ان أي مسلم حرّ ومنصف سوف يعلم عندما يقرأ كتب التاريخ ويمحّص الحق من الباطل بأن أبا بكر هو أول من ظلم أهل البيت، وكيفيه قراءة صحيح البخاري ومسلم فقط لتنكشف له الحقيقة إذا كان من الباحثين حقّاً.
فها هو البخاري وكذلك مسلم يعترفان عفواً بأنّ أبا بكر يصدّق أي واحد من الصّحابة العادّيين في ادّعائه، ويكذّب فاطمة الزهراء سيّدة نساء أهل الجنّة ومن شهد لها الله بإذهاب الرّجس والطّهارة وكذلك يكذّب علياً وأم أيمن! فاقرأ الآن ما يقوله البخاري ومسلم.
أخرج البخاري في صحيحه من الجزء الثالث من كتاب الشّهادات باب من أمر بإنجاز الوعد.
ومسلم في صحيحه من كتاب الفضائل باب ما سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً قط فقال لا، وكثرة عطائه.
«عن جابر بن عبد الله قال: لمّا مات النبيّ (صلى الله عليه وآله) جاء أبا بكر مالٌ من قبل العلاء بن الحضرميّ فقال أبو بكر: من كان له على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) دينٌ أو كانت له قِبله عدة فليأتنا، قال جابر فقلت: وعدني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا، فبسط يديه ثلاث مرّات قال جابر، فعدّ في يديّ خمسمائة ثم خمسمائة ثم خمسمئائة.
فهل من سائل لأبي بكر يسأله لماذا صدّق جابر بن عبد الله في ادّعائه بأنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) وعده أن يعطيه هكذا وهكذا وهكذا، فيملأ أبو بكر يديه ثلاثة مرّات بما قدره ألف وخمسمائة بدون أن يطلب منه شاهد واحد على ادّعائه؟ وهل كان جابر بن عبد الله أتقى لله وأبرّ من فاطمة سيّدة نساء العالمين؟ والأغرب من كل ذلك هو ردّ شهادة زوجها علي بن أبي طالب الذي أذهب الله عنه الرّجس وطهّره تطهيراً وجعل الصّلاة عليه فرضٌ على كل المسلمين كما يُصلّى على النّبي (صلى الله عليه وآله) والذي جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حبّه إيمان وبغضه نفاق(14).
أضف إلى ذلك بأن البخاري نفسه أخرج حادثة أخرى تعطينا صورة حقيقية عن ظلم الزهراء وأهل البيت.
فقد أخرج البخاري في صحيحه في باب لا يحلّ لأحد أن يرجع في هبته وصدقته من كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، قال: أنّ بني صهيب مولى ابن جذعان ادّعوا بيتين وحُجرة وأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى ذلك صهيباً، فقال مروان: من يشهد لكُما على ذلك قالوا: ابن عُمر! فدعاه فشهد لأعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) صهيباً بيتين وحجرة، فقضى مروان بشهادته لهم (15).
أنظر أيها المسلم إلى هذه التصرّفات والأحكام التي تنطبق على البعض دون البعض الآخر، أليس هذا من الظلم والحيف، وإذا كان خليفة المسلمين يحكم لفائدة المدّعين لمجرّد شهادة ابن عمر فهل لمسلم أن يتساءل لماذا ردّت شهادة علي بن ابي طالب وشهادة أم أيمن معه؟ والحال أن الرجل والمرأة أقوى في الشهادة من الرجل وحده، إذا ما أردنا بلوغ النّصاب الذي طلبه القرآن. أم أنّ أبناء صهيب أصدق في دعواهم من بنت المصطفى (عليها السّلام)؟ وأنّ عبد الله بن عمر موثوق عند الحكّام بينما علي غير موثوق عندهم؟! وأمّا دعوى أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) لا يورّث، وهو الحديث الذي جاء به أبو بكر، وكذّبته فاطمة الزّهراء وعارضته بكتاب الله، وهي الحجة التي لا تدحض أبداً فقد صحّ عنه (صلّى الله عليه وآله) قوله: «إذا جاءكم حديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله فاعملوا به وإن خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار».
ولا شكّ أنّ هذا الحديث تعارضه الآيات العديدة من القرآن الكريم فهل من سائل يسأل أبا بكر ويسأل المسلمين كافة، لماذا تُقبل شهادة أبي بكر وحده في رواية هذا الحديث الذي يُناقض النقل والعقل ويعارض كتاب الله. ولا تقبل شهادة فاطمة وعلي التي توافق النقل والعقل ولا تتعارض مع القرآن.
أضف إلى ذلك بأنّ أبا بكر مهما علتْ مرتبتُه ومهما انتحل له مؤيدوه والمدافعون عنه من فضائل. فإنّه لا يبلغ مكانة الزّهراء سيدة نساء العالمين ولا مرتبة علي بن أبي طالب الذي فضّله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على كلّ الصّحابة في المواطن كلّها، أذكر منها على سبيل المثال يوم إعطاء الرّاية عندما أقرّ له النّبي (صلى الله عليه وآله) بأنّه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله وتطاول لها الصّحابة كلّ يرجى أن يعطاها فلم يدفعها إلاّ إليه (16). وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) «إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو ليٌّ كل مؤمن بعدي» (17).
ومهما شكّك المتعصّبون والنّواصب في صحة هذه الأحاديث، فلن يشكّكوا في أنّ الصّلاة على علي وفاطمة هي جزء من الصّلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) فلا تقبل صلاة أبي بكر وعمر وعثمان والمبشّرين بالجنّة وكل الصّحابة ومعهم كل المسلمين إذا لم يُصلّوا على محمد وآله محمد الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم كما جاء ذلك في صحاح أهل السنّة من البخاري ومسلم (18) وبقية الصّحاح حتّى قال الإمام الشافعي في حقّهم «من لم يصلّ عليكم لا صلاة له».
فإذا كان هؤلاء يجوز عليهم الكذب والادعاء بالباطل فعلى الإسلام السّلام وعلى الدنيا العفا. أمّا إذا سألت لماذا تقبل شهادة أبي بكر وترد شهادة أهل البيت؟ فالجواب: لأنه هو الحاكم وللحاكم أن يحكم بما يشاء والحقّ معه في كل الحالات، فدعوى القويّ كدعوى السّباع من النّاب والظّفر برهانها.
وليتبين لك أيها القارئ الكريم صدق القول فتعال معي لتقرأ ما أخرجه البخاري في صحيحه من تناقض بخصوص ورثة النّبي الذي قال حسبما رواه أبو بكر: «نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» والذي يصدّقه أهل السنّة جميعاً ويستدلّون به على عدم استجابة أبي بكر لطلب فاطمة الزّهراء.
وممّا يدلك على بطلان هذا الحديث وأنه غير معروف، أن فاطمة (عليها السلام) طالبت بإرثها وكذلك فعل أزواج النّبي أمّهات المؤمنين فقد بعثن لأبي بكر يطالبنه بميراثهن (19). فهذا ما أخرجه البخاري وما يستدلّ به على عدم توريث الأنبياء. ولكنّ البخاري ناقض نفسه واثبت بأن عمر بن الخطاب قسّم ميراث النّبي على زوجاته. فقد أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الوكالة من باب المزارعة بالشطر ونحوه. عن نافع أن عبد الله بن عمر عنهما أخبره عن النّبي (صلى الله عليه وآله) عامل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فكان يعطي أزواجه مائة وسق ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير، فقسم عمر خيبر فخيّر أزواج النّبي (صلى الله عليه وآله) أن يقطع لهنّ من الماء والأرض، أو يمضي لهنّ، فمنهنّ من اختار الأرض ومنهنّ من اختار الوسق وكانت عائشة قد اختارت الأرض» (20).
وهذه الرواية تدلّ بوضوح بأنّ خيبر التي طالبت الزهراء بنصيبها منها كميراث لها من أبيها وردّ أبو بكر دعوتها بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لا يورّث، وهذه الرواية تدلّ أيضاً بوضوح بأنّ عمر بن الخطّاب قسّم خيبر في أيّام خلافته على أزواج النّبي (صلى الله عليه وآله) وخيّرهن بين امتلاك الأرض أو الوسق وكانت عائشة ممن اختار الأرض ـ فإذا كان النّبي (صلى الله عليه وآله) لا يورّث، فلماذا ترث عائشة الزوجة. ولا ترث فاطمة البنت؟!
أفتونا في ذلك يا أولى الأبصار ولكم الأجر والثواب. أضف إلى ذلك أنّ عائشة ابنة أبي بكر استولت على بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأكلمه ولم تحظ أي زوجة أخرى بما حظيت به عائشة، وهي التي دفنت أباها في ذلك البيت ودفنت عمر إلى جانب أبيها ومنعت الحسين أن يدفن أخاه الحسن بجانب جدّه ممّا حدى بابن عبّاس أن يقول فيها: تجمّلت تبغّلت ولو عشت تفيّلت. لك التسع من الثمن وفي الكلّ تصرّفت وعلى كل حال فأنا لا أريد الإطالة في هذا الموضوع فإنّه لا بدّ للباحثين من مراجعة التاريخ ولكن لا بأس بذكر مقطع من الخطبة التي ألقتها فاطمة الزهراء عليها السّلام بمحضر أبي بكر وجلّ الصّحابة لهلك من هلك منهم عن بيّنة وينجو من نجا منهم عن بيّنة. قالت لهم:
«أعلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول «وورث سليمان داود» ، وقال فيما اقتصّ من خبر زكريّا «فهب لي من لدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربّ رضيّاً» وقال: «وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله» وقال: «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين» وقال: «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيراً، الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقّاً على المتّقين» أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي. أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان فدونكما مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون
فها هو البخاري وكذلك مسلم يعترفان عفواً بأنّ أبا بكر يصدّق أي واحد من الصّحابة العادّيين في ادّعائه، ويكذّب فاطمة الزهراء سيّدة نساء أهل الجنّة ومن شهد لها الله بإذهاب الرّجس والطّهارة وكذلك يكذّب علياً وأم أيمن! فاقرأ الآن ما يقوله البخاري ومسلم.
أخرج البخاري في صحيحه من الجزء الثالث من كتاب الشّهادات باب من أمر بإنجاز الوعد.
ومسلم في صحيحه من كتاب الفضائل باب ما سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً قط فقال لا، وكثرة عطائه.
«عن جابر بن عبد الله قال: لمّا مات النبيّ (صلى الله عليه وآله) جاء أبا بكر مالٌ من قبل العلاء بن الحضرميّ فقال أبو بكر: من كان له على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) دينٌ أو كانت له قِبله عدة فليأتنا، قال جابر فقلت: وعدني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا، فبسط يديه ثلاث مرّات قال جابر، فعدّ في يديّ خمسمائة ثم خمسمائة ثم خمسمئائة.
فهل من سائل لأبي بكر يسأله لماذا صدّق جابر بن عبد الله في ادّعائه بأنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) وعده أن يعطيه هكذا وهكذا وهكذا، فيملأ أبو بكر يديه ثلاثة مرّات بما قدره ألف وخمسمائة بدون أن يطلب منه شاهد واحد على ادّعائه؟ وهل كان جابر بن عبد الله أتقى لله وأبرّ من فاطمة سيّدة نساء العالمين؟ والأغرب من كل ذلك هو ردّ شهادة زوجها علي بن أبي طالب الذي أذهب الله عنه الرّجس وطهّره تطهيراً وجعل الصّلاة عليه فرضٌ على كل المسلمين كما يُصلّى على النّبي (صلى الله عليه وآله) والذي جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حبّه إيمان وبغضه نفاق(14).
أضف إلى ذلك بأن البخاري نفسه أخرج حادثة أخرى تعطينا صورة حقيقية عن ظلم الزهراء وأهل البيت.
فقد أخرج البخاري في صحيحه في باب لا يحلّ لأحد أن يرجع في هبته وصدقته من كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، قال: أنّ بني صهيب مولى ابن جذعان ادّعوا بيتين وحُجرة وأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى ذلك صهيباً، فقال مروان: من يشهد لكُما على ذلك قالوا: ابن عُمر! فدعاه فشهد لأعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) صهيباً بيتين وحجرة، فقضى مروان بشهادته لهم (15).
أنظر أيها المسلم إلى هذه التصرّفات والأحكام التي تنطبق على البعض دون البعض الآخر، أليس هذا من الظلم والحيف، وإذا كان خليفة المسلمين يحكم لفائدة المدّعين لمجرّد شهادة ابن عمر فهل لمسلم أن يتساءل لماذا ردّت شهادة علي بن ابي طالب وشهادة أم أيمن معه؟ والحال أن الرجل والمرأة أقوى في الشهادة من الرجل وحده، إذا ما أردنا بلوغ النّصاب الذي طلبه القرآن. أم أنّ أبناء صهيب أصدق في دعواهم من بنت المصطفى (عليها السّلام)؟ وأنّ عبد الله بن عمر موثوق عند الحكّام بينما علي غير موثوق عندهم؟! وأمّا دعوى أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) لا يورّث، وهو الحديث الذي جاء به أبو بكر، وكذّبته فاطمة الزّهراء وعارضته بكتاب الله، وهي الحجة التي لا تدحض أبداً فقد صحّ عنه (صلّى الله عليه وآله) قوله: «إذا جاءكم حديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله فإن وافق كتاب الله فاعملوا به وإن خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار».
ولا شكّ أنّ هذا الحديث تعارضه الآيات العديدة من القرآن الكريم فهل من سائل يسأل أبا بكر ويسأل المسلمين كافة، لماذا تُقبل شهادة أبي بكر وحده في رواية هذا الحديث الذي يُناقض النقل والعقل ويعارض كتاب الله. ولا تقبل شهادة فاطمة وعلي التي توافق النقل والعقل ولا تتعارض مع القرآن.
أضف إلى ذلك بأنّ أبا بكر مهما علتْ مرتبتُه ومهما انتحل له مؤيدوه والمدافعون عنه من فضائل. فإنّه لا يبلغ مكانة الزّهراء سيدة نساء العالمين ولا مرتبة علي بن أبي طالب الذي فضّله رسول الله (صلى الله عليه وآله) على كلّ الصّحابة في المواطن كلّها، أذكر منها على سبيل المثال يوم إعطاء الرّاية عندما أقرّ له النّبي (صلى الله عليه وآله) بأنّه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله وتطاول لها الصّحابة كلّ يرجى أن يعطاها فلم يدفعها إلاّ إليه (16). وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) «إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو ليٌّ كل مؤمن بعدي» (17).
ومهما شكّك المتعصّبون والنّواصب في صحة هذه الأحاديث، فلن يشكّكوا في أنّ الصّلاة على علي وفاطمة هي جزء من الصّلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) فلا تقبل صلاة أبي بكر وعمر وعثمان والمبشّرين بالجنّة وكل الصّحابة ومعهم كل المسلمين إذا لم يُصلّوا على محمد وآله محمد الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم كما جاء ذلك في صحاح أهل السنّة من البخاري ومسلم (18) وبقية الصّحاح حتّى قال الإمام الشافعي في حقّهم «من لم يصلّ عليكم لا صلاة له».
فإذا كان هؤلاء يجوز عليهم الكذب والادعاء بالباطل فعلى الإسلام السّلام وعلى الدنيا العفا. أمّا إذا سألت لماذا تقبل شهادة أبي بكر وترد شهادة أهل البيت؟ فالجواب: لأنه هو الحاكم وللحاكم أن يحكم بما يشاء والحقّ معه في كل الحالات، فدعوى القويّ كدعوى السّباع من النّاب والظّفر برهانها.
وليتبين لك أيها القارئ الكريم صدق القول فتعال معي لتقرأ ما أخرجه البخاري في صحيحه من تناقض بخصوص ورثة النّبي الذي قال حسبما رواه أبو بكر: «نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» والذي يصدّقه أهل السنّة جميعاً ويستدلّون به على عدم استجابة أبي بكر لطلب فاطمة الزّهراء.
وممّا يدلك على بطلان هذا الحديث وأنه غير معروف، أن فاطمة (عليها السلام) طالبت بإرثها وكذلك فعل أزواج النّبي أمّهات المؤمنين فقد بعثن لأبي بكر يطالبنه بميراثهن (19). فهذا ما أخرجه البخاري وما يستدلّ به على عدم توريث الأنبياء. ولكنّ البخاري ناقض نفسه واثبت بأن عمر بن الخطاب قسّم ميراث النّبي على زوجاته. فقد أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الوكالة من باب المزارعة بالشطر ونحوه. عن نافع أن عبد الله بن عمر عنهما أخبره عن النّبي (صلى الله عليه وآله) عامل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، فكان يعطي أزواجه مائة وسق ثمانون وسق تمر وعشرون وسق شعير، فقسم عمر خيبر فخيّر أزواج النّبي (صلى الله عليه وآله) أن يقطع لهنّ من الماء والأرض، أو يمضي لهنّ، فمنهنّ من اختار الأرض ومنهنّ من اختار الوسق وكانت عائشة قد اختارت الأرض» (20).
وهذه الرواية تدلّ بوضوح بأنّ خيبر التي طالبت الزهراء بنصيبها منها كميراث لها من أبيها وردّ أبو بكر دعوتها بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لا يورّث، وهذه الرواية تدلّ أيضاً بوضوح بأنّ عمر بن الخطّاب قسّم خيبر في أيّام خلافته على أزواج النّبي (صلى الله عليه وآله) وخيّرهن بين امتلاك الأرض أو الوسق وكانت عائشة ممن اختار الأرض ـ فإذا كان النّبي (صلى الله عليه وآله) لا يورّث، فلماذا ترث عائشة الزوجة. ولا ترث فاطمة البنت؟!
أفتونا في ذلك يا أولى الأبصار ولكم الأجر والثواب. أضف إلى ذلك أنّ عائشة ابنة أبي بكر استولت على بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأكلمه ولم تحظ أي زوجة أخرى بما حظيت به عائشة، وهي التي دفنت أباها في ذلك البيت ودفنت عمر إلى جانب أبيها ومنعت الحسين أن يدفن أخاه الحسن بجانب جدّه ممّا حدى بابن عبّاس أن يقول فيها: تجمّلت تبغّلت ولو عشت تفيّلت. لك التسع من الثمن وفي الكلّ تصرّفت وعلى كل حال فأنا لا أريد الإطالة في هذا الموضوع فإنّه لا بدّ للباحثين من مراجعة التاريخ ولكن لا بأس بذكر مقطع من الخطبة التي ألقتها فاطمة الزهراء عليها السّلام بمحضر أبي بكر وجلّ الصّحابة لهلك من هلك منهم عن بيّنة وينجو من نجا منهم عن بيّنة. قالت لهم:
«أعلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول «وورث سليمان داود» ، وقال فيما اقتصّ من خبر زكريّا «فهب لي من لدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربّ رضيّاً» وقال: «وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله» وقال: «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين» وقال: «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيراً، الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقّاً على المتّقين» أفخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي. أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان فدونكما مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون