في «آرامكو»: توزيع نشرات طائفية

حصلت «شبكة راصد الأخبارية» على عينةً من النشرات المتطرفة التي تنسب البدعة والشرك والتكفير للقطاع الأوسع من الأمة استناداً الى تأويلات متعسفة لبعض الأقوال والمسلمّات الدارجة لدى عامة المسلمين، وقد وجدت هذه النشرات طريقها هذه المرة للتوزيع المجاني في أروقة قسم التوظيف بشركة «آرامكو السعودية» بالظهران «شرق السعودية»، فيما يشكل امتداداً آخر لأخطبوط التطرف الديني ليصل بهذا إلى أماكن ظلت نسبياً ولفترة طويلة بمنأى عن أجواء التطرف والشحن الطائفي المكشوف.

اللافت أن بعض هذه النشرات احتوى نهياً صريحاً وقاطعاً عن التلفظ بما يُعّد من بديهيات الأمور لدى علماء وعموم الأمة، بدءاً من تبديع من يقول «صدق الله العظيم» بعد قراءة القرآن، مروراً بشرك من يتناول القول الدارج في لهجة أهل الخليج «خير يا طير»، ولا تنتهي بوصم من يتسمى بإسم عبد الرسول وعبد الحسين بالشرك أيضاً.

وقد جاءت إحدى هذه النشرات بطباعة فاخرة مكونة من ثمان صفحات من القطع الصغير بعنوان «كلمات... محرمات وشركيات» من تأليف الدكتور صالح بن عبد الله الصياح، برقم الإيداع (1424/5241)، جاءت متضمنة لأقوال عديدة أقل ما توصف أنها بالغة التطرف إلى حد الشطط، كونها تطرق «أبواباً» جديدة من الغلو ربما لم يسبقه إليها أحد! فبالإضافة إلى ما سبق ذكره تضمنت النشرة كذلك أقوالاً أخرى لا تقل إثارة وإن لم يتهم الكاتب قائليها بالشرك أو الكفر، من قبيل النهي على حد زعمه عن قول «لا حياء في الدين» أو تهنئة المتزوجين بقول «بالرفاء والبنين» أو حتى مجرد قول «نسيت آية كذا أو سورة كذا»، أو مناداة أحد بـ «السيد فلان..»!

بيد أن أسوأ ما تضمنته النشرة على ما يبدو هو وصم قطاع واسع من المسلمين بالشرك والكفر بدعوى ما يصفه الصياح بـ «الحلف بغير الله»، فكل من قال «والنبي» أو «والكعبة» أو «وجاه النبي» وكل من حلف بـ«الجيلاني، وعلي بن أبي طالب، والبدوي، والحسين، وزينب..» فقد كفر أو أشرك، في تجل واضح لأقوال السلفية التكفيرية التي تفردت بها دون فرق المسلمين، والتي أخرجت بموجبها قطاعات واسعة من المسلمين من الملة ووصمتهم بأصحاب البدع والشركيات، استناداً إلى أقوال وتفسيرات ضيقة قيل فيها أكثر من رأي، ووجد لها العلماء أكثر من تفسير مغاير للتفسير التكفيري المنغلق.

وبهذا تشير الحقائق على الأرض إلى أن التطورات تسير باتجاه آخر معاكس على النقيض تماماً مما تبشر به صحافتنا المحلية على لسان المسئولين من نبذ التطرف والغلو والتكفير، إلى الدرجة التي تجعل من نداءات المسئولين تلك مثاراً للسخرية كونها تندرج ضمن الاستهلاك الإعلامي فحسب، فالنشرة المذكورة بعاليه وغيرها من النشرات لذات المؤلف، مسجلة برقم إيداع رسمي ومتاحة «للتوزيع الخيري» وفق تسعيرة مشجعة (1000 نسخة بـ 100 ريال) كما هو مدون في ظهر النشرة، مع استعداد للتوصيل المجاني «أينما كنت»!