاب الصحاح .
    ومن استعراض التاريخ الجهادي لعلي بن أبي طالب ودوره البارز في مقاومة الشرك ومحاربته ، ومن استعراض قدرات الإمام علي ومواهبه العلمية الخارقة لا يبقى أدنى شك بقصد الرسول من كلمة ولي (1) .
    وشهدوا على أنفسهم إذا كان الرسول لم يستخلف ، فلم استخلف خلفاء البطون ؟ ولماذا لم يقتدوا بالرسول الأعظم ؟ أليس فعل الرسول سنة ؟ ومن يدلني على خليفة واحد قد مات من دون أن يعهد بالخلافة لمن يأتي بعده ؟ !
    لقد وصف عبد الله بن عمر لأبيه عمر بن الخطاب موت الخليفة من دون تعيين من يخلفه بأنه تفريط وتضييع للإمامة !
    ووصفت السيدة عائشة هذه الحالة بأنها همالة ، ووصفها معاوية بأنها كمن يترك نعاجه ولا راعي لها . وأجمع الخلفاء على أن الحكمة من العهد تتمثل في تجنيب الأمة الخلاف والاختلاف ، وهي رحمة بالمؤمنين وإضفاء الاستقرار على مؤسسة الخلافة !
    فهل يكون الخلفاء والنساء والعامة من الناس أبعد نظرا " وأرحم بالأمة ، وأقدر على استقراء الغيب من رسول الله ؟
    ( هامش ) * ( 1 ) وقد وثقنا ذلك في كتابينا المواجهة ، ونظرية عدالة الصحابة . ( * )
    ( ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون ) [ القلم / 36 - 38 ] ! أليس التنازع على رئاسة المسلمين هو منبع كل خلاف واختلاف ؟
    وهل يعقل أن يبين الرسول للناس كيف يتبولون ، ويبين لهم كل شئ ، ويتركهم على المحجة البيضاء ويغفل أهم شئ وهو رئاسة المسلمين من بعده ؟
    لو سلم شيعة الخلفاء بذلك ، لأقروا وشهدوا على أنفسهم بأن الخلفاء قد أخطأوا حتما " ، وفعلوا ما لا ينبغي لهم فعله وعقول شيعة الخلفاء تستبعد عن الخلفاء كل خطأ ونقيصة .
    والبديل الآخر هو الاستمرار بالتستر واختلاق الأعذار ولو على حساب الدين والحقيقة الشرعية والعقلية ، ولسان حالهم يقول : ( لينهدم الإسلام على رؤوس معتنقيه وليبقى الخلفاء معصومين بحرز الله ، وماذا يبقى من الدين إذا كان فعل الخلفاء خطأ . تلك أمانيهم ! ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا " قليلا " فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) [ البقرة / 79 ] .
    الشيعة يصدقون أهل بيت محمد وبقدرة قادر صار شيعة أهل بيت النبوة فئة مجرمة !
    لأنهم صدقوا أهل بيت محمد وآمنوا بوجود نص على من يخلف النبي بعد موته ، ولأنهم آمنوا بأن أهل بيت النبوة هم الأولى بالنبي ، ولأنهم أحبوا أهل بيت النبوة ووالوهم ولم يوالوا خليفة بطون قريش ، ولأنهم فسروا مصطلح ( الولي ) بأنه يعني الإمام أو القائد ، أو المرجع أو الخليفة من بعد النبي ، ولأنهم الشيعة استوعبوا حجة أهل بين النبوة ، ولم يستوعبوا حجة خليفة البطون . لكل هذه الأسباب جن جنون خلفاء البطون وشيعتهم ، واعتبروا هذا الموقف المناقض لموقفهم عملا " عدائيا " موجها " ضدهم ، ومحاولة مكشوفة لتفريق كلمة المسلمين وإجماعهم الذي انعقد على خلفاء البطون ، ونقضا " للأعراف والسوابق الدستورية التي اخترعها هؤلاء وشيعتهم ، والتي استقرت بنفوذ الدولة ، وشعر المسلمون أنها قدر لا مفر منه .
    لكل هذا عد شيعة أهل بيت النبوة فئة مجرمة بحق الله ، وبحق خليفة البطون ، وبحق الأمة المسلمة ! وسخرت موارد دولة الخلافة وإعلامها ونفوذها لإثبات إجرام شيعة أهل بيت النبوة وكفرهم ، وتشويه سمعتهم ، واختلاق الأكاذيب عليهم ، وترويج الشائعات ضدهم . ومع الأيام صدقت رعية الخليفة كل ما هو مختلق ، ضد الشيعة ، وكذبت كل ما هو صحيح عنها !
    وقد غالت شيعة خلفاء البطون مغالاة كبيرة ، وتطرفت في معاملتها لأهل بيت النبوة وشيعتهم ، فاستحلوا دماءهم لأتفه الأسباب وصادروا أموالهم ، وجردوهم من حقوقهم المدنية والسياسية ، وحرموا تزويجهم أو الزواج منهم ، وحرموا إطعامهم أو أكل طعامهم ، وعاملوهم بمنتهى الهمجية والقسوة ، بشكل لا يجوز أن يعامل به الكفرة وهم يتلون كتاب الله ، ويؤمنون بالله ، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وبالآخرة هم موقنون . وقد فعلت شيعة الخلفاء كل ذلك بإخوانهم المسلمين من شيعة أهل بيت النبوة في الوقت الذي يفتح فيه الخلفاء وشيعتهم صدورهم وقصورهم وبيوتهم لليهود والنصارى والمجوس ، تحت شعار أهل الذمة وسماحة الإسلام ! مع أن الخلاف بين مسلمي شيعة الخلفاء ( أهل السنة ) ومسلمي شيعة أهل بيت النبوة ( الشيعة ) ليس في ظاهره وباطنه أكثر من خلاف في فهم الأحكام الشرعية ! ولا يسوغ هذا الخلاف ذلك الحجم الهائل من الضغوط والمعاناة التي أو جدتها دولة البطون لأهل بيت النبوة وشيعتهم
    2 - الاختلاف في العبادات :
    1 - الوضوء : أجمع المسلمون على غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس ، واختلفوا على الرجلين .
    أ - شيعة الخلفاء ( أهل السنة ) ، بما فيهم المذاهب الأربعة ، يرون أن غسل الرجلين واجب مفروض على التعيين ، وبعضهم كالحسن البصري وابن جرير الطبري يرى أن المكلف مخير بين الغسل والمسح .
    ب - أما الشيعة الإمامية التي تمثل التشيع في أنقى صوره فهي ترى أن مسح الرجلين فرض معين .
    والثابت عن الرسول الأعظم بأنه لا صلاة من دون وضوء والمجمع عليه أن غسل الرجلين أو مسحهما من فرائض الصلاة ، وأن الوضوء من العبادات ، التي ينبغي أن يأتي بها المكلف على الوجه الذي أمر به الشارع الحكيم . فإذا صح فهم شيعة الخلفاء بأن الفرض هو غسل الرجلين لا مسحهما فإن صلاة أهل بيت النبوة وشيعتهم باطلة ومعدومة لأنهم لا يغسلون أرجلهم بل يمسحون عليها ! ! كذلك وإن صح فهم أهل بيت النبوة وشيعتهم بأن الفرض هو مسح الرجلين لا غسلهما فإن صلاة الخلفاء وشيعتهم باطلة ومعدومة لأنهم لا يمسحون الرجلين كما أمرهم الله بل يغسلونهما ! الرجوع إلى الشرع مجددا " أ - القرآن الكريم : قال تعالى ، في سورة المائدة ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين . . ) [ المائدة / 6 ] . فالوجوه والأيدي منصوبة ولا خلاف على وجوب غسلها ، و ( الرؤوس ) مجرورة ولا خلاف على مسحها . والخلاف ينحصر بالأرجل . ظاهر القرآن وقراءاته قال الرازي : قرأ ابن كثير وحمزة وأبو عمر وعاصم ( وأرجلكم ) بالجر ، فالأرجل معطوفة على الرؤوس حسب هذه القراءة .
    وقال أيضا " : وقرأ نافع وابن عامر وعاصم ( وأرجلكم ) بالنصب .
    فجر كلمة ( وأرجلكم ) قراءة معتمدة ونصب كلمة ( أرجلكم ) قراءة معتمدة أيضا " . وجر الأرجل عطفا " على الرؤوس أولى من عطفها على الوجوه والأيدي لأن بين الأرجل والوجوه والأيدي كلمة ( برؤوسكم ) ، وهي حائلة ومانعة للعطف ، ومن غير المعقول لغة ومنطقا " القفز عن الرؤوس المجرورة بالإجماع وعطف الأرجل على الوجوه والأيدي ! إذ لو جاز ذلك لكانت الرؤوس أولى بالنصب لقربها من الأيدي والأرجل ! فظاهر القرآن المسح على الرجلين لا غسلهما ، سواء أقرئت على الجر أو على النصب .
    ب - بيان النبي : من المهام الأساسية لرسول الله يبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم وقد فعل ، فبين الحكم للمسلمين قاطبة ، وبينه لأهل بيت النبوة بخاصة . ومن المسلم به أن الرسول كان يسكن في جانب من المسجد ، ويسكن معه في منزله علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين عليهم السلام ، وقد جرت العادة أن يتوضأ الرسول في بيته ويذهب إلى المسجد طاهرا " وجاهزا " للصلاة وكان أهل البيت يتوضؤون معه ويصلون معه لأنه كان يوقظهم لأداء الصلاة . فمعنى ذلك أن أهل البيت النبوة كانوا يشاهدون النبي وهو يتوضأ خمس مرات في اليوم الواحد أو مرة واحدة على الأقل يوميا " طوال حياتهم مع النبي وحتى انتقل إلى جوار ربه وهذه مدة كافية ليستوعب أناس في قمة الوعي الديني كعلي والحسن والحسين أحكام الوضوء ! فأيهما أولى بالتصديق أهل بيت النبوة الذين سكنوا مع النبي طوال حياته وشاهدوه يوميا " وهو يتوضأ أم أي شخص آخر رأى الرسول مرة أو مرتين أو ثلاثة وهو يتوضأ ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟ فإذا أضفنا إلى هذا أن أهل بيت النبوة هم أحد الثقلين وأن الهدى لا يدرك إلا بهما ، والضلالة لا يمكن تجنبهما إلا بالتمسك بهما معا " ، وأنهم قد مضوا على المسح على الرجلين لا غسلهما ، لن يبقى أدني شك في أن الحكم الشرعي هو مسح الرجلين لا غسلهما ، ومثل هذا يقال في الصلاة وغيرها من أحكام العبادات . والأحاديث التي وردت بغسل الرجلين أحاديث لا يمكن الركون إلى تخصيص ظاهر القرآن بها .
    لماذا هزم بيان أهل بيت النبوة وانتصر بيان الخلفاء ؟ في الوضوء ، في هيئة الصلاة ، في صلاة الجنازة ، في الأذان في غيرها من الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات ، وجد الخلفاء أنفسهم أمام أهل بيت النبوة كمرجع يقيني لكافة الأحكام الشرعية ، فإذا سلم خلفاء البطون بكل ما يقوله هؤلاء فإنهم يقرون ضمنا " بمرجعيتهم ، عندئذ يشهدون على أنفسهم ضمنا " بأنهم قد غصبوهم حقهم ، ويثبتون أنهم مراجع مثلهم وزيادة . وليرغموا أنوف أئمة أهل بيت النبوة وشيعتهم اخترعوا أو إن شئت فقل اجتهدوا ، أحكاما " من عندهم وقدروا أن الرسول لو كان حيا " لأقرها ، وبعد أن أوجدوا هذه الاجتهادات فرضوها بسلطة الدولة ونفوذها وألزموا الناس بها ، فكان عسيرا " على المسلم أن يمسح على رجليه في الوقت الذي يرى فيه الخليفة وأركان دولته يغسلون أرجلهم !
    فأول تهمة توجه إلى ذلك المسلم هي اقتداؤه بعلي وأهل بيت النبوة وموالاته لهم ، وخروجه على الخليفة مع ما يستتبع هذه التهمة من آثار قد تؤدي إلى قتل هذا المسلم بسبب هذا الجرم ، فصارت اجتهادات الخلفاء وشيعتهم منهاجا " ، تربويا " وتعليميا " مفروضا " بقوة الدولة .
    وعند ما خفت وطأة حكم الخلفاء وبعد مئات السنين وجد الناس أنفسهم أمام روايتين . رواية رسمية عمل بها الخلفاء وأكثرية المسلمين مئات السنين ، ورواية عن أهل بيت النبوة لم يعمل بها إلا أهل البيت وشيعتهم القلة فاعتقد الناس أن الحق مع الخليفة والأكثرية التي كانت تؤيده رغبة أو رهبة ! تلك هي القصة بكل فصولها
    3 - الاختلاف في الاقتصاد السياسي
    هنالك خلافات في الاقتصاد السياسي بين أهل بيت النبوة وشيعتهم من جهة وبين خلفاء البطون وشيعتهم ( أهل السنة ) من جهة أخرى نذكر منها ، على سبيل المثال :
    أ - التسوية والتمييز في العطاء المالي : الرسول لا ينطق عن الهوى ، ويتبع ما يوحى إليه ، وطوال حياته المباركة وهو يقسم المال بين الناس بالسوية لا فرق بين مولى وصريح ، لأن الله تعالى أمره بذلك ، ولأن التسوية بالعطاء هي الأصوب فحاجات الناس الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ونكاح متشابهة ، ولأنها خطوة على طريق تذويب الفوارق الاقتصادية بين الناس ، وتجنب نشوء الطبقات . وقد مضى الرسول على سنته طوال حياته ، وجاء الخليفة الأول فاتبع سنة الرسول ، وعند ما جاء الخليفة الثاني اتبع سنة الرسول آونة وجيزة من حكمه ، ثم خطر له أن التسوية بالعطاء عمل غير مناسب ، وغير عادل والأفضل حسب رأيه أن يعطى الناس حسب منازلهم ، فمن غير العدل حسب رأيه أن يعطي رجلا " من قريش المبلغ نفسه الذي يعطيه لرجل من الموالي ! ومن غير المعقول برأيه أن يعطي عثمان بن عفان أو طلحة أو الزبير المقدار نفسه الذي يعطيه لرجل من عامة البطون ! ! ومن غير الإنصاف ، حسب رأيه ، أن يعطي عائشة زوجة الرسول ، وابنة أبي بكر وحفصة زوجة الرسول وابنة عمر المقدار نفسه الذي يعطيه لكل واحدة من زوجات الرسول الأخريات ، فأعطى كل واحدة من زوجات الرسول عشرة آلاف وأعطى كلا " من حفصة وعائشة اثنى عشر ألفا " مع أنهن كلهن زوجات للرسول ! ومضى الرجل في خطته وهو يعتقد أنها خير من خطة رسول الله ! وصفقت له جموع المسلمين ، أو هكذا تظاهرت ، ولم تمض سنوات معدودة على تنفيذ هذه الخطة العجيبة حتى وجد النظام الطبقي في أبشع صورة ، فطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من خاصة الخليفة صاروا من أصحاب الملايين ! والملايين من فقراء المسلمين لا يجدون حتى ثمن رغيف الخبز . وأدرك الخليفة النتائج المدمرة لخطته التي حسبها بالأمس أفضل من سنة رسول الله فقال : ( لئن عشت مقبلا " لأتبعن سنة رسول الله وصاحبه ) ( 1 ) ومات الرجل ولم يعش مقبلا " واندثرت سنة الرسول وعاش رأي الخليفة وأصبح السنة البديلة لسنة الرسول !
    والخلاف ينحصر في ما يأتي :
    1 - أهل بيت النبوة وشيعتهم يتمسكون بسنة الرسول التي تساوي بين الناس بالعطاء ، ويؤمنون بأن الخليفة الثاني أخطأ يوم عطل سنة الرسول وأحل رأيه الشخصي محلها .
    2 - والخلفاء وشيعتهم ( أهل السنة ) يأخذون على أهل البيت وشيعتهم فضاضتهم بالقول إن الخليفة قد أخطأ لأن الخليفة صحابي ، وأمير المؤمنين ، وهو أجل وأرفع من أن يتعمد الخطأ ، وهو في الحقيقة مجتهد ومأجور على مخالفته لسنة رسول الله ، ومن واجب الرعية المسلمة أن تبقى وفية لاجتهاده لأنه انتقل إلى جوار ربه ولم يلغ اجتهاده ! وعلى هذا الأساس استمر خلفاء دولة البطون باتباع رأي الخليفة والتصرف بالمال العام حسب رأيهم وتقديراتهم الخاصة بأن الخليفة يعطيهم الحرية باستغلال المال العام لتأليف القلوب حولهم ، واصطناع الأوفياء لدولتهم !
    * ( هامش ) * ( 1 ) وقد وثقنا ذلك كتابنا " المواجهة وفصلناه . ( * )
    هذه هي طبيعة الخلاف بين أهل بيت النبوة وشيعتهم وبين خلفاء البطون وشيعتهم ( أهل السنة ) ( 1 ) .
    ب - الخمس المخصص لذوي القربى : في آية محكمة جعل الله لأقرباء النبي نصيبا " دائما " من الأنفال ، وبين النبي هذا النصيب فأعطاه لذوي قرباه كما أمره الله طوال حياته المباركة كإمام رئيس للدولة النبوية الإيمانية . أما لماذا خصص الله هذا النصيب لذوي قربى نبيه فعلمه عند الله يفعل ما يشاء وما تقتضي حكمته ، والجواب عن هذا السؤال هو الجواب نفسه عن السؤال التالي : لماذا اختار محمدا " للنبوة والرسالة ولم يختر عمرا " أو زيدا " من الناس ؟ وبالاستقراء نجد أنه تعالى قد حرم الصدقة على أهل بيت النبوة ، فهذا حرام عليهم لا يجوز لهم أن يأخذوها ، وعلى ذلك أجمعت الأمة ، والصدقة حلال لكل أفراد الأمة بمن فيهم خلفاء البطون ، ولأن أهل البيت ثقل والقرآن ثقل آخر ولتجذير التميز الشرعي لقيادة الأمة المتمثلة بأهل بيت النبوة وليكفيهم حاجاتهم الحياتية ويصونهم عن تحكم الفئة المتغلبة جعل الله لهم حقا " دينيا " وموردا " ثابتا " يعتاشون منه طوال الحياة هم وذرياتهم . وعلى ذلك مضت سنة الرسول . ولما استولت البطون على منصب الخلافة من بعد وفاة النبي ، ورأى أركان دولتها معارضة أهل بيت النبوة لخلافتها ، وجهرهم بالقول بأنهم الأحق بالنبي حيا " وميتا " ، عندئذ أصدر الخليفة الأول بعد التشاور مع أركانه سلسلة من القرارات الاقتصادية ، صادر بموجبها كافة المنح التي أعطاها رسول الله لأهل البيت حال حياته ، وحرم أهل البيت من تركة الرسول ، وفوق ذلك قرر عدم إعطاء أهل البيت حقهم بالخمس الوارد في آية محكمة .
    والخلاف ينحصر في ما يأتي :
    1 - أهل بيت النبوة وشيعتهم يؤمنون بأن حق أهل البيت بالخمس حق إلهي مخصص لهم في آية محكمة ، وقد جرت سنة النبي على تثبيت هذا الحق وبيانه ، ولا يملك أي إنسان على الإطلاق أن يصادره ، ومصادرته بغي وعدوان وانتهاك لحرمة أهل بيت النبوة .
    * ( هامش ) * ( 1 ) وقد وثقت كل ذلك بشهادات علماء أهل السنة الأكابر في كتابنا المواجهة فارجع إليه إن شئت . ( * )
    2 - خلفاء البطون وشيعتهم يرون أن كل بطون قريش هي قرابة للنبي ، و الهاشميون وبنو المطلب الذين كانوا يأخذون الخمس زمن الرسول ما هما إلا بطنان من بطون قريش ال‍ 23 ، وقد ميزهما الرسول حال حياته وحرم بقية البطون مع أنهم من ذوي قرباه أيضا " وطالما أن الرسول قد مات فمن حق الخليفة أن يتمتع بصلاحيات الرسول المالية وأن يعيد التوازن بين البطون . والخليفة هنا مجتهد ومأجور لمخالفته للآية المحكمة ولسنة الرسول وبيانه لهذه الآية !
    3 - الاختلاف في الميراث النبوي
    أ - أهل بيت النبوة وشيعتهم يرون أن أهل البيت أحق بميراث النبي ، لأن النبي إنسان مسلم على الأقل ، له ورثة شرعيون وعندما يموت المسلم تنتقل تركته إلى ورثته وتقسم بينهم حسب الشرع المفصل في القرآن الكريم ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ الأنفال / 75 ] ولا تملك أية سلطة في الأرض حق مصادرة تركة النبي وممتلكاته الشخصية بعد وفاته لأنها حق خالص للورثة ، خاصة وأن الميت والورثة على دين واحد ! ب - خلفاء البطون وشيعتهم ( أهل السنة ) يرون أن أبا بكر ، الخليفة الأول ، هو الأولى بتركة النبي وهو وارثه الوحيد ، لأنه صديقه الشخصي ، ونسيبه ، فزوج الرسول عائشة هي ابنة أبي بكر ولأنه الخليفة من بعد النبي ، ثم إنه من غير الممكن أن تسمح دولة البطون بأن تؤول أموال الرسول إلى ورثته لأنهم سيعملون على استغلال هذه الأموال في تأليف قلوب الناس حولهم ، ويزعزعون استقرار دولة البطون ، فمن باب سد الذرائع فلا حرج على الخليفة لو صادر تركة الرسول وحرم الورثة منها ! خاصة وأن الخليفة قد أبدى استعداده ليقدم الطعام والملبس لأهل بيت النبوة ! ! ثم إن الخليفة مجتهد ومأجور لأنه صادر تركة الرسول وحرم الورثة منها ! لأن الخليفة أمير المؤمنين وله الحق - برأيهم - بالتصرف على الوجه الذي يراه مناسبا "
    ( 1 ) ! * ( هامش ) * ( 1 ) وقد وثقنا ذلك كله في كتابنا المواجهة فارجع إليه . ( * )
    هذه نماذج من طبيعة الخلافات بين أهل بيت النبوة وشيعتهم ( أهل الشيعة ) ، وبين خلفاء البطون وشيعتهم ( أهل السنة ) . فالخليفة يقرر قرارا " ، أي قرار ، أو يجتهد اجتهادا " ، أي اجتهاد ، فيأتي أهل بيت النبوة ويقولون للخليفة ، من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن قبيل القيام بمسؤوليتهم الدينية : ( إن الحكم الشرعي واضح وهو كذا ، واجتهادك أيها الخليفة مناقض للشرع ! فاتق الله والتزم بشرعه ) فيجيب الخليفة . إن الشرع ما أمرت وقلت وليس ما ذكرتم ، ويأمر بوضع قراره أو اجتهاده موضع التطبيق ، ويصبح هذا القرار أو الاجتهاد نافذا " بقوة الدولة ونفوذها شاء الناس أم أبوا ، وافق الشرع أم خالف فهو مدعوم بقوة الدولة . عندئذ ، وبقوة الدولة ونفوذها ، أو بحكم العادة والأرث ، تقول شيعة الخلفاء : صدق الخليفة ! وتسلط مختلف وسائل الإعلام التي تملكها الدولة لإبراز محاسن هذا القرار والتعتيم على بيان أهل بيت النبوة وتصديق شيعتهم لهم ، أو تشويهه ، وإظهاره بمظهر المحاولة المكشوفة لزعزعة استقرار الدولة وإثارة الفتنة ، وتفريق كلمة المسلمين التي اتحدت في ظلال حكم الخليفة ، وهدم الإسلام ، إلى آخره من تلك التهم الخطيرة التي تشير العامة وتجندهم تحت إمرة الخليفة وأعوانه ، وتغرس في قلوبهم الحقد والكراهية لشيعة أهل بيت النبوة ، باعتبارها الفئة الموجهة لها تلك التهم الخطيرة ! ومع سقوط دولة الخلافة ، ورثت العامة التهم ، وبقدرة قادر حولت االعامة التهم إلى أحكام وعاملت الشيعة على أساس أنها محكومة بحكم مبرم .
    الائتلاف بالرغم من الخلاف نتيجة طبيعية لموقف البطون من أهل بيت النبوة وشيعتهم تكون عمليا " قانون نافذ وغير معلن مفاده أن الخلفاء وشيعتهم يتبنون بالضرورة حكما " يناقض الحكم الذي تبناه أهل بيت النبوة وشيعتهم ، لأن الخلفاء وأعوانهم رأوا في ذلك ما يرغم أنوف أهل البيت وأعوانهم ويعذلهم ويجتث من نفوسهم الطمع بقيادة الأمة ! هذا الطمع الذي يعكر على الخلفاء صفو حكمهم ويهدد استمراره .
    ومع عزوف أهل بيت النبوة عن العمل السياسي المعلن ويأسهم من استقامة مبكرة للأمة ، خفت قبضة دولة البطون وتراخت حملاتها .
    وانطلق علماء شيعة الخلفاء في هذا المناخ يستنبطون الأحكام الشرعية بالوسائل التي اخترعوها من دون حساسية مسبقة ، ولشد ما ذهلوا عند ما توصلت فرقهم أو بعض هذه الفرق إلى النتائج نفسها التي توصلت إليها شيعة أهل بيت النبوة !
    ومثال على ذلك :
    1 - قالت الشافعية والحنابلة : ( والشيعة الإمامية ) : من قدر على الاكتساب لا تحل له الزكاة ، وقالت الحنفية ، والمالكية : بل تحل له وتدفع !
    2 - وفي المبيت بالمزدلفة ، في أثناء أداء فريضة الحج ، قالت الشيعة الإمامية وقال ، المالكية : لا يجب المبيت ولكنه الأفضل . بينما قال الحنفية والشافعية والحنابلة بوجوب المبيت ومن تركه فعليه دم (ذبيحة) !
    3 - وفي رمي الجمار ( من مناسك الحج ) قالت المالكية والحنفية والحنابلة والشيعة الإمامية : لا يجوز رمي الجمار قبل الفجر فإذا رماها من عذر وجب عليه إعادة الرمي . بينما رأت الشافعية أنه لا حرج من التقديم !
    4 - وفي صلاة الجماعة ، قالت الحنابلة إنها واجبة وجوبا " عينيا " على كل فرد مع القدرة ، ولكن إذا تركها وصلى منفردا " أثم وصحت صلاته .
    بينما قالت الشيعة الإمامية والحنفية والمالكية وأكثر الشافعية : لا تجب عينا " ولا كفاية ، وإنما تستحب استحبابا " مؤكدا " ! فأنت ترى أن الشافعية والحنابلة في المثال الأول ، والمالكية في المثال الثاني ، والمالكية والحنفية والحنابلة في المثال الثالث والحنفية والمالكية وأكثر الشافعية في المثال الرابع قد التقوا مع الشيعة وتبنوا الحكم نفسه التي تبنته شيعة أهل بيت النبوة ، فقد اتفقوا على الحكم الشرعي في تلك المسائل ، وائتلفوا بالرغم من الخلاف ! ربما لأنها ليست مسائل سياسية !
    أو لأن دولة البطون تراخت قبضتها ورغبتها في إرغام أنوف أهل البيت وشيعتهم ! وربما دولة البطون لا تدري عن ذلك شيئا " ، أو لا تشعر بأهميته .
    وربما لأن فرق شيع الخلفاء التي التقت بالنتيجة الفقهية مع شيعة أهل بيت النبوة قد استعملت الوسائل نفسها الخ .
    والخلاصة أن الائتلاف بعد الاختلاف المفروض والمصطنع ممكن ، ولم يعد لأحد مصلحة في الخلاف والاختلاف
    منقول من كتاب مساحه للحوار للمحامي احمد حسين يعقوب
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X