إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الغيبة الكبرى لكاتبه السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر اعلى الله مقامه الشريف

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الغيبة الكبرى لكاتبه السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر اعلى الله مقامه الشريف

    تاريخ الغيبة الكبرى

    الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (رضوان الله عليه)



    مقدمة الناشر

    من دواعي البهجة والسرور لنا تقديم هذا الكتاب القيّم للأمة الإسلامية لتتعرف على حياة قادتها الواقعيين وما يتمثل في غضونها من معاني الجمال وما جسدّه هؤلاء القادة من نُبلٍ وشموخ .

    إن التعرف على حياة هؤلاء القادة وتحليل صفاتهم وأفعالهم لأمر ضروري للأمة وذلك لتتعرف على الإسلام العملي السائر على الأرض في هذه الشخصيات القيادية كما تعرفت عليه في جانب الفكر ثم تجعل منها نبراساً تستنير بها في ظلم الحياة . ومن الضروري أيضاً التمييز بين الغث والسمين من قضايا التاريخ من الأشخاص لئلا يجعل من بعضها حجة على وهن عقلية قوم أو صحة اعتقاد آخرين .

    إن من عوامل عظمة الأمة وسموها أن تملك قادة عظماء في الأفكار والأعمال والآمال لأن هذا خير حافزٍ للأمة أن تبعث من جديد والذين يجدر بنا أن نسميهم قادة في الأمة الإسلامية – حقاً – هم الأئمة من أهل البيت ثم العلماء الذين تغذوا على موائدهم . والكتاب مهم جداً في موضوعه وموفق في غايته .

    وهذا الكتاب هو الجزء الثاني من تاريخ الغيبة لمؤلفه الحجة السيد محمد الصدر حفظه الله أقوم الآن بتقديمه للقراء الكرام بعد أن قمت بنشر الجزء الأول منه . وكان الإقبال على الجزء الأول كبيراً مما دلّ على اهتمام الأمة بمثل هذه المواضيع الحساسة وشدة تعلقها بالاطلاع على تاريخ الزاهر ورجالها الأبطال . وخاصة إذا كانت هذه المواضيع ترق من قبل كتّاب قديرين كالكاتب الفاضل والمؤلف القدير ، وكان ذلك مما حدا بي ودفعني للإقدام على نشر الجزء الثاني منه بتوفيق من الله .

    ولقد تعوّد مني القراء دائماً أن أتحفهم بمثل هذه الكتابات الثمينة ، وهكذا آليت على نفسي منذ افتتاح الدار أن أكون على مستوى المسؤولية كإنسان ملسم عليه مسؤوليته ، فلا أنشر إلا ما فيه الهداية والخير للأمة وما فيه رضا الله وحبه ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .

    الناشر

    صفحة (5)

    الصفحة التالية

    تاريخ الغيبة الكبرى

    الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (رضوان الله عليه)



    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة على أشرف الخلق محمد وآله الطاهرين

    بحث تمهيدي :

    في إنقسام الغيبة

    - 1 -

    لا شك أن للمهدي (ع) غيبتين اثنتين . وهذا من واضحات الفكر الإمامي ، بل من قطعياته التي لا يمكن أن يرقى إليها
    الشك . ووافقهم عليه بعض علماء العامة . وقد وردت في ذلك الروايات في مصادر الفريقين .

    روى السيد البرزنجي(1) عن أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال : لصاحب هذا الأمر – يعني المهدي
    عليه السلام – غيبتان . إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات وبعضهم ذهب . ولا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا
    غيره إلا المولى الذي يلي أمره .

    وأخرج النعماني(2) بإسناده عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد (ع) يقول : للقائم غيبتان
    إحداهما طويلة والأخرى قصيرة . فالأولى يعلم بمكانه فيها خاصة من شيعته . والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة
    مواليه في دينه .

    وأخرج(3) عن إبراهيم بن عمر الكناسي قال سمعت أبا جعفر الباقر (ع) يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبتين .
    ــــــــــــــــــ
    (1) الإشاعة لإشراط الساعة ، ص 93 . (2) الغيبة ، ص 89 . (3) المصدر ص 89 .

    صفحة (6)

    وأخرج(1) عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (ع) كان أبو جعفر (ع) يقول ، لقائم آل محمد غيبتان إحداهما أطول
    من الأخرى ، فقال : نعم ... الحديث . وأخرجه الطبرسي في أعلام الورى(2) أيضاً ...

    وأخرج النعماني أيضاً(3) عن محمد بن مسلم الثقفي عن الباقر أبي جعفر (ع) أنه سمعه يقول : إن للقائم غيبتين . يقال
    في إحداهما : هلك ، ولا يدري في أي واد سلك .

    وأخرج أيضاً عن المفضل بن عمر قال سمعت أبا عبدالله (ع) يقول : إن لصاحب هذا الأمر غيبتين ، في إحداهما يرجع
    إلى أهله ، والأخرى يقال : هلك في أي واد سلك .

    وأخرج الشيخ(4) عن حازم بن حبيب عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال : يا حازم إن لصاحب هذا الأمر غيبتين ، يظهر
    في الثانية . إن جاءك من يقول : أنه نفض يده من تراب قبره ، فلا تصدقه .

    إلى غير ذلك من الأخبار ، وهي كثيرة وكافية للإثبات التاريخي .

    - 2 -

    ولهم هذه الأخبار أطروحتان رئيسيتان :

    الأطروحة الأولى :

    وهي الموافقة للفهم غير الإمامي للمهدي (ع) القائل : بأن المهدي رجل يولد في زمانه فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت
    جوراً .

    وهي : إن الغيبتين منفصلتان يتخللهما ويفصل بينهما ظهور للناس . ويكون الظهور بعد الغيبة الثانية هو يوم الثورة
    الكبرى . وتكون مدة كلتا الغيبتين محددة بسنين قليلة ... توجبهما مصالح وقتية محددة ترجع إلى شخص المهدي (ع)
    أو إلى مصلحة انتصاره بعد الظهور .
    ــــــــــــــــــ
    (1) المصدر ، ص 90 . (2) انظر ص 416 . (3) الغيبة ، ص 90 وكذلك الذي يليه . (4) انظر الغيبة ، ص
    261 .

    صفحة (7)

    وهذه الأطروحة هي المتعينة لا خيار في تعديها ، طبقاً لهذا الفهم غير الإمامي ... لوضوح عدم إمكان وجود الغيبة
    الطويلة ، مع العمر المحدد من السنين .

    وهذه الأطروحة هي التي فهمها البرزنجي(1) من هذه الأخبار حين قال : وهاتان الغيبتان – والله أعلم – ما مر آنفاً أنه
    يختفي بحبال مكة ولا يطلع عليه أحد . قال : ويؤيده ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ، أنه قال : يكون
    لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب ، وأومأ بيده إلى ذي طوى . أقول : ولم يذكر البرزنجي الغيبة الثانية .

    الأطروحة الثانية :

    وهي الموافقة للفهم الإمامي للمهدي (ع) القائل : بأن المهدي حي منذ ولادته في القرن الثالث الهجري إلى حين ظهوره
    في اليوم الموعود .

    وهي الأطروحة التي فهمها العلماء الإماميون بشكل عام ، ونص قدماؤهم على مضمونها بشكل خاص . وهي من
    ضروريات مذهبهم .

    قال النعماني(2) هذه الأحاديث التي يذكرونها : إن للقائم عليه السلام غيبتين ، أحاديث قد صحت عندنا بحمد الله .
    وأوضح الله قول الأئمة عليه السلام وأظهر برهان صدقهم فيها .

    فأما الغيبة الأولى ، فهي التي كانت السفراء فيها بين الإمام وبين الخلق قياماً منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص
    ... وهي الغيبة القصيرة التي انقضت أيامها وتصرمت مدتها . والغيبة الثانية هي التي ارتفع فيها أشخاص السفراء
    والوسائط ، للأمر الذي يريده الله هو التدبير الذي يمضيه في الخلق بوقوع التمحيص والامتحان ... وهذا زمان ذلك قد
    حضر ... الخ كلامه .
    ــــــــــــــــــ
    (1) الإشاعة ، ص 93 . (2) الغيبة ، ص 90 / 91 .

    صفحة (8)

    وقال المفيد في الإرشاد(1) : وله قبل قيامه غيبتان : إحداهما أطول من الأخرى ، كما جاءت بذلك الأخبار. فأما القصرى
    منهما ، منذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة ، أما الطولى فهي بعد الأولى ،
    وفي آخرها يقوم بالسيف .

    وقال الطبرسي(2) : فانظر كيف حصلت الغيبتان لصاحب الأمر على حسب ما تضمنت الأخبار السابقة . أما غيبته
    الصغرى منهما فهي التي كان فيها سفراؤه موجودين وأبوابه معروفين ، لا تختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن
    عليه (ع) فيهم ... الخ كلامه .

    وقال ابن الصباغ(3) – وهو مالكي المذهب – : وله قبل قيامه غيبتان : إحداهما أطول من الأخرى . فأما الأولى فهي
    القصرى ، فمنذ ولادته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته . وأما الثانية ، وهي الطولى ، فهي التي بعد الأولى . في
    آخرها يقوم بالسيف . قال الله تعالى : لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون . إلى غير
    ذلك من الأقوال التي يطول المقام بنقلها .

    وقد سبق أن عرفنا في التاريخ السابق ، وسنزيده في هذا التاريخ توضيحاً ... مقدار الفرق بين الغيبتين الكبرى
    والصغرى . وتتلخص الفروق فيما يلي :

    أولاً : قصر مدة الغيبة الصغرى ، إذ كانت حوالي السبعين عاماً . بخلاف الغيبة الكبرى ، فإنها غير معروفة الأمد ،
    باعتبار جهلنا بموعد ظهور المهدي (ع) .

    ثانيا : اقتران الغيبة الصغرى بالسفارة الخاصة ، القائمة بين المهدي (ع) وقواعده الشعبية ، وانقطاع ذلك في الغيبة
    الكبرى .

    ثالثاً : انتهاء أمد الغيبة الصغرى بوفاة السفير الرابع على بن محمد السمري . وأما الكبرى ، فلا زالت سارية المفعول ،
    وتنتهي بيوم الظهور الموعود .
    ــــــــــــــــــ
    (1) انظر ، ص 326 . (2) اعلام الورى ، ص 416 . (3) الفصول المهمة ، ص 309 .

    صفحة (9)

    رابعاً : إن المشاهدين للمهدي (ع) خلال غيبته الصغرى ، أكثر بنسبة مهمة عنهم في غيبته الكبرى .

    ويمكن أن يكون الفرق الأول ، هو سبب تسمية الغيبتين بالصغرى والكبرى ... حيث تكون الأولى قصيرة والأخرى
    طويلة . كما يمكن أن يكون الفرق الأخير هو سبب التسمية ، ويكون المقصود هو قلة الاحتجاب في الصغرى وكثرته
    في الكبرى .

    وعلى ذلك فالغيبتان متصلتان لا يفصل بينهما ظهور .

    وقد سبق في التاريخ السابق(1) ، أن عرفنا الحكمة الأساسية من إيجاد الغيبة الصغرى ، وهو التمهيد الذهني لوجود
    الغيبة الكبرى في الناس . إذ لو بدأ المهدي (ع) بالغيبة المطلقة فجأة ، وبدون إنذار وإرهاص ، لما أمكنا إثبات وجوده
    في التاريخ . فتنقطع حجة الله على عباده .

    وستعرف في هذا التاريخ تفصيلاً وجه الحكمة من وجود الغيبة الكبرى ، سواء ما يعود إلى المهدي نفسه أو إلى
    المخلصين من أصحابه أم إلى البشرية كلها من حيث ما يعود عليها من الخير في اليوم الموعود .


    - 3 -

    وبالمقدار الذي تكتسبه الغيبة الكبرى من أهمية وصعوبة وعمق في المدى البعيد ... يكون التركيز عليها في الأخبار.
    فبينما يكون التركيز على الغيبة الصغرى قليلاً . كالحديث الذي أخرجه الصدوق عن أبي عبدالله الصادق (ع) أنه قال : –
    في المهدي (ع) – يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته . وقد عرفنا في التاريخ السابق أن حرمة التسمية خاصة
    بعصر الغيبة الصغرى .

    ... نجد أن التركيز على الغيبة شديد في الأخبار .
    ــــــــــــــــــ
    (1) انظر تاريخ الغيبة الصغرى ، ص 630 وغيرها .

    صفحة (10)

    أخرج النعماني(1) عن أبي عبدالله (ع) في حديث ، قال فيه : والله ليغيبن سبتاً(2) من الدهر ، وليخملن حتى يقال :
    مات أو هلك ، بأي وادي سلك . ولتفيضن عليه أعين المؤمنين . ليكفأن كتكفئ السفينة في أمواج البحر ، حتى لا ينجو
    إلا من أخذ الله ميثاقه ، وكتب الإيمان في قلبه وأيده بروح منه ... الخ الحديث. وذكر له عدة أسانيد .

    وهذا بالضبط هو الذي سيحدث في عصر الغيبة الكبرى . على ماسنسمع فيه هذا التاريخ .

    وأخرج أيضاً(3) عن موسى بن جعفر عليه السلام ، أنه قال : إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم ، لا
    يزيلنكم عنها . فأنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة ، حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به . إنما هي محنة من
    الله يمتحن الله بها خلقه ... الحديث .

    وأخرج(4) عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) قال : قال لي : يا أبا الجارود ، إذا دار الفلك ، وقالوا : مات أو هلك وبأي
    واد سلك ، وقال الطالب له : أنى يكون ذلك ، وقد بليت عظامه . فعتد ذلك ، فارتجوه . الحديث .

    وعن(5) أبي عبدالله : إن القائم إذا قام يقول الناس : أنى ذلك وقد بليت عظامه .

    وعن(6) أبي عبدالله أنه قال : إذا فقد الناس الإمام ، مكثوا سبتاً لا يدرون أياً من أي . ثم يظهر الله عز وجل لهم
    صاحبهم .

    وعنه (ع)(7) قال : كيف أنتم إذا صرتم في حال لا يكون فيها إمام هدى ولا علماً يرى ... الحديث .
    ــــــــــــــــــ
    (1) الغيبة ، ص 76 . (2) السبت يأتي لغة بمعنى الدهر والبرهة من الزمن . (3) الغيبة ، ص 78 .
    (4) المصدر ، ص 78 . (5) المصدر والصفحة . (6) المصدر ، ص 81 . (7) المصدر والصفحة .

    صفحة (11)

    وأخرج الصدوق(1) هم تلجسيم بم هلي عليه السلام في حديث : له غيبة يرتد فيها أقوام ويثبت على الدين فيها آخرون
    . فيؤذن ويقال لهم : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين . أما أن الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد
    بين يدي رسول الله وآله الطاهرين الأخيار .

    وعن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال : ... ثم تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر ... أن أهل زمان غيبته ، القائلين
    بإمامته والمنتظرين لظهوره ، أفضل من أهل كل زمان ، لأن الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما
    صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة . وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف ...
    الحديث .

    - 4 -

    فهذه هي الأخبار التي تدل على أهمية الغيبة في المدى البعيد . وأما الأخبار التي تدل عليها بشكل مباشر ، فكثيرة :

    أما الغيبة الصغرى ، فيدل عليها كل أخبار السفراء الأربعة والوكلاء والمعارضين المنحرفين والتوقيعات الصادرة عن
    المهدي (ع) وكل من رآه منذ ولادته إلى نهاية ذلك العصر ... إلى غير ذلك من الأخبار التي سمعناها تفصيلاً في التاريخ
    السابق .

    وأما الغيبة الكبرى ، فيدل عليها ما سنذكره من أخبار المشاهدة وأخبار التمحيص وأخبار الانتظار وفضل المنتظرين .
    وأخبار علامات الظهور ، وما دل على فساد الزمان وانحراف أهله ، وغير ذلك ، فأنها جميعاً مرتبطة ارتباطاً عضوياً
    بعصر الغيبة الكبرى على ما سنعرف .
    ــــــــــــــــــ
    (1) اكمال الدين المخطوط ، وكذلك الذي بعده .

    صفحة (12)

    - 5 -

    وبمجموع هذه الأدلة ، نستطيع أن ننفي الأطروحة الأولى التي ذكرناها في الفقرة الثانية من هذا البحث .

    وذلك لوضوح أنها لا تنسجم مع شيء من هذه الأدلة :

    أما أخبار الغيبة الصغرى ، فواضح ، باعتبار أن الأطروحة الأولى لا تدعي وجود السفراء والوكلاء والمعارضين
    والتوقيعات خلال الغيبة الأولى . بل لم يثبت عن هذه الأطورحة أنها تدعي أن الغيبة الأولى أصغر من الثانية ، في المدة
    أو في درجة الاختفاء .

    وأما أخبار الغيبة الكبرى ، فلما سنعرفه من أن أي شيء من التمحيص والانتظار وعلامات الظهور ، لا يمكن أن يحدث
    إلا في دهر طويل . وكذلك لا معنى لاخبار المشاهدة وهي متواترة مضموناً ، مع الاختفاء القليل الذي يمتد مثلاً لخمس
    سنوات أو عشر .

    مضافاً إلى أن ما تقول به الأطروحة الأولى من ظهور المهدي بين الغيبتين ... مما لا يفهم وجهه . إذ يبقى التساؤل عن
    أنه لماذا يظهر إذا لم يكن عازماً على أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً .

    فإن قال قائل : أنه يظهر بعد الغيبة الأولى ليقوم بمهمته الكبرى ، لأنه يتخيل وجود فرص النجاح ، وحيث انها غير
    موجودة في الواقع ، فإنه يفشل في مهمته ، فيختفي مرة ثانية ليظهر بعد ذلك فيقوم بمهمته خير قيام .

    نقول : إن عهدة هذا القول على مدعيه ، إذ يتصور المهدي (ع) قاصر التدبير والتفكير من النواحي الاجتماعية
    والسياسية والعسكرية ، بحيث يمكن أن يسيطر عليه خيال كاذب . أما المهدي الذي ذخره الله تعالى ليومه الموعود،
    وخطط لنجاح مهمته تخطيطاً مضبوطاً عميقاً ، على ما سنسمع ، فهو قائد عالمي ، من المستحيل أن يقع في مثل هذه
    الأوهام .

    صفحة (13)

    - 6 -

    هذا ، وقد نرى أئمة الهدى عليهم السلام ، يخاطبون الناس على قدر عقولهم ، كما هو المفروض في كل كلام بليغ. فهم
    يأخذون المستوى العقلي والثقافي والإيماني لمجتمعهم بنظر الاعتبار حين يتحدثون عن المهدي (ع) . فإذا كان
    المخاطب والسامع ذا مستوى عال ، كان الجواب عميقاً ومفصلاً ، وإذا كان ذا مستوى واطئ ، كان الجواب مختصراً
    وناظراً إلى زاوية معينة متجنباً الخوض الكامل في الجواب ... طبقاً لهذا القانون .

    أخرج النعماني(1) والصدوق(2) عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال – في كلام له – : يا بني عقولكم
    تضعف عن هذا وأحلامكم تضيق عن حمله . ولكن أن تعيشوا فسوف تدركوه .

    وطبقاً لهذا الاتجاه نسمع الأخبار التالية :

    أخرج النعماني(3) عن أبي عبدالله (ع) أنه قال : لو قد قام القائم لأنكره الناس ، لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً ... وإن من
    أعظم البلية أن يخرج إليهم شاباً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً .

    وهذا الخبر صادق تماماً ، لأن المهدي (ع) سوف يظهر شاباً . كما أن من البلاء العظيم والامتحان العميق أن يخرج
    شاباً ، إذا كانوا يفكرون كونه شيخاً كبيراً . ولكنه لم يقل أنهم يفكرون فعلاً بذلك ، ومن هنا يكون الاختصار في العطاء .

    إن هذا الخبر يوحي بوضوح أن مدة الغيبة سوف لن تتجاوز مدة العمر الطبيعي الذي يكون به الفرد شيخاً، غير أن الله
    تعالى سوف يحفظ للمهدي شبابه خلال هذه المدة . وهذا العطاء منسجم مع تلك الذهنية التي لا يمكن أن تستوعب بحال
    ، العمر الطويل الذي يمتد مئات السنين .

    ومن الواضج أن الناس سوف لن يحسبوه شيخاً ،إذ مع تمادي العمر مئات السنين ، ينتفي من الذهن مفهوم الشيخوخة
    تماماً ، ويبقى تطور شكل الإنسان بالقدرة الإلهية وحدها ،تلك القدرة التي حفظته هذا المقدار من السنين.
    ــــــــــــــــــ
    (1) الغيبة ، ص 78 . (2) انظر الاكمال المخطوط . (3) الغيبة ، ص 99 .

    صفحة (14)


    ......يتبع

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    -------------------
    سيدي ومولاي وحبيبي شهيد الله الصدر المقدس
    السلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
    ولا يسعني هنا في ذكرك الا قول الشاعر:
    قد شرف الله ارضا انت ساكنها
    وشرف الناس اذ سواك انسانا
    الحق الحق ...لم نعرف المهدي(عج) لولا محمد الصدر
    ويكفي الشيعة فخرا ومباهلة ...بان لها عالما ورعا وناطقا حسينيا
    مثل محمد الصدر...
    اني لا اراه الا ( حسين العصر )
    -----------------
    مشكور اخي الحبيب
    على نقلك الرائع والامين...لهذا الموضوع
    ونحن بامس الحاجة الى هذه المواضيع
    لما فيها خير وصلاح وهداية
    ونسالكم الدعاء

    تعليق


    • #3
      قال المرجع الديني الاعلى السيد الشهيد المظلوم محمدباقر الصدر ( رض ) ما معناه انه لايوجد كتاب شيعي استوعب قضية الامام المهدي ( عج ) مثل الموسوعة المهدوية للمرجع الديني الاعلى السيد الشهيد المظلوم محمدالصدر ( رض ).

      تعليق


      • #4
        اللهم صلي على محمد وآل محمد
        وعجل فرجهم والعن عدوهم
        السلام عليك يا شهيد الله
        السلام عليك يا محيي الجمعات
        جزاك الله عن المؤمنين خير جزاء
        وصبرنا الله على بلايانا حتى ظهور
        حجته المنتظر ارواحنا له الفدا

        تعليق


        • #5
          السلام على من كشف الحقائق فبغظه اهل النفاق
          السلام على مفند الانظمه الوظعيه
          ................
          وشكرا جزيلا على هذا الموضوع القيم
          ونحن بحاجه الى مثل هذه المواضيع

          تعليق


          • #6
            بسمه تعالى
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


            الشكر الجزيل لك عزيزي على هذه النقلة المثيرة وليتني كنت املك موسوعة عن المهدي للشهيد الصدر

            شكرا مرة أخرى وجعله في ميزان حسناتك


            رحم الله الشهيد الصدر

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X