استقبل سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة الدكتورة لورانس لوير، الباحثة الفرنسية في علم الإجتماع في الشرق الأوسط وشؤون الشيعة في منطقة الخليج.
وفي البدء أعطت السيدة لورانس لسماحة المرجع الشيرازي انطباعاً مختصراً عن شخصيتها، حيث قالت بأنها تعلّمت اللغة العربية في جامعة باريس ومتخصصة في مذهب التشيع، وقد سافرت إلى العديد من الدول العربية، بما فيها شمال فلسطين حيث قضت سنتين هناك.
ومن جانبه، قال سماحة السيد: إن هناك ثلاث كلمات تعتبر من مظاهر الإسلام الجميلة والرائعة.
الأولى فيما يخص التشجيع على كسب العلم، حيث قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: «اطلبوا العلم ولو بالصين»(1) في وقت كان أكثر الناس لا يعرفون الصين ولم يكن أحد ليفكر بالسفر إليها، لمشقة الذهاب الذي كان قد يستغرق سنتين على الأقل، مما يعطي انطباعاً رائعاً إزاء مكانة العلم والتعلّم في الإسلام، حتى أن الإمام علي سلام الله عليه قال: «قيمة كل امرئ ما يعلمه»(2).
أما الكلمة الثانية؛ في الجانب الإنساني في الإسلام. ورغم أن النبي محمد صلوات الله عليه وآله قال: «إن عمود الدين الصلاة ، وهي أول مايُنظر فيه من عمل ابن آدم ، فإن صحّت نُظر في عمله ، وإن لم تصحّ لم يُنظر في بقية عمله»(3) إلا أنه أُخبر ذات يوم عن امرأة تحيي ليلها بالصلاة والعبادة والدعاء، ولكنها سيئة الخلق مع جيرتها، فقال: «لا خير فيها، هي من أهل النار»(4) وهذا ما يشير بوضوح إلى مدى ما يوليه الإسلام للجانب الإنساني من الأهمية.
أما الكلمة الثالثة؛ اهتمام الإسلام بالسعي والعمل البنّاء، إذ الإسلام يكره وينبذ التقاعس والاتكالية وثقافة التبرير والتهرب من تحمل المسؤولية. كما أعطى الإسلام قضية التحلّي بفضائل الأخلاق الرتبة الأولى في سلّم اهتماماته. حتى إن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو أعظم شخصية على الإطلاق من حيث رعاية الشؤون الأخلاقية، رغم المصاعب التي كان يواجهها في إطار هداية الناس من الجاهلية إلى الإسلام والعلم، إلا أنه كان حريصاً كل الحرص على اختيار الكلمات الأكثر تناسباً لدى تعليم الناس مبادئ دينهم. فلم يكن صلوات الله عليه وآله يختار الأسلوب المباشر في الإرشاد، لعلمه المسبق بتنفّر النفس منه، وكان كثيراً ما يعبّر عن حرمة هذا العمل أو ذاك بقوله:«إني أكره هذا» .
كما كان عليه الصلاة والسلام يعبّر بأساليب مختلفة ملؤها الأدب والاحترام لإبلاغ التعاليم وإرشاد البشرية.
وقال دام ظله: وعلى هذا الأساس ينبغي الالتفات إلى هذه الحقائق الإسلامية الثلاث والالتزام بمضامينها الرائعه
أما الدكتورة لورانس لوير فقد توجهت إلى سماحة السيد دام ظله بجملة أسئلة عن خصائص التشيع والمرجعية الدينية. فسألت قائلةً:
1. هل لكم أن توضّحوا لنا ما يصطلح عليه بالمدرسة الشيرازية؟
فقال سماحته: المدرسة عبارة عن اصطلاح لغوي، وقد شهد التاريخ جملة مسميات بهذا الخصوص، مثل مدرسة الطوسي ومدرسة النائيني ومدرسة الكوفيين.. وقد عرف هذا الاصطلاح في النصف الأخير من القرن الماضي بشكل أوسع. أما المرحوم أخي السيد محمد الشيرازي قدس سره؛ فقد اعتمد أسلوباً عملياً في تعريف الإسلام وخط أهل البيت سلام الله عليهم، وذلك بواسطة تشييد المؤسسات الفكرية والإجتماعية وحتى الأخلاقية، وبهذا عرفت طريقته بالمدرسة الشيرازية، وكان رحمه الله تعالى يؤكد على أن الإسلام مجموعة متكاملة، وهذه المجموعة تتكامل فيما بينها.
2. سألت الدكتورة لورانس: هل لي أن أعرف حقيقة دور المرجعية الدينية في عالم اليوم وحياة الناس، ولا سيما في بلد كالعراق بعد سقوط صدام وعودة الحقوق للشيعة، وسطوع دور المرجعية على الصعيد السياسي؟
فأجاب سماحة السيد صادق الشيرازي دام ظله قائلاً: في الواقع إن المرجعية الدينية التي أسس لها الأئمة الأطهار سلام الله عليهم ومنذ عهد أمير المؤمنين علي سلام الله عليه وحتى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، قد شرعت حيث يعجز الناس عن الوصول إلى إمامهم المعصوم. وقد بيّن الأئمة أنفسهم جميع المواصفات التي يجب أن يتحلّى بها المرجع، وأهمها العلم بالإسلام وأن تكون سيرة المرجع امتداداً لخط وسيرة أهل البيت سلام الله عليهم. وقد قال الإمام المعصوم: «إنهم حجّتي عليكم وأنا حجة الله»(5) وعليه؛ فمهمة المرجع ومسؤوليته النهوض بمستوى الأمة، كما هي وظيفة المرجع في العراق حالياً ـ حيث عمّت الحرية ـ أن يرفع واقع الأمة على الأصعدة الفكرية والإجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك، علماً أن الحرية تمثل كل شيء بالنسبة للمرجع، وهو بدوره يمنحها حتى للمقربين منه، بما في ذلك أولاده الذين لهم أن يختاروا ما يشاؤون من الآراء السياسية والاجتماعية.
وأضاف السيد قائلاً: إن رسول الله صلى الله عليه وآله هو أعظم شخصية في التاريخ. وقد روي أن زوجته عائشة اختلفت معه في أمر في الأمور، فسمح لها بأن ترافعه إلى من يحكم بينهما!!، وكذلك يروى الأمر عن الإمام السجاد سلام الله عليه، وهذا ما يعتبر قدوة لنا جميعاً.. والمرجعية بحد ذاتها امتداد لهذه الطريقة الفاضلة.
3. وسألت الدكتورة لورانس لوير سماحته قائلاً: ما هي طريقة الشيعة في حكم العراق؟
فأجاب دام ظله: اعتقد أن العراق ـ يكون منفذاً على دول الجوار والمنطقة عموماً، على اعتبار أن العراق يضم مراقد العديد من الأئمة الطاهرين للشيعة، وأن الشيعة يتقاطرون بملايينهم إلى زيارة أئمتهم من مختلف بقاع العالم، وهو أمر ذو أهمية بالغة، وحيث سيعم الأمن العراق في المستقبل إن شاء الله تعالى، سينقل هؤلاء الزائرون آداب وأسلوب أهل البيت سلام الله عليهم فيما يخص النقاط الآنفة الذكر من العلم والإنسانية والعمل إلى دولهم ليعرف من هو الرسول ومن أهل بيته الطاهرين، وما هو أسلوبهم في الحياة.
4. وأخيراً: هل صممتم على العودة إلى العراق؟
فقال سماحته: نعم أنا أنوي العودة. وأدعوك إلى التأمّل في مفاهيم كلمات الإسلام الثلاث التي قدمناها.
---------------
1/ وسائل الشيعة / ج27 / باب 4 عدم جواز القضاء والافتاء بغير علم / ص27 / ح 33119.
2/ منية المريد / الفصل 3 في فضل العلم / ص110.
3/ تهذيب الأحكام / للشيخ الطوسي / ج2 / باب 12 فضل الصلاة والمفروض منها و../ ص 237 / ح5.
4/ مستدرك الوسائل / ج8 / باب 72 وجوب كف الأذى عن الجار / ص423 / ح13.
5/ الاحتجاج / للطبرسي / ج2 / احتجاج الحجة القائم المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف / ص 470.
http://www.s-alshirazi.com/news/1426/06/21.htm
وفي البدء أعطت السيدة لورانس لسماحة المرجع الشيرازي انطباعاً مختصراً عن شخصيتها، حيث قالت بأنها تعلّمت اللغة العربية في جامعة باريس ومتخصصة في مذهب التشيع، وقد سافرت إلى العديد من الدول العربية، بما فيها شمال فلسطين حيث قضت سنتين هناك.
ومن جانبه، قال سماحة السيد: إن هناك ثلاث كلمات تعتبر من مظاهر الإسلام الجميلة والرائعة.
الأولى فيما يخص التشجيع على كسب العلم، حيث قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: «اطلبوا العلم ولو بالصين»(1) في وقت كان أكثر الناس لا يعرفون الصين ولم يكن أحد ليفكر بالسفر إليها، لمشقة الذهاب الذي كان قد يستغرق سنتين على الأقل، مما يعطي انطباعاً رائعاً إزاء مكانة العلم والتعلّم في الإسلام، حتى أن الإمام علي سلام الله عليه قال: «قيمة كل امرئ ما يعلمه»(2).
أما الكلمة الثانية؛ في الجانب الإنساني في الإسلام. ورغم أن النبي محمد صلوات الله عليه وآله قال: «إن عمود الدين الصلاة ، وهي أول مايُنظر فيه من عمل ابن آدم ، فإن صحّت نُظر في عمله ، وإن لم تصحّ لم يُنظر في بقية عمله»(3) إلا أنه أُخبر ذات يوم عن امرأة تحيي ليلها بالصلاة والعبادة والدعاء، ولكنها سيئة الخلق مع جيرتها، فقال: «لا خير فيها، هي من أهل النار»(4) وهذا ما يشير بوضوح إلى مدى ما يوليه الإسلام للجانب الإنساني من الأهمية.
أما الكلمة الثالثة؛ اهتمام الإسلام بالسعي والعمل البنّاء، إذ الإسلام يكره وينبذ التقاعس والاتكالية وثقافة التبرير والتهرب من تحمل المسؤولية. كما أعطى الإسلام قضية التحلّي بفضائل الأخلاق الرتبة الأولى في سلّم اهتماماته. حتى إن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو أعظم شخصية على الإطلاق من حيث رعاية الشؤون الأخلاقية، رغم المصاعب التي كان يواجهها في إطار هداية الناس من الجاهلية إلى الإسلام والعلم، إلا أنه كان حريصاً كل الحرص على اختيار الكلمات الأكثر تناسباً لدى تعليم الناس مبادئ دينهم. فلم يكن صلوات الله عليه وآله يختار الأسلوب المباشر في الإرشاد، لعلمه المسبق بتنفّر النفس منه، وكان كثيراً ما يعبّر عن حرمة هذا العمل أو ذاك بقوله:«إني أكره هذا» .
كما كان عليه الصلاة والسلام يعبّر بأساليب مختلفة ملؤها الأدب والاحترام لإبلاغ التعاليم وإرشاد البشرية.
وقال دام ظله: وعلى هذا الأساس ينبغي الالتفات إلى هذه الحقائق الإسلامية الثلاث والالتزام بمضامينها الرائعه
أما الدكتورة لورانس لوير فقد توجهت إلى سماحة السيد دام ظله بجملة أسئلة عن خصائص التشيع والمرجعية الدينية. فسألت قائلةً:
1. هل لكم أن توضّحوا لنا ما يصطلح عليه بالمدرسة الشيرازية؟
فقال سماحته: المدرسة عبارة عن اصطلاح لغوي، وقد شهد التاريخ جملة مسميات بهذا الخصوص، مثل مدرسة الطوسي ومدرسة النائيني ومدرسة الكوفيين.. وقد عرف هذا الاصطلاح في النصف الأخير من القرن الماضي بشكل أوسع. أما المرحوم أخي السيد محمد الشيرازي قدس سره؛ فقد اعتمد أسلوباً عملياً في تعريف الإسلام وخط أهل البيت سلام الله عليهم، وذلك بواسطة تشييد المؤسسات الفكرية والإجتماعية وحتى الأخلاقية، وبهذا عرفت طريقته بالمدرسة الشيرازية، وكان رحمه الله تعالى يؤكد على أن الإسلام مجموعة متكاملة، وهذه المجموعة تتكامل فيما بينها.
2. سألت الدكتورة لورانس: هل لي أن أعرف حقيقة دور المرجعية الدينية في عالم اليوم وحياة الناس، ولا سيما في بلد كالعراق بعد سقوط صدام وعودة الحقوق للشيعة، وسطوع دور المرجعية على الصعيد السياسي؟
فأجاب سماحة السيد صادق الشيرازي دام ظله قائلاً: في الواقع إن المرجعية الدينية التي أسس لها الأئمة الأطهار سلام الله عليهم ومنذ عهد أمير المؤمنين علي سلام الله عليه وحتى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، قد شرعت حيث يعجز الناس عن الوصول إلى إمامهم المعصوم. وقد بيّن الأئمة أنفسهم جميع المواصفات التي يجب أن يتحلّى بها المرجع، وأهمها العلم بالإسلام وأن تكون سيرة المرجع امتداداً لخط وسيرة أهل البيت سلام الله عليهم. وقد قال الإمام المعصوم: «إنهم حجّتي عليكم وأنا حجة الله»(5) وعليه؛ فمهمة المرجع ومسؤوليته النهوض بمستوى الأمة، كما هي وظيفة المرجع في العراق حالياً ـ حيث عمّت الحرية ـ أن يرفع واقع الأمة على الأصعدة الفكرية والإجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك، علماً أن الحرية تمثل كل شيء بالنسبة للمرجع، وهو بدوره يمنحها حتى للمقربين منه، بما في ذلك أولاده الذين لهم أن يختاروا ما يشاؤون من الآراء السياسية والاجتماعية.
وأضاف السيد قائلاً: إن رسول الله صلى الله عليه وآله هو أعظم شخصية في التاريخ. وقد روي أن زوجته عائشة اختلفت معه في أمر في الأمور، فسمح لها بأن ترافعه إلى من يحكم بينهما!!، وكذلك يروى الأمر عن الإمام السجاد سلام الله عليه، وهذا ما يعتبر قدوة لنا جميعاً.. والمرجعية بحد ذاتها امتداد لهذه الطريقة الفاضلة.
3. وسألت الدكتورة لورانس لوير سماحته قائلاً: ما هي طريقة الشيعة في حكم العراق؟
فأجاب دام ظله: اعتقد أن العراق ـ يكون منفذاً على دول الجوار والمنطقة عموماً، على اعتبار أن العراق يضم مراقد العديد من الأئمة الطاهرين للشيعة، وأن الشيعة يتقاطرون بملايينهم إلى زيارة أئمتهم من مختلف بقاع العالم، وهو أمر ذو أهمية بالغة، وحيث سيعم الأمن العراق في المستقبل إن شاء الله تعالى، سينقل هؤلاء الزائرون آداب وأسلوب أهل البيت سلام الله عليهم فيما يخص النقاط الآنفة الذكر من العلم والإنسانية والعمل إلى دولهم ليعرف من هو الرسول ومن أهل بيته الطاهرين، وما هو أسلوبهم في الحياة.
4. وأخيراً: هل صممتم على العودة إلى العراق؟
فقال سماحته: نعم أنا أنوي العودة. وأدعوك إلى التأمّل في مفاهيم كلمات الإسلام الثلاث التي قدمناها.
---------------
1/ وسائل الشيعة / ج27 / باب 4 عدم جواز القضاء والافتاء بغير علم / ص27 / ح 33119.
2/ منية المريد / الفصل 3 في فضل العلم / ص110.
3/ تهذيب الأحكام / للشيخ الطوسي / ج2 / باب 12 فضل الصلاة والمفروض منها و../ ص 237 / ح5.
4/ مستدرك الوسائل / ج8 / باب 72 وجوب كف الأذى عن الجار / ص423 / ح13.
5/ الاحتجاج / للطبرسي / ج2 / احتجاج الحجة القائم المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف / ص 470.
http://www.s-alshirazi.com/news/1426/06/21.htm
تعليق