إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

التحدي الأعظم لكل الشيعة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التحدي الأعظم لكل الشيعة

    هذه سلسلة من المشاركات

    أريد من الشيعة الرد عليها دون تعصب أو بذاءة في القول

    رد صريح لا (لف فيه ولا دوران) و أريد منكم قراءة الموضوع كاملاً

    التحدي الأول:

    إن المرء ليتعجب أننا في هذا الزمان الذي يتشدق فيه العالم كله شرقه وغربه ، ويتفاخرون بالحريات السياسية والاجتماعية والفكرية التي وصلوا إليها ، والتي تقوم على أصول أهمها " حق الأمة في اختيار من ينوب عنها في الحكم والقيادة " . وفي الوقت نفسه نجد البعض منا يستدلون بالعقل على وجوب التنصيص ، وأي وجه للعقل في الاستدلال على هذا الأمر ، والعقل السليم يحكم بضده ! ! .

    إن الأمة الإسلامية ليست قطيعا من الخراف ، يجب أن يفرض عليهم راع بعينه يسوقهم سوقا ، بل إن الله تعالى قد كرم هذه الأمة وجعلها خير الأمم لنفسها وللناس جميعا ، وكرم أهلها المؤمنين المخلصين وجعل أمرهم شورى بينهم ، وهذا هو الاحترام التام لملكة العقل التي وهبها الله تعالى للإنسان السوي الذي يعرف حق الله تعالى ويعرف حق دينه ويعرف مصلحة أمته .

    والله عز وجل عندما وصف المسلمين وصفهم بقوله : ( وأمرهم شورى بينهم ) ، بل وبالغ في تكريمهم حتى أمر النبي المعصوم المؤيد بالوحي أن يشاورهم فقال تعالى : ( وشاورهم في الأمر ) .

    والنبي ص أحرص الخلق على احترام حق الأمة الذي وهبة الله تعالى لها في اختيار من تراه أنسب لأن ينوب عنها في إقامة الدين وسياسة الدنيا به ، ومن تراه أرفق بها وأقدر على أن يقودها إلى بر الأمان .

    ولذلك وجدنا النبي ص يترك الأمة هكذا دون أن يحدد لها إماما بعينه ، لأنه يثق في قدرتها على اختيار أفضلها ولأن ذلك هو حقها الذي أعطاه الله تعالى لها ، ولكن بعد أن حدد لأصحابة مواصفات من يصلح للإمامة وألمح ص أنها في أبي بكر - رضي الله عنه - لكن بدون وصية .

    والنبي ص لم يكن يوما من الأيام ملكا يصدر الأوامر ويفرض عليهم القيود ويلغي حقوقهم وملكاتهم وحرياتهم السياسية والفكرية والاجتماعية ، بل كان أحرص الخلق على تكريمهم وتقديرهم ، حتى كان أكثرهم مشاورة لأصحابة ، وحتى وصفه الله تعالى بقوله : ( لقد جاء رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .

    والناظر إلى خلق النبي ص وهديه يجد أنه في الأمور التي تخص الأمة كلها كان لا يصدر – غالبا – إلا عن وحي من الله تعالى ، أو عن مشورة للمسلمين ، وحيث لا وحي فإن هدي النبي هو مشاورة الصحابة والنظر إلى مصلحة الأمة العامة ، وأمر الخلافة لم يكن هناك فيه نص قرآني صريح ولا وحي من الله يوجب التنصيص على إمام بعينه ، ولذلك آثر النبي الرؤوف الرحيم أن يحترم عقل الأمة وحقها ، وترك لها الأمر دون أن يتدخل الملوك والأمراء بل كان هديه هو هدي النبي الرسول الرؤوف الرحيم بأمته والمقدر لحرياتها وسيادتها .
    إن الأمر بهذا التنصيص لهو دعوة إلى تحويل خلافة الإسلام إلى ولاية جبرية ، تغصب فيه الأمة حقوقها بصبغة دينية تشبه الضلال الذي وصل إليه النصارى في قرونهم المظلمة الظالمة .

    ولكن النبي ص – وبتوفيق من الله تعالى والله أعلم حيث بجعل رسالته – ترك حقوق الأمة دون أن يمسها ودون أن يخدشها وجعل الشورى هي الأصل في اختيار من ينوب عن الأمة في إقامة دينها وسياسة الدنيا به ، وهكذا يقرر دين الإسلام بهدى الله تعالى وهدي رسوله ص منذ فجر الإسلام هذه الحقوق السياسية والفكرية والاجتماعية ، التي لم تصل إليها أمم الغرب إلا بعد بحور من الدماء والظلم والظلام ، وهم اليوم يتشدقون بهذه الحريات ، ولو رجعوا إلى هدي الإسلام لوجدوا فيه أعظم حرية صحيحة وأفضل تكريم ، مصداقا لقوله تعالى : ( ولقد كرمنا بني آدم ) .

    وهناك قضية أخرى:

    وهي إذا كانت الإمامة أصلا من أصول الدين التي يجب النص على صاحبها ، فإننا نعلم يقينا أن دين الإسلام دين خالد إلى قيام الساعة والنبي ص قد ينص على من يخلفه ، فهل يعقل أن النبي نص على أولئك الخلفاء وإلى قيام الساعة ؟ ! وإن كان ذلك حدث فلا يعقل أن لا يصلنا تنصيصه بذلك أو أن لا نسمع به مطلقا .

    وإذا كان النبي ص نص على إمام بعينه ، فهل يؤول حق التنصيص إلى من بعده ؟ وفي هذا من المفاسد ما لا حصر له حيث ستكون الخلافة ولاية جبرية تسوق أمة الإسلام كقطيع الأغنام الذي لا شورى له ولا رأي عنده .


    يتبع

  • #2
    تنبيه آخر :

    مهما أتى الشيعة بكلام ملفق يسوقونه على أنه من الأدلة العقلية لا تخدع إلا السذج من الناس ، ليقولوا : إنه لا يعقل أن يترك الناس كالأغنام بلا خليفة محدد ومنصوص من قبل الله تعالى ومن قبل رسوله ص . . . إلخ .

    نقول : كل هذا الكلام يرد عليكم في ترك الناس منذ قرون بلا خليفة . . أي طوال الغيبة الكبرى لإمام الشيعة المزعوم الذي اختفى في سرداب في " سر من رأى " ولم يظهر إلى الآن ! ! !

    وإذا كان النبي ص نص على إمام بعينه فهل يعقل أن صحابته جميعا يخالفون هذا النص ويجتمعون في السقيفة وبعدها للتشاور في أمر الخلافة ؟ ! إننا ننزه الصحابة عن هذه المخالفة الجلية لأمر النبي ص ، وذلك لأنهم الذين رضي الله عنهم وأرضاهم ووصفهم بالإيمان والإحسان وصفهم بالصدق والإخلاص ، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس ، وجعلهم خير أصحاب الأنبياء ، إننا ننأى بهم عن مخالفة النبي ص ، وهم كانوا – طاعة لله ورسوله – يقتلون آباءهم وإخوانهم وأولادهم على الإسلام ونصرته ، باعوا الدنيا للآخرة ، وباعوا أنفسهم ابتغاء مرضات الله ، فهل يعقل بهؤلاء أن يخالفوا أمر النبي لدنيا قد باعوها بأرواحهم وأنفسهم من قبل ؟ !

    إن كل الدلائل لتدل على أن الإمامة ليست قضية أصولية وليست أصلا من أصول الدين ، بل هي من مصالح الدين ومصالح المسلمين ، وقد جعل الله تعالى الأمة الحق في اختيار من ينوب عنها في إقامة الدين وقضاء مصالح المسلمين وسياسة الدنيا بالدين .

    أما الأصول فهي أمور معلومة بالتواتر نص عليها القرآن في مواضع عديدة لا يكاد يأتي عليها الحصر ، وركز عليها النبي ص تركيزا بينا تمثلت تلك الأصول في :

    -التوحيد وإفراد الله بالعبودية وتحقيق معاني ( لا إله إلا الله )
    -الاتباع وتجريد المتابعة للنبي ص وتحقيق معاني ( محمد رسول الله ) .
    -الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وتلك أركان الإيمان التي لا يصح الإيمان إلا بها .
    -إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ، تلك أركان الإسلام العملية التي ينى عليها دين الإسلام .

    والناظر إلى شرع الإسلام يجده يركز على تلك القضايا الأصولية تركيزا واضحا ، أما الإمامة فلا أكاد أذكر نصوصا صريحة تنص على أنها من أصول الدين ، بل هذا شأن الغلاة الذين يجعلون دينهم هو طاعة الرجال والغلو فيهم ، وحيث غاب الرجال ضاع الدين وتعطلت الدنيا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


    زبدة الكلام أريد نصاً صريحاً على الإمامة (صريحاً)

    وأنتم تعتبرونها من أصول الدين والتي لا تثبت إلا بنص صريح

    والبقية تأتي

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد والعن اعداءهم من الاولين والاخرين

      تعليق


      • #4
        كل الي اقووله

        صلوااااااااااااااااااااااات على محمد وااااااااااااااااااال محمد

        تعليق


        • #5
          اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعدائهم


          اللهم صلي على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ..


          تعليق


          • #6
            الاخ أحب آل البيت

            قلت فى قصك الاول : ((إن المرء ليتعجب أننا في هذا الزمان الذي يتشدق فيه العالم كله شرقه وغربه ، ويتفاخرون بالحريات السياسية والاجتماعية والفكرية التي وصلوا إليها ، والتي تقوم على أصول أهمها " حق الأمة في اختيار من ينوب عنها في الحكم والقيادة " . وفي الوقت نفسه نجد البعض منا يستدلون بالعقل على وجوب التنصيص ، وأي وجه للعقل في الاستدلال على هذا الأمر ، والعقل السليم يحكم بضده ! ! . ))


            نقول : من المعلوم ان ابوبكر نص على استخلاف عمر من بعده و ان عمر اوكل الامر الى ستة نفر و اوصى بانه لابد اين يكون الخليفة من بينهم و انه لو خالف احد الخليفة المنتخب بسبب هذه الشورى يجب قتله

            تفضل يا اخى و قل هل عملهما موافق للعقل او مخالف للعقل و قل هل عملهما موافق للحرية او مخالف لها ؟؟

            و بعد جوابك عن هذا السؤال نناقشك فى ساير ما قصصته و لصقته هنا

            تعليق


            • #7
              أنت َ حاضر بقلوبنا دوماً أخي الصارم

              تعليق


              • #8
                السلام عليكم..
                لماذا ينصب موسى عليه السلام أخاه هاروون بمقام خلافته في قومه عندما ذهب لميقات ربه؟!!!!!

                تعليق


                • #9
                  يبدو أن السيد محسن

                  يعاني مثل باقي الشيعة

                  من مشكلة في الفهم

                  لماذا لا ترد على ما قلت

                  أنتم دائماً هكذا لكي تهربوا

                  من الإجابة تقومون بالسؤال

                  أريد منك جواباً يا سيد

                  ثم أقوم بالرد عليك

                  أو أنك لم تجد جواباً

                  وهذا على ما يبدو لي هو الأقرب

                  صلوا على محمد والآل

                  تعليق


                  • #10
                    يحكى أن رجلاً سئل : هل تعرف القراءة ؟
                    فقال : نعم
                    فقالوا له : تفضل واقرأ هذا الكتاب
                    فحمله بالمقلوب ليقرأ

                    فقالوا له : ماذا تفعل ؟؟
                    قال : لا أعرف القراءة إلا في كتابي !!!!!

                    فهل لدينا مثله هنا ؟؟

                    تعليق


                    • #11
                      نحن الشيييعه لا نعرف الهرب

                      لو سمحت يا اخ احب ال البيت لا تصف الشيعه بهذا الوصف لانها اعتبرها اهانه لنا وانت تأتينا بلادله لا نعرف اصلها اصلا

                      الهم صلي على محمد واااال محمد والعن كل من عداهم

                      تعليق


                      • #12
                        السلام عليكم

                        الاخ احب ال بيت

                        قبل ان نجيب على سؤالك

                        لماذا ابي بكر استخلف عمر بن الخطاب وبعده عثمان بن عفان ,والرسول صلى الله عليه واله وسلم لم يستخلف ابي بكر بحد زعمكم؟

                        والسلام

                        تعليق


                        • #13
                          أنتم هكذا دائماً

                          تردون على السؤال بسؤال

                          جاوب على سؤالي أولاً

                          ثم أرد عليكم

                          لكن على ما يبدو

                          أنه لا أحد يستطيع الرد

                          تعليق


                          • #14
                            السلام عليكم

                            إن بيعة أبي بكر لم تكن بالنص من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما ذهب إليه مشهور أهل السنة وكافة الشيعة، كما أنها لم تكن بالشورى بين المسلمين، ولم تكن بإجماع المسلمين كما سيأتي بيانه، وإنما كانت فلتة كما عبَّر عنها عمر بن الخطاب في حديث السقيفة.

                            وحيث أن مذهب أهل السنة مبتنٍ في أساسه على خلافة أبي بكر، فلا بد أن نبحث هذه المسألة من جوانبها، لنعرف هل هي صحيحة أم غير صحيحة.

                            وهذا ما سيتّضح من خلال البحوث الآتية: ولك هذة المصادر اقراءها بروية حتى تكون مدركا بانها الاجوبة لاسئلتك وشافية.


                            خلافة أبي بكر لم تكن بالنص من النبي (صلى الله عليه وآله)

                            ذهب مشهور أهل السنة إلى أن خلافة أبي بكر لم تكن بنص النبي (صلى الله عليه وآله)، وبذلك صرّح أعلامهم، وشهدت به كتبهم:

                            قال عبد القاهر البغدادي في (الفَرْق بين الفِرَق) في معرض بيانه لعقائد أهل السنة: وقالوا: ليس من النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) نَصّ على إمامة واحد بعينه، على خلاف قول من زعم من الرافضة أنه نَصَّ على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه نصّاً مقطوعاً على صحّته(1).

                            وقال أبو حامد الغزالي: ولم يكن نصَّ رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) على إمام أصلاً، إذ لو كان لكان أولى بالظهور من نصبه آحاد الولاة والأمراء على الجنود في البلاد، ولم يخْفَ ذلك، فكيف خفي هذا؟ وإن ظهر فكيف اندرس حتى لم يُنقَل إلينا؟ فلم يكن أبو بكر إماماً إلا بالاختيار والبيعة(2).

                            وقال الإيجي في المواقف: المقصد الرابع: في الإمام الحق بعد رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم)، وهو عندنا أبو بكر، وعند الشيعة علي (رضي الله عنه). لنا وجهان: الأول: أن طريقه إما النص أو الإجماع. أما النص فلم يوجد لما سيأتي، وأما الإجماع فلم يوجد على غير أبي بكر اتفاقاً(3).

                            وقال النووي: إن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضرته مقدمات الموت وقبل ذلك يجوز له الاستخلاف، ويجوز له تركه، فإن تركه فقد اقتدى بالنبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في هذا، وإلا فقد اقتدى بأبي بكر(4).

                            وقال في شرح الحديث الآتي: وفي هذا الحديث دليل على أن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) لم ينص على خليفة، وهو إجماع أهل السنة وغيرهم(5).

                            وقال ابن كثير: إن رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) لم ينص على الخلافة عيناً لأحد من الناس، لا لأبي بكر كما قد زعمه طائفة من أهل السنّة، ولا لعلي كما يقوله طائفة من الرافضة(5).

                            هذا مضافاً إلى أنهم رووا أحاديث واضحة الدلالة على أن النبي لم يستخلف أبا بكر:

                            منها: ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، والترمذي وأبو داود في سُننهم، وأحمد في المسند وغيرهم عن عبد الله بن عمر قال: قيل لعمر: ألا تستخلف؟ فقال: إن أستخلف فقد استخلف مَن هو خير مني: أبو بكر، وإن أترك فقد ترك مَن هو خير مني: رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم). فأثنوا عليه، فقال: راغب وراهب، وددتُ أني نجوت منها كفافاً، لا لي ولا عليَّ، لا أتحمّلها حيّاً وميّتاً(7).

                            فالنتيجة أن بيعة أبي بكر لم تكن بنص النبي (صلى الله عليه وآله).


                            بيعة أبي بكر لم تكن بالإجماع

                            إذا اتضح أن خلافة أبي بكر لم تكن بالنص، فهل انعقد الإجماع عليها أم لا؟

                            تحرير الكلام في هذه المسألة من جهتين:

                            الجهة الأولى: أن الإجماع هل يصلح أن يكون دليلاً في مسألة الخلافة أم لا؟

                            لا ريب في أن الإجماع لا يصلح أن يكون دليلاً في هذه المسألة، فلا بد لمن يتولى الخلافة من مستند شرعي يصحِّح خلافته، وأما اتفاق الناس عليه فليس بحُجّة، لأن كل واحد من الناس يجوز عليه الخطأ، واحتمال الخطأ لا ينتفي بضم غيره إليه، ولا سيما إذا كان اجتماعهم حاصلاً بأسباب مختلفة: كخوف بعضهم من حصول الفتنة، وكراهة بعض آخر من إبداء الخِلاف، وخوف آخرين من الامتناع عن البيعة، أو ما شاكل ذلك مما سيأتي بيانه، فحينئذ لا يكون هذا مشمولاً لما رووه عن النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم): (لا تجتمع أمتي على ضلالة)، لأن الأمة هنا لم تجتمع على ضلالة، بل جُمِعَت وأُكرهتْ، وهذا لا مانع من حصوله، كما حصل في زمن الأمويين والعباسيين، إذ أكرَهوا الناس على بيعتهم، فحينئذ لا تكون تلك الخلافة شرعية.

                            الجهة الثانية: أن أهل السنة حكموا بأن بيعة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة وقعت صحيحة من أول يوم مع أنها لم تكن عامّة، ولم يتحقق إجماع عليها في أول يوم، وقالوا: إن البيعة العامة حصلت في اليوم التالي. ولو سلّمنا بحصول الإجماع بعد ذلك، فما هو المصحِّح لها قبل تحقق الإجماع؟

                            ثم إن قوماً ـ سيأتي ذِكرهم ـ من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يبايعوا أبا بكر، وامتنعوا عن البيعة، ولم يبايعوا إلا بعد ستة أشهر إن صحَّت عنهم الرواية.

                            قال ابن الأثير في اُسد الغابة: وكانت بيعتهم ـ يعني مَن تخلَّفوا عن بيعة أبي بكر ـ بعد ستة أشهر على القول الصحيح(8).

                            فإذا كانت بيعة أبي بكر صحيحة لأجل الإجماع فالإجماع لم يتحقق، وإن كانت صحيحة لأمر آخر، فلا بد من بيانه لننظر فيه هل هو صحيح أم لا.

                            والذي ذكره بعض علمائهم هو أنهم صحَّحوا خلافة أبي بكر ببيعة أهل الحل والعقد عندهم، لا بالإجماع. ولذلك صدحَت كلماتهم بذلك وبعدم اشتراط تحقق الإجماع في بيعة الخلفاء.

                            قال الإيجي في المواقف: وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة، فاعلم أن ذلك لا يفتقر إلى الإجماع، إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع، بل الواحد والاثنان من أهل الحل والعقد كاف، لعلمنا أن الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان، ولم يشترطوا اجتماع مَن في المدينة فضلاً عن اجتماع الأمة. هذا ولم ينكر عليه أحد، وعليه انطوت الأعصار إلى وقتنا هذا(9).

                            وقال الجويني المعروف بإمام الحرمين: اعلموا أنه لا يشترط في عقد الإمامة الإجماع، بل تنعقد الإمامة وإن لم تُجمِع الأمّة على عقْدها، والدليل عليه أن الإمامة لما عُقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين، ولم يتأنَّ لانتشار الأخبار إلى مَن نأى من الصحابة في الأقطار، ولم يُنكِر مُنكِر. فإذا لم يُشترط الإجماع في عقد الإمامة لم يَثبُت عدد معدود ولا حَدّ محدود، فالوجه الحكم بأن الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحل والعقد(10).

                            وقال الماوردي في الأحكام السلطانية: اختلف العلماء في عدد مَن تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتى، فقالت طائفة: لا تنعقد إلا بجمهور أهل العقد والحل من كل بلد، ليكون الرضا به عامّاً، والتسليم لإمامته إجماعاً، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر على الخلافة باختيار مَن حضرها، ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها(11).

                            الجهة الثالثة: أن الإجماع لم يتم لأحد من هذه الأمة، حتى مَن اتفق أهل السنة والشيعة على صحّة خلافته، كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يبايعه أهل الشام قاطبة، وامتنع جمع من الصحابة عن بيعته، كعبد الله بن عمر وزيد بن أرقم ومحمد بن مسلمة وغيرهم.

                            وأما أبو بكر فقد اعترف الإيجي بعدم انعقاد الإجماع على خلافته كما مرّ، وتخلّف عن بيعته أمير المؤمنين (عليه السلام) وبنو هاشم قاطبة وجمع آخر من الصحابة. وقد نصَّ على ذلك جمع من أعلام أهل السنة في كتبهم ومصنَّفاتهم، وإليك بعض ما ذكروه:

                            1 ـ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): ذكر تخلّفه عن بيعة أبي بكر: البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن عائشة في حديث قالت: وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر...(12).

                            وذَكَر تخلّفه (عليه السلام) أيضاً ابن حجر في فتح الباري، ونقله عن المازري(13). وكذا ذكره ابن الأثير في اُسد الغابة(14)، وفي الكامل في التاريخ(15)، والحلبي في السيرة الحلبية(16)، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة(17)، والطبري في الرياض النضرة(18)، واليعقوبي في تاريخه، وأبو الفداء في المختصر في أخبار البشر(19).

                            2 ـ عامة بني هاشم: ذَكَر تخلّفهم ابن الأثير في اُسد الغابة(20)، وفي الكامل في التاريخ(21).

                            وقال المسعودي في مروج الذهب: ولم يبايعه أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة (رضي الله عنها)(22). وكذا ذكره الحلبي في السيرة الحلبية(23).

                            وذَكَر اليعقوبي في تاريخه من بني هاشم: العباس بن عبد المطلب عم النبي (صلى الله عليه وآله)، والفضل بن العباس(24). وذكر الطبري في الرياض النضرة العباس وبنيه(25).

                            3 ـ سعد بن عبادة الأنصاري زعيم الخزرج: ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في أسد الغابة(26). وقال المسعودي: وخرج سعد بن عبادة ولم يبايع، فصار إلى الشام، فقُتل هناك في سنة خمس عشرة(27). وكذا ذكره ابن قتيبة في الإمامة والسياسة(28)، والطبري في الرياض النضرة(29).

                            4 ـ الزبير بن العوام: ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في أسد الغابة(30)، وفي الكامل في التاريخ(31)، والحلبي في السيرة الحلبية(32)، والطبري في الرياض النضرة(10)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(34).

                            5 ـ خالد بن سعيد بن العاص الأموي: ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في أسد الغابة(35)، والمحب الطبري في الرياض النضرة(36)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(37).

                            6 ـ طلحة بن عبيد الله: ذَكَر تخلّفه ابن الأثير في الكامل في التاريخ(38)، والحلبي في السيرة الحلبية(39)، والطبري في الرياض النضرة(40).

                            7 ـ المقداد بن الأسود: ذَكَر تخلّفه: الحلبي في السيرة الحلبية(41)، واليعقوبي في تاريخه(42)، والطبري في الرياض النضرة(43)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(44).

                            8 ـ سلمان الفارسي: ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه(45)، والطبري في الرياض النضرة(46)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(47).

                            9 ـ أبو ذر الغفاري: ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه(48)، والطبري في الرياض النضرة(49)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(50).

                            10 ـ عمار بن ياسر: ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه(51)، والطبري في الرياض النضرة(52)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(53).

                            11 ـ البراء بن عازب: ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه(54)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(55).

                            12 ـ أُبَي بن كعب: ذَكَر تخلّفه اليعقوبي في تاريخه(56)، واليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(57).

                            13 ـ عتبة بن أبي لهب: ذَكَر تخلّفه أبو الفداء في تاريخه، وقال: إنه قال:

                            ما كنتُ أحسبُ أن الأمرَ منصرفٌ عن هاشمٍ ثم منهم عن أبي حـسـَنِ

                            عن أولِ الناسِ إيماناً وسابقـــةٌ وأعلمِ الناسِ بالقـرآنِ والسُّنَـــنِ

                            وآخرِ الناسِ عهــداً بالنبيِّ ومَنْ جبريلُ عونٌ له فـي الغُسْلِ والكفـَنِ

                            مَن فيه ما فيهمُ لا يمتــرون بهِ وليس في القومِ ما فيه من الحسَـنِ(58)

                            14 ـ أبو سفيان: ذكر تخلّفه اليعقوبي وأبو الفداء في تاريخيهما(59).

                            وفي ذِكر هؤلاء القوم كفاية في الدلالة على عدم تحقق إجماع الصحابة على بيعة أبي بكر.


                            بيعة أبي بكر كانت فلتة

                            أخرج البخاري في صحيحه، وأحمد في مسنده، والحميدي والموصلي في الجمع بين الصحيحين وابن أبي شيبة في المصنف وغيرهم عن ابن عباس في حديث طويل أسموه بحديث السقيفة، قال فيه عمر: إنما كانت بيعة أبي بكر فَلْتَة وتمَّت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرَّها... مَن بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايَع هو ولا الذي بايعَه تغرَّة أن يُقتَلا(60).

                            وفي رواية أخرى: ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، وقى الله المؤمنين شرَّها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه.

                            يتبع-----------------

                            تعليق


                            • #15
                              ما قبله-------


                              وذكر هذا الحديث من علماء أهل السنة: السيوطي في تاريخ الخلفاء، وابن كثير في البداية والنهاية، وابن هشام في السيرة النبوية، وابن الأثير في الكامل، والطبري في الرياض النضرة، والدهلوي في مختصر التحفة الاثنى عشرية، وغيرهم(61).


                              تأملات في الحديث:

                              قول عمر: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة.

                              قال ابن منظور في لسان العرب: يقال: كان ذلك الأمر فلتة، أي فجأة إذا لم يكن عن تدبّر ولا تروّ، والفلتة: الأمر يقع من غير إحكام(62).

                              وقال ابن الأثير في تفسير ذلك: أراد بالفلتة الفجأة... والفلتة كل شيء فُعل من غير روية(63).

                              وقال المحب الطبري: الفلتة: ما وقع عاجلاً من غير تروٍّ ولا تدبير في الأمر ولا احتيال فيه، وكذلك كانت بيعة أبي بكر، كأنهم استعجلوا خوف الفتنة، وإنما قال عمر ذلك لأن مثلها من الوقائع العظيمة التي ينبغي للعقلاء التروي في عقدها لعظم المتعلق بها، فلا تبرم فلتة من غير اجتماع أهل العقد والحل من كل قاصٍ ودانٍ، لتطيب الأنفس، ولا تَحمل من لم يُدْعَ إليها نفسُه على المخالفة والمنازعة وإرادة الفتنة، ولا سيما أشراف الناس وسادات العرب، فلما وقعت بيعة أبي بكر على خلاف ذلك قال عمر ما قال. ثم إن الله وقى شرَّها، فإن المعهود في وقوع مثلها في الوجود كثرة الفتن، ووقوع العداوة والإحن، فلذلك قال عمر: وقى الله شرَّها(64).

                              أقول: إذا كانت بيعة أبي بكر فلتة، قد وقعت بلا تدبير ولا تروّ، ومن غير مشورة أهل الحل والعقد، فهذا يدل على أنها لم تكن بنص من النبي (صلى الله عليه وآله)، لا نص صريح كما ادّعاه بعض علماء أهل السنة، ولا نص خفي وإشارة مُفهِمة كما ادّعاه بعض آخر، لأن بيعته لو كانت مأموراً بها تصريحاً أو تلميحاً من النبي (صلى الله عليه وآله) لَكانت بتدبير، ولَما كان للتروي ومشاورة الناس فيها مجال بعد أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بها.

                              ثم إن وصف هذه البيعة بالفلتة مشعر بأن أبا بكر لم يكن أفضل صحابة النبي (صلى الله عليه وآله)، وأنَّ كل ما رووه بعد ذلك في أفضليته على سائر الصحابة إنما اختُلق لتصحيح خلافته وخلافة مَن جاء بعده، ولصرف النظر عن أحقيَّة غيره، وإلا لو كانت أفضليّته معلومة عند الناس بالأحاديث الكثيرة التي رووها في ذلك، لَما كان صحيحاً أن تُوصف بيعة أفضل الناس بعد النبي (صلى الله عليه وآله) بأنها وقعت بلا تروّ وتدبير، لأن التروي والتدبير إنما يُطلَبان للوصول إلى

                              بيعة الأفضل لا لأمر آخر، فإذا تحققت هذه البيعة فلا موضوعية للتروي أصلاً.

                              وقول عمر: (إلا أن الله وقى شرّها) يدل على أن تلك البيعة فيها شرّ، وأنه من غير البعيد أن تقع بسببها فتنة، إلا أن الله سبحانه وقى المسلمين شرَّها.

                              والشرّ الذي وقى الله هذه الأمة منه هو الاختلاف والنزاع، وإن كان قد وقع النزاع والشجار في سقيفة بني ساعدة، وخالف أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحاب فامتنعوا عن البيعة كما مرَّ البيان، لكن هذا الخلاف لم يُشهر فيه سيف، ولم يُسفك فيه دم.

                              إلا أن فتنة الخلاف في الخلافة باقية إلى اليوم، وما افتراق المسلمين إلى شيعة وسُنّة إلا بسبب ذلك.

                              ومَن يتتبَّع حوادث الصدر الأول يجد أن الظروف التاريخية ساعدت أبا بكر وعمر على تولّي الأمر واستتبابه لهما، مع عدم أولويتهما بالأمر واستحقاقهما له، وذلك يتَّضح بأمور:

                              1 ـ إن انشغال أمير المؤمنين (عليه السلام) وبني هاشم بتجهيز النبي (صلى الله عليه وآله) حال دون ذهابه إلى السقيفة، واحتجاجه على القوم بما هو حقّه. كما أن غفلة عامة المهاجرين وباقي الأنصار عما تمالأ عليه القوم في السقيفة، وحضور أبي بكر وعمر وأبي عبيدة دون غيرهم من المهاجرين، جَعَل الحجّة لهم على الأنصار، إذ احتجوا عليهم بقول النبي (صلى الله عليه وآله): الأئمة من قريش.

                              ولأنه لم يكن من قريش في السقيفة غيرهم، فالخلافة لا بد حينئذ من أن تنحصر فيهم، لأن القوم كانوا عقدوا العزم على اختيار خليفة من بين مَن حضروا في السقيفة، لا يثنيهم عن ذلك شيء.

                              وقد سارع في تحقّق البيعة لأبي بكر ما كان بين الأوس والخزرج من المشاحنات المعروفة، وما كان بين الخزرج أنفسهم من الحسد، ولذلك بادر بشير بن سعد(65) فبايع أبا بكر.

                              فقال له الحباب بن المنذر(66): يا بشير بن سعد، عقَقْتَ عقاق، ما أحوجك إلى ما صنعت؟ أنفستَ على ابن عمك الإمارة؟(67).

                              قال الطبري في تاريخه، وابن الأثير في الكامل: ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد، وما تدعو إليه قريش، وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة، قال بعضهم لبعض، وفيهم أسيد بن حضير، وكان أحد النقباء: والله لئن وَلِيَتْها الخزرج عليكم مرة، لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة، ولا جعلوا لكم معهم نصيباً، فقوموا فبايعوا أبا بكر. فقاموا إليه فبايعوه، فانكسر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم(68).

                              فكان نظر أبي بكر وعمر أن الخلافة لا يصح أن تكون إلا في قريش، وكان لا بد من الإسراع في بيعة رجل من قريش لئلا تُجعل في غيرهم.

                              قال المحب الطبري: وخشي ـ يعني أبا بكر ـ أن يخرج الأمر عن قريش، فلا تدين العرب لمن يقوم به من غير قريش، فيتطرق الفساد إلى أمر هذه الأمة، ولم يحضر معه في السقيفة من قريش غير عمر وأبي عبيدة، فلذلك دّلَّ عليهما، ولم يمكنه ذِكر غيرهما ممن كان غائباً خشية أن يتفرّقوا عن ذلك المجلس من غير إبرام أمر ولا إحكامه، فيفوت المقصود، ولو وَعَدوا بالطاعة لمن غاب منهم حينئذ ما أَمِنَهم على تسويل أنفسهم إلى الرجوع عن ذلك(69).

                              ولأجل هذا المعنى اعتذر عمر بن الخطاب نفسه في حديث السقيفة عن مسارعتهم في بيعة أبي بكر، وعدم تريّثهم لمشاورة باقي المسلمين، فقال:

                              وإنَّا والله ما وجَدْنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن فارقْنا القوم ولم تكن بيعة، أن يُبايِعوا رجلاً منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لا نرضى، وإما نخالفهم فيكون فساد.

                              وأشار أبو بكر إلى ذلك في خطبته في المسجد بعد ذلك، معتذراً للناس عن قبوله البيعة لنفسه، فقال:

                              والله ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلة قط، ولا كنت راغباً فيها، ولا سألتها الله في سِرّ ولا علانية، ولكن أشفقت من الفتنة(70).

                              وأخرج أحمد في المسند أن أبا بكر قال: فبايَعوني لذلك، وقبلتُها منهم، وتخوَّفتُ أن تكون فتنة تكون بعدها رِدَّة(71).

                              2 ـ إن ما أُصيب به الإسلام والمسلمون من المصيبة العظمى والداهية الكبرى بفقد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وما تبعه من حوادث، جعل كثيراً من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله) يتجنَّبون الخِلاف والنزاع. فبعد أن علموا أن البيعة تمَّت لأبي بكر في السقيفة، رأوا أنهم إما أن يرضوا بما وقع، وفيه ما فيه، أو يُظهروا الخلاف فيكون الأمر أسوأ والحالة أشد، والمسلمون أحوج ما يكونون إلى نبذ الفرقة ولم الشمل، فبايعوا أبا بكر، وكانت بيعتهم من باب دفع الأفسد في نظرهم بالفاسد.

                              وكان كثير من الصحابة يتجنّبون الخلاف حتى مع علمهم بالخطأ، ويرون فعل الخطأ مع الوفاق، أولى من فعل الحق مع الخلاف.

                              ومن ذلك ما أخرجه أبو داود في السنن عن عبد الرحمن بن يزيد قال: صلّى عثمان بمنى أربعاً، فقال عبد الله: صليت مع النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين. زاد عن حفص: ومع عثمان صدراً من إمارته، ثم أتمَّها... ثم تفرَّقت بكم الطرُق، فلَوددتُ أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبَّلتين... فقيل له: عِبْتَ على عثمان ثم صلَّيتَ أربعاً؟ قال: الخلاف شر(72).

                              ورواه أحمد في المسند عن أبي ذر(73). ورواه البيهقي في السنن الكبرى عن ابن مسعود، وفيه أنه قال: ولكن عثمان كان إماماً، فما أخالفه، والخلاف شر(74).

                              وكان ابن عمر إذا صلّى مع الإمام صلّى أربعاً، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين(75).

                              3 ـ أن عمر بن الخطاب كان يعضِّد أبا بكر ويقوّيه، وعمر معروف بالشدة والغلظة، فلذلك خاف قوم من مخالفة أبي بكر وعمر في هذا الأمر، وأُجبر قوم آخرون على البيعة(76)، فاستتبَّ الأمر بذلك لأبي بكر.

                              فإذا كانوا قد كشفوا بيت فاطمة لأخذ البيعة من أمير المؤمنين (عليه السلام)(77)، ولم يراعوا لبيت فاطمة الزهراء (عليه السلام) حرمة، فعدم مراعاة غيرها من طريق أولى، وإن قهْرهم لعلي (عليه السلام) لأخذ البيعة منه(78)، مع ما هو معلوم من شجاعته وقربه من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يجعل غيره لا يمتنع عن البيعة.

                              ومن شدة عمر في هذا الأمر أنه كان من الذين نَزَوا على سعد بن عبادة يوم السقيفة وكادوا يقتلونه، وقد ذكر ذلك عمر في حديث السقيفة، فقال:

                              وهو كثير في كتب التاريخ يجده المتتبع ونزَوْنا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعد بن عبادة.

                              وهو الذي ضرب يد الحباب بن المنذر يوم السقيفة فندر السيف منها.

                              قال الطبري في تاريخه: لما قام الحباب بن المنذر، انتضى سيفه وقال: أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب... فحامله عمر، فضرب يده، فندر السيف فأخذه، ثم وثب على سعد ووثبوا على سعد(79).

                              يتبع-------------------

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X