
وتأتي زيارة حسن روحاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني الى السعودية، وعنوانها "حشد التأييد الاقليمي لموقف ايران النووي" لتبحث أيضا ملفات عدة أهمها التعاون الأمني بين البلدين لتفعيل اتفاقية أمنية مشتركة وقعت في طهران عام 2001 أثناء زيارة وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز للعاصمة الايرانية، وذلك في ضوء معلومات وصلت الى السعودية عن تواجد أعضاء بارزين من تنظيم القاعدة داخل ايران متهمين بتفجيرات المجمع العسكري للولايات المتحدة في الخُبر بالرياض في (25 حزيران 1996) ومنهم «احمد ابراهيم المغسل" .والمحادثات تتناول هذا الموضوع.
وكانت السلطات الايرانية اعتقلت العام الماضي «خالد بن عودة بن محمد الحربي» والمعروف بأبي سليمان المكي في منطقة حدودية في اقليم سيستان وبلوشستان، شرقي ايران وسلمته الى السعودية وهو من المتورطين في تفجيرات سبتمبر 2001 في نيويورك، وقد ظهر قبل نحو اربع سنوات في شريط فيديو الى جانب اسامة بن لادن عندما كان الأخير يتحدث عن مسؤولية القاعدة في تلك التفجيرات.
ففي الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) 2001، ظهر الحربي في تسجيل فيديو بثته وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) كدليل على تورط أسامة بن لادن في تفجيرات 11 سبتمبر (ايلول) 2001، حيث ظهر رجل مقعد على يسار زعيم تنظيم «القاعدة» يباسطه الحديث مهنئا إياه بنجاح عمليات إسقاط البرجين، قائلا «البادية والعجائز والشباب يلهجون لك بالدعاء بعد عملكم المبارك».
وتحدث حينها عن «رؤيا» رآها شخص وصفه بالشيخ، متنبئا فيها بأحداث أميركا. كما وصف لابن لادن مشوار رحلته من غرب السعودية إلى أفغانستان لملاقاته، الأمر الذي أثار الكثير من الأسئلة حول حقيقة هذه الشخصية.
كان خالد الحربي مدرسا للسيرة النبوية في معهد الحرم المكي، وأصيب بطلقة نارية في ظهره سببت له شلل نصفي اثناء وجوده في البوسنة، وقد تزوج من ابنة أيمن الظواهري الساعد الأيمن لزعيم تنظيم «القاعدة» أثناء عمله في السعودية.
وتشير تحقيقات السعوديين مع الحربي الى أن عددا من أعضاء القاعدة المهمين ممن تورط في تفجيرات سبتمبر، لجأ الى ايران بعد سقوط نظام طالبان في أفغانستان.
وقد أبلغت الرياض السلطات الايرانية بأن لديها شواهد ملموسة عن تواجد «احمد ابراهيم المغاسيل» داخل الأراضي الايرانية وهو متهم بأنه مهندس عملية تفجيرات الخبر التي أودت بحياة 19 جنديا أمريكيا وجرحت نحو 370 امريكيا آخر.
وقد رصدت الولايات المتحدة جائزة مقدارها 50 مليون دولارا للقبض على المغاسيل الذي يعتقد انه يختبيء في ايران مع شخص آخر من كبار أعضاء القاعدة هو «الياس ابوعمران».
وتقول مصادر ايرانية إن السلطات السعودية تعتمد على تسجيل لمكالمة هاتفية أجراها المغاسيل عام 1997 أكدت وجوده في ايران، وأن وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA هي من علم بتلك المكالمة.
ويتهم (حزب الله في الحجاز) بالضلوع المباشر في تفجير الخُبر وقيل إن 13 سعوديا ولبناني واحد متهمون في الملف منهم هاني الصايغ الذي كان أول من ذكر اسم ايران في تلك القضية.
وهاني الصايغ اعتقل في كندا عام 1999 وسلم الى السعودية ولكنه أنكر فيما بعد صلة ايران بتفجير الخُبر.
وكان الصايغ وهو مواطنٌ سعوديٌ، فر إلى الولايات المتحدة طلباً للجوء. وفي 10 تشرين الأول (أكتوبر) 1999، أُعيد إلى السعودية بعد يومين من تصريح سلطات الولايات المتحدة بأنه "لا يحقُّ له البقاء في البلاد، وأنَّ إبعاده إلى المملكة العربية السعودية إجراءٌ مناسبٌ". ولدى وصوله إلى المملكة العربية السعودية، تم اعتقاله حيث أودع سجن الحائر بالرياض.
وطبقاً الى لائحة الأتهامات فان المتهمين السعوديين، معظمهم شيعة من القطيف في المنطقة الشرقية، هم اعضاء في منظمة تعرف بحزب الله السعودي.
واستناداً الى قول وزير العدل الأمريكي (جون اشكروفت) فأن لائحة الأتهام تبين بأن عناصر ايرانية حكومية قد دفعت ودعمت واشرفت على اعضاء حزب الله السعودي.... وكان المتهمون المسؤولين عن الأنفجار ينقلون نشاطات مراقبتهم الى المسؤولين الأيرانيين وتم دعمهم وتوجيههم في هذه النشاطات من قبل المسؤولين الايرانيين.
وتذكر بعض المعلومات التي تنفيها طهران أن هاني الصايغ واحمد ابراهيم المغسل المتورط ايضا في الحادث ورفيقه عبد الكريم الناصر قد درسوا في مدرسة الحجتية بقم ا وتلقوا تدريبات عسكرية في منظرية ومعسكر ثان شمال ايران.
وتخشى ايران من أن تكون السعودية من جهتها تزود الولايات المتحدة بالمعلومات عما يُقال عن تورطها في ايواء أعضاء القاعدة ومنهم أيضا سعد اسامه بن لادن،و پسر اسامه بنلادن،و سيف العدل المصري المسؤول عن الجهاز الأمني للقاعدة المتهم بتفجير السفارة الأمريكية في كينيا عام 1998، وسليمان أبو غيث المتحدث الاعلامي باسم القاعدة.
وتتهم السعودية ايران بانها سلمت لها فقط عناصر لا تملك مسؤوليات قيادية كبيرة في القاعدة وهي تحتفظ بالقيادات الكبيرة لاستخدامها ورقة سياسية في محادثاتها القادمة مع أمريكا.
بشأن الاتفاقية الأمنية
تشمل الاتفاقية أيضا الى جانب التعاون ضد الارهاب والمخدرات والجريمة، إجراءات تتعلق بمراقبة الحدود والتعاون بين قوات الشرطة السعودية والإيرانية، لكنها لم تصل إلى حد التعاون العسكري بين البلدين.
وقد وقع على الاتفاق الذي استغرقت المفاوضات لإبرامه عامين كاملين، كلا من وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز ونظيره الإيراني عبدالواحد موسوي لاري.
وعُدت زيارة الأمير نايف الأولى لوزير داخلية سعودي لطهران منذ الثورة الإسلامية عام تسعة وسبعين.
وسمح توقيع الاتفاقية لايران بعقد اتفاقات مماثلة مع الدول الأخرى في المنطقة خصوصا الكويت وعمان.
وتنظر السعودية الى الاتفاقية خطوة باتجاه تعميق العلاقات وترسيخ السلام والصداقة بين دول المنطقة.
وكانت العلاقات بين البلدين قد قطعت عام 1988 بعد سنة من الحوادث الدموية بين الشرطة السعودية والحجاج الإيرانيين الذين تظاهروا احتجاجا على الولايات المتحدة، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من أربعمئة شخص.
لكن العلاقات عادت عام 1991 وأصبحت الروابط بين البلدين أكثر حرارة منذ عام 1997 بعد انتخاب الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي الذي قام الرئيس بزيارة مهمة للسعودية عام 1999.
وبشكل عام تتحدث مصادر ايرانية قريبة من روحاني عن موضوعات مختلفة يتطرق لها مع القادة السعوديين وهي:
1- الحرب على الارهاب وملف المعتقلين السعوديين لدى السلطات الايرانية.
وتوجد في معتقل تابع لوزارة الاستخبارات الايرانية اسر سعودية كاملة كانت تقطن في فندق وسط العاصمة وتم نقلها الى (المعتقل) خشية افتضاح أمرها.
2- الملف النووي الايراني --- وامكان تدخل لرياض في هذا الملف بعد آخر زيارة قام بها ولي العهد السعودي الامير عبد الله الى واشنطن.
وتردد أن روحاني يعمل على دق أسفين في العلاقات السعودية الأمريكية من خلال تشجيع الرياض على التوقيع على البروتوكول الاضافي الذي يسمح بتفتيش صارم لأية منشآت، وهذا ما لاتريده واشنطن الراغبة في اشراف تقوم به هي على السعودية التي لاتملك منشآت نووية.
3- قضية الحجاج الايرانيين وزيادة أعدادهم وتقديم ضمانات أنهم لن يهددوا الأمن السعودي.
4- قضية الضغوطات الموجهة من قبل مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية على ايران حول الجزر الثلاث المتنازع عليها مع الامارات طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى واحتمال لعب الرياض دور الوسيط في هذا المضمار بصفتها احد اقوى الدول العربية.
5- تطمين السعودية بعدم تضرر اهل السُنة في العراق بعد اكتساح الساحة السياسية العراقية بواسطة الشيعة اضافة الى الوضع المتوتر في هذا البلد وبحث طلب دعم سعودي مباشر لحكومة الدكتور ابراهيم الجعفري التي توصف بالموالية لايران.
6- الانتخابات الرئاسية الايرانية وانعكاساتها على الساحة العربية.
7- القضايا المرتبطة بالاصلاح في الشرق الاوسط ومشروع الشرق الاوسط الكبير الذي تريده الولايات المتحدة.
8- الوضع اللبناني والضغوطات الموجهة على حزب الله الموالي لايران بواسطة قوى المعارضة التي بعضها مدعوم من قبل السلطات السعودية.
9- قضايا النفط وأوبك وانتخاب السكرتير العام لهذه المنظمة بعد اختلافات طرأت بين الحكومتين حول هذا الموضوع ادت الى تدخل فنزويلا لرأب الصدع.
http://www.middle-east-online.com/worldnews/?id=31306