[frame="1 80"]
مقتبس من مجلة الموسم
من أب إلى ابنته
الحبيبة القريبة مني قرب العين من الحاجب الفاضلة أماني سلمها تعالى :
تسلمت رسائلك الكريمة بمزيد من البهجة والسرور ، فازدت شوقا ، وتلوتها مرارا ، ارى خلال سطورها صورتك الحبيبة ، واتطلع أيامك الحلوة ، هدوئك وابتسامتك ، وجملة من شخصيتك ، وما أنت فيه من ثقافة عالية ، وخلق نبيل ، وتفهم لمجريات الأمور ، وتتداعى بي المعاني الى زمن الطفولة البريئة ، وأيام الكوفة ، والشاطئ الجميل حيث ينساب الفرات تداعبه النسمات لتكون الزرد البلورية بين أمواجه المتدافعة نحو المسناة لتصافح العذارى والعشاق وتهدهد النفوس القلق فتعود البسمة أطمئناناً وحباً وتشبثاً بالحياة ، والعصافير والطيور في تغريدها وصفيرها وزقزقتها تبنى أعشاشا لافراخها في وطن كان حرا ليس فيه من المزعجات ما يعيق الناس والطبيعة ومسيرتها المطمئنة بالحياة . نعم كل هذه الصور والذكريات من تلك الأيام الهانئة السعيدة والاوقات المليئة بالأفراح تمر وتداعى معانيها في أنبل المواقف وأحلى الساعات في غفلة من العمر وبما سيأتي به الزمن الحاضر من المعوقات والمزعجات .
ولولا المزعجات من الليالي
لما طار القطا وغفا وناما
أيام انقضت وأوقات مضت وآمال تبعثرت كنا نعيشها أحلاما سعيدة خاليه من الهموم الثقيلة ، والفراغ الممل ، معاهد الصبا ، واغاني الطفولة ، واحلام اليقظة ، ابتعدت سرابا ، وخلفت يبابا وترابا ، فلا نديم إليه منتهى أملي ، ولا صديق عليه منتهى عذلي ، زمن مضى كسحابة ماطرة عابرة . أهذه هي الحياة ، وصروف الدهر ؟
والليالي من الزمان حبالى
كل يوم يلدن كل عجيب
أمس الذي مرّ على قربهِ
يعجز أهل الأرض عن رده
وكنا في اجتماع كالثريا
ففرقنا الزمان بنات نعش
فيا ليت الشباب يعود يوما
فاخبره بما فعل المشيب
ذكريات ـ والذكريات صدى السنين الحاكي
الأبناء يكبرون فتحلو بهم الحياة أكثر ، وتزدهر بهم ساحة الدار ، وباحات الغرف ، يمشون لتزدان بهم الطرق والبساتين والشاطئ الجميل ، ثم المدارس والكليات ، أشجار مورقة مثمرة ، وزهرات تعطر الأرجاء بالشذى ، أفذاذ الاكباد تروح وتجيء تملأ الدار بالبهجة والفرح ، مطمئنة راضية ، تبنى المستقبل ، وتضىء الدرب :
وإنما أبنائنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
لو مرت الريح على بعضهم
ما اكتحلت عينى من الغمض
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك الا حلما
في الدجى أوغلة المفتلس
للأب ذكريات تختلف عن ذكريات الأبناء ، وآمال وآلام لا يشعر بها الأبناء .
الأب ينظر وراء الغيب لوحة الفسيفساء الخلاقة للحياة المبدعة للوجود ليرى مكان الأبناء ومستقبلات الأيام يبنى حجرا حجرا ليكتمل البناء صرحا من المعرفة والطموح والأباء يعيشها الجميع حياة كريمة عزيزة تشدهم أواصر الأخوة والمحبة والتعاون :
نبني كما كانت أوائلنا تبني
ونفعل مثل ما فعلوا
[/frame]الحبيبة القريبة مني قرب العين من الحاجب الفاضلة أماني سلمها تعالى :
تسلمت رسائلك الكريمة بمزيد من البهجة والسرور ، فازدت شوقا ، وتلوتها مرارا ، ارى خلال سطورها صورتك الحبيبة ، واتطلع أيامك الحلوة ، هدوئك وابتسامتك ، وجملة من شخصيتك ، وما أنت فيه من ثقافة عالية ، وخلق نبيل ، وتفهم لمجريات الأمور ، وتتداعى بي المعاني الى زمن الطفولة البريئة ، وأيام الكوفة ، والشاطئ الجميل حيث ينساب الفرات تداعبه النسمات لتكون الزرد البلورية بين أمواجه المتدافعة نحو المسناة لتصافح العذارى والعشاق وتهدهد النفوس القلق فتعود البسمة أطمئناناً وحباً وتشبثاً بالحياة ، والعصافير والطيور في تغريدها وصفيرها وزقزقتها تبنى أعشاشا لافراخها في وطن كان حرا ليس فيه من المزعجات ما يعيق الناس والطبيعة ومسيرتها المطمئنة بالحياة . نعم كل هذه الصور والذكريات من تلك الأيام الهانئة السعيدة والاوقات المليئة بالأفراح تمر وتداعى معانيها في أنبل المواقف وأحلى الساعات في غفلة من العمر وبما سيأتي به الزمن الحاضر من المعوقات والمزعجات .
ولولا المزعجات من الليالي
لما طار القطا وغفا وناما
أيام انقضت وأوقات مضت وآمال تبعثرت كنا نعيشها أحلاما سعيدة خاليه من الهموم الثقيلة ، والفراغ الممل ، معاهد الصبا ، واغاني الطفولة ، واحلام اليقظة ، ابتعدت سرابا ، وخلفت يبابا وترابا ، فلا نديم إليه منتهى أملي ، ولا صديق عليه منتهى عذلي ، زمن مضى كسحابة ماطرة عابرة . أهذه هي الحياة ، وصروف الدهر ؟
والليالي من الزمان حبالى
كل يوم يلدن كل عجيب
أمس الذي مرّ على قربهِ
يعجز أهل الأرض عن رده
وكنا في اجتماع كالثريا
ففرقنا الزمان بنات نعش
فيا ليت الشباب يعود يوما
فاخبره بما فعل المشيب
ذكريات ـ والذكريات صدى السنين الحاكي
الأبناء يكبرون فتحلو بهم الحياة أكثر ، وتزدهر بهم ساحة الدار ، وباحات الغرف ، يمشون لتزدان بهم الطرق والبساتين والشاطئ الجميل ، ثم المدارس والكليات ، أشجار مورقة مثمرة ، وزهرات تعطر الأرجاء بالشذى ، أفذاذ الاكباد تروح وتجيء تملأ الدار بالبهجة والفرح ، مطمئنة راضية ، تبنى المستقبل ، وتضىء الدرب :
وإنما أبنائنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
لو مرت الريح على بعضهم
ما اكتحلت عينى من الغمض
جادك الغيث إذا الغيث همى
يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك الا حلما
في الدجى أوغلة المفتلس
للأب ذكريات تختلف عن ذكريات الأبناء ، وآمال وآلام لا يشعر بها الأبناء .
الأب ينظر وراء الغيب لوحة الفسيفساء الخلاقة للحياة المبدعة للوجود ليرى مكان الأبناء ومستقبلات الأيام يبنى حجرا حجرا ليكتمل البناء صرحا من المعرفة والطموح والأباء يعيشها الجميع حياة كريمة عزيزة تشدهم أواصر الأخوة والمحبة والتعاون :
نبني كما كانت أوائلنا تبني
ونفعل مثل ما فعلوا
مقتبس من مجلة الموسم
تعليق