بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم
عبادة الزهراء كما وكيفا
يروى عن الحسن البصري أنه قال :"ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة، كانت تقوم حتى تتورّم قدماها
وتمتد القضية إلى ما هو أبعد من ذلك، فهذا ابنها الإمام الحسن(ع) يحدّثنا قائلاً: "رأيت أمي فاطمة(ع) قامت في محرابها ليلة جُمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك، فقالت:يا بني الجار ثم الدار.
فاطمة المثقلة بهموم البيت والحمل والأولاد، والمثقلة بمسؤولياتها الإسلامية في الواقع الاجتماعي، ولكنها مع ذلك كله ومع ضعف جسدها، نراها تعبد الله حتى تتورم قدماها وتجد لنفسها الوقت لتقوم الليل وتحييه بذكر الله وعبادته، وهي تختار الليل لمناجاتها، لأنه من أعظم الأوقات التي تنطلق فيها روح الإنسان من ذاته وتحلّق في أجواء المعبود والمعشوق.
ولكن لمن كانت تدعو في الليل الذي كانت تنتظره لتجلس بين يدي الله وتناجيه وتذوب فيه وتخشع له؟
هل كانت تدعو لنفسها وتطلب لذاتها شيئاً كما يفعل الكثيرون منا عندما يقومون بالليل أو النهار ليعبدوا الله؟
كلا، فالمسألة كانت عندها تسـير في اتجاه آخر، فهي تستغل أجواء الليل وهدوءه وروحيته من خلال ما يفتحه أمام العبد من آفاق تسمو بروحه، تستغل ذلك لتدعـو للمؤمنين والمؤمنات؛ ولا تدعو لنفسها بشيء. تفكر بالمؤمنين والمؤمنات، هذا إنسان مريض وتلك إنسانة مريضة، وهذا إنسان ابتلاه الله بالفقر، وذاك ابتلاه ببعض المصائب أو المعاصي ... تستحضر كل ذلك وتدعو الله لهؤلاء ليقضي حوائجهم ويغفر لهم ذنوبهم ويشفي مرضاهم ويفك أسراهم ويرحم موتاهم ويسد جوعتهم.. وكان ذلك يشغلها عن الدعاء لنفسها، وهي المحتاجة لذلك من خلال ما تعانيه من أعباء وأثقال ومشاكل. ولذلك يقول لها ابنها الحسن(ع) وهو يتحسس آلامها: يا أماه لم لا تدعين لنفسك؟ ويكون الجواب الرائع :" يا بني الجار ثم الدار".
هذه قيمة أهل البيت(ع)، أنهم يفكرون بالآخرين وآلامهم وحاجاتهم ومشاكلهم قبل أن يفكروا بأنفسهم، يفكرون بخلق الله وعياله لأنهم يعلمون أن أحب خلق الله إلى الله أنفعهم لعياله، وهذا جدهم رسول الله رغم ما عاناه من قريش وجورها حتى قال:"ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت"، كان يقول :"اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون"، وكان يستمهل الله في عقابهم، ويدرس ظروفهم الفكرية والنفسيّة والاجتماعية ورواسبهم التاريخية، لكي يجد لهم العذر لكل هذه العصبية التي واجهوه بها، حتى استطاع في نهاية المطاف أن يكسر الجليد الذي كان في داخل شخصياتهم ويدخلهم في دين الله أفواجاً.
وعندما كان يواجه المشركين وهم يتمردون ويتمنّعون عن الاستجابة له، كان يعيش الحسرة إشفاقاً عليهم ورحمة بهم، ولذا خاطبه الله: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} [فاطر:8]، وقال له :{فذكّر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر}[الغاشية:21ـ22]، وقال :{وقل الحقّ من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}[الكهف:29]، أي أنك لست المسؤول عن عدم اهتدائهم، وإنما أنت مسؤول أن تعلمهم الكتاب والحكمة وتزكيهم وتبلغهم رسالات الله، بأن تبذل كل جهدك في هذا الإطار وتقيم الحجة عليهم، وأما سلوك طريق الهداية، فهو بيدهم واختيارهم، فإن قدّر الله سبحانه لهم سلوكه كانوا من المرحومين ببركة جهودك، وإلا فلا لوم عليك ولا عتاب، بل اللوم عليهم والعقاب لهم.
اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم
عبادة الزهراء كما وكيفا
يروى عن الحسن البصري أنه قال :"ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة، كانت تقوم حتى تتورّم قدماها
وتمتد القضية إلى ما هو أبعد من ذلك، فهذا ابنها الإمام الحسن(ع) يحدّثنا قائلاً: "رأيت أمي فاطمة(ع) قامت في محرابها ليلة جُمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك، فقالت:يا بني الجار ثم الدار.
فاطمة المثقلة بهموم البيت والحمل والأولاد، والمثقلة بمسؤولياتها الإسلامية في الواقع الاجتماعي، ولكنها مع ذلك كله ومع ضعف جسدها، نراها تعبد الله حتى تتورم قدماها وتجد لنفسها الوقت لتقوم الليل وتحييه بذكر الله وعبادته، وهي تختار الليل لمناجاتها، لأنه من أعظم الأوقات التي تنطلق فيها روح الإنسان من ذاته وتحلّق في أجواء المعبود والمعشوق.
ولكن لمن كانت تدعو في الليل الذي كانت تنتظره لتجلس بين يدي الله وتناجيه وتذوب فيه وتخشع له؟
هل كانت تدعو لنفسها وتطلب لذاتها شيئاً كما يفعل الكثيرون منا عندما يقومون بالليل أو النهار ليعبدوا الله؟
كلا، فالمسألة كانت عندها تسـير في اتجاه آخر، فهي تستغل أجواء الليل وهدوءه وروحيته من خلال ما يفتحه أمام العبد من آفاق تسمو بروحه، تستغل ذلك لتدعـو للمؤمنين والمؤمنات؛ ولا تدعو لنفسها بشيء. تفكر بالمؤمنين والمؤمنات، هذا إنسان مريض وتلك إنسانة مريضة، وهذا إنسان ابتلاه الله بالفقر، وذاك ابتلاه ببعض المصائب أو المعاصي ... تستحضر كل ذلك وتدعو الله لهؤلاء ليقضي حوائجهم ويغفر لهم ذنوبهم ويشفي مرضاهم ويفك أسراهم ويرحم موتاهم ويسد جوعتهم.. وكان ذلك يشغلها عن الدعاء لنفسها، وهي المحتاجة لذلك من خلال ما تعانيه من أعباء وأثقال ومشاكل. ولذلك يقول لها ابنها الحسن(ع) وهو يتحسس آلامها: يا أماه لم لا تدعين لنفسك؟ ويكون الجواب الرائع :" يا بني الجار ثم الدار".
هذه قيمة أهل البيت(ع)، أنهم يفكرون بالآخرين وآلامهم وحاجاتهم ومشاكلهم قبل أن يفكروا بأنفسهم، يفكرون بخلق الله وعياله لأنهم يعلمون أن أحب خلق الله إلى الله أنفعهم لعياله، وهذا جدهم رسول الله رغم ما عاناه من قريش وجورها حتى قال:"ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت"، كان يقول :"اللهم اغفر لقومي إنهم لا يعلمون"، وكان يستمهل الله في عقابهم، ويدرس ظروفهم الفكرية والنفسيّة والاجتماعية ورواسبهم التاريخية، لكي يجد لهم العذر لكل هذه العصبية التي واجهوه بها، حتى استطاع في نهاية المطاف أن يكسر الجليد الذي كان في داخل شخصياتهم ويدخلهم في دين الله أفواجاً.
وعندما كان يواجه المشركين وهم يتمردون ويتمنّعون عن الاستجابة له، كان يعيش الحسرة إشفاقاً عليهم ورحمة بهم، ولذا خاطبه الله: {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} [فاطر:8]، وقال له :{فذكّر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر}[الغاشية:21ـ22]، وقال :{وقل الحقّ من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}[الكهف:29]، أي أنك لست المسؤول عن عدم اهتدائهم، وإنما أنت مسؤول أن تعلمهم الكتاب والحكمة وتزكيهم وتبلغهم رسالات الله، بأن تبذل كل جهدك في هذا الإطار وتقيم الحجة عليهم، وأما سلوك طريق الهداية، فهو بيدهم واختيارهم، فإن قدّر الله سبحانه لهم سلوكه كانوا من المرحومين ببركة جهودك، وإلا فلا لوم عليك ولا عتاب، بل اللوم عليهم والعقاب لهم.
تعليق