إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الانتخابات الرئاسية والتحولات الاجتماعية في إيران

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الانتخابات الرئاسية والتحولات الاجتماعية في إيران

    الانتخابات الرئاسية والتحولات الاجتماعية في إيران

    يوسف عزيزي



    ماذا حدث في ايران في الانتخابات الرئاسية في شهر حزيران المنصرم؟ هل عاد التاريخ مرة اخرى الى الوراء؟ ولماذا صار الفوز من نصيب مرشح شاب لم يتوقع احد فوزه في السابع عشر من الشهر الماضي اي في المرحلة الاولى للانتخابات الرئاسية في ايران؟ هذه الاسئلة وقضايا اخرى لا تزال تشغل بال المجتمع الايراني والمتابعين لشؤونه وذلك بسبب اهمية هذه الانتخابات ونتائجها على مصير ايران والمنطقة، بل وعلى العالم.
    تشهد ايران منذ قرن تقريبا تطورات سياسية مهمة بدءا بثورة الدستور ومرورا بنهوض الحركة الوطنية وحتى قيام الثورة الاسلامية التي انهت الاستبداد الشاهنشاهي. ويمكن القول بان الثورة الاسلامية في ايران لم تولد في العام 1979 الا بعملية قيصرية، اي ان انبثاقها لم يكن نتيجة لقيادة حزب او جبهة بل قامت بفعل شخصية آية الله الخميني الكاريزمية. اذ واجهت منذ ولادتها انقسامات وتناقضات وازدواجية في صفوف اصحاب الحكم لم تنته حتى يومنا هذا. فخلافا لما نشاهده في الغرب من ثبات في التركيبة الطبقية للمجتمع والحكم، شهدت السلطة الايرانية نوعا من الخلخلة او نوعا من التبدل والتغير في المواقع الطبقية للفئات الاجتماعية الحاكمة. ويستبعد المراقبون هنا رغم هزيمة الاصلاحيين وفوز احمدي نجاد المحافظ ان تنتهي الازدواجية في الحكم وتصبح السلطة الايرانية متماسكة بعد سيطرة المحافظين على جميع اركانها وسلطاتها، وذلك بسبب الطبيعة المزدوجة للطبقة الحاكمة.
    وقد قادت ثنائية <<البازار رجال الدين>> الثورة الاسلامية مستخدمة فقراء المدن وقودا لها لهزيمة نظام الشاه المعتمد اساسا على البورجوازية الكبرى بنوعيها التابع (الكمبرادور) والبيروقراطي. والبازار هنا مصطلح يستخدم في ايران للدلالة على فئة التجار والكسبة في الاسواق الايرانية وخاصة في العاصمة والمدن الكبرى. وقد اصبحت الهيمنة في السلطة الايرانية في الثمانينيات من القرن المنصرم للبورجوازية الصغيرة التقليدية في المدن.
    وبانتهاء الحرب العراقية الايرانية (19881980) اخذت فئة التكنوقراط والبورجوازية البيروقراطية تهيمن على مصائر البلاد وهذا ما شاهدناه في عهد رفسنجاني الذي استمر لولايتين متتاليتين (19971989). وقد ركزت حكومة هاشمي رفسنجاني على التنمية الاقتصادية الرأسمالية الطابع من دون الانتباه الى تداعياتها الاقتصادية المدمرة على الطبقات الدنيا من المجتمع الايراني.
    وقد شهدت السلطة الايرانية اثر انتخاب محمد خاتمي رئيسا للجمهورية (20051997) حضورا لممثلي الطبقة الوسطى التحديثية المطالبة بالاصلاحات والتنمية السياسية في البلاد. ولم تتغير كثيرا السياسات الاقتصادية الخاصة في عهد رفسنجاني وذلك بسبب حضور بعض الشخصيات الموالية له في حكومة خاتمي. ورغم النسبة المرتفعة للتنمية الاقتصادية التي شهدناها في عهد خاتمي غير ان هذا التطور لم يكن تطورا متكافئا ليشمل كل الفئات والطبقات بما فيها الطبقات الشعبية في المجتمع الايراني حيث بلغ الامر حدا بان اصبح هناك وفقا للاحصاءات الرسمية نحو ثمانية ملايين من اصل 60 مليون ايراني يعيشون تحت خط الفقر. كما تحولت الظروف المعيشية لنصف سكان البلاد الى ظروف صعبة جدا.
    وتتناقض هذه الحقائق مع ما بشرت به الثورة الايرانية التي نادت بالاستقلال والحرية والعدالة الاجتماعية حيث كان شعار <<استقلال، حرية، جمهورية اسلامية>> يشير الى ما كانت ترمي اليه الجماهير في ثورتها العارمة ضد حكم الشاه.
    وحاولت مجموعة <<آباد كران>> اي كوادر الاعمار التي تمثل سياسيا الشباب والفئات الطامحة للتطور في صفوف المحافظين، حاولت استغلال الاستياء المتزايد في صفوف الفقراء والمهمشين واصحاب الدخول المتدنية في المجتمع الايراني كسكان الصفيح والعمال والفلاحين وصغار الموظفين لتبرز كمجموعة مناهضة لسياسات حكومتي رفسنجاني وخاتمي. وقد شن محمود احمدي نجاد مهندس سياسات هذه المجموعة ومرشحها الى الانتخابات الرئاسية هجوما لاذعا على ما وصفه بالفساد الاداري والاقتصادي في جهاز الدولة. واظهر نفسه كشخص <<من فصيلة الجماهير الشعبية>>. صحيح انه لم يحظ بمساندة الاحزاب السياسية ان كانت محافظة تقليدية او اصلاحية غير انه تمتع بمساندة قوى اكثر تنظيما في المجتمع الايراني من الاحزاب والقوى السياسية الحالية والهزيلة اساسا؛ واعني بذلك منظمة الباسيج (التعبئة التابعة لقوات الحرس الثوري) التي قامت بدور اساسي وشامل لصالح احمدي نجاد في كل انحاء ايران. ومن الآن فصاعدا ستكون اليد العليا في السلطة الايرانية للبورجوازية البيروقراطية وخاصة العسكرية منها والبورجوازية الصغيرة التقليدية.
    ويبدو من الصعب القيام بتحولات اساسية في السياسات الاقتصادية لصالح الطبقات الدنيا في المجتمع الايراني كما نادى بها احمدي نجاد دون المساس بمصالح الفئات الحاكمة، لان الامر بحاجة الى تغير بنيوي في النظام الاقتصادي القائم وهو الامر الذي سيواجه مقاومة شرسة من اصحاب المصالح بمن فيهم الذين ساندوا احمدي نجاد في حملته الانتخابية ضد منافسيه الليبراليين كما يصفونهم.
    ويرى بعض المحللين في نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة في ايران علائم عن تراجع العملية الديموقراطية في ايران التي بدأت منذ الثورة الدستورية في العام 1906 وتطورت حتى عصرنا هذا، فيما يرى البعض الآخر في هذه الانتخابات نوعا من الديموقراطية اجبرت المحافظين المهيمنين على القوات المسلحة والمؤسسات النافذة الاخرى ان يذعنوا لقواعد اللعبة في السلطة. ويعد هؤلاء المحللون، الامر نصرا للاصلاحيين حيث بذل الرئيس خاتمي خلال عهده جهودا كبيرة لتثبيت مفاهيم الديموقراطية واستطاع ان يغير من عقلية المجتمع الايراني قياسا لما كان سائدا قبل 8 سنوات.
    ويعتقد هذا النمط من المحللين ان اهمية الانتخابات تكمن في اتخاذ التيار المتشدد، الاساليب الديموقراطية للوصول الى السلطة، وهذا يعني ان هناك تحولا نوعيا قد حدث في نظرته الى السلطة وكيفية الوصول اليها. يبدو ان كلام هؤلاء المحللين لم يكن مكتملا، الا اذا تمسك التيار الذي احتل منصب رئاسة الجمهورية بالاساليب الديموقراطية والسلمية واذا اتخذها منهجا للحكم وحافظ على المعايير التي ادت الى انتخاب مرشحه للرئاسة. فاذا قام المحافظون وخاصة المتشددين منهم بتضييق الخناق على المؤسسات المدنية والسياسية التي ترعرعت خلال الاعوام الثمانية الماضية، واذا قاموا بتقييد الشباب والنساء والقوميات اكثر مما هو قائم، فهذا يعني ان هؤلاء لم يكونوا مؤمنين بالديموقراطية بل كانوا ينوون استخدام الانتخابات كأداة للوصول الى مآربهم السياسية.


    كاتب ايراني
    طهران
    التعديل الأخير تم بواسطة Picasso; الساعة 27-07-2005, 10:49 PM.

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم ...،،،




    ان التفاف الشعب المسلم في ايران حول وليد الثورة الاسلامية احمدي نجاد ليدلل على ثقة الغالبية من الشعب بان الحل لكثير من مشكلات ايران تتمثل في التمسك والعودة الى النهج الذي سنه لهم الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه.


    من خلال قرائتي لسيرة احمدي نجاد تبين انه يجعل خدمة الشعب نصب عينية ، فهو ورغم تبؤه مناصب عديدة في الدول ككونه عمدة طهران الا انه رفض الانتقال الى المبنى المعد لعمدة طهران ورفض الجري وراء الملابس الفاخرة، بل انه اهتم باحياء الفقراء اهتماما كثيرا، ولذا فاني اتوسم في شخصه الكثير من الخير لمصلحة ايران.


    الحوزة العلمية في قم المشرفه ومراجع التقليد يباركون احمدي نجاد رئيسا ويدعمونه...،،،

    [color=#006600]

    http://www.makaremshirazi.org/arabic...rticle&sid=719

    أعلن آية الله العظمى مكارم الشيرازي لدى لقائه رئيس الجمهورية الايرانية المنتخب يوم الأحد الماضي عن دعم الحوزات العلمية ومراجع التقليد له , وأشار الى أنّ الدكتور أحمدي نجاد ينتهج مسيرة القيم والمبادئ .


    وضمن إعرابه عن تهنئته للشعب الايراني بأسره وللدكتور أحمدي نجاد بصورة خاصة قال سماحته :

    كان القلق يساورنا أبان فترة الانتخابات لكنّ مجيئكم أعاد الهدوء والطمأنينة لنا ولكافة عشاق النظام والاسلام .

    وتابع سماحته قائلاً :

    إنّ وسائل الأعلام الغربية تواصل افتعالها للضجة الإعلامية في كل الأحوال , وقد تجلى اليوم بوضوح - بحمد الله تعالى- أنّ الغرب يسعى للمحافظة على مصالحه فقط , فبرغم أنّ صدام لا يدانيه دكتاتور في القرن الحالي اعترفوا به وارتضوه قائداً ومدوا له يد العون حينما التقت مصالحهم مع مصالحه , وعندما عمل على خلاف مصالحهم أطاحوا به , وعليه لا ينبغي أن تؤثر تلك الضجة الإعلامية على معنوياتكم مطلقاً .




    وشدد سماحته على أنه لو كانت للغرب ذرة من الانصاف لتعلم الديمقراطية من ايران وقال :

    كانت انتخاباتنا أكثر روعة وعظمة من انتخاباتهم من ناحية الكمية والكيفية , وقد وعت شعوب العالم ذلك أيضاً .

    وضمن تأكيد سماحته على موضوع الاعتدال أوصى قائلاً :

    إلزموا الاعتدال في أعمالكم فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : نحن في الخط الوسط , إنّ الاعتدال يقطع ألسنة المفترين والدجالين .

    وأشار سماحته في هذا اللقاء الى إقبال الشعب الايراني على الدكتور أحمدي نجاد وعزا ذلك الى عاملين مهمين وقال :

    السبب الأول لمساندة الشعب الايراني لكم هو ثقته بأنكم تدافعون عن القيم الاسلامية , إنّ الشعب الايراني عاشق للاسلام حقاً , وأنتم لم تستندون في دعاياتكم على أي نقطة غير اسلامية , بيد أن البعض قام بذلك , لكنّ الشعب لم يصوت لهم .

    وأضاف سماحته : السبب الثاني هو برامجكم لإقامة العدالة ومكافحة التمييز , إنّ تعويلكم على هذه الأمور أدى الى استمرار الدعم الشعبي لكم .


    وأكد سماحته قائلاً : كونوا على ثقة بأنكم تحظون بدعم ومساندة الحوزات العلمية ومراجع التقليد لكم ؛ لأنهم يرونكم سائرين في طريق القيم والمبادئ الاسلامية , وقد وضعتم خطاكم على طريق مسيرة الامام الخميني (قدس سره) , فعندما كان الامام يستند الى الشعب يتراجع جميع المعارضين له .

    وأخذ سماحته المشاكل المعيشية والمالية للمجتمع بعين الاعتبار وطالب بالحد من مشاكل الشعب الايراني الأبي وأضاف :

    اتخذت إجراءات مؤثرة في السنوات الماضية واُنجز الكثير من الأعمال ولا يجب أن نجحد تلك النعم اليوم , حاولوا تبيين هذه الخدمات للناس .

    واعتبر آية الله العظمى مكارم الشيرازي مدينة قم عاصمة للاسلام والتشيع في العالم وقال :

    لا يليق الوضع الراهن للمدينة بمنزلتها , فالوضع هنا من الناحية العلمية والرياضية غير مناسب بالاضافة الى حالة الشوارع , يجب أن تحظى مدينة قم بمنزلة رفيعة ؛ لأن كرامة قم كرامة الاسلام والتشيع .

    وختاماً شدد سماحته على حل مشكلة ماء الشرب لهذه المدينة والمشاريع العمرانية فيها كمشروع ( من الضريح الى الضريح ) , وكذلك المساعدة على انتعاش وازدهار الحوزات العلمية في المحافظات الأخرى .


    ...،،،

    في ثار الزهراء
    موالي
    [/QUOTE]
    التعديل الأخير تم بواسطة في ثار الزهراء; الساعة 28-07-2005, 08:42 AM.

    تعليق


    • #3
      طهران تنبض بقلبين: ثورة في الشارع وسهرة في الداخل


      زينب غصن



      تأخرت الطائرة التي ستقلنا إلى طهران أكثر من نصف ساعة عن موعدها. بدا الجلوس في قاعة الانتظار أمرا لا مفر منه. لكن الوضع مختلف هذه المرة. الشعور المسيطر هو أنني لست نفسي. حال من الضيق بدأت تجتاحني منذ أن ارتديت ذلك القميص الطويل فوق ملابسي الضيقة ووضعت على رأسي غطاء كنت قد اشتريته بالأمس من محل مختص ببيع ملابس المحجبات. القانون واضح: في إيران، على النساء ارتداء الحجاب. وهذا القانون يسري منذ لحظة ركوب الطائرة الإيرانية من مطار بيروت. بدأت حركة غريبة تسري في قاعة الانتظار عند البوابة رقم واحد. حركة جماعية يدفعها إيمان مجموعة متجانسة من البشر تتجه نحو إيران. صفوف الرجال بدأت بأداء صلاة العشاء جماعة في قاعة الانتظار يؤمهم سيد بعمامة سوداء. أما النساء فاتخذن زوايا واتجهن نحو القبلة في حركة مماثلة، قيام فركوع فسجود فقنوط. وتنتهي الصلاة مع فتح باب الطائرة لاستقبال الحجاج.
      تطل طهران من نافذة الطائرة كبيرة ومضيئة. تدخلها. غالبية موظفي الأمن العام هن نساء متشحات بالتشادور الأسود. وكما غالبية موظفي الأمن العام في أي بلد، وضعت الموظفات قناع وجه عبوس وجدي خال من الملامح أو الانفعالات: تبعات العمل الروتيني. بدت الحاجات الآتيات على الطائرة معنا متجانسات مع نفسهن في صف الانتظار الطويل. هذه هي إيران التي تسمعن عنها: جمهورية إسلامية. كنت أشعر بأن الكل يعرف أنني لست محجبة في الأساس وأن ما أضعه على رأسي ما هو إلا من مقتضيات الأمر الواقع. شعور بالإدعاء يجتاحني ويحرجني... شعور يقلقني.
      في شوارع طهران التي بدأت تستفيق، كانت الحركة سريعة، حركة المدن كبيرة كانت أم صغيرة تشبه بعضها عند الصباح. بدا أمر ارتداء القميص الطويل ووضع الحجاب لا مفر منه. تكتشف كم أن اللباس يعبر عن شخصيتك. في بيروت يمكنك أن ترتدي ما تريد بحيث يكون معيار ما تلبسه هو ذوقك بعد أن تفاصل على السعر. هنا كان الأمر مختلفا. أنت ترتدي ما يريده النظام من حولك وليس ما تريده أنت. تبدأ معايير حريتك الشخصية بالتغير منذ لحظة الخروج من المنزل. لست ضد تنظيم المجتمع لكن الاحساس بفرض أمر ما عليك يصبح هو الطاغي ويعميك عن أي إحساس آخر بجمال المدينة أو غرابة المجتمع عما اعتدته.
      الباب الصغير للمطعم الذي دخلناه لم يكن ينبئ بما في داخله. الديكور الشرقي الإيراني المليء بالألوان يبهرك. وتتسلل إلى مسامعك صوت موسيقى ما تلبث أن تكتشف مصدره: مغن في الخمسينيات من العمر تصدح حنجرته بأغاني حب فارسية على أنغام مجموعة من العازفين الجالسين وراءه. يحذرك الأصدقاء عندما تجلس أن عليك ألا تتمايل على الأنغام أو تظهر أي مظهر من مظاهر الطرب. هنا، عليك ضبط لغة جسدك بأقل حركة ممكنة. الرقص ممنوع بالتأكيد والتصفيق كذلك، لكن الإيرانيين الجالسين من حولك يخرقون هذا الحظر. تشعر بالإحراج: هل عليك أن تصفق أم لا. لكن الطرب المتمثل بارتفاع أصوات التصفيق يجرك إلى مجاراته. تعبر عن استغرابك لهذا الخرق لكنها الوسيلة الوحيدة للتعبير عن إعجابك بالمغني كما بالموسيقى التي لا تفهم من كلماتها شيئا لكنها تشعرك بحنين ما وحب مع كل نغمة.
      والإيرانيون من حولك لا يشبهون بشيء الصورة التي تصلك عبر الفضائيات أو عند زيارتك لضاحية بيروت الجنوبية (!). هم شعب يبدو واضحا عليهم حبهم للموسيقى والحياة، والنساء هنا لا يرتدين الأسود بل ألوان مختلفة فرحة يرافقها غطاء الرأس المشلوح على شعر نصفه ظاهر.
      تتذكر تلك النظرية التي تقول إن قوة النظام وتشدده تظهر في مدى انحسار الحجاب عن شعر النساء، فكلما انحسر الحجاب عن الرأس وقصر طول الثوب الشرعي بان ضعف إيمان الناس بهذا النظام.
      تصعد في سيارة التاكسي المتجهة من منزل الأصدقاء إلى الفندق. تأتيك فجأة نغمة تعرفها من الراديو. تشعر أن عينيك <<ستبظان>> من رأسك تماما كما يحصل في أفلام الرسوم المتحركة. <<إيه قول تاني كده... مين تقصدني انا؟ حبنا عشقنا هو انت بتتكلم عننا>>... صوت نانسي عجرم يخترق سكون الليل. تسأل الشوفير عن مصدر الكاسيت الذي شغله فيقول إن طهران فيها كل شيء. <<لكن أليس هذا حرام... أو ممنوع؟>> يهز الشوفير كتفيه وكأنه يقول <<لا مشكلة>> أو ربما <<لا أحد يحاسب>>. تكتشف مرة أخرى أن إيران ليست السعودية وان الانطباع الذي بدأ يتكون حول حرية الناس بالإدلاء بآرائهم المختلفة حول مرشحي الرئاسة ينطبق أيضا على ما يسمعونه في الراديو أو ربما يشاهدونه على التلفزيون. تؤكد لي صديقة لبنانية تعيش في إيران أن الصورة التي تتكون لمن يعيش في لبنان حول هذا البلد ما تلبث أن تتحطم لحظة ينتقل للعيش في إيران. فالجمهورية الإسلامية تحكم في بلد ثقافته الاسلامية تشعر بحاجات وضغوط المجتمع فتغض الطرف وتترك للناس هامشا من الحرية يمكنه أن يمنع الاحتقان. في الجمهورية الاسلامية لا يلتزم الجميع دينياً. هناك، في طهران، تكتشف كم هن جميلات. تمشي في الشارع فتشعر أن الغواية تتمايل أمامك، تحت المعطف والحجاب. تبحر النظر في ما حولك فترى واحدة وقد ارتدت بنطلونا قصيرا ومعطفا يصل إلى فوق الركبة بقليل مع غطاء للشعر يظهر أكثر مما يغطي، ولا تنسى طلاء الأظافر الظاهر على طرف أصابع قدميها ويديها ونظارات الشمس التي لا تفارق عينيها. تقول لك صديقتك المحجبة عن اقتناع أن هذا هو <<الستيريوتيب>> الخاص بالشابات الإيرانيات غير الملتزمات. أما الشبان، بخلاف الملتزمين ممن يطلقون لحاهم، فإن ما تراه في الشارع من شبان بشعر طويل مربوط أو بقصات شعر غريبة يغرقها <<الجيل>> تجعلك تشعر أنه، لولا معرفتك أن النظام في هذا البلد إسلامي لاعتقدت أنك في دولة أوروبية ما. هذا الاحساس يعززه التنظيم المدني لطهران التي يغلب عليها الطابع الغربي في البناء وتنتشر فيها الأشجار بشكل مفرط يذكرك بحال بعض المدن الأوروبية. هنا، وعلى الرغم مما يقال عن تلوث المدينة الذي لا يحتمل، تشعر أن تعداد الأشجار والمساحات الخضراء لا بد يفوق تعداد السكان.
      تفاجئك المدينة بناسها. هم مزيج من الشرق، في اللباس واللغة والكتابات على الجدران، ومن الغرب في التصرفات وطريقة العيش. هنا تسمع بأن الناس يعيشون في بيوتهم من دون حجاب، يغنون ويرقصون ويرتدون ما يريدون. هنا تسمع أن الناس قد يقيمون حفلات في منازلهم لا تختلف كثيرا عن حفلات مونو. في طهران كل شيء موجود يقول لك شوفير التاكسي لكنك ترفض أن تصدق. ربما لأن فكرتك عن الثورة ما زالت مطبوعة بالكربلائية الشيعية في التعاطي مع الحياة. أنت في لبنان، ترى مظاهر الثورة أكثر منها في إيران. ترفض التعميم، لا بد أن من رأيتهم في الطائرة يتجهون للحج يجدون أيضاً مبتغاهم في إيران. لكنك تتساءل: هل صدموا مثلك؟ لا بد أن يكون حالهم كذلك إذا ما تسنى لهم السير في شوارع طهران.
      هنا في طهران، النساء يتجولن في الشوارع، يضحكن مع بعض، يعدلن غطاء الرأس بعد أن يزلنه تماما، يقدن السيارات ويعملن من دون قيود وينتخبن رئيس الجمهورية. ايران ليست السعودية. تشعر في الجو ضيقاً من غطاء الرأس هذا لكنه لا يؤثر كثيرا في طريقة التصرف، هو إحساس غريب بأن الإيرانيات ألفن التعامل مع هذا الزي لكنهن يفضلن أن لا يكون موجودا، فيتحايلن عليه.
      هناك في إيران لا تجد إلا المفاجآت. حياتان: واحدة في العلن وأخرى في الخفاء. لكنهما حياتان لا ترفضان بعضهما البعض. لا تشعران بتناقض بينهما. حياة سياسية دينية ثورية في العلن وحياة اجتماعية متغربنة علمانية في الخفاء. تتساءل إن كانتا فعلا لا تلاحظان التناقض فيما بينهما. تفضحك حركة يدك التي ارتفعت نحو الرأس لتسوي خصلة شعر... لا تجدها. تقع اليد على حافة غطاء الرأس. تتحول إلى حركة أخرى تعدل فيه وتقربه أكثر إلى الأمام.




      (طهران)

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      أنشئ بواسطة مروان1400, اليوم, 05:42 AM
      ردود 0
      5 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة مروان1400
      بواسطة مروان1400
       
      أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 09:28 PM
      ردود 0
      5 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة وهج الإيمان
      بواسطة وهج الإيمان
       
      أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 09:20 PM
      ردود 0
      6 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة وهج الإيمان
      بواسطة وهج الإيمان
       
      يعمل...
      X