علي أوحيدة من بروكسل: يتجه حلف شمال الأطلسي وللمرة الأولى منذ قيامه منتصف القرن الماضي الى إقامة علاقات هيكلية ومتينة واضحة مع دول مجلس التعاون الخليجي الست. ويأتي هذا التطور الحاسم في العلاقات بين المجالين الأطلسي والخليجي ضمن أفق إعادة صياغة التوازنات الإقليمية والدولية و التوجه بشكل رئيسي الى معاينة الطرفين لإستراتيجية تعاملهما مع المستجدات المسجلة على ملف إدارة أزمة الإرهاب من جهة والوضع الجيوساسي المترتب عن ما يجري في العراق.
وكشفت مصادر ديبلوماسية في بروكسل ان الاتصالات بين الطرفين الأطلسي والخليجي وصلت الى مرحلة متقدمة وان الأمين العام للناتو ياب ديهوب سخفير الذي وضع الانفتاح الأطلسي على المنطقة العربية بشكل عام ومنطقتي الخليج والشرق الأوسط بشكل خاص من ضمن اهتماماته الرئيسة يتابع هذا الملف عن كثب. وأجرى الأمين العام للحلف في سابقة تاريخية فعلية الأسبوع الماضي محادثات في مقر الحلف في بروكسل وصفت بالهامة والحاسمة مع مساعد وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير تركي محمد سعود الكبير هو ما اعتبره المسؤولون الأطلسيون ضوءا أخضر من الرياض لاتمام مختلف جوانب التعاون الأطلسي الخليجي المعلن.

ويحضر ديهوب سخيفير شخصيا وكنتيجة طبيعية لهذا التطور اجتماعا خاصا سيجري في العاصمة القطرية الدوحة قبل نهاية العام الجاري وسيكرس لوضع الإطار الإداري والتنظيمي للعلاقات بين الطرفين ضمن ما يعرف بمبادرة اسطنبول الأطلسية. و أطلق الحلف هذه المبادرة خلال قمة اسطنبول لحزيران (يونيو) من عام 2004 وهي عبارة عن آلية عمل تجمع الناتو بدول المنطقة وتركز على عناصر محددة للتعاون بين الطرفين في مجال إدارة الأزمات واحتواء العنف السياسي ودعم الاستقرار الإقليمي.

ويقول الناتو ان المبادرة استهدفت في الواقع السماح لدول مجلس التعاون الخليجي بالعثور على إطار مؤسساتي وعملي متين بينها وبينه في المستقبل على غرار ما أقامه الحلف مع دول ما يعرف بالمبادرة المتوسطة والتي تضم دول شمال إفريقيا والأردن وإسرائيل وتتجه السلطة الفلسطينية للحاق بها. ومع تزكيه المملكة العربية السعودية للمبادرة الخليجية بعد دولة الإمارات وقطر والكويت والبحرين فان سلطنة عمان تظل آخر دولة خليجية يرتقب ان يشملها التحرك المعلن قريبا .

وتقول مصدر الناتو في بروكسل ان دول الخليج العربي طالبت بإيضاحات محددة حول مختلف جوانب المبادرة الأطلسية خلال ندوة عقدت نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي في دبي وهي ندوة نظمها مركز الخليج للدراسات و إدارة الشؤون الديبلوماسية العامة للناتو. ويرى الحلف أن عليه ان يقوم بحملة إعلامية ناجحة لكسب الرأي العام الخليجي في الفترة المقبلة وان التركيز يجب ان يتم على شرح البنود الاثني عشرة الواردة في المبادرة الأطلسية التي تتضمن مكافحة الإرهاب و أمن الحدود والوقاية من الكوارث والتخطيط المدني للإنقاذ والتأهيل والتدريب وتبادل المعلومات والتعامل مع المجتمع المدني والحفاظ على المصالح المشتركة..

ويرى المحللون الأوروبيون ان التعاون الأطلسي الخليجي قد يخلق معادلة أمنية وجيوسياسية جديدة في المنطقة على ضوء الشكوك المخيمة على الموقف في العراق حيث يتواجد الحلف ولكن بشكل متواضع ومحدود وعلى ضوء أيضا المضاربات المصاحبة لاداء إيران الإقليمي بوجه خاص سواء بالنسبة لما يجري في العراق او بالنسبة لإشكالية التعامل مع ملف طهران النووي....

ايلاف ...