بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال أمير المؤمنين(ع)
(( واعلموا عباد الله إن المؤمن يستحل العام ما استحل عاماً أول، ويحرّم العام ما حرّم عاماً أول، وإن ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئاً مما حرم عليكم، ولكن الحلال ما أحل الله، والحرام ما حرم الله، فقد جربتم الأمور وضرستموها ووعُظتم بمن كان قبلكم، وضُربت لكم الأمثال ودعيتم إلى الأمر الواضح.))
من الأمور اللازمة التي تستتبع استمرار حركة الزمن حصول مجموعة من المتغيرات الخارجية على الأفراد والمجتمعات سواء في الطابع الحياتي أم في الطابع الفكري والثقافي فتضاف إلى كل مجتمع مجموعة من العادات وتدخل عليه أمور من التقاليد تعرف عند علماء الاجتماع بالعادات والتقاليد المستحدثة
وتمثل هذه المتغيرات أو العادات المستحدثة تطوراً في حياة الشعوب بعيداً عما لهذا التطور من إيجابية أو سلبية ومع وجود موجة من التطور الحياتي في الخارج تطرح عدة أسئلة بعد دورانها في الأذهان فيسأل عن النظرة الدينية لهذه التطورات وهل يمكن أن تكسب الشرعية أم لا؟؟؟
هل أن الدين في قوانينه وتشريعاته يواكب هذا التطور والتقدم الحضاري أم أنه لا زال بعيداً عنه؟؟؟
هل تخضع التشريعات السماوية للتغيـير والتبدل نتيجة الظروف الخارجية أم أنها ثابتة غير قابلة للتغيـير أبداً؟؟؟
هل يوجد للدين الإسلامي في هذه المتغيرات أراء ونظريات مع انقطاع حبل التشريع وحصولها حديثاً أم لا يوجد ذلك؟؟؟
هذه التساؤلات ولا أظن أنها تقف عند هذا المقدار بل لا زال منها الشيء الكثير تذكر متى وقع الحديث عن التطور والتقدم في الحياة الخارجية، أو التعبير بالحياة العصرية أو الحياة المتطورة خصوصاً وقد أصبحنا نعيش اليوم في عصر العولمة.
فلو رجعنا لما قال الإمام علي (ع) في خطبته لقد تضمنت كلمة أمير المؤمنين المتقدمة الإشارة إجمالاً لموضوعنا الذي نحن بصدد الحديث عنه فتعرض(ع) لما ينبغي أن يكون من المؤمنين المتمسكين بدينهم وتعاليم قادتهم الهداة ولكي يتضح هذا المعنى نحتاج بيان المقصود من الكلمات الصادرة عنه (ع)
فنقول:
إن المستفاد من كلامه(ع) أنه بصدد التنبيه والإشارة إلى بطلان العمل بكل ما لم يثبت أنه حجة معتبرة من الشارع المقدس فكأنه(ع) بصدد بيان بطلان العمل بالرأي والقياس كما نهى عن متابعة البدع ولذا أشار إلى أن المؤمن لا يسوغ له تغيـير ما كان ثابتاً من الحكم الشرعي المقرر من قبل الشارع المقدس فإذا ثبت عنده حلية أمر من الأمور فليس له الحكم والقول بحرمته كما أنه لو ثبت عنده حرمة أمر من الأمور فإن ذلك يمنعه من القول بحليته لأن المدار في الحكم بالحلية والحرمة يدور مدار ما صدر من الشارع المقدس في عالم التشريع فلا مجال للإنسان المسلم في إعمال رأيه ونظره في تغيـير الأحكام وتبديلها ثم أشار(ع) إلى أن كل ما ابتدعه الناس من الأمور والأشياء لا توجب إثبات حلية لتلك الأمور إذ عرفت أن منشأ الحكم بالحلية والحرمة يدور مدار ما يصدر من الشارع المقدس فما صدر من الشارع الحكم بحليته حكم بكونه حلالاً وما صدر من الشارع الحكم بحرمته يـبقى أنه حرام وإن خالف الناس في كلا الأمرين فابتدعوا في كليهما أمراً آخر خلاف ما هو الصادر من الشارع.
مفهوم التطور:
وقد بينا فما سبق بيانه في كلام أمير المؤمنين(ع) أن التغيـير المتصور عما كان موجوداً في عصر النبي(ص) من الأحكام لا يستوجب إعطاء الصبغة الشرعية للشيء بحيث لا يخرج عن كونه مثلاً محرماً إلى كونه محللاً ضرورة أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وأن حرامه حرام إلى يوم القيامة.
نعم ما ينبغي الالتفات إليه أن هناك فرقاً في الجملة بين مفهوم التطور والاستحداث وبين البدعة ذلك أن البدعة تعني كل ما أدخل في الدين مما ليس من الدين مثلا كما فعل عثمان بن عفان من قيامه بتقديم خطبتي صلاة العيدين مع أن الصلاة في زمان رسول الله(ص) كانت مقدمة عليهما .
بينما يمكننا القول بأن التطور معنى أعم لأنه ربما شمل البدعة من خلال إدخال ما ليس من الدين في الدين وشمل غيرها، لأنه يشمل كل مستجد وحديث حتى لو كان هذا المستجد والحديث متوافقاً مع الشريعة الإسلامية بمعنى أنه تشمله الأدلة الصادرة من الشارع المقدس في إثبات الحلية والجواز فيدخل في التطور ما يستجد في المجتمعات الإسلامية من المستحدثات في عالم الموضة والأزياء وغالب الناس يعتقد حصر الموضة والتطور والعولمة فقط في عالم الأزياء إلا أن الحقيقة أوسع من ذلك حيث أنها تشمل الأفكار والآراء وربما حتى في المعتقدات .
شرعية هذه التطورات:
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الموقف الشرعي من هذه التطورات وهل أنها سائغة يمكن للإنسان أن يقدم عليها؟؟؟
هل يمكن أن تـتغير الأحكام الشرعية وتـتبدل نتيجة التطور الحياتي أم أنها لا قابلية فيها لهذا المعنى؟؟؟
عندما نودّ الإجابة عن ذلك ينبغي ملاحظة نقطة هامة وهي أن الأحكام الشرعية عندنا منقسمة إلى قسمين:
الأول: الحكم الشرعي الثابت.
فالمقصود منه التشريعات السماوية التي صدرت من الشارع المقدس على وفق الفطرة البشرية المتكفلة لتنظيم روابط المجتمع الحياتية من ناحية اجتماعية واقتصادية.
فمثلا العلاقات العائلية سواء كانت بين الأب وأبنائه أم كانت ما بين الأخوة أنفسهم روابط طبيعية لا تتغير وإن تقادم الزمن وتطور ودخل عليه من الحداثة الشيء الكثير وكذا الأبعاد الأخلاقية والقيم كشرب الخمر وفعل الفواحش وما شابه من الأمور التي تـتنفر منها الطباع فإنها مرفوضة سواء بالأمس أم اليوم .
والذي نستطيع تحصيله مما ذكرناه أن مثل هذه التشريعات تكون من التشريعات الثابتة التي لا تقبل التغيـير ولا التطور وهي التي تكون مصداقاً لقوله(ص) ((حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة))
الثاني: الحكم الشرعي المتغير.
فهو الذي يكون صادراً من الشارع المقدس نتيجة وجود مصلحة تستدعي وجوده أو نتيجة وجود مفسدة تستدعي النهي عنه فهو بمثابة القانون المحدد لفترة زمنية محددة ونتيجة مجموعة من الظروف الخاصة فهو تبدل عما كان عليه سابقاً إلى أمر آخر كما أنه ربما يعود لما كان عليه بعد فترة زمنية وجيزة فمثلاً ربما كانت المصلحة تستدعي أن تقدم جميع الدول الإسلامية على مقاطعة كافة البضائع الأمريكية والإسرائيلية لما يمثله التعامل معها من تقوية لهؤلاء الذين يسيئون للإسلام وأهله.
الإسلام والتطور الزمني:
والحق أن القوانين الإسلامية بما تضمنـته من حفظ لحقوق الإنسان ومراعاة لكرامته تـتدخل في كافة الشؤون الحياتية له لأنها لم تقتصر على مراعاة البعد العبادي، أو البعد الاقتصادي في حياته كما عليه الكثير من التقنينات بل إنها تعدت ذلك لتدخل في كافة الأمور والأشياء المرتبطة بحياته والشؤون المتعلقة به فمن البعد العبادي إلى البعد الاقتصادي إلى البعد الاجتماعي والأسري إلى غير ذلك وفي كل هذه الشؤون الحياتية المتعلقة بالظروف الإنسانية نجد أن القوانين الإسلامية تماشت مع ظروف الإنسان وشؤونه الحياتية بحيث أنها لم تجمد على وفق الأسس التي كانت في عصر رسول الله(ص) بل كانت فيها مرونة متوافقة من الشريعة السمحاء وجاءت متوافقة مع التطورات الحياتية التي يعيشها المجتمع وما ذاك إلا بسبب مرونة التقنين الإلهي في أصل جعل الأحكام وتشريعها بحيث كانت تنطوي على قابلية للموافقة لكل عصر وزمان فمثلا الآية الكريمة ((وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا )) نجد تطور الزمن من ركوب الخيل إلى السيارات والقطارات والطائرات وهذا كله لم يخالفه الشارع المقدس بل وافق عليه وبناءاً على هذا يمكننا معالجة كافة التطورات الخارجية والإجابة على جميع الأسئلة التي قد تطرح أن الدين الإسلامي قابل للتطور والتغيـير لكن التغيـيرات التي تقع في الأحكام الشرعية ليست في الأحكام الثابتة المتوافقة مع الفطرة بل هناك أحكام خاصة قد عرفت قبولها للتغيـير وفق مجموعة من الظروف الخاصة حيث أتضح لنا أن الدين الإسلامي ليس ديناً جامداً لا يقبل التوافق الحضاري أو أنه دين موروث يسير على وفق ما كان في عصر التشريع في كل شيء بل إن الإسلام هو الحضارة بعينها وهو يعالج كافة الأمور المرتبطة بالحياة البشرية.
وعلى هذا يمكننا تقسيم التطورات الواقعة في الخارج إلى قسمين:
الأول: التطورات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والسائرة على وفق القوانين المقننة من قبل الشارع المقدس.
الثاني: التطورات البعيدة كل البعد عن الساحة الإسلامية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال أمير المؤمنين(ع)
(( واعلموا عباد الله إن المؤمن يستحل العام ما استحل عاماً أول، ويحرّم العام ما حرّم عاماً أول، وإن ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئاً مما حرم عليكم، ولكن الحلال ما أحل الله، والحرام ما حرم الله، فقد جربتم الأمور وضرستموها ووعُظتم بمن كان قبلكم، وضُربت لكم الأمثال ودعيتم إلى الأمر الواضح.))
من الأمور اللازمة التي تستتبع استمرار حركة الزمن حصول مجموعة من المتغيرات الخارجية على الأفراد والمجتمعات سواء في الطابع الحياتي أم في الطابع الفكري والثقافي فتضاف إلى كل مجتمع مجموعة من العادات وتدخل عليه أمور من التقاليد تعرف عند علماء الاجتماع بالعادات والتقاليد المستحدثة
وتمثل هذه المتغيرات أو العادات المستحدثة تطوراً في حياة الشعوب بعيداً عما لهذا التطور من إيجابية أو سلبية ومع وجود موجة من التطور الحياتي في الخارج تطرح عدة أسئلة بعد دورانها في الأذهان فيسأل عن النظرة الدينية لهذه التطورات وهل يمكن أن تكسب الشرعية أم لا؟؟؟
هل أن الدين في قوانينه وتشريعاته يواكب هذا التطور والتقدم الحضاري أم أنه لا زال بعيداً عنه؟؟؟
هل تخضع التشريعات السماوية للتغيـير والتبدل نتيجة الظروف الخارجية أم أنها ثابتة غير قابلة للتغيـير أبداً؟؟؟
هل يوجد للدين الإسلامي في هذه المتغيرات أراء ونظريات مع انقطاع حبل التشريع وحصولها حديثاً أم لا يوجد ذلك؟؟؟
هذه التساؤلات ولا أظن أنها تقف عند هذا المقدار بل لا زال منها الشيء الكثير تذكر متى وقع الحديث عن التطور والتقدم في الحياة الخارجية، أو التعبير بالحياة العصرية أو الحياة المتطورة خصوصاً وقد أصبحنا نعيش اليوم في عصر العولمة.
فلو رجعنا لما قال الإمام علي (ع) في خطبته لقد تضمنت كلمة أمير المؤمنين المتقدمة الإشارة إجمالاً لموضوعنا الذي نحن بصدد الحديث عنه فتعرض(ع) لما ينبغي أن يكون من المؤمنين المتمسكين بدينهم وتعاليم قادتهم الهداة ولكي يتضح هذا المعنى نحتاج بيان المقصود من الكلمات الصادرة عنه (ع)
فنقول:
إن المستفاد من كلامه(ع) أنه بصدد التنبيه والإشارة إلى بطلان العمل بكل ما لم يثبت أنه حجة معتبرة من الشارع المقدس فكأنه(ع) بصدد بيان بطلان العمل بالرأي والقياس كما نهى عن متابعة البدع ولذا أشار إلى أن المؤمن لا يسوغ له تغيـير ما كان ثابتاً من الحكم الشرعي المقرر من قبل الشارع المقدس فإذا ثبت عنده حلية أمر من الأمور فليس له الحكم والقول بحرمته كما أنه لو ثبت عنده حرمة أمر من الأمور فإن ذلك يمنعه من القول بحليته لأن المدار في الحكم بالحلية والحرمة يدور مدار ما صدر من الشارع المقدس في عالم التشريع فلا مجال للإنسان المسلم في إعمال رأيه ونظره في تغيـير الأحكام وتبديلها ثم أشار(ع) إلى أن كل ما ابتدعه الناس من الأمور والأشياء لا توجب إثبات حلية لتلك الأمور إذ عرفت أن منشأ الحكم بالحلية والحرمة يدور مدار ما يصدر من الشارع المقدس فما صدر من الشارع الحكم بحليته حكم بكونه حلالاً وما صدر من الشارع الحكم بحرمته يـبقى أنه حرام وإن خالف الناس في كلا الأمرين فابتدعوا في كليهما أمراً آخر خلاف ما هو الصادر من الشارع.
مفهوم التطور:
وقد بينا فما سبق بيانه في كلام أمير المؤمنين(ع) أن التغيـير المتصور عما كان موجوداً في عصر النبي(ص) من الأحكام لا يستوجب إعطاء الصبغة الشرعية للشيء بحيث لا يخرج عن كونه مثلاً محرماً إلى كونه محللاً ضرورة أن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وأن حرامه حرام إلى يوم القيامة.
نعم ما ينبغي الالتفات إليه أن هناك فرقاً في الجملة بين مفهوم التطور والاستحداث وبين البدعة ذلك أن البدعة تعني كل ما أدخل في الدين مما ليس من الدين مثلا كما فعل عثمان بن عفان من قيامه بتقديم خطبتي صلاة العيدين مع أن الصلاة في زمان رسول الله(ص) كانت مقدمة عليهما .
بينما يمكننا القول بأن التطور معنى أعم لأنه ربما شمل البدعة من خلال إدخال ما ليس من الدين في الدين وشمل غيرها، لأنه يشمل كل مستجد وحديث حتى لو كان هذا المستجد والحديث متوافقاً مع الشريعة الإسلامية بمعنى أنه تشمله الأدلة الصادرة من الشارع المقدس في إثبات الحلية والجواز فيدخل في التطور ما يستجد في المجتمعات الإسلامية من المستحدثات في عالم الموضة والأزياء وغالب الناس يعتقد حصر الموضة والتطور والعولمة فقط في عالم الأزياء إلا أن الحقيقة أوسع من ذلك حيث أنها تشمل الأفكار والآراء وربما حتى في المعتقدات .
شرعية هذه التطورات:
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الموقف الشرعي من هذه التطورات وهل أنها سائغة يمكن للإنسان أن يقدم عليها؟؟؟
هل يمكن أن تـتغير الأحكام الشرعية وتـتبدل نتيجة التطور الحياتي أم أنها لا قابلية فيها لهذا المعنى؟؟؟
عندما نودّ الإجابة عن ذلك ينبغي ملاحظة نقطة هامة وهي أن الأحكام الشرعية عندنا منقسمة إلى قسمين:
الأول: الحكم الشرعي الثابت.
فالمقصود منه التشريعات السماوية التي صدرت من الشارع المقدس على وفق الفطرة البشرية المتكفلة لتنظيم روابط المجتمع الحياتية من ناحية اجتماعية واقتصادية.
فمثلا العلاقات العائلية سواء كانت بين الأب وأبنائه أم كانت ما بين الأخوة أنفسهم روابط طبيعية لا تتغير وإن تقادم الزمن وتطور ودخل عليه من الحداثة الشيء الكثير وكذا الأبعاد الأخلاقية والقيم كشرب الخمر وفعل الفواحش وما شابه من الأمور التي تـتنفر منها الطباع فإنها مرفوضة سواء بالأمس أم اليوم .
والذي نستطيع تحصيله مما ذكرناه أن مثل هذه التشريعات تكون من التشريعات الثابتة التي لا تقبل التغيـير ولا التطور وهي التي تكون مصداقاً لقوله(ص) ((حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة))
الثاني: الحكم الشرعي المتغير.
فهو الذي يكون صادراً من الشارع المقدس نتيجة وجود مصلحة تستدعي وجوده أو نتيجة وجود مفسدة تستدعي النهي عنه فهو بمثابة القانون المحدد لفترة زمنية محددة ونتيجة مجموعة من الظروف الخاصة فهو تبدل عما كان عليه سابقاً إلى أمر آخر كما أنه ربما يعود لما كان عليه بعد فترة زمنية وجيزة فمثلاً ربما كانت المصلحة تستدعي أن تقدم جميع الدول الإسلامية على مقاطعة كافة البضائع الأمريكية والإسرائيلية لما يمثله التعامل معها من تقوية لهؤلاء الذين يسيئون للإسلام وأهله.
الإسلام والتطور الزمني:
والحق أن القوانين الإسلامية بما تضمنـته من حفظ لحقوق الإنسان ومراعاة لكرامته تـتدخل في كافة الشؤون الحياتية له لأنها لم تقتصر على مراعاة البعد العبادي، أو البعد الاقتصادي في حياته كما عليه الكثير من التقنينات بل إنها تعدت ذلك لتدخل في كافة الأمور والأشياء المرتبطة بحياته والشؤون المتعلقة به فمن البعد العبادي إلى البعد الاقتصادي إلى البعد الاجتماعي والأسري إلى غير ذلك وفي كل هذه الشؤون الحياتية المتعلقة بالظروف الإنسانية نجد أن القوانين الإسلامية تماشت مع ظروف الإنسان وشؤونه الحياتية بحيث أنها لم تجمد على وفق الأسس التي كانت في عصر رسول الله(ص) بل كانت فيها مرونة متوافقة من الشريعة السمحاء وجاءت متوافقة مع التطورات الحياتية التي يعيشها المجتمع وما ذاك إلا بسبب مرونة التقنين الإلهي في أصل جعل الأحكام وتشريعها بحيث كانت تنطوي على قابلية للموافقة لكل عصر وزمان فمثلا الآية الكريمة ((وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا )) نجد تطور الزمن من ركوب الخيل إلى السيارات والقطارات والطائرات وهذا كله لم يخالفه الشارع المقدس بل وافق عليه وبناءاً على هذا يمكننا معالجة كافة التطورات الخارجية والإجابة على جميع الأسئلة التي قد تطرح أن الدين الإسلامي قابل للتطور والتغيـير لكن التغيـيرات التي تقع في الأحكام الشرعية ليست في الأحكام الثابتة المتوافقة مع الفطرة بل هناك أحكام خاصة قد عرفت قبولها للتغيـير وفق مجموعة من الظروف الخاصة حيث أتضح لنا أن الدين الإسلامي ليس ديناً جامداً لا يقبل التوافق الحضاري أو أنه دين موروث يسير على وفق ما كان في عصر التشريع في كل شيء بل إن الإسلام هو الحضارة بعينها وهو يعالج كافة الأمور المرتبطة بالحياة البشرية.
وعلى هذا يمكننا تقسيم التطورات الواقعة في الخارج إلى قسمين:
الأول: التطورات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والسائرة على وفق القوانين المقننة من قبل الشارع المقدس.
الثاني: التطورات البعيدة كل البعد عن الساحة الإسلامية.