إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التطرف والإعتدال : محاضرة لسماحة العلامة الشيخ عبدالحميد المهاجر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التطرف والإعتدال : محاضرة لسماحة العلامة الشيخ عبدالحميد المهاجر

    منقول من: http://www.wadyalgary.com/almohajer-mhadereh.htm

    المكان : حسينية معرفي – الكويت الحبيبة

    الزمان : يوم 5 / محرم / 1417هـ



    تنويه: قبل سماع هذه المحاضرة ، وكنت لسنوات قد أدرجت الكاست الخاص بها في الأدراج صممت على كتابتها ، وغرضي من ذلك أن أكسب الأجر والثواب وأن ينفعكم الله بها ، علماً بأنني لا أمتلك إجازة من سماحة الشيخ لكتابتها ، وقد قمت بالتعديل الطفيف عليها بإدخال الكلمات الفصيحة محل العامية التي استخدمها سماحته بندرة في سياق حديثه ، وحذفت المكرر من كلماته واختصرت في بعض الجمل ، ولا نسألكم إلا الدعاء .


    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين





    يقول تعالى :

    (( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )) (1)



    في الإنسان حالتان إزاء العقيدة والعلم والفهم والفكر والحياة والحركة يتأرجح بينهما ، حالة اسمها التطرف وحالة اسمها الاعتدال .



    في كل قضية وحقيقة بالكون إذا أردنا أن نعرفها يجب أن ننظر إلى فطرة الإنسان ، فالإنسان ينزل إلى الحياة ولديه عقل وفطرة ، ففي مسألة المشاعر يجب أن يكون هناك تعادل بين العقل وبين العاطفة اذا العقل ارتكز فوق العاطفة اخذت العاطفة تنحسر صار الانسان متطرف بالقضايا العقلية ، يصير عنده غلظة ، لأن العقل محتاج للعاطفة حتى يمشي مشية صحيحة .



    منشأ التطرف



    عندما تبدأ العاطفة العمل دون عقل تصاب بحالة من الانزلاق فتطرف في العقل وتطرف في العاطفة ، توازن في المشاعر وتوازن في الأسرة يجب أن يكون بين الرجل والمرأة ، المرأة عندها حالة من العاطفة والحنان والدفئ والمحبة ، الرجل أيضا عنده عاطفه لكن عنده قوة عقلية يحتاجها للمجتمع وينتفع بها أكثر من عاطفته ، مبدئيا لا فرق بين الرجال والنساء ولكن الفروق تكون في البناء الجسدي في تفصيل الجسم التركيبة التفصيلة فيها فروق بين الرجال والنساء والا في الروح والعقل والفطرة النفس واحدة ، القرآن الكريم يقول وخلقكم من نفس واحدة ، فالفرق تختلف في الجسد لأن وظيفة الرجل تختلف عن وظيفة المرأة فجسد الرجل مفصل لوظيفته وجسد المرأة مفصل لوظيفتها ، مع وجود هذا الاصل هناك استثناء يؤكد القاعدة يمكن المرأة تقوم بأعمال الرجال والعكس صحيح الأعمال الاجتماعية وليست الفطرية الطبيعية وهذا شئ واضح ، اذا التعادل يجب أن يكون في الأسرة ، الرجل في البيت يحتاج إلى دفئ وحنان ، المرأة في البيت تحتاج إلى حب ورعاية ، لأن هي أساسا عندها حالة أنوثة وحالة امومة وحالة احتياج للحماية فهي تحتاج للرجل ، إذا عرف الرجل هذا الجانب وعرفت المرأة هذا الجانب ، صار تعادل .



    رأي الإسلام بالتطرف والإعتدال :



    في مدرسة الإسلام نكتشف كنوز من الحقائق والاعجاز ، تصور كل حركة تتحركها وكل سكنة تسكنها وكل آلة تتصرف بها وكل جارحة تقلبها وكل خطوة تخطوها فيها معرفة وحق ومنهج تربوي متكامل ، إذا ما عرفتهم نقع في التطرف ، حتى القبلة تتغير بتغير المتلقي لها ، من يتلقاها ؟



    ابنتك اذا تلقتها حركت الرحمة في قلبك ، وزوجتك الشهوة ، وولدك النعمة ، ووالدك حرك الاحساس بالعبادة في اعماقك ، وأمك حركت الاحساس بالطمأنينة والرأفة والرحمة ، صديقك حرك احساس الدين والعقيدة في نفسك ، لاحظوا تغيرت لأن المتلقي تغير ، تعال إلى الإمام علي ( ع ) حين يتناول هذا الجانب بدقة متناهية في قوله :

    ( قُبلة الولد رحمة ، وقُبلة المرأة شهوة ، وقُبلة الوالدين عبادة ، وقُبلة الرجل أخاه دين ) (3)



    في حين لاحظوا هذا المعنى في هذه الدقة إذا رأينا أن القبلة الواحدة تحدث هذه الآثار في الخارج وفي الأسرة والمجتمع فما بالك بالكلمة والقول والفعل والحركة والحياة ومناهج الحياة ، إذا عندنا رسالة مقدسة اذا اتبعناها خرجنا من طرفي التطرف والطغيان الى الاعتدال والاستقامة حتى ننجح في الدنيا والآخرة ، نأتي الى الطفولة : الطفل يحمل قوتين متوازيتين في أعماقه حالة موجودة تراه يفرح اذا ادخلت السرور لقلبه ويحزن إذا صرخت في وجهه ، يضحك ويبكي ، يجوع ويشبع ، يرتوي ويظمأ ، معنى أن هذا الوجود وجود متكامل سبحان الله جعل فيه كل القوانين الموجودة في الكون جعلها في الفطرة ، لكن قوانين الكون قوانين فيزياء وكيمياء ورياضيات ، وقوانين الفطرة مبادئ وقيم ، وهنا يجب أن أذكركم إذا كان الله قد جعل القوانين في الكون وفي نفس الانسان ، نلقي نظرة نجد القوانين الكونية لا يدخلها الخطأ فهي معصومة لا تخطئ :

    (( لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) )) (1)

    ما يجي يوم الشمس تتطرف على القمر ، ولا القمر يتطرف على الأرض ولا الليل على النهار ولا النهار على الليل ، هذه حالة توازن في كل الكون تجدها في الأرض تجد النظام الدقيق في الأرض ، تجد الخضار والفواكه تجد أن الأشجار تأخذ بدقة متناهية ضمن سلسلة الأحماض الأمينية الموجودة حتى تعطيك سنبلة من القمح والقمح يعطيك رغيف خبز وتلك السنبلة لا تخطأ والله سبحانه جعل القوانين معصومة من أجل رغيف خبز تأكله فكيف من أجل الحياة والسعادة ومن أجل المبادئ والقيم ونشر المبادئ الاجتماعية والحرية والمساواة كيف يجعل هذه القوانين عند ملوك وخلفاء فسقة ظلمة فجرة ؟

    هذا الذي يقول أن الرسول ليس معصوماً وأن الأئمة غير معصومين يريد أن يستدرجك إلى يزيد بن معاوية ، ما دام الرسول غير معصوم والأنبياء غير معصومين فالقائد يصدر منه الخطأ فلا فرق بين يزيد وبين النبي ، كيف رب العالمين جعل كل سننه وقوانينه لا تخطأ أبداً إلا قوانين الشريعة الإسلامية ، القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ، كيف هذه القوانين يودعها عند انسان يخطأ ويمارس الذنب والمعصية ؟

    القرآن يقول أن الرسول لا يخطأ وأحد أسباب التطرف هو الإيمان والعقيدة أن الرسول يخطأ والأئمة ما عندهم عصمة ، فإذا كان نبينا يخطأ فإننا نخطأ وتستمر المسألة إلى التطرف (1)



    فعندما نمشي في منهج الإسلام ومنهج التربية الإسلامية نجد أن الإعتدال والإستقامة الإسلامية تأخذنا من المهد إلى اللحد ، مالذي ينشأ التطرف في المجتمع :

    الحرمان

    البعد عن الله

    البعد عن شعائر الدين والعقيدة

    عدم الإيمان

    الفراغ

    البطالة

    القسوة والقساوة

    الظلم

    الاعتقال التعسفي

    ...

    ..

    كل هذا يدفع الشباب إلى التطرف علماً بأن التطرف لا علاقة له بالمجتمعات الإسلامية ، فعندما أقول أن من أسباب التطرف عدم الإيمان ألق نظرة على المجتمعات الغربية ، تجد أن التطرف هناك موجود ، في اليابان وأمريكا التي تحب أن تدير العالم ، وإسرائيل من الذي قتل رئيس وزراء إسرائيل ؟ تطرف في الصين وألمانيا وكل الدول الغربية وبريطانيا ، التطرف موجود والإرهاب موجود ، يجب أن تلتفتوا لأن الإعلام العالمي يقوم بأكبر خيانة في حق الإنسان والبشرية لأنه يلصق التطرف والإرهاب بالمسلمين بحيث شوهوا صورة الإسلام ، إذا قالوا مسلم قالوا إرهابي متطرف ، معناه هناك حملة وحرب صليبية وصهيونية لضرب الإسلام والمسلمين في العالم ، وإلا هم أهل التطرف والإرهاب ، نحن حتى الآن لم نتوصل لأن نصنع قنابل عنقودية ولا عناقيد الغضب ونقتل الأطفال والنساء ، نحن لم نحاصر شعباً حتى الآن وقطعنا عنه الماء والهواء والطعام ، يجب أن نعيد الثقة بإيماننا وإسلامنا ، يجب أن نكون أصحاب هوية وإسلام ومبدأ ، ليس عندنا في الإسلام لا فقيه ولا مرجع ولا مفكر يدعو الناس إلى التطرف ، إذا الآية الكريمة تقول :

    (( وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ )) (1)

    هذا شئ طبيعي هذا في حالة الحرب ، يعني في حالة الحرب تعد القوة لأعداء الله الذين يحاربونك ، والذين لا يحاربونك لا علاقة لك فيه :

    (( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )) (2)

    وهذا شئ واضح ، ولكن الإسلام بالإعتدال يريد للمسلم أن يكون عزيزاً ، يعني لم يجعل الله للكافرين على المؤمن سبيل ، دائما المسلم المؤمن هو العزيز ، هو اللي رافع راسه لفوق ، وهذه مدرسة الإمام الحسين ( ع ) : كان الحسين بن علي (عليه السلام) جالساً فمرّت عليه جنازة، فقام الناس حين طلعت الجنازة، فقال الحسين (عليه السلام):مرّت جنازة يهودي فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) على طريقها جالساً فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي فقام لذلك.(3)



    هل نفهم هذا ؟



    في كل شعائر الدين ، إن شعائر الدين هي التي تحفظنا من التطرف والضياع ، وإلا فإن التطرف يكون عندنا حتى في عبادتنا كما حصل للخوارج الذين تطرفوا في العبادة ، حتى أصبحوا أصحاب الجباه السود وقتلوا النساء والمؤمنين حين سألوهم عن علي ( ع ) ومدحوه وذبحوهم جميعاً على نهر الفرات مثل النعاج ، يبقرون بطن المرأة الحامل ويذبحون الجنين وهم حافظين للقرآن ، وبعد هذه المجزرة يمشون على الفرات ويرون بستاناً سقطت تمرة منه في الطريق ، فقام أحدهم وأكلها ، فقالوا له قالتك الله يا مجرم كيف تأكل تمرة من دون أن تستأذن صاحب البستان ؟

    وهذا هو معنى التطرف ، التطرف يجعلك تعيش في حدود ضيقة ، لا ترى غير التنظيم الذي تتبعه ، إلا إذا كنت منفتحا على الرؤية الإسلامية الكبرى ، ونحن اليوم بأمس الحاجة إلى التكاتف والوحدة في وجه هذا الزحف الذي يحاول أن يغطينا ويغرقنا ، النفاق والغيبة والبهتان يمزق مجتمعنا ، وإنشاء الله تذهب من دون رجعة لأننا نلمح بالأفق صور رائعة للوحدة ، وحدة القلوب وحدة النفوس وحدة الهدف المشترك ، الإسلام بمناهجه وشعائر الدين يجعل المجتمع سبيكة واحدة ، صلة الأرحام ، حقوق الجار ، من أصبح من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ، وهذا ما يبعد المجتمع عن التطرف والإرهاب .



    الناس أمام العلم والمعرفة ينقسمون إلى أربعة أقسام ، قسم يحمل العلم ولا يحمل الإيمان ، وقسم يحمل الإيمان ولا يحمل العلم ، وقسم ثالث لا علم ولا إيمان ، وقسم رابع علم وإيمان ، التطرف ينشأ في الثلاثة ولا ينشأ في الرابع ، وعندما نقول العلم والإيمان ولا نعني بالعالم الذي يدرس ستين سبعين سنة ، فحسب موازين الإسلام كلكم علماء يا حاضري المساجد وخطب الجمعة والمآتم ، لأن هذه المجالس جامعات إسلامية ، ومن يحضر إليها يتعلم مسألة شرعية ويجمع إلى إيمانه علماً ويزداد علماً وإيماناً ، والمجالس الحسينية هي التي تحفظ مجتمعاتنا من التطرف ، لذلك أهل البيت ( ع ) يشجعون هذه المجالس ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه قال للفضيل : تجلسون وتتحدثون ؟ فقال : نعم ، فقال : إن تلك المجالس أحبها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيى أمرنا ، يا فضيل ، من ذكرنا أو ذكرنا عنده ثم ذكر مثله.(4)



    عودة إلى الآية الكريمة :



    تريد الإعتدال يا رسول الله فاستقم كما أمرت ، إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ، والاستقامة تأتي من القلب ثم تنطلق الى اللسان ، فالمؤمن الذي لا يستقيم لسانه لا يستقيم قلبه ، لأن المؤمن اذا لم يستقم لسانه لا يستقيم قلبه ، لا يستقيم إيمان مؤمن حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، لأن الذي يكذب ويغتاب ويعيش كذب ونميمة ونفاق هذا لا يوفق إلى الاستقامة وطعم الايمان ، فيقول فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ، وكلنا نتوب إلى الله والرسول ( ص ) كان يستغفر الله في اليوم خمسمائة مرة بدون ذنب ، ثم يقول ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ... الخ ، الركون إلى الظالمين يكون تارة بأن ينخرط الانسان في ركاب الظالمين ، وتارة يرضى بفعله ، لعن الله أمة قتلتك ولعن الله أمة ظلمتك ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به ، ثم يأتي إلى الذي يحفظ الإنسان من التطرف ( الصلاة ) ثم يقول ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ) ساعات من الليل وأعطى ثلاثة أوقات من الصلاة كما نفعل نحن نجمع الصلوات كما جمع رسول الله ( ص ) كما هو موجود في الصحاح ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) الصلاة هي حسنة ، الانسان اذا وقف للصلاة تتساقط عنه الذنوب كما يتساقط ورق الشجر أيام الخريف ، الصلاة معراج المؤمن وهي مجموعة من التقديمة والثقافة والدراسة العليا اذا كان يدرس الصلاة ويلاحظها أنها حالة من الطمأنينة والراحة ، ولا تعجبوا من كون الصلاة هي الحافظ من التطرف ، يقول تعالى ( يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر ، قالوا لم نكن من المصلين ) إذا ترك الصلاة يؤدي إلى التطرف ، ويقول تعالى ( أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) بينما الالتزام بالصلاة يجعلك دائما على الطريق الصحيح ، اذا جاءك جارك جائع او عنده حاجة تقضي حاجته ، تفكر انسان مريض تذهب لزيارته ، تسأل عن احبتك عن الناس ، ليس في البلاد هنا فقط بل في كل مكان ،هذه تعطيك روح الاعتدال تبعدك عن الافراط والتفريط ، اما اذا ما عرفنا معنى الاعتدال والاستقامة صارت حياتنا كلها تطرف .



    من صور التطرف الفردي :



    ليس المتطرف فقط من يحمل الكلاش ويقتل الناس ، ممكن انا اكون متطرف مع عائلتي ، كما في قضية الزواج عندما يأتيني من ارتضي خلقه ودينه وارفضه لأنه من جنسية ثانية او بدون مال ، والرسول ( ص ) يقول : " اذا اتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه " وبهذا انا اضر ابنتي ، اذا أنا متطرف .



    تطرف مع الجيران والزوجة ، المرأة التي لا تلبس حجابها متطرفة من هذه الناحية ايضا ، لأن الحجاب يبعد عنها حالة التطرف والعدوان ويجعلها في جادة الاعتدال والاستقامة ، (( ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة )) .



    رسول الله ( ص ) والإعتدال :



    والمثال الأكبر للاعتدال هم أهل البيت ( ع ) ، رسول الله ( ص ) ماذا صنع به أعداؤه ، كان إذا يصلي عند المسجد الحرام يأتي أعداءه المتطرفون ويلقون على رأسه السلى والدم والشوك كما كانوا يلقون ذلك في طريقه ، وتأتي فاطمة ( ع ) وتمسح الدم والتراب عن رأسه ووجهه ، ماذا قابلهم رسول الله ( ص ) بأي شئ ؟

    بالله عليكم اذا قرأتم تاريخ أبو طالب وأبو سفيان من المتطرف ؟

    أبو سفيان الذي كان يؤلب الناس على المسلمين حتى يوم فتح مكة وقد صاح في يوم أحد : ( يا محمد الحرب سجال يوم لك ويوم عليك ) وقال : ( عزى لنا ولا عزى لكم ) يعني عندنا صنم نعبده ولا عندكم ، فقال رسول الله ( ص ) الله مولانا ولا مولى لكم ، ثم صاح ( اعل هبل ) فقال رسول الله ( ص ) : الله أعلى واجل .



    هذا أبو سفيان المتطرف صخر بن حرب ، وأخته جميلة زوجة أبو لهب ، ولهم في القرآن ذكريات ، يقول عنها القرآن : ( تبت يدا أبي لهب ...........ز الخ ) ، وزوجته هند أم معاوية وهي التي أكلت كبد الحمزة ( ع ) ، هذا التطرف قابله رسول الله ( ص ) بكل اعتدال ، قال ما تظنون أ نني فاعل بكم ، قالوا أخ كريم وابن اخ كريم ، قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء .



    الإمام علي ( ع ) والإعتدال :



    وقف في حرب الجمل أمام الذين حاربوه وخرجوا لقتاله وصنعوا الفتنة وقد عفى عنهم جميعاً ، وأرسل عشرين مع السيدة عائشة وأرجعها معززة مكرمة وقال لها : ( ما أنصفك الذين أخرجوك إذ صانوا حلائلهم وأبرزوك ) ، وهذا المعنى يقول فيه الشيخ المفيد : يسأل ذاك قاضي القضاة لما سأله رجل وقال له أنت اليوم تحدثت في المجلس عن آية الغار وما ذكرت حديث الغدير وولاية أمير المؤمنين ، فأجاب : يا ولدي هذه الرواية حديث الغار دراية لأن هناك آية في القرآن الكريم ، لكن حديث الغدير رواية والرواية لا تقوم مقام الرواية ، فقال الشيخ المفيد : أيها الشيخ ما رأيك بمن يحارب إمام زمانه ، قال يا ولدي هذا باغي فاجر يستحق القتل ، قال فما رأيك بطلحة والزبير الذان خرجا لمحاربة أمير المؤمنين ، قال صحيح يا بني ولكنهما تابا إلى الله ، قال له يا شيخ حرب الجمل دراية وتوبتهما رواية والرواية لا تقوم مقام الرواية .



    في صفين معاوية يتطرف فيمنع الماء عن الامام علي ( ع ) والإمام يأخذ المشرعة ويجعلهم يشربون .



    الإمام الحسين ( ع ) والاعتدال :



    الإمام أعطى الحر الماء والجيش منع عنه الماء وذبحوا رضيعه على صدره .



    مسلم بن عقيل لما يدخل في دار هانئ بن عروة ويقول له صاحب الدار يا مسلم سوف يدخل الان بن زياد لزيارتي فانت استغل الفرصة واقتله ، يختبئ مسلم ويدخل بن زياد ويتكلم بن زياد ومسلم لم يخرج له ليقتله وهانئ يقول ( ما الانتظار بسلمى لا تحيوها ، حيوا بسلمى وحييوا من يحييها ) ويصيح بذلك اسقني الماء اسقنيها ولو بها حتفي ، بعد ذلك يخرج بن زياد ، فيسأله هاني يا مسلم ما منعك من أن تقتل هذا المجرم الخبيث ، قال له منعني حديث رسول الله ( ص ) : (( الإيمان قيد الفتك فلا يفتك مؤمن )).



    الغدر تطرف والاغتيال من فعل الخونة الجبناء :



    هذا المعنى الذي يتناوله أمير المؤمنين : ( ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ) التطرف ينشأ من الحرمان والظلم والبعد عن الله والإيمان والعلم ، اذا اجتمع الايمان والعلم تبعدنا عن التطرف وتحفظنا في جادة الاعتدال والاستقامة .

    ---------------

    (1) سورة الأنفال – آية 60

    (2) سورة الممتحنة _ آية 6

    (3) فروع الكافي 1/ 192، ح 2 ، وأيضاً الكافى : ج 3 ص 192 .

    (4) وسائل الشيعة ج 14 ، الحديث 19691
    التعديل الأخير تم بواسطة ذو_الفقار; الساعة 30-07-2005, 05:59 PM.

  • #2
    حفظ الله سماحةالعلامة الشيخ عبدالحميد المهاجر و ابقاه ذخرا للتشيع..

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

    يعمل...
    X