ترجمة الإمام أبي عبدالله الحسين صلوات الله عليه
من كتاب
تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني - كاملة ج1/527 - 534 رقم [1576]
http://www.alwaraq.com/index2.htm?i=263&page=297
(ع) الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله المدني سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته من الدنيا واحد سيدي شباب أهل الجنة.
روى عن: جده وأبيه وأمه وخاله هند بن أبي هالة وعمر بن الخطاب .
وعنه : أخوه الحسن وبنوه علي وزيد وسكينة وفاطمة وابن ابنه أبو جعفر الباقر والشعبي وعكرمة و كرز التيمي وسنان ابن أبي سنان الدؤلي وعبد الله بن عمرو بن عثمان والفرزدق وجماعة.
قال الزبير بن بكار : ولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع
وقال جعفر بن محمد : كان بين الحسن والحسين طهر واحد
وقد تقدم في ترجمة الحسن شيء من مناقبهما
قال أنس : أما أنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وقال إبراهيم بن علي الرافعي عن أبيه عن جدته زينب بنت أبي رافع : أتت فاطمة بابنيها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شكواه الذي توفي فيه فقالت لرسول الله هذان ابناك فورثهما شيئاً قال: "أما حسن فإن له هيبتي وسؤددي وأما حسين فإن له جرأتي وجودي"
تابعه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه وعمه عن أبي رافع نحوه
وقال سعيد بن أبي راشد عن يعلى بن مرة رفعه : حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط .
وقال عبد الله بن شداد بن الهاد عن أبيه : سجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجدة أطالها حتى ظننا أنه قد حدث أمر وأنه يوحي إليه .
قال: "كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته" .
وقال ابن بريدة عن أبيه : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان احمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" الحديث .
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين حدثني الحسين بن علي قال: أتيت على عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت له إنزل عن منبر أبي وأذهب إلى منبر أبيك .
فقال عمر : لم يكن لأبي منبر .
وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي : من علمك ؟.
فقلت : والله ما علمني أحد .
قال: يا بني لو جعلت تغشانا .
قال: فأتيته يوماً وهو خال بمعاوية ، وابن عمر بالباب ، فرجع ابن عمر ورجعت معه فلقيني بعد فقال لي : لم أرك ؟
فقلت : يا أمير المؤمنين إني جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب فرجع ورجعت معه .
فقال : أنت أحق بالاذن من ابن عمر ، وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم .
رواه الخطيب بسند صحيح إلى يحيى.
وقال يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث : بينما عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين بن علي مقبلاً فقال هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم .
وقال شرحبيل بن مدرك الجعفي عن عبد الله بن نجى عن أبيه : أنه سافر مع علي بن أبي طالب - وكان صاحب مطهرته - فلما حاذوا نينوى وهو منطلق إلى صفين ، نادى علي : صبرا أبا عبد الله ، صبراً أبا عبد الله ، بشط الفرات .
قلت: من ذا أبا عبد الله ؟!!
قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تفيضان فقلت يا نبي الله أغضبك أحد قال: بل قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات وقال: هل لك أن أشمك من تربته قلت: نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.
وعن عمرو بن ثابت عن الأعمش عن شقيق عن أم سلمة قالت : كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي فنزل جبريل فقال يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك وأومى بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضمه إلى صدره ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "وضعت عندك هذه التربة" ، فشمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: "ريح كرب وبلاء" .
وقال : يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد تقتل .
فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول أن يوماً تحولين دماً ليوم عظيم .
وفي الباب عن عائشة وزينب بنت جحش وأم الفضل بنت الحارث وأبي أمامة وأنس بن الحارث وغيرهم.
وقال عمار الدهني : مر علي على كعب ، فقال : يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمر حسن ، فقالوا : هذا؟ . قال: لا . فمر حسين ، فقالوا : هذا؟ . قال: نعم
وقال ابن سعد : أنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن سليمان يعني الأعمش ثنا أبو عبد الله الضبي قال: دخلنا على ابن هرثم الضبي حين أقبل من صفين وهو مع علي فقال أقبلنا مرجعنا من صفين فنزلنا كربلاء فصلى بنا علي صلاة الفجر ثم أخذ كفا من بعر الغزلان فشمه ثم قال: أوه أوه يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب.
وقال إسحاق بن سليمان الرازي ثنا عمرو بن أبي قيس عن يحيى بن سعيد عن أبي حيان عن قدامة الضبي عن جرداء بنت سمير عن زوجها هرثمة بن سلمى قال: خرجنا مع علي فسار حتى انتهى إلى كربلاء فنزل إلى شجرة فصلى إليها فأخذ تربة من الأرض فشمها ثم قال: واهاً لك تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب
قال: فقفلنا من غزاتنا وقتل علي ونسيت الحديث قال: فكنت في الجيش الذين ساروا إلى الحسين فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة فذكرت الحديث فتقدمت على فرس لي فقلت أبشرك ابن بنت رسول الله وحدثته الحديث
قال: معنا أو علينا؟.
قلت: لا معك ولا عليك تركت عيالاً وتركت
قال: أما لا ، فولّ في الأرض [هارباً] ، فوالذي نفس حسين بيده لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلا دخل جهنم !! فأنطلقت هارباً مولياً في الأرض حتى خفي علي مقتله.
وقال أبو الوليد أحمد بن جناب المصيصي ثنا خالد بن يزيد بن أسد ثنا عمار بن معاوية الدهني قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : حدثني بقتل الحسين ، حتى كأني حضرته .
قال: مات معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة فأرسل إلى حسين بن علي ليأخذ بيعته فقال أخرني ورفق بي فأخره فخرج إلى مكة فأتاه رسل أهل الكوفة أنا قد حبسنا أنفسنا عليك ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فأقدم علينا
قال: وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة
فبعث الحسين بن علي إلى مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عمه فقال له سر إلى الكوفة فأنظر ما كتبوا به إلي فإن كان حق قدمت إليهم فخرج مسلم حتى أتى المدينة فأخذ منها دليلين فمرا به في البرية فأصابهم عطش فمات أحد الدليلين وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه فأبى أن يعفيه وكتب إليه أن امض إلى الكوفة فخرج حتى قدمها فنزل على رجل من أهلها يقال له عوسجة فلما تحدث أهل الكوفة بقدومه دبوا إليه فبايعه منهم اثنا عشر ألفاً
فقام رجل ممن يهوى يزيد بن معاوية يقال له عبيد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمي إلى النعمان بن بشير فقال له : إنك لضعيف أو مستضعف قد فسد البلد فقال له النعمان لأن أكون ضعيفاً في طاعة الله أحب إلي من أن أكون قوياً في معصية الله وما كنت لأهتك ستراً ستره الله
فكتب بقوله إلى يزيد بن معاوية فدعا يزيد مولى له يقال له سرحون قد كان يستشيره فأخبره الخبر
فقال له : أكنت قابلاً من معاوية لو كان حياً ؟
قال: نعم
قال: فأقبل مني ، أنه ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد فولها إياه
وكان يزيد عليه ساخطاً ، وكان قد هم بعزله ، وكان على البصرة
فكتب إليه برضاه عنه وأنه قد ولاه الكوفة مع البصرة
وكتب إليه أن يطلب مسلم بن عقيل ويقتله إن وجده.
فأقبل عبيد الله بن زياد في وجوه البصرة حتى قدم الكوفة متلثماً فلا يمر على مجلس من مجالسهم فيسلم عليهم إلا أن قالوا السلام عليك يا بن رسول الله وهم يظنون أنه الحسين بن علي حتى نزل القصر فدعا مولى له فأعطاه ثلاثة آلاف درهم وقال: أذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايع أهل الكوفة فأعلمه انك رجل من أهل حمص جئت لهذا الأمر وهذا ما ندفعه إليه ليقوى به فخرج الرجل فلم يزل يتلطف به ويرفق حتى دل على شيخ يلي البيعة فلقيه فأخبره الخبر
فقال له الشيخ لقد سرني لقاؤك اياي ولقد ساءني ذلك فأما ما سرني من ذلك فما هداك الله له وأما ما ساءني فإن أمرنا لم يستحكم بعد فأدخله على مسلم فأخذ من المال وبايعه ورجع إلى عبيد الله فأخبره.
وتحول مسلم حين قدم عبيد الله من الدار التي كان فيها إلى دار هانئ بن عروة المرادي وكتب مسلم بن عقيل إلى الحسين يخبره بيعة أثنى عشر ألفاً من أهل الكوفة ويأمره بالقدوم
قال: وقال عبيد الله لوجوه أهل الكوفة : ما بال هانئ بن عروة لم يأتني فيمن أتى؟
قال فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس منهم فأتوه وهو على باب داره فقالوا له أن الأمير قد ذكرك واستبطأك فانطلق إليه فلم يزالوا به حتى ركب معهم فدخل على عبيد الله بن زياد وعنده شريح القاضي فلما نظر إليه قال لشريح : آتتك بخائن رجلاه فلما سلم عليه قال: له يا هانئ أين مسلم؟
قال: ما أدري
قال: فأمر عبيد الله صاحب الدراهم يخرج إليه فلما رآه قطع به
وقال: أصلح الله الأمير والله ما دعوته إلى منزلي ولكنه جاء فطرح نفسه علي
فقال ائتني به
فقال والله لو كان تحت قدمي ما رفعته عنه
قال: أدنوه إلي
قال: فأدني فضربه بالقضيب فشجه على حاجبه وأهوى هانئ إلى سيف شرطي ليستله فدفع عن ذلك وقال: له قد أحل الله دمك وأمر به فحبس في جانب القصر فخرج الخبر إلى مذحج فإذا على باب القصر جلبة فسمعها عبيد الله فقال ما هذا؟
قالوا : مذحج
فقال لشريح : أخرج إليهم فأعلمهم أني إنما حبسته لأسائله وبعث عيناً عليه من مواليه يسمع ما يقول فمر بهانئ
فقال له هانئ : يا شريح اتق الله فإنه قاتلي
فخرج شريح حتى قام على باب القصر فقال لا بأس عليه إنما حبسه الأمير ليسائله
فقالوا : صدق ليس على صاحبكم بأس
قال: فتفرقوا
وأتى مسلماً الخبر فنادى بشعاره فاجتمع إليه أربعون ألفاً من أهل الكوفة فقدم مقدمة وهيأ ميمنة وميسرة وسار في القلب إلى عبيد الله وبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر وسار إليه مسلم وانتهى إلى باب القصر أشرفوا من فوقه على عشائرهم فجعلوا يكلمونهم ويردونهم فجعل أصحاب مسلم يتسللون حتى أمسى في خمسمائة فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضاً.
فلما رأى مسلم أنه قد بقي وحده تردد في الطريق فأتى باب منزل فخرجت إليه امرأة فقال لها اسقيني ماء فسقته ثم دخلت فمكثت ما شاء الله ثم خرجت فإذا هو على الباب
فقالت يا عبد الله إن مجلسك مجلس ريبة فقم
فقال لها إني مسلم بن عقيل فهل عندك مأوى؟
قالت نعم ، فادخل .
فدخل وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث فلما علم به الغلام انطلق إلى محمد بن الأشعث فأخبره فبعث عبيد الله صاحب شرطته ومعه محمد بن الأشعث فلم يعلم مسلم حتى أحيط بالدار فلما رأى ذلك مسلم خرج بسيفه فقاتلهم فأعطاه محمد بن الأشعث الأمان فأمكن من يده فجاء به إلى عبيد الله فأمر به فأصفد إلى أعلى القصر فضرب عنقه وألقى جثته إلى الناس وأمر بهانئ فسحب إلى الكناسة فصلب هناك
فقال شاعرهم في ذلك:
الأبيات.
وأقبل الحسين بكتاب مسلم بن عقيل إليه حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر ابن يزيد التميمي فقال له أين تريد؟
فقال أريد هذا المصر
قال: له ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيراً أرجوه فهمّ أن يرجع وكان معه أخوه مسلم بن عقيل
فقالوا لا والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل
قال: لا خير في الحياة بعدكم
فسار فلقيته أول خيل عبيد الله فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء وأسند ظهره إلى قصباء حتى لا يقاتل إلا من وجه واحد فنزل وضرب أبنيته وكان أصحاب خمسة وأربعين فارساً ونحواً من مائة راجل وكان عمر بن سعد بن أبي وقاص قد ولاه عبيد الله بن زياد الري وعهد إليه فدعاه فقال له اكفني هذا الرجل
فقال له اعفني
فأبى أن يعفيه
قال: فأنظرني الليلة
فأخره فنظر في أمره فلما أصبح غدا إليه راضياً بما أمره به فتوجه عمر بن سعد إلى الحسين بن علي فلما أتاه قال: له الحسين اختر واحدة من ثلاث إما أن تدعوني فألحق بالثغور وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد وإما أن تدعوني فأذهب من حيث جئت
فقبل ذلك عمر بن سعد وكتب بذلك إلى عبيد الله
فكتب إليه عبيد الله : لا ولا كرامة ، حتى يضع يده في يدي!
فقال الحسين : لا والله ، لا يكون ذلك أبداً ، فقاتله فقتل أصحابه كلهم وفيهم بضعة عشر شاباً من أهل بيته ويجيء سهم فيقع بابن له صغير في حجره فجعل يمسح الدم عنه ويقول اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا ثم يقتلوننا ثم أمر بسراويل حبرة فشقها ثم لبسها ثم خرج بسيفه فقاتل حتى قتل وقتله رجل من مذحج وجز رأسه فانطلق به إلى عبيد الله بن زياد فوفده إلى يزيد ومعه الرأس فوضع بين يديه
وسرح عمر بن سعد بحرمه وعياله إلى عبيد الله ولم يكن بقي من أهل بيت الحسين إلا غلام وكان مريضاً مع النساء فأمر به عبيد الله ليقتل فطرحت زينب بنت علي نفسها عليه وقالت لا يقتل حتى تقتلوني فتركه ثم جهزهم وحملهم إلى يزيد فلما قدموا عليه جمع من كان بحضرته من أهل الشام ثم أدخلوا عليه فهنؤوه بالفتح فقام رجل منهم أحمر أزرق ونظر إلى وصيفة من بناتهم فقال يا أمير المؤمنين هب لي هذه فقالت زينب لا والله ولا كرامة لك ولا له إلا أن يخرج من دين الله فأعادها الأزرق فقال له يزيد كف ثم أدخلهم إلى عيالهم فجهزهم وحملهم إلى المدينة فلما دخلوا خرجت امرأة من بنات عبد المطلب ناشرة شعرها واضعة كفها على رأسها تتلقاهم وتبكي وهي تقول:
وقال سفيان بن عيينة : عن إسرائيل أبي موسى سمعت الحسن يقول قتل مع الحسين ستة عشر رجلاً من أهل بيته.
وقال أبو نعيم أبو عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال: أوحى الله إلى محمد إني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين وإني قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
وقال خلف بن خليفة عن أبيه لما قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهاراً
وقال: محمد بن الصلت الأسدي عن الربيع بن منذر الثوري عن أبيه جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين فرأيته أعمى يقاد
وقال يعقوب بن سفيان : ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن معمر قال: أول ما عرف الزهري تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك فقال الوليد أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري بلغني أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط.
وقال ابن معين : حدثنا جرير ثنا يزيد بن أبي زياد قال: قتل الحسين ولي أربع عشرة سنة وصار الورس الذي في عسكرهم رماداً واحمرت آفاق السماء ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.
وقال الحميدي : عن ابن عيينة عن جدته أم أبيه قالت لقد رأيت الورس عادت رماداً ولقد رأيت اللحم كأن فيه النار حين قتل الحسين.
وقال ابن عيينة أيضاً : حدثتني جدتي - أم أبي - ، قالت : شهد رجلان من الجعفيين قتل الحسين بن علي قالت فأما أحدهما فطال ذكره حتى كان يلفه وأما الآخر فكان يستقبل الرواية بفيه حتى يأتي على آخرها قال: سفيان رأيت ابن أحدهما وكان مجنوناً.
وقال حماد بن زيد عن جميل بن مرة أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قتل فنحروها وطبخوها قال: فصارت مثل العلقم فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
وقال قرة بن خالد السدوسي عن أبي رجاء العطاردي لا تسبوا أهل هذا البيت فإنه كان لنا جار من بلهجيم قدم علينا من الكوفة قال: أما ترون إلى هذا الفاسق بن الفاسق قتله الله فرماء الله بكوكبين في عينيه فذهب بصره.
وقال ثعلب : حدثنا عمر بن شبة النميري حدثني عبيد بن جنادة أخبرني عطاء بن مسلم قال: قال السدي : أتيت كربلاء أبيع البز بها فعمل لنا شيخ من طي طعاماً فتعشيناه عنده فذكرنا قتل الحسين
فقلنا : ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة !!.
فقال : ما أكذبكم يا أهل العراق ، فأنا ممن شرك في ذلك .
فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتقد ، فنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفيها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء .
فرأيته كأنه حممة.
وقال إبراهيم النخعي : ولو كنت ممن قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن انظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار أشعث أغبر وبيده قارورة فيها دم
فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟
قال: "هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم" .
فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ.
وقال حماد أيضاً عن عمار عن أم سلمة : سمعت الجن تنوح على الحسين .
وقال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا قرة بن خالد أخبرني عامر بن عبد الواحد عن شهر ابن حوشب قال: إنا لعند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال: فسمعتُ صارخة فأقبلتُ حتى انتهيت إلى أم سلمة
فقالت : قُتل الحسين !
قالت : قد فعلوها ملأ الله بيوتهم عليهم ناراً .
ووقعت مغشياً عليها
، وقمنا.
وقال أبو خالد الأحمر : حدثني رزين حدثتني سلمى قالت دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت : ما يبكيك؟
قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت : ما لك يا رسول الله؟
قال: "شهدت قتل الحسين".
وقال أبو الوليد بشر بن محمد التميمي : حدثني أحمد بن محمد المصقلي حدثني أبي قال: لما قتل الحسين بن علي سمع منادياً ينادي ليلاً يسمع صوته ولم ير شخصه:
قال الزبير عن ابن عيينة عن جعفر بن محمد قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين
قال الزبير بن بكار : والأول أثبت في سنه يعني ابن 56 .
قال الزبير : وذلك في يوم عاشوراء سنة 61 .
وكذا قال الليث بن سعد ، وأبو بكر بن عياش ، وأبو معشر المدني ، والواقدي ، وخليفة ، وغير واحد.
وقال الواقدي : إنه أثبت عندهم . زاد : وهو ابن 55 سنة وأشهر .
وقيل : قتل آخر يوم من سنة 60 ، وقيل غير ذلك.
قلت: وساق المزي قصة مقتل الحسين مطولة من عند ابن سعد عن الواقدي وغيره من مشايخه اختصرتها مكتفياً بما تقدم من الأسانيد الحسان.
وقرأت بخط الذهبي في التذهيب مما زاده على الأصل :
قال إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس : استشارني الحسين في الخروج إلى العراق فقلت لولا أن يزرى بك وبي لنشبت يدي رأسك
وقال الشعبي كان ابن عمر قدم المدينة فأخبر أن الحسين قد توجه إلى العراق فلحقه على مسيرة ليلتين فنهاه
فقال هذه كتبهم وبيعتهم
فقال إن الله خير نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة وإنكم بضعة منه لا يليها أحد منكم وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير
فأبى
فاعتنقه ابن عمر ، وقال: أستودعك الله من قتيل .
وقال شريك عن مغيرة قال: قالت مرجانة لابنها عبيد الله يا خبيث قتلت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ترى والله الجنة أبداً.
وقال أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي القاضي : أخبرني أبي عن أبيه أخبرني أبي حمزة بن يزيد قال: رأيت امرأة عاقلة من أعقل النساء يقال لها ريا حاضنة يزيد بن معاوية يقال بلغت مائة سنة قالت : دخل رجل على يزيد ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ أبشر فأمكنك الله من الحسين ، قُتل وجيء برأسه إليك ، وَوُضِعَ في طست ، فأمرَ الغلام فكشفه ، فحين رآه خمر وجهه ، كأنه يشم منه رائحة .
وأن الرأس مكث في خزائن السلاح حتى ولي سليمان فبعث فجيئ به فقد بقي عظماً فطيبه وكفنه ودفنه فلما وصلت المسودة سألوا عن موضع الرأس ونبشوه وأخذوه ، فالله أعلم ما صنع به. (انتهت الترجمة كاملة)
= = = = = = = = = = = = = = =
ملاحظة : تحتاج الترجمة إلى مراجعة ، فلم أملك الوقت الكافي لمراجعتها بدقة. فليعلم هذا .
اللهم احشرني - وكذا المؤمنين والمؤمنات - مع الحسين وأخيه وأبيه وجده وأمه وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، ولا تفرق بيني وبينهم طرفة عين أبداً.
اللهم واحشر أعدائهم مع ظالميهم وقاتليهم ، ولا تفرق بينهم طرفة عين أبداً.
مرآة التواريخ ،،،
من كتاب
تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني - كاملة ج1/527 - 534 رقم [1576]
http://www.alwaraq.com/index2.htm?i=263&page=297
(ع) الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله المدني سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته من الدنيا واحد سيدي شباب أهل الجنة.
روى عن: جده وأبيه وأمه وخاله هند بن أبي هالة وعمر بن الخطاب .
وعنه : أخوه الحسن وبنوه علي وزيد وسكينة وفاطمة وابن ابنه أبو جعفر الباقر والشعبي وعكرمة و كرز التيمي وسنان ابن أبي سنان الدؤلي وعبد الله بن عمرو بن عثمان والفرزدق وجماعة.
قال الزبير بن بكار : ولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع
وقال جعفر بن محمد : كان بين الحسن والحسين طهر واحد
وقد تقدم في ترجمة الحسن شيء من مناقبهما
قال أنس : أما أنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وقال إبراهيم بن علي الرافعي عن أبيه عن جدته زينب بنت أبي رافع : أتت فاطمة بابنيها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شكواه الذي توفي فيه فقالت لرسول الله هذان ابناك فورثهما شيئاً قال: "أما حسن فإن له هيبتي وسؤددي وأما حسين فإن له جرأتي وجودي"
تابعه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه وعمه عن أبي رافع نحوه
وقال سعيد بن أبي راشد عن يعلى بن مرة رفعه : حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط .
وقال عبد الله بن شداد بن الهاد عن أبيه : سجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجدة أطالها حتى ظننا أنه قد حدث أمر وأنه يوحي إليه .
قال: "كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته" .
وقال ابن بريدة عن أبيه : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان احمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" الحديث .
وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين حدثني الحسين بن علي قال: أتيت على عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت له إنزل عن منبر أبي وأذهب إلى منبر أبيك .
فقال عمر : لم يكن لأبي منبر .
وأخذني فأجلسني معه أقلب حصى بيدي فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي : من علمك ؟.
فقلت : والله ما علمني أحد .
قال: يا بني لو جعلت تغشانا .
قال: فأتيته يوماً وهو خال بمعاوية ، وابن عمر بالباب ، فرجع ابن عمر ورجعت معه فلقيني بعد فقال لي : لم أرك ؟
فقلت : يا أمير المؤمنين إني جئت وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب فرجع ورجعت معه .
فقال : أنت أحق بالاذن من ابن عمر ، وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم .
رواه الخطيب بسند صحيح إلى يحيى.
وقال يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث : بينما عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين بن علي مقبلاً فقال هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم .
وقال شرحبيل بن مدرك الجعفي عن عبد الله بن نجى عن أبيه : أنه سافر مع علي بن أبي طالب - وكان صاحب مطهرته - فلما حاذوا نينوى وهو منطلق إلى صفين ، نادى علي : صبرا أبا عبد الله ، صبراً أبا عبد الله ، بشط الفرات .
قلت: من ذا أبا عبد الله ؟!!
قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعيناه تفيضان فقلت يا نبي الله أغضبك أحد قال: بل قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات وقال: هل لك أن أشمك من تربته قلت: نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.
وعن عمرو بن ثابت عن الأعمش عن شقيق عن أم سلمة قالت : كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي فنزل جبريل فقال يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك وأومى بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وضمه إلى صدره ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "وضعت عندك هذه التربة" ، فشمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: "ريح كرب وبلاء" .
وقال : يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد تقتل .
فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول أن يوماً تحولين دماً ليوم عظيم .
وفي الباب عن عائشة وزينب بنت جحش وأم الفضل بنت الحارث وأبي أمامة وأنس بن الحارث وغيرهم.
وقال عمار الدهني : مر علي على كعب ، فقال : يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمر حسن ، فقالوا : هذا؟ . قال: لا . فمر حسين ، فقالوا : هذا؟ . قال: نعم
وقال ابن سعد : أنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن سليمان يعني الأعمش ثنا أبو عبد الله الضبي قال: دخلنا على ابن هرثم الضبي حين أقبل من صفين وهو مع علي فقال أقبلنا مرجعنا من صفين فنزلنا كربلاء فصلى بنا علي صلاة الفجر ثم أخذ كفا من بعر الغزلان فشمه ثم قال: أوه أوه يقتل بهذا الغائط قوم يدخلون الجنة بغير حساب.
وقال إسحاق بن سليمان الرازي ثنا عمرو بن أبي قيس عن يحيى بن سعيد عن أبي حيان عن قدامة الضبي عن جرداء بنت سمير عن زوجها هرثمة بن سلمى قال: خرجنا مع علي فسار حتى انتهى إلى كربلاء فنزل إلى شجرة فصلى إليها فأخذ تربة من الأرض فشمها ثم قال: واهاً لك تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب
قال: فقفلنا من غزاتنا وقتل علي ونسيت الحديث قال: فكنت في الجيش الذين ساروا إلى الحسين فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة فذكرت الحديث فتقدمت على فرس لي فقلت أبشرك ابن بنت رسول الله وحدثته الحديث
قال: معنا أو علينا؟.
قلت: لا معك ولا عليك تركت عيالاً وتركت
قال: أما لا ، فولّ في الأرض [هارباً] ، فوالذي نفس حسين بيده لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلا دخل جهنم !! فأنطلقت هارباً مولياً في الأرض حتى خفي علي مقتله.
وقال أبو الوليد أحمد بن جناب المصيصي ثنا خالد بن يزيد بن أسد ثنا عمار بن معاوية الدهني قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : حدثني بقتل الحسين ، حتى كأني حضرته .
قال: مات معاوية والوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة فأرسل إلى حسين بن علي ليأخذ بيعته فقال أخرني ورفق بي فأخره فخرج إلى مكة فأتاه رسل أهل الكوفة أنا قد حبسنا أنفسنا عليك ولسنا نحضر الجمعة مع الوالي فأقدم علينا
قال: وكان النعمان بن بشير الأنصاري على الكوفة
فبعث الحسين بن علي إلى مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عمه فقال له سر إلى الكوفة فأنظر ما كتبوا به إلي فإن كان حق قدمت إليهم فخرج مسلم حتى أتى المدينة فأخذ منها دليلين فمرا به في البرية فأصابهم عطش فمات أحد الدليلين وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه فأبى أن يعفيه وكتب إليه أن امض إلى الكوفة فخرج حتى قدمها فنزل على رجل من أهلها يقال له عوسجة فلما تحدث أهل الكوفة بقدومه دبوا إليه فبايعه منهم اثنا عشر ألفاً
فقام رجل ممن يهوى يزيد بن معاوية يقال له عبيد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمي إلى النعمان بن بشير فقال له : إنك لضعيف أو مستضعف قد فسد البلد فقال له النعمان لأن أكون ضعيفاً في طاعة الله أحب إلي من أن أكون قوياً في معصية الله وما كنت لأهتك ستراً ستره الله
فكتب بقوله إلى يزيد بن معاوية فدعا يزيد مولى له يقال له سرحون قد كان يستشيره فأخبره الخبر
فقال له : أكنت قابلاً من معاوية لو كان حياً ؟
قال: نعم
قال: فأقبل مني ، أنه ليس للكوفة إلا عبيد الله بن زياد فولها إياه
وكان يزيد عليه ساخطاً ، وكان قد هم بعزله ، وكان على البصرة
فكتب إليه برضاه عنه وأنه قد ولاه الكوفة مع البصرة
وكتب إليه أن يطلب مسلم بن عقيل ويقتله إن وجده.
فأقبل عبيد الله بن زياد في وجوه البصرة حتى قدم الكوفة متلثماً فلا يمر على مجلس من مجالسهم فيسلم عليهم إلا أن قالوا السلام عليك يا بن رسول الله وهم يظنون أنه الحسين بن علي حتى نزل القصر فدعا مولى له فأعطاه ثلاثة آلاف درهم وقال: أذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايع أهل الكوفة فأعلمه انك رجل من أهل حمص جئت لهذا الأمر وهذا ما ندفعه إليه ليقوى به فخرج الرجل فلم يزل يتلطف به ويرفق حتى دل على شيخ يلي البيعة فلقيه فأخبره الخبر
فقال له الشيخ لقد سرني لقاؤك اياي ولقد ساءني ذلك فأما ما سرني من ذلك فما هداك الله له وأما ما ساءني فإن أمرنا لم يستحكم بعد فأدخله على مسلم فأخذ من المال وبايعه ورجع إلى عبيد الله فأخبره.
وتحول مسلم حين قدم عبيد الله من الدار التي كان فيها إلى دار هانئ بن عروة المرادي وكتب مسلم بن عقيل إلى الحسين يخبره بيعة أثنى عشر ألفاً من أهل الكوفة ويأمره بالقدوم
قال: وقال عبيد الله لوجوه أهل الكوفة : ما بال هانئ بن عروة لم يأتني فيمن أتى؟
قال فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس منهم فأتوه وهو على باب داره فقالوا له أن الأمير قد ذكرك واستبطأك فانطلق إليه فلم يزالوا به حتى ركب معهم فدخل على عبيد الله بن زياد وعنده شريح القاضي فلما نظر إليه قال لشريح : آتتك بخائن رجلاه فلما سلم عليه قال: له يا هانئ أين مسلم؟
قال: ما أدري
قال: فأمر عبيد الله صاحب الدراهم يخرج إليه فلما رآه قطع به
وقال: أصلح الله الأمير والله ما دعوته إلى منزلي ولكنه جاء فطرح نفسه علي
فقال ائتني به
فقال والله لو كان تحت قدمي ما رفعته عنه
قال: أدنوه إلي
قال: فأدني فضربه بالقضيب فشجه على حاجبه وأهوى هانئ إلى سيف شرطي ليستله فدفع عن ذلك وقال: له قد أحل الله دمك وأمر به فحبس في جانب القصر فخرج الخبر إلى مذحج فإذا على باب القصر جلبة فسمعها عبيد الله فقال ما هذا؟
قالوا : مذحج
فقال لشريح : أخرج إليهم فأعلمهم أني إنما حبسته لأسائله وبعث عيناً عليه من مواليه يسمع ما يقول فمر بهانئ
فقال له هانئ : يا شريح اتق الله فإنه قاتلي
فخرج شريح حتى قام على باب القصر فقال لا بأس عليه إنما حبسه الأمير ليسائله
فقالوا : صدق ليس على صاحبكم بأس
قال: فتفرقوا
وأتى مسلماً الخبر فنادى بشعاره فاجتمع إليه أربعون ألفاً من أهل الكوفة فقدم مقدمة وهيأ ميمنة وميسرة وسار في القلب إلى عبيد الله وبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة فجمعهم عنده في القصر وسار إليه مسلم وانتهى إلى باب القصر أشرفوا من فوقه على عشائرهم فجعلوا يكلمونهم ويردونهم فجعل أصحاب مسلم يتسللون حتى أمسى في خمسمائة فلما اختلط الظلام ذهب أولئك أيضاً.
فلما رأى مسلم أنه قد بقي وحده تردد في الطريق فأتى باب منزل فخرجت إليه امرأة فقال لها اسقيني ماء فسقته ثم دخلت فمكثت ما شاء الله ثم خرجت فإذا هو على الباب
فقالت يا عبد الله إن مجلسك مجلس ريبة فقم
فقال لها إني مسلم بن عقيل فهل عندك مأوى؟
قالت نعم ، فادخل .
فدخل وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث فلما علم به الغلام انطلق إلى محمد بن الأشعث فأخبره فبعث عبيد الله صاحب شرطته ومعه محمد بن الأشعث فلم يعلم مسلم حتى أحيط بالدار فلما رأى ذلك مسلم خرج بسيفه فقاتلهم فأعطاه محمد بن الأشعث الأمان فأمكن من يده فجاء به إلى عبيد الله فأمر به فأصفد إلى أعلى القصر فضرب عنقه وألقى جثته إلى الناس وأمر بهانئ فسحب إلى الكناسة فصلب هناك
فقال شاعرهم في ذلك:
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ في السوق وابن عـقـيل
الأبيات.
وأقبل الحسين بكتاب مسلم بن عقيل إليه حتى إذا كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر ابن يزيد التميمي فقال له أين تريد؟
فقال أريد هذا المصر
قال: له ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيراً أرجوه فهمّ أن يرجع وكان معه أخوه مسلم بن عقيل
فقالوا لا والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل
قال: لا خير في الحياة بعدكم
فسار فلقيته أول خيل عبيد الله فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء وأسند ظهره إلى قصباء حتى لا يقاتل إلا من وجه واحد فنزل وضرب أبنيته وكان أصحاب خمسة وأربعين فارساً ونحواً من مائة راجل وكان عمر بن سعد بن أبي وقاص قد ولاه عبيد الله بن زياد الري وعهد إليه فدعاه فقال له اكفني هذا الرجل
فقال له اعفني
فأبى أن يعفيه
قال: فأنظرني الليلة
فأخره فنظر في أمره فلما أصبح غدا إليه راضياً بما أمره به فتوجه عمر بن سعد إلى الحسين بن علي فلما أتاه قال: له الحسين اختر واحدة من ثلاث إما أن تدعوني فألحق بالثغور وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد وإما أن تدعوني فأذهب من حيث جئت
فقبل ذلك عمر بن سعد وكتب بذلك إلى عبيد الله
فكتب إليه عبيد الله : لا ولا كرامة ، حتى يضع يده في يدي!
فقال الحسين : لا والله ، لا يكون ذلك أبداً ، فقاتله فقتل أصحابه كلهم وفيهم بضعة عشر شاباً من أهل بيته ويجيء سهم فيقع بابن له صغير في حجره فجعل يمسح الدم عنه ويقول اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا ثم يقتلوننا ثم أمر بسراويل حبرة فشقها ثم لبسها ثم خرج بسيفه فقاتل حتى قتل وقتله رجل من مذحج وجز رأسه فانطلق به إلى عبيد الله بن زياد فوفده إلى يزيد ومعه الرأس فوضع بين يديه
وسرح عمر بن سعد بحرمه وعياله إلى عبيد الله ولم يكن بقي من أهل بيت الحسين إلا غلام وكان مريضاً مع النساء فأمر به عبيد الله ليقتل فطرحت زينب بنت علي نفسها عليه وقالت لا يقتل حتى تقتلوني فتركه ثم جهزهم وحملهم إلى يزيد فلما قدموا عليه جمع من كان بحضرته من أهل الشام ثم أدخلوا عليه فهنؤوه بالفتح فقام رجل منهم أحمر أزرق ونظر إلى وصيفة من بناتهم فقال يا أمير المؤمنين هب لي هذه فقالت زينب لا والله ولا كرامة لك ولا له إلا أن يخرج من دين الله فأعادها الأزرق فقال له يزيد كف ثم أدخلهم إلى عيالهم فجهزهم وحملهم إلى المدينة فلما دخلوا خرجت امرأة من بنات عبد المطلب ناشرة شعرها واضعة كفها على رأسها تتلقاهم وتبكي وهي تقول:
ماذا تقولون إن قال النبي لـكـم ... ماذا فعلتم وأنـتـم آخـر الأمـم
بعترتي وبأهلي بعد مفـتـقـدي ... منهم أسارى وقتلى ضرجوا بـدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم ... أن تخلفوني بشر في ذوي رحمي
بعترتي وبأهلي بعد مفـتـقـدي ... منهم أسارى وقتلى ضرجوا بـدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم ... أن تخلفوني بشر في ذوي رحمي
وقال سفيان بن عيينة : عن إسرائيل أبي موسى سمعت الحسن يقول قتل مع الحسين ستة عشر رجلاً من أهل بيته.
وقال أبو نعيم أبو عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال: أوحى الله إلى محمد إني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين وإني قاتل بابن بنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
وقال خلف بن خليفة عن أبيه لما قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهاراً
وقال: محمد بن الصلت الأسدي عن الربيع بن منذر الثوري عن أبيه جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين فرأيته أعمى يقاد
وقال يعقوب بن سفيان : ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن معمر قال: أول ما عرف الزهري تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك فقال الوليد أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري بلغني أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط.
وقال ابن معين : حدثنا جرير ثنا يزيد بن أبي زياد قال: قتل الحسين ولي أربع عشرة سنة وصار الورس الذي في عسكرهم رماداً واحمرت آفاق السماء ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.
وقال الحميدي : عن ابن عيينة عن جدته أم أبيه قالت لقد رأيت الورس عادت رماداً ولقد رأيت اللحم كأن فيه النار حين قتل الحسين.
وقال ابن عيينة أيضاً : حدثتني جدتي - أم أبي - ، قالت : شهد رجلان من الجعفيين قتل الحسين بن علي قالت فأما أحدهما فطال ذكره حتى كان يلفه وأما الآخر فكان يستقبل الرواية بفيه حتى يأتي على آخرها قال: سفيان رأيت ابن أحدهما وكان مجنوناً.
وقال حماد بن زيد عن جميل بن مرة أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قتل فنحروها وطبخوها قال: فصارت مثل العلقم فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
وقال قرة بن خالد السدوسي عن أبي رجاء العطاردي لا تسبوا أهل هذا البيت فإنه كان لنا جار من بلهجيم قدم علينا من الكوفة قال: أما ترون إلى هذا الفاسق بن الفاسق قتله الله فرماء الله بكوكبين في عينيه فذهب بصره.
وقال ثعلب : حدثنا عمر بن شبة النميري حدثني عبيد بن جنادة أخبرني عطاء بن مسلم قال: قال السدي : أتيت كربلاء أبيع البز بها فعمل لنا شيخ من طي طعاماً فتعشيناه عنده فذكرنا قتل الحسين
فقلنا : ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة !!.
فقال : ما أكذبكم يا أهل العراق ، فأنا ممن شرك في ذلك .
فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتقد ، فنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفيها بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء .
فرأيته كأنه حممة.

وقال إبراهيم النخعي : ولو كنت ممن قاتل الحسين ثم أدخلت الجنة لاستحييت أن انظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار أشعث أغبر وبيده قارورة فيها دم
فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟
قال: "هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم" .
فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ.
وقال حماد أيضاً عن عمار عن أم سلمة : سمعت الجن تنوح على الحسين .
وقال ابن سعد : أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا قرة بن خالد أخبرني عامر بن عبد الواحد عن شهر ابن حوشب قال: إنا لعند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال: فسمعتُ صارخة فأقبلتُ حتى انتهيت إلى أم سلمة
فقالت : قُتل الحسين !
قالت : قد فعلوها ملأ الله بيوتهم عليهم ناراً .
ووقعت مغشياً عليها

وقال أبو خالد الأحمر : حدثني رزين حدثتني سلمى قالت دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت : ما يبكيك؟
قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت : ما لك يا رسول الله؟
قال: "شهدت قتل الحسين".
وقال أبو الوليد بشر بن محمد التميمي : حدثني أحمد بن محمد المصقلي حدثني أبي قال: لما قتل الحسين بن علي سمع منادياً ينادي ليلاً يسمع صوته ولم ير شخصه:
عقرت ثمود ناقة فاستؤصلوا ... وجرت سوانحهم بغير الأسعد
فبنو رسول الله أعظم حـرمة ... وأجل من أم الفصيل المقعد
عجباً لهم لما أتوا لم يمسخـوا ... والله يملي للطغاة الجـحـد
فبنو رسول الله أعظم حـرمة ... وأجل من أم الفصيل المقعد
عجباً لهم لما أتوا لم يمسخـوا ... والله يملي للطغاة الجـحـد
قال الزبير عن ابن عيينة عن جعفر بن محمد قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين
قال الزبير بن بكار : والأول أثبت في سنه يعني ابن 56 .
قال الزبير : وذلك في يوم عاشوراء سنة 61 .
وكذا قال الليث بن سعد ، وأبو بكر بن عياش ، وأبو معشر المدني ، والواقدي ، وخليفة ، وغير واحد.
وقال الواقدي : إنه أثبت عندهم . زاد : وهو ابن 55 سنة وأشهر .
وقيل : قتل آخر يوم من سنة 60 ، وقيل غير ذلك.
قلت: وساق المزي قصة مقتل الحسين مطولة من عند ابن سعد عن الواقدي وغيره من مشايخه اختصرتها مكتفياً بما تقدم من الأسانيد الحسان.

وقرأت بخط الذهبي في التذهيب مما زاده على الأصل :
قال إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس : استشارني الحسين في الخروج إلى العراق فقلت لولا أن يزرى بك وبي لنشبت يدي رأسك
وقال الشعبي كان ابن عمر قدم المدينة فأخبر أن الحسين قد توجه إلى العراق فلحقه على مسيرة ليلتين فنهاه
فقال هذه كتبهم وبيعتهم
فقال إن الله خير نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة وإنكم بضعة منه لا يليها أحد منكم وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير
فأبى
فاعتنقه ابن عمر ، وقال: أستودعك الله من قتيل .
وقال شريك عن مغيرة قال: قالت مرجانة لابنها عبيد الله يا خبيث قتلت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا ترى والله الجنة أبداً.
وقال أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي القاضي : أخبرني أبي عن أبيه أخبرني أبي حمزة بن يزيد قال: رأيت امرأة عاقلة من أعقل النساء يقال لها ريا حاضنة يزيد بن معاوية يقال بلغت مائة سنة قالت : دخل رجل على يزيد ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ أبشر فأمكنك الله من الحسين ، قُتل وجيء برأسه إليك ، وَوُضِعَ في طست ، فأمرَ الغلام فكشفه ، فحين رآه خمر وجهه ، كأنه يشم منه رائحة .
وأن الرأس مكث في خزائن السلاح حتى ولي سليمان فبعث فجيئ به فقد بقي عظماً فطيبه وكفنه ودفنه فلما وصلت المسودة سألوا عن موضع الرأس ونبشوه وأخذوه ، فالله أعلم ما صنع به. (انتهت الترجمة كاملة)
= = = = = = = = = = = = = = =
ملاحظة : تحتاج الترجمة إلى مراجعة ، فلم أملك الوقت الكافي لمراجعتها بدقة. فليعلم هذا .
اللهم احشرني - وكذا المؤمنين والمؤمنات - مع الحسين وأخيه وأبيه وجده وأمه وأولاده المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، ولا تفرق بيني وبينهم طرفة عين أبداً.
اللهم واحشر أعدائهم مع ظالميهم وقاتليهم ، ولا تفرق بينهم طرفة عين أبداً.
مرآة التواريخ ،،،
تعليق