ليلة رمضانية
في ليلة الأربعاء 8 / 9 / 1426 هـ كنت أجلس ببيت أحد الإخوة ، فينما نحن نغوص في أعماق الحديث إذ اقترح أحدنا أن نأخذ لفة على بعض القنوات الفضائية ، فجاءت الصدفة على قناة (المستقلة) - فيا لها من قناة !! - كانت الحلقة تضم بالإضافة إلى مقدم الحلقة والسيد الموسوي ، الدكتور عبدالصبور شاهين (مفكر إسلامي ، مصري الجنسية) ، ودكتور اريتيري الجنسية (فاتني اسمه الآن !) .
كان الحديث ساعتها على (آية الولاية) ، وهي قوله تعالى :
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة: 55-56)
كان اعتراض الدكتورين - وهما من أهل السنة والجماعة - بأن (الذين آمنوا) في الآية ليس المقصود بها أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
وحجة الدكتور الاريتيري .. ما يلي :
1-لو كانت (الذين آمنوا) يقصد بها علي بن أبي طالب ، وأنها في إمامته لاستلزم بإمامة الله على المسلمين !! ووصفه بـ(الإمامة) ، وهذا لم يقل به أحد ، ولا يصح أن يقال .!
2-قوله تعالى (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون) لو كان يقصد بها بيان حال علي - عليه السلام - حين أعطى الزكاة (وهو التصدق بالخاتم كما يزعم الشيعة) لكانت الزكاة حال الصلاة أفضل من إتيانها في غير الصلاة ، وهذا لم يقل به أحد. فتبيّن أن معنى (راكعون) : أي خاضعون ، من الخضوع ، لا الركوع حقيقة!!.
3-ثم لو كانت الآية نازلة في علي لأتت بالمفرد ، فقال (والذي آمن) ، وليس بلفظ الجمع (والذين آمنوا) !!
4-ثم نقل رواية أن الآية نزلت في (عبادة بن الصامت) !
أقول :
بخصوص الاشكال الأول ، فنقول : إنه إشكال مضحك !
أتعلمون لماذا ؟!!
لأن هذا الإشكال المضحك سينطبق أيضاً على النبي صلى الله عليه وآله ..!
فانظروا جوابه !! .. فهو عين جوابنا !
أما الإشكال الثاني :
فإشكال ضعيف أيضاً ، من وجوه :
1-جعل هذا الأمر من خصائص أمير المؤمنين وحده دون غيره.
2-ثم أن التصدق حال الصلاة هو من الفعل القليل ، ومعلوم أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة.
ثم قوله : (وهم راكعون) لا تعني حال علي حين التصدق ..إلخ هو خروج عن الأصل المتبادر للذهن بدون دليل أو قرينة ، بل الأدلة الكثيرة الروائية تنص على بيان حال أمير المؤمنين حين التصدق بالخاتم وأن ذلك تمّ خلال ركوعه في صلاته. (راجع الدر المنثور للسيوطي في تفسير الآية وغيره).
وقوله : انها أتت بالجمع ويفترض إتيانها بالمفرد ...
فقول لا يقوله من يحمل شهادة إعدادية فضلاً عمّن يحمل الدكتوراه !! وهي مصيبة حقيقية !!
والقرآن الكريم مليء بالآيات التي أتت بلفظ الجمع وهي نازلة في فرد واحد.
وإليك نماذج منه :
1 - الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ( آل عمران : 181 )
ذكر الحسن : ان قائل هذه المقالة هو حيي بن أخطب .
وقال عكرمة والسدى ومقاتل ومحمد بن إسحاق : هو فنحاص بن عازوراء .
وقال الخازن : هذه المقالة وإن كانت قد صدرت من واحد من اليهود لكنهم يرضون بمقالته هذه فنسبت إلى جميعهم . (راجع تفسير القرطبي 4 : 294 ، تاريخ إبن كثيرا : 434 ، تفسير الخازن 1 : 322 ).
2 - ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن ( التوبة : 61 )
نزلت في رجل من المنافقين إما في الجلاس بن سويلا ، أو : في نبتل بن الحرث أو : عتاب بن قشير ، (راجع تفسير القرطبي 8 : 192 ، تفسير ، الخازن 2 : 253 ، الاصابة 3 : 549 )
3 - والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ( النور : 33 )
نزلت في صبيح مولى حويطب بن عبد العزى ، قال : كنت مملوكا لحويطب فسألته الكتابة ، ففي انزلت والذين يبتغون الكتاب . (أخرجه إبن مندة وأبونعيم والقرطبي كما في تفسيره 12 . 244 ، اسد الغابة 3 : 11 ، الاصابة 2 : 176) .
4 - إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ( النساء : 10 )
قال مقاتل بن حبان : نزلت في مرثد بن زيد الغطفاني . ( تفسير القرطبي 5 : 53 ، الاصابة 3 : 397 ) .
5 - لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم . الآية ( الممتحنة : 8 )
نزلت في أسماء بنت أبي بكر ، وذلك : ان امها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا وهي مشركة ، فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ، ولا تدخلي علي بيتا حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله فسألته فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدخلها منزلها وأن تقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها . (أخرجه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، وإبن جرير ، وابن ابي حاتم ، كما في تفسير القرطبي 18 : 59 ، تفسير إبن كثير 4 : 349 ، تفسير الخازن 4 : 272 ).
6 - يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم . الآية ( المائدة : 41 ) ذكر المكي في تفسيره : انها نزلت في عبد الله بن صوريا . (تفسير القرطبي 6 : 177 ، الاصابة 2 : 326 . )
7 - قال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية . ( البقرة : 118 )
نزلت في رافع بن حريملة ، وأخرج محمد بن إسحاق عن إبن عباس قال . قال رافع لرسول الله صلى الله عليه وآله : يامحمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه . فأنزل الله في ذلك الآية ، (تفسير ابن كثير 1 : 161 ).
8 - الذين هاجروا في الله من بعدما ظلموا لنبوأنهم في الدنيا حسنة ( النحل : 41 ) أخرج إبن عساكر في تاريخه 7 : 133 من طريق عبد الرزاق عن داود بن أبي هند : ان الآية نزلت في أبي جندل بن سهيل العامري . (وذكره القرطبي في تفسيره ج 10 : 107 من جملة الاقوال الواردة فيها ).
9 - إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم الآية ( فاطر : 29 ) نزلت في حصين بن المطلب بن عبد مناف كما في الاصابة 1 : 336 .
أقول :
أما ما ذكر من أن الآية نزلت في عبادة بن الصامت ، فينقض به كلامه - راداً به على الشيعة - من أن الآية أتت بلفظ الجمع فكيف تخصصون بها المفرد !!!
أيعقل هذا ما يقول ؟!!
= = = =
ثم يأتي دور الدكتور المفكر الإسلامي !! عبدالصبور شاهين ، ولا أدري أي فكر يحمله !!
فكانت حجته كالآتي :
1-قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله) يعني أن الحاكمية المطلقة لله وكذا لرسوله.
2-أما قوله (والذين آمنوا) .. فما الدليل على تخصيصها بعلي بن أبي طالب ؟ والحال أن الله يقول : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)
وهذا الرجل - حقيقة - يجعلك حين تراه قبل أن يتكلم أن تقول : ما شاء الله ! شيبة ! وقار ! هدوء ! علم !
ولكن إياك أن تجعله يتفوه بكلمة !!!!!!
فهو بعد أن اقرَّ بأن (إنما) حصرت الحاكمية في الله تعالى وفي رسول الله صلى الله عليه وآله ، فرحتُ أنا وقلت في نفسي - اسلِّيها - : نعم هكذا العلم !!
وإذا بي أبكي عليه بعد هذا !
لماذا ؟!!
لأنه بعد أن أقرَّ بأن الحاكمية حصرت في الله وفي رسوله ، سقط سقوطاً مبكياً بتعقيبه الذي يقول فيه : (ولكن مالذي جعلكم تحصرون (الذين آمنوا) بعلي وحده ..إلخ ؟!!!
سبحان الله !!!
ولم يكتف بهذا السقوط ، بل يلمح إلى أن هذه الحاكمية هي لكل الصحابة قاطبة ، بدليل استشهاده بآية (والسابقون ..إلخ)
فكيف - يا حنانيك - تكون (الحاكمية) لجميع الصحابة على جميع الصحابة ؟!!!
فما فائدة الحصر بـ (إنما) إذن يا دكتوور ؟!!!!
بالله أريد أن أعرف !!
فالآية حصرت الحاكمية في الله وفي رسوله - كما ذكرتَ - ، ثم عطفتها على (الذين آمنوا) ، ومعروف أن المعطوف يأخذ حكم المعطوف عليه ، ومعلوم ضرورة أن المعني في الخطاب بـ(وليكم) غير المعني في (والذين آمنوا) ..! وإلا لأصبح معنى كلامه (يأ أيها الذين آمنوا إنما وليكم الذين آمنوا) !! وهذا لا يقول به عاقل ..!
فما بالك بعد الحصر في الله وفي الرسول شرَّعتَ كل الأبواب لهذه الحاكمية حتى أدخلتَ فيها الوليد بن عقبة بن أبي معيط الفاسق بنص كتاب الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)
فبإجماع المفسرين على أن هذه الآية نزلت في الوليد المذكور ، فكيف - لله أبوك من دكتور ومفكر إسلامي - تذيب معنى الحاكمية بكل بلاهة حتى تجعلها تصيب أمثال هذا الفاسق السكير ؟!!
فهل هذا إلاّ عين البلادة والبلاهة ؟!!
ولقد اضحكني بقوله مزمجراً - إخفاء لجهله - : أنا لا اسمح بأن يُطعنَ في أحد صحابة رسول الله ...!!
ثم اضاف : ولقد كان أحد المارقين تكلَّمَ في أحد الصحابة - (أظنه ذكرَ معاوية أو عثمان أو غيرهما ، الشك مني ) - فحرمته من الترقية لدرجة الدكتوراه ..(أو إحدى الدرجات العلمية ، فلتراجع الحلقة) ..إلخ الهراء الذي تكلّم به.
يا رجل .. يا رجل .. ألستَ لو بقيتَ ساكتاً أفضل لك ؟!!
شماعة اتخذتموها أكثر من (1400) سنة .. صحابة صحابة !! .. والقرآن في كثير من آياته يذم بعض الصحابة !!
أليس في قولكم هذا تطعنون في مصداقية كتاب الله ؟!!!
قال تعالى : ( ومِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الاَعرابِ مُنَافِقُونَ وَمِن أهلِ المدينةِ مَردُوا على النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعلَمُهُمْ ) ( سورة التوبة: 101 )
وقال تعالى : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:144)
وقال تعالى : (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (الجمعة:11)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (التوبة:38)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)
سبب النزول : أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث الوليد بن عقبة لجمع صدقات بني المصطلق ، فلمّا شارف ديارهم ركبوا مستقبلين له فحسبهم مقاتليه ، فرجع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال له إنّهم قد ارتدّوا ومنعوا الزكاة ، فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبروه بعدم صحة قول الوليد ، فنزلت الآية . وهي محل اتّفاق بين المفسرين والمؤرخين في نزولها في الوليد بن عقبة ، وفي تسميته فاسقاً (السيرة النبوية ، لابن هشام 3 : 309 . وأسباب نزول القرآن ، للواحدي : 407 . والكشّاف 3 : 559 . وتفسير القرآن العظيم 4 : 224 . والاِصابة 6 : 321 . وأسباب النزول ، للسيوطي : 347)
والوليد بن عقبة كان مشهوراً بالفسق حتى بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
قال ابن حجر العسقلاني : (وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة مخرجة ، وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين) (الاِصابة 6 : 322 )
وقال تعالى : ( أفَمَن كانَ مُؤمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لايَستَوونَ) (سورة السجدة : 18)
نزلت هذه الآية في الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة ، قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط للاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : (أنا أحدّ منك سناناً ، وأبسط منك لساناً) .
فقال له الاِمام علي عليه السلام : " اسكت ، فإنّما أنت فاسق " ، فنزلت الآية ، قال عبدالله بن عباس : (يعني بالمؤمن عليّاً ، وبالفاسق الوليد بن عقبة) (أسباب نزول القرآن ، للواحدي 363 )
وقد اتّفق كثير من المفسرين في أنّ المراد بالفاسق هو الوليد بن عقبة (الكشّاف 3 : 514 . وأسباب النزول ، للسيوطي : 293 . والدر المنثور 3 : 514).
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) (الأحزاب:69)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات:2)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف: 2 - 3)
وقال تعالى : (...وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ، إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) (الأحزاب:53)
نزلت هذه الآية في بعض الصحابة الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فعن السدي أنّه قال : (بلغنا أنّ طلحة بن عبيدالله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمِّنا ويتزوج نساءنا ، لئن حدث به حدث لنتزوجنَّ نساءه من بعد (أسباب النزول ، للسيوطي : 306)
وفي رواية أنّ محمد بن عمرو بن حزم ، قال : (إذا توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوجت عائشة) (أسباب النزول ، للسيوطي : 306 . والدر المنثور 5 : 215 .)
وعن عبدالله بن عباس قال : (إنَّ رجلاً أتى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكلمّها وهو ابن عمها ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا تقومنَّ هذا المقام بعد يومك هذا... فمضى ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمّي ، لاَتزوجنّها من بعده ، فأنزل الله هذه الآية... فأعتق ذلك الرجل رقبة ، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله ، وحجَّ ماشياً توبةً من كلمته) (أسباب النزول ، للسيوطي : 307)
وفي هذه الرواية أدرك ذلك الصحابي عظم الذنب ، فتاب إلى الله تعالى، وهذا إن دلَّ على شيء إنّما يدل على أنَّ الصحابي معرّض للانحراف والانزلاق ، وهو يستقيم أحياناً وينحرف أخرى وباب التوبة مفتوح للتائبين .
وقال تعالى : (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:217)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:264)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) (آل عمران:149)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً) (النساء:136)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً) (النساء:144)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)
ثم حديث الحوض
المخرج في الصحيحين - البخاري ومسلم - وفيه إثبات أن الكثير من الصحابة غير ناجين يوم القيامة ، ولا يخلص منهم إلا القليل !
وقصة عمار بن ياسر
صحيح البخاري ج: 1 ص: 172
436 حدثنا مسدد قال حدثنا عبد العزيز بن مختار قال حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال لي بن عباس ولابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال ثم كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال يقول عمار أعوذ بالله من الفتن
....إلخ.
فما بالك يا صبور ؟!!!!
مرآة التواريخ / ... ما في فايدة ..القوم هم القوم ...!!!
في ليلة الأربعاء 8 / 9 / 1426 هـ كنت أجلس ببيت أحد الإخوة ، فينما نحن نغوص في أعماق الحديث إذ اقترح أحدنا أن نأخذ لفة على بعض القنوات الفضائية ، فجاءت الصدفة على قناة (المستقلة) - فيا لها من قناة !! - كانت الحلقة تضم بالإضافة إلى مقدم الحلقة والسيد الموسوي ، الدكتور عبدالصبور شاهين (مفكر إسلامي ، مصري الجنسية) ، ودكتور اريتيري الجنسية (فاتني اسمه الآن !) .
كان الحديث ساعتها على (آية الولاية) ، وهي قوله تعالى :
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (المائدة: 55-56)
كان اعتراض الدكتورين - وهما من أهل السنة والجماعة - بأن (الذين آمنوا) في الآية ليس المقصود بها أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
وحجة الدكتور الاريتيري .. ما يلي :
1-لو كانت (الذين آمنوا) يقصد بها علي بن أبي طالب ، وأنها في إمامته لاستلزم بإمامة الله على المسلمين !! ووصفه بـ(الإمامة) ، وهذا لم يقل به أحد ، ولا يصح أن يقال .!
2-قوله تعالى (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون) لو كان يقصد بها بيان حال علي - عليه السلام - حين أعطى الزكاة (وهو التصدق بالخاتم كما يزعم الشيعة) لكانت الزكاة حال الصلاة أفضل من إتيانها في غير الصلاة ، وهذا لم يقل به أحد. فتبيّن أن معنى (راكعون) : أي خاضعون ، من الخضوع ، لا الركوع حقيقة!!.
3-ثم لو كانت الآية نازلة في علي لأتت بالمفرد ، فقال (والذي آمن) ، وليس بلفظ الجمع (والذين آمنوا) !!
4-ثم نقل رواية أن الآية نزلت في (عبادة بن الصامت) !
أقول :
بخصوص الاشكال الأول ، فنقول : إنه إشكال مضحك !
أتعلمون لماذا ؟!!
لأن هذا الإشكال المضحك سينطبق أيضاً على النبي صلى الله عليه وآله ..!
فانظروا جوابه !! .. فهو عين جوابنا !
أما الإشكال الثاني :
فإشكال ضعيف أيضاً ، من وجوه :
1-جعل هذا الأمر من خصائص أمير المؤمنين وحده دون غيره.
2-ثم أن التصدق حال الصلاة هو من الفعل القليل ، ومعلوم أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة.
ثم قوله : (وهم راكعون) لا تعني حال علي حين التصدق ..إلخ هو خروج عن الأصل المتبادر للذهن بدون دليل أو قرينة ، بل الأدلة الكثيرة الروائية تنص على بيان حال أمير المؤمنين حين التصدق بالخاتم وأن ذلك تمّ خلال ركوعه في صلاته. (راجع الدر المنثور للسيوطي في تفسير الآية وغيره).
وقوله : انها أتت بالجمع ويفترض إتيانها بالمفرد ...
فقول لا يقوله من يحمل شهادة إعدادية فضلاً عمّن يحمل الدكتوراه !! وهي مصيبة حقيقية !!
والقرآن الكريم مليء بالآيات التي أتت بلفظ الجمع وهي نازلة في فرد واحد.
وإليك نماذج منه :
1 - الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ( آل عمران : 181 )
ذكر الحسن : ان قائل هذه المقالة هو حيي بن أخطب .
وقال عكرمة والسدى ومقاتل ومحمد بن إسحاق : هو فنحاص بن عازوراء .
وقال الخازن : هذه المقالة وإن كانت قد صدرت من واحد من اليهود لكنهم يرضون بمقالته هذه فنسبت إلى جميعهم . (راجع تفسير القرطبي 4 : 294 ، تاريخ إبن كثيرا : 434 ، تفسير الخازن 1 : 322 ).
2 - ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن ( التوبة : 61 )
نزلت في رجل من المنافقين إما في الجلاس بن سويلا ، أو : في نبتل بن الحرث أو : عتاب بن قشير ، (راجع تفسير القرطبي 8 : 192 ، تفسير ، الخازن 2 : 253 ، الاصابة 3 : 549 )
3 - والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ( النور : 33 )
نزلت في صبيح مولى حويطب بن عبد العزى ، قال : كنت مملوكا لحويطب فسألته الكتابة ، ففي انزلت والذين يبتغون الكتاب . (أخرجه إبن مندة وأبونعيم والقرطبي كما في تفسيره 12 . 244 ، اسد الغابة 3 : 11 ، الاصابة 2 : 176) .
4 - إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ( النساء : 10 )
قال مقاتل بن حبان : نزلت في مرثد بن زيد الغطفاني . ( تفسير القرطبي 5 : 53 ، الاصابة 3 : 397 ) .
5 - لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم . الآية ( الممتحنة : 8 )
نزلت في أسماء بنت أبي بكر ، وذلك : ان امها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها المدينة بهدايا وهي مشركة ، فقالت أسماء : لا أقبل منك هدية ، ولا تدخلي علي بيتا حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله فسألته فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدخلها منزلها وأن تقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها . (أخرجه البخاري ، ومسلم ، وأحمد ، وإبن جرير ، وابن ابي حاتم ، كما في تفسير القرطبي 18 : 59 ، تفسير إبن كثير 4 : 349 ، تفسير الخازن 4 : 272 ).
6 - يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم . الآية ( المائدة : 41 ) ذكر المكي في تفسيره : انها نزلت في عبد الله بن صوريا . (تفسير القرطبي 6 : 177 ، الاصابة 2 : 326 . )
7 - قال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية . ( البقرة : 118 )
نزلت في رافع بن حريملة ، وأخرج محمد بن إسحاق عن إبن عباس قال . قال رافع لرسول الله صلى الله عليه وآله : يامحمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه . فأنزل الله في ذلك الآية ، (تفسير ابن كثير 1 : 161 ).
8 - الذين هاجروا في الله من بعدما ظلموا لنبوأنهم في الدنيا حسنة ( النحل : 41 ) أخرج إبن عساكر في تاريخه 7 : 133 من طريق عبد الرزاق عن داود بن أبي هند : ان الآية نزلت في أبي جندل بن سهيل العامري . (وذكره القرطبي في تفسيره ج 10 : 107 من جملة الاقوال الواردة فيها ).
9 - إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم الآية ( فاطر : 29 ) نزلت في حصين بن المطلب بن عبد مناف كما في الاصابة 1 : 336 .
أقول :
أما ما ذكر من أن الآية نزلت في عبادة بن الصامت ، فينقض به كلامه - راداً به على الشيعة - من أن الآية أتت بلفظ الجمع فكيف تخصصون بها المفرد !!!
أيعقل هذا ما يقول ؟!!
= = = =
ثم يأتي دور الدكتور المفكر الإسلامي !! عبدالصبور شاهين ، ولا أدري أي فكر يحمله !!
فكانت حجته كالآتي :
1-قوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله) يعني أن الحاكمية المطلقة لله وكذا لرسوله.
2-أما قوله (والذين آمنوا) .. فما الدليل على تخصيصها بعلي بن أبي طالب ؟ والحال أن الله يقول : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100)
وهذا الرجل - حقيقة - يجعلك حين تراه قبل أن يتكلم أن تقول : ما شاء الله ! شيبة ! وقار ! هدوء ! علم !
ولكن إياك أن تجعله يتفوه بكلمة !!!!!!
فهو بعد أن اقرَّ بأن (إنما) حصرت الحاكمية في الله تعالى وفي رسول الله صلى الله عليه وآله ، فرحتُ أنا وقلت في نفسي - اسلِّيها - : نعم هكذا العلم !!
وإذا بي أبكي عليه بعد هذا !
لماذا ؟!!
لأنه بعد أن أقرَّ بأن الحاكمية حصرت في الله وفي رسوله ، سقط سقوطاً مبكياً بتعقيبه الذي يقول فيه : (ولكن مالذي جعلكم تحصرون (الذين آمنوا) بعلي وحده ..إلخ ؟!!!
سبحان الله !!!
ولم يكتف بهذا السقوط ، بل يلمح إلى أن هذه الحاكمية هي لكل الصحابة قاطبة ، بدليل استشهاده بآية (والسابقون ..إلخ)
فكيف - يا حنانيك - تكون (الحاكمية) لجميع الصحابة على جميع الصحابة ؟!!!
فما فائدة الحصر بـ (إنما) إذن يا دكتوور ؟!!!!
بالله أريد أن أعرف !!
فالآية حصرت الحاكمية في الله وفي رسوله - كما ذكرتَ - ، ثم عطفتها على (الذين آمنوا) ، ومعروف أن المعطوف يأخذ حكم المعطوف عليه ، ومعلوم ضرورة أن المعني في الخطاب بـ(وليكم) غير المعني في (والذين آمنوا) ..! وإلا لأصبح معنى كلامه (يأ أيها الذين آمنوا إنما وليكم الذين آمنوا) !! وهذا لا يقول به عاقل ..!
فما بالك بعد الحصر في الله وفي الرسول شرَّعتَ كل الأبواب لهذه الحاكمية حتى أدخلتَ فيها الوليد بن عقبة بن أبي معيط الفاسق بنص كتاب الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)
فبإجماع المفسرين على أن هذه الآية نزلت في الوليد المذكور ، فكيف - لله أبوك من دكتور ومفكر إسلامي - تذيب معنى الحاكمية بكل بلاهة حتى تجعلها تصيب أمثال هذا الفاسق السكير ؟!!
فهل هذا إلاّ عين البلادة والبلاهة ؟!!
ولقد اضحكني بقوله مزمجراً - إخفاء لجهله - : أنا لا اسمح بأن يُطعنَ في أحد صحابة رسول الله ...!!
ثم اضاف : ولقد كان أحد المارقين تكلَّمَ في أحد الصحابة - (أظنه ذكرَ معاوية أو عثمان أو غيرهما ، الشك مني ) - فحرمته من الترقية لدرجة الدكتوراه ..(أو إحدى الدرجات العلمية ، فلتراجع الحلقة) ..إلخ الهراء الذي تكلّم به.
يا رجل .. يا رجل .. ألستَ لو بقيتَ ساكتاً أفضل لك ؟!!
شماعة اتخذتموها أكثر من (1400) سنة .. صحابة صحابة !! .. والقرآن في كثير من آياته يذم بعض الصحابة !!
أليس في قولكم هذا تطعنون في مصداقية كتاب الله ؟!!!
قال تعالى : ( ومِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الاَعرابِ مُنَافِقُونَ وَمِن أهلِ المدينةِ مَردُوا على النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعلَمُهُمْ ) ( سورة التوبة: 101 )
وقال تعالى : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:144)
وقال تعالى : (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (الجمعة:11)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (التوبة:38)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6)
سبب النزول : أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث الوليد بن عقبة لجمع صدقات بني المصطلق ، فلمّا شارف ديارهم ركبوا مستقبلين له فحسبهم مقاتليه ، فرجع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال له إنّهم قد ارتدّوا ومنعوا الزكاة ، فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبروه بعدم صحة قول الوليد ، فنزلت الآية . وهي محل اتّفاق بين المفسرين والمؤرخين في نزولها في الوليد بن عقبة ، وفي تسميته فاسقاً (السيرة النبوية ، لابن هشام 3 : 309 . وأسباب نزول القرآن ، للواحدي : 407 . والكشّاف 3 : 559 . وتفسير القرآن العظيم 4 : 224 . والاِصابة 6 : 321 . وأسباب النزول ، للسيوطي : 347)
والوليد بن عقبة كان مشهوراً بالفسق حتى بعد رحيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ،
قال ابن حجر العسقلاني : (وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة مخرجة ، وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين) (الاِصابة 6 : 322 )
وقال تعالى : ( أفَمَن كانَ مُؤمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لايَستَوونَ) (سورة السجدة : 18)
نزلت هذه الآية في الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام والوليد بن عقبة ، قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط للاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : (أنا أحدّ منك سناناً ، وأبسط منك لساناً) .
فقال له الاِمام علي عليه السلام : " اسكت ، فإنّما أنت فاسق " ، فنزلت الآية ، قال عبدالله بن عباس : (يعني بالمؤمن عليّاً ، وبالفاسق الوليد بن عقبة) (أسباب نزول القرآن ، للواحدي 363 )
وقد اتّفق كثير من المفسرين في أنّ المراد بالفاسق هو الوليد بن عقبة (الكشّاف 3 : 514 . وأسباب النزول ، للسيوطي : 293 . والدر المنثور 3 : 514).
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) (الأحزاب:69)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات:2)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف: 2 - 3)
وقال تعالى : (...وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ، إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) (الأحزاب:53)
نزلت هذه الآية في بعض الصحابة الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فعن السدي أنّه قال : (بلغنا أنّ طلحة بن عبيدالله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمِّنا ويتزوج نساءنا ، لئن حدث به حدث لنتزوجنَّ نساءه من بعد (أسباب النزول ، للسيوطي : 306)
وفي رواية أنّ محمد بن عمرو بن حزم ، قال : (إذا توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوجت عائشة) (أسباب النزول ، للسيوطي : 306 . والدر المنثور 5 : 215 .)
وعن عبدالله بن عباس قال : (إنَّ رجلاً أتى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكلمّها وهو ابن عمها ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا تقومنَّ هذا المقام بعد يومك هذا... فمضى ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمّي ، لاَتزوجنّها من بعده ، فأنزل الله هذه الآية... فأعتق ذلك الرجل رقبة ، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله ، وحجَّ ماشياً توبةً من كلمته) (أسباب النزول ، للسيوطي : 307)
وفي هذه الرواية أدرك ذلك الصحابي عظم الذنب ، فتاب إلى الله تعالى، وهذا إن دلَّ على شيء إنّما يدل على أنَّ الصحابي معرّض للانحراف والانزلاق ، وهو يستقيم أحياناً وينحرف أخرى وباب التوبة مفتوح للتائبين .
وقال تعالى : (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:217)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:264)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) (آل عمران:149)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً) (النساء:136)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً) (النساء:144)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)
ثم حديث الحوض
المخرج في الصحيحين - البخاري ومسلم - وفيه إثبات أن الكثير من الصحابة غير ناجين يوم القيامة ، ولا يخلص منهم إلا القليل !
وقصة عمار بن ياسر
صحيح البخاري ج: 1 ص: 172
436 حدثنا مسدد قال حدثنا عبد العزيز بن مختار قال حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال لي بن عباس ولابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال ثم كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال يقول عمار أعوذ بالله من الفتن
....إلخ.
فما بالك يا صبور ؟!!!!
مرآة التواريخ / ... ما في فايدة ..القوم هم القوم ...!!!
تعليق