السلام عليكم
الحمد لله الذي ضلَت فيه الصفات وتفسخت دونه النعوت وحارت في كبريائه لطائف الأوهام ، والصلاة والسلام على حبيبه وصفيه ونوره وبرهانه وأهل بيته الطاهرين وسفن النجاة ومنار الهدى العروة الوثقى
اللهم صلى على محمد وأل محمد
في الصمت وضده الهذر
في بيان فوائد الصمت
الصمت عبارة عن السكوت . ولكن ليس المقصود منه هنا السكوت المطلق، لأن السكوت المطلق ليس من جنود العقل وليس أفضل من الكلام، بل الكلام في موقعة أفضل من السكوت
فالكلام تنشر المعارف والحقائق الدينية, وبتبسط المعالم وآداب الشريعة، والله تعالى متصف بالتكلم، ومن أوصافه الجميلة (المتكلم ) ولهذا لم يجعل التكلم في هذه الراوية في مقابل الصمت، بل الهذر (بفتحتين )، وهو عبارة عن الهذيان والتكلم بأمور لا قائدة منها *
فما هو من جنود العقل، وموضع استحسان الشرع والعقل هو السكوت عن الهذيان والهذر. وهذا السكوت وحفظ اللسان عن ألغو والباطل ، من الفضائل والكمالات الإنسان حتما . بل إن إمساك اللسان وجعل هذه الحية الطاغية وفق الاختبار، من اكبر الفنون، وقل من يوفق له
لو كان لأحد هذه القدرة لكان محفوظا من الآفات والأخطار الكثيرة.لأن للسان آفات ومخاطر كثيرة وهناك من ذكر له عشرين لآفة ولعلها أيضا تكون أكثر.
وبالجملة، فالكلام – مع أنه من كمالات الوجود ، والتكلم منشأ للكمالات الكثيرة وبدونه ينسد باب المعارف ،والله تعالى في القرآن الكريم مدحه مدحا لائقا في سورة الرحمن حيث قال :
{ الرحمن...... خلق الإنسان علمه البيان } فجعل تعليم البيان في هذه الآية مقدما على جميع النعم ، في مقام الامتنان على النوع الإنساني – وحيث إنه لا يُطمأن الى السلامة من آفاته، وحيث إن إمساك اللسان اختبارا من أصعب الأمور , فالسكوت والصمت يرجحان على الكلام , وأهل الرياضة كانوا يُلزمون أنفسهم الصمت كما أنهم يهتمون بالخلوة –لهذه النكتة- مع انه معاشرات أهل المعرفة والعلماء وأهل الحال والرياضة فوائد عديدة وعوائد كثيرة ، وفي الاعتزال حرمان من المعارف وكثير من العلوم . خدمة الخلق – وهي من أفضل الطاعات والقربات –تحصل نوعا ما بالمعاشرة والاختلاط .ولكن حيث إن آفات المعاشرة كثيرة والإنسان لا يستطيع إن يحفظ نفسه منها، فمشايخ أهل الرياضة رجحوا الاعتزال على العشرة*
والحق أنه لابد للإنسان، في أوائل أمره وهو يشتغل بالتعليم والاستفادة من معاشرة العلماء والفضلاء ولكن مع شرائط العشرة ومع الاطلاع على أحوال المعاشرين وأخلاقهم ولا بد إن يستفيد في بديات السير والسلوك ، وفي أواسطه وأوائل نهاية نهاياته أيضا، من خدمة المشايخ وأعاظم أهل الحال ،فلا بد له من المعاشرة.
وإذا وصل الى النهايات ، فلا بد إن يشتغل بحال نفسه مدة ويشتغل بالحق تعالى وبذكره .وإذا لم يمكنه الجمع في هذه الآوقات بين الخلوة بالحق تعالى بين العشرة، فلا بد إن يعتزل حتى يقيض عليه الكمال اللائق من الملكوت العلى .فإذا رأى في نفسه حالة الطمأنينة والاستقرار والاستقامة ، واطمأن من جهة الحالات النفسانية والوسواس الشيطانية ، يشتغل بإرارشاد الخلق وتعليمهم وتربية عباد الله وخدمة ابناء جنسه بمصاحبتهم والاختلاط معهم ، ويعقد نفسه لكي لا تقعد عن خدمة عباد الله . وهذا الدستور هو دستور كلي للصمت والسكوت والتكلم والإرشاد في أوائل الأمر ، حيث إنه متعلم ولا بد له إن يشتغل فقط كمل يشتغل فقط بالبحث والدرس والتعليم ، ويمتنع عن كلام الباطل غير اللغو، فإذا كمل يشتغل بالتفكر والتدبر ،ويمسك اللسان عن غير ذكر الله وما يرتبط بة تعالى ،حتى تفيض الإفاضات الملكوتية على قلبه . فإذا صار وجود حقانيا ، واطمأن الى أفعال وأقوال ،يتكلم ويقول بالتربية والتعليم وإرشاد الناس ولا يقعد لحظة عن خدمتهم ، حتى يكون الله تعالى راضيا عنه ،ويجعله في عداد عباده المربين ، ويلبسه خلعة التعليم والإرشاد . وإذا كان عنده نقص في هذه الأمور فالله سبحانه يجبره بواسطة الخدمة
ـــــــــــــ
*- لسان العرب: الجزء 15
* - إحياء علوم الدين الجزء 2 باب في فوائد العزلة .وشرح مصباح الشريعة للمولى عبد الرزاق الجيلاني . وشرح أصول المتألهين الشيرازي
الحمد لله الذي ضلَت فيه الصفات وتفسخت دونه النعوت وحارت في كبريائه لطائف الأوهام ، والصلاة والسلام على حبيبه وصفيه ونوره وبرهانه وأهل بيته الطاهرين وسفن النجاة ومنار الهدى العروة الوثقى
اللهم صلى على محمد وأل محمد
في الصمت وضده الهذر
في بيان فوائد الصمت
الصمت عبارة عن السكوت . ولكن ليس المقصود منه هنا السكوت المطلق، لأن السكوت المطلق ليس من جنود العقل وليس أفضل من الكلام، بل الكلام في موقعة أفضل من السكوت
فالكلام تنشر المعارف والحقائق الدينية, وبتبسط المعالم وآداب الشريعة، والله تعالى متصف بالتكلم، ومن أوصافه الجميلة (المتكلم ) ولهذا لم يجعل التكلم في هذه الراوية في مقابل الصمت، بل الهذر (بفتحتين )، وهو عبارة عن الهذيان والتكلم بأمور لا قائدة منها *
فما هو من جنود العقل، وموضع استحسان الشرع والعقل هو السكوت عن الهذيان والهذر. وهذا السكوت وحفظ اللسان عن ألغو والباطل ، من الفضائل والكمالات الإنسان حتما . بل إن إمساك اللسان وجعل هذه الحية الطاغية وفق الاختبار، من اكبر الفنون، وقل من يوفق له
لو كان لأحد هذه القدرة لكان محفوظا من الآفات والأخطار الكثيرة.لأن للسان آفات ومخاطر كثيرة وهناك من ذكر له عشرين لآفة ولعلها أيضا تكون أكثر.
وبالجملة، فالكلام – مع أنه من كمالات الوجود ، والتكلم منشأ للكمالات الكثيرة وبدونه ينسد باب المعارف ،والله تعالى في القرآن الكريم مدحه مدحا لائقا في سورة الرحمن حيث قال :
{ الرحمن...... خلق الإنسان علمه البيان } فجعل تعليم البيان في هذه الآية مقدما على جميع النعم ، في مقام الامتنان على النوع الإنساني – وحيث إنه لا يُطمأن الى السلامة من آفاته، وحيث إن إمساك اللسان اختبارا من أصعب الأمور , فالسكوت والصمت يرجحان على الكلام , وأهل الرياضة كانوا يُلزمون أنفسهم الصمت كما أنهم يهتمون بالخلوة –لهذه النكتة- مع انه معاشرات أهل المعرفة والعلماء وأهل الحال والرياضة فوائد عديدة وعوائد كثيرة ، وفي الاعتزال حرمان من المعارف وكثير من العلوم . خدمة الخلق – وهي من أفضل الطاعات والقربات –تحصل نوعا ما بالمعاشرة والاختلاط .ولكن حيث إن آفات المعاشرة كثيرة والإنسان لا يستطيع إن يحفظ نفسه منها، فمشايخ أهل الرياضة رجحوا الاعتزال على العشرة*
والحق أنه لابد للإنسان، في أوائل أمره وهو يشتغل بالتعليم والاستفادة من معاشرة العلماء والفضلاء ولكن مع شرائط العشرة ومع الاطلاع على أحوال المعاشرين وأخلاقهم ولا بد إن يستفيد في بديات السير والسلوك ، وفي أواسطه وأوائل نهاية نهاياته أيضا، من خدمة المشايخ وأعاظم أهل الحال ،فلا بد له من المعاشرة.
وإذا وصل الى النهايات ، فلا بد إن يشتغل بحال نفسه مدة ويشتغل بالحق تعالى وبذكره .وإذا لم يمكنه الجمع في هذه الآوقات بين الخلوة بالحق تعالى بين العشرة، فلا بد إن يعتزل حتى يقيض عليه الكمال اللائق من الملكوت العلى .فإذا رأى في نفسه حالة الطمأنينة والاستقرار والاستقامة ، واطمأن من جهة الحالات النفسانية والوسواس الشيطانية ، يشتغل بإرارشاد الخلق وتعليمهم وتربية عباد الله وخدمة ابناء جنسه بمصاحبتهم والاختلاط معهم ، ويعقد نفسه لكي لا تقعد عن خدمة عباد الله . وهذا الدستور هو دستور كلي للصمت والسكوت والتكلم والإرشاد في أوائل الأمر ، حيث إنه متعلم ولا بد له إن يشتغل فقط كمل يشتغل فقط بالبحث والدرس والتعليم ، ويمتنع عن كلام الباطل غير اللغو، فإذا كمل يشتغل بالتفكر والتدبر ،ويمسك اللسان عن غير ذكر الله وما يرتبط بة تعالى ،حتى تفيض الإفاضات الملكوتية على قلبه . فإذا صار وجود حقانيا ، واطمأن الى أفعال وأقوال ،يتكلم ويقول بالتربية والتعليم وإرشاد الناس ولا يقعد لحظة عن خدمتهم ، حتى يكون الله تعالى راضيا عنه ،ويجعله في عداد عباده المربين ، ويلبسه خلعة التعليم والإرشاد . وإذا كان عنده نقص في هذه الأمور فالله سبحانه يجبره بواسطة الخدمة
ـــــــــــــ
*- لسان العرب: الجزء 15
* - إحياء علوم الدين الجزء 2 باب في فوائد العزلة .وشرح مصباح الشريعة للمولى عبد الرزاق الجيلاني . وشرح أصول المتألهين الشيرازي