السياسة
[1] مجلة العرفان الجزء الثالث المجلد الاربعون ص 254 نقلاً عن المجلد التاسع من التذكرة المعلوفية.
سأله شخص عن رأيه في السياسة؛ فقال (عليه السلام):
هي أن ترعى حقوق الله، وحقوق الأحياء، وحقوق الأموات، فأمّا حقوق الله فأداء ما طلب، والاجتناب عما نهى، وأمّا حقوق الأحياء فهي ان تقوم بواجبك نحو اخوانك، ولا تتأخّر عن خدمة أمتك، وان تخلص لوليّ الأمر ما أخلص لأمّته، وأن ترفع عقيرتك في وجهه اذا ما خلا عن الطريق السويّ، واما حقوق الأموات فهي ان تذكر خيراتهم وتتغاضى عن مساوئهم فانّ لهم ربّا يحاسبهم.
ما يجب على الملك
[2] تاريخ اليعقوبي، ج 2 – ص 202.
وقال له معاوية: ما يجب لنا في سلطاننا؟
الإمام: ما قال سليمان بن داود!
معاوية: - وما قال سليمان؟
الإمام: - إنه قال لبعض أصحابه: أتدري ما يجب على الملك في ملكه، وما لا يضرّه اذا أدّى الذي عليه منه، اذا خاف الله في السرّ والعلانية، وعدل في الغضب والرّضا، وقصد في الفقر والغنى، ولم يأخذ الأموال غصباً، ولم يأكلها إسرافاً وتبذيراً، ولم يضرّه ما تمتّع به من دنياه اذا كان من خلّته.
استنصار
[3] ناسخ التواريخ: لما خرج امير المؤمنين إلى البصرة لحرب الجمل، أوفد إلى الكوفة وفداً برئاسة الإمام الحسن فخطب اهل الكوفة بهذه الخطبة. لاستنفارهم إلى الحرب.
وفي كتاب الجمل ص 158 – 159: لما ورد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البصرة قام عبد الله ابن الزبير فخطب في جموع البصريين، وحرضهم على القتال فقال: (أيها الناس، ان علي بن أبي طالب قتل الخليفة عثمان، ثم جهز الجيوش اليكم ليستولي عليكم، ويأخذ مدينتكم، فكونوا رجالاً تطلبون بثأر خليفتكم، واحفظوا حريمكم، وقاتلوا عن نسائكم وذراريكم، واحسابكم وانسابكم، أترضون لأهل الكوفة أن يردوا بلادكم، اغضبوا فقد غوضبتم، وقاتلوا فقد قوتلتم، ألا وان علياً لا يرى معه في هذا الامر أحداً سواه، والله لئن ظفر بكم ليهلكن دينكم ودنياكم..)
وبلغ الإمام اميرالمؤمنين خطاب ابن الزبير فأمر الإمام الحسن بالرد عليه فقام الحسن خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:..
وقد كانت هذه الخطبة مجزأة، فجمعناها من عدة مصادر، منها البحار وناسخ التواريخ، ونسقناها حسب تسلسل مضامينها.
بعد الحمد والثناء:
ايّها الناس، إنّا جئنا ندعوكم إلى الله، وإلى كتابه، وسنة رسوله، والى أفقه من تفقّه من المسلمين، واعدل من تعدلون، وافضل من تفضلون وأوفى من تبايعون، من لم يعبه القرآن، ولم تجهله السّنّة، ولم تقعد به السابقة، إلى من قرّبه الله تعالى ورسوله قرابتين: قرابة الدين وقرابة الرحم. إلى من سبق الناس إلى كلّ مأثرة. إلى من كفى الله به رسوله والناس متخاذلون، فقرّب منه وهم متباعدون، وصلّى معه وهم مشركون، قاتل معه وهم منهزمون، وبارز معه وهم مجمعون، وصدّقه وهم يكذبون، كلّ ذلك من منّ الله على عليّ. إلى من لم تردّ له ولا تكافاً له سابقة، ثم والله ما دعا إلى نفسه، ولقد تداكّ الناس عليه، تداك الابل الهيم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ونكث منهم ناكثون، بلا حدثٍ احدث، ولا خلاف اتاه، حسداً له وبغياً عليه.
ايها الناس! إنه قد كان من مسير امير المؤمنين ما قد بلغكم، وقد أتيناكم مستنفرين، لأنكم جبهة الانصار، ورؤس العرب.. وهو يسألكم النصر، ويدعوكم إلى الحقّ ويأمركم بالمسير اليه، لتؤازروه و تنصروه، على قومٍ نكثوا راية بيعته، وقتلوا اهل الصلاح من أصحابه، ومثلوا بعماله وانتهبوا بيت ماله.. فاشخصوا اليه – رحمكم الله – فأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، واحضروا بما يحضر به الصالحون.
وايم الله، لولم يصره احد منكم، لرجوت أن يكون في من اقبل معه من المهاجرين والانصار كفاية.. فأجيبوا دعوة اميركم، وسيروا إلى اخوانكم، سيوجد لهذا الامر من ينفر اليه، ووالله لأن يليه اولو النّهى، امثل في العاجل والآجل، وخير في العافية فاعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم. انّ امير المؤمنين يقول: (قد خرجت مخرجي هذا ظالماً او مظلوماً فاذكر الله رجلا رعى حقّ الله الا نفر، فان كنت مظلوماً اعانني، وان كنت ظالماً اخذ مني.. والله إنّ طلحة والزبير، لأوّل من بايعني، وأوّل من غدر. فهل استأثرت او بدّلت حكماً؟).
فعليكم – عباد الله – بتقوى الله – وطاعته، والجدّ والصبر، والاستعانة بالله، والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين.
عصمنا الله واياكم، بما عصم به اولياءه وأهل طاعته، والهمنا وإياكم بتقواه، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه، وأستغفر الله لي ولكم.
قد بلغنا مقالة ابن الزبير في أبي وقوله فيه: إنه قتل عثمان، وانتم يا معشر المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين، علمتم بقول الزبير في عثمان، وما كان اسمه عنده، وما كان يتجنّى عليه، وأنّ طلحة يومذاك ركّز رايته على بيت ماله وهو حيّ، فأنّى لهم أن يرموا أبي بقتله وينطقوا بذمّه، ولو شئنا القول فيهم لقلنا.
وأما قوله: إن علياً ابتزّ الناس أمرهم، فان اعظم حجة لأبيه زعم أنه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه فقد أقرّ بالبيعة وادّعى الوليجة، فليأت على ما ادعاه ببرهانٍ وأنّى له ذلك؟
وأمّا تعجّبه من تورّد أهل الكوفة على أهل البصرة، فما عجبه من أهل حقٍّ تورّدوا على أهل باطل.
أمّا أنصار عثمان فليس لنا معهم حرب ولا قتال.
غضبنا الله ولكم
[4] خطب بها لتأليب جماهير العراق، على حرب معاوية في (صفين) جمعناها بهذه الصورة، من ناسخ التواريخ، والبحار.
ان مما عظّم الله عليكم من حقّه، واسبغ عليكم من نعمه، ما لا يحصى ذكره، ولا يؤدّى شكره، ولا يبلغه قول ولا صفة.
ونحن إنما غضبنا لله ولكم، فإنّه منّ علينا بما هو اهله، أن تشكر فيه آلاؤه وبلاؤه ونعماؤه، قولا يصعد إلى الله فيه الرضا، وتنتشر فيه عارفة الصدق يصدق الله فيه قولنا، ونستوجب فيه المزيد من ربّنا، قولا يزيد ولا يبيد، فانه لم يجتمع قوم قطّ على امرٍ واحدٍ الا اشتدّ امرهم، واستحكمت عقدتهم، فاحتشدوا في قتال عدوّكم وجنوده ولا تخاذلوا، فانّ الخذلان يقطع نياط القلوب، وان الإقدام على الأسنة، نخوة وعصمة، لانه لم يمتنع قوم قطّ، الا رفع الله عنهم العلة، وكفاهم حوائج الذلة، وهداهم إلى معالم الملة.
والصلح تأخذ منه ما رضيت به *** والحرب يكفيك من انفاسها جرع
ولكلام الامام ابن الامام أخو الامام بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد .
[1] مجلة العرفان الجزء الثالث المجلد الاربعون ص 254 نقلاً عن المجلد التاسع من التذكرة المعلوفية.
سأله شخص عن رأيه في السياسة؛ فقال (عليه السلام):
هي أن ترعى حقوق الله، وحقوق الأحياء، وحقوق الأموات، فأمّا حقوق الله فأداء ما طلب، والاجتناب عما نهى، وأمّا حقوق الأحياء فهي ان تقوم بواجبك نحو اخوانك، ولا تتأخّر عن خدمة أمتك، وان تخلص لوليّ الأمر ما أخلص لأمّته، وأن ترفع عقيرتك في وجهه اذا ما خلا عن الطريق السويّ، واما حقوق الأموات فهي ان تذكر خيراتهم وتتغاضى عن مساوئهم فانّ لهم ربّا يحاسبهم.
ما يجب على الملك
[2] تاريخ اليعقوبي، ج 2 – ص 202.
وقال له معاوية: ما يجب لنا في سلطاننا؟
الإمام: ما قال سليمان بن داود!
معاوية: - وما قال سليمان؟
الإمام: - إنه قال لبعض أصحابه: أتدري ما يجب على الملك في ملكه، وما لا يضرّه اذا أدّى الذي عليه منه، اذا خاف الله في السرّ والعلانية، وعدل في الغضب والرّضا، وقصد في الفقر والغنى، ولم يأخذ الأموال غصباً، ولم يأكلها إسرافاً وتبذيراً، ولم يضرّه ما تمتّع به من دنياه اذا كان من خلّته.
استنصار
[3] ناسخ التواريخ: لما خرج امير المؤمنين إلى البصرة لحرب الجمل، أوفد إلى الكوفة وفداً برئاسة الإمام الحسن فخطب اهل الكوفة بهذه الخطبة. لاستنفارهم إلى الحرب.
وفي كتاب الجمل ص 158 – 159: لما ورد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى البصرة قام عبد الله ابن الزبير فخطب في جموع البصريين، وحرضهم على القتال فقال: (أيها الناس، ان علي بن أبي طالب قتل الخليفة عثمان، ثم جهز الجيوش اليكم ليستولي عليكم، ويأخذ مدينتكم، فكونوا رجالاً تطلبون بثأر خليفتكم، واحفظوا حريمكم، وقاتلوا عن نسائكم وذراريكم، واحسابكم وانسابكم، أترضون لأهل الكوفة أن يردوا بلادكم، اغضبوا فقد غوضبتم، وقاتلوا فقد قوتلتم، ألا وان علياً لا يرى معه في هذا الامر أحداً سواه، والله لئن ظفر بكم ليهلكن دينكم ودنياكم..)
وبلغ الإمام اميرالمؤمنين خطاب ابن الزبير فأمر الإمام الحسن بالرد عليه فقام الحسن خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:..
وقد كانت هذه الخطبة مجزأة، فجمعناها من عدة مصادر، منها البحار وناسخ التواريخ، ونسقناها حسب تسلسل مضامينها.
بعد الحمد والثناء:
ايّها الناس، إنّا جئنا ندعوكم إلى الله، وإلى كتابه، وسنة رسوله، والى أفقه من تفقّه من المسلمين، واعدل من تعدلون، وافضل من تفضلون وأوفى من تبايعون، من لم يعبه القرآن، ولم تجهله السّنّة، ولم تقعد به السابقة، إلى من قرّبه الله تعالى ورسوله قرابتين: قرابة الدين وقرابة الرحم. إلى من سبق الناس إلى كلّ مأثرة. إلى من كفى الله به رسوله والناس متخاذلون، فقرّب منه وهم متباعدون، وصلّى معه وهم مشركون، قاتل معه وهم منهزمون، وبارز معه وهم مجمعون، وصدّقه وهم يكذبون، كلّ ذلك من منّ الله على عليّ. إلى من لم تردّ له ولا تكافاً له سابقة، ثم والله ما دعا إلى نفسه، ولقد تداكّ الناس عليه، تداك الابل الهيم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ونكث منهم ناكثون، بلا حدثٍ احدث، ولا خلاف اتاه، حسداً له وبغياً عليه.
ايها الناس! إنه قد كان من مسير امير المؤمنين ما قد بلغكم، وقد أتيناكم مستنفرين، لأنكم جبهة الانصار، ورؤس العرب.. وهو يسألكم النصر، ويدعوكم إلى الحقّ ويأمركم بالمسير اليه، لتؤازروه و تنصروه، على قومٍ نكثوا راية بيعته، وقتلوا اهل الصلاح من أصحابه، ومثلوا بعماله وانتهبوا بيت ماله.. فاشخصوا اليه – رحمكم الله – فأمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، واحضروا بما يحضر به الصالحون.
وايم الله، لولم يصره احد منكم، لرجوت أن يكون في من اقبل معه من المهاجرين والانصار كفاية.. فأجيبوا دعوة اميركم، وسيروا إلى اخوانكم، سيوجد لهذا الامر من ينفر اليه، ووالله لأن يليه اولو النّهى، امثل في العاجل والآجل، وخير في العافية فاعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم. انّ امير المؤمنين يقول: (قد خرجت مخرجي هذا ظالماً او مظلوماً فاذكر الله رجلا رعى حقّ الله الا نفر، فان كنت مظلوماً اعانني، وان كنت ظالماً اخذ مني.. والله إنّ طلحة والزبير، لأوّل من بايعني، وأوّل من غدر. فهل استأثرت او بدّلت حكماً؟).
فعليكم – عباد الله – بتقوى الله – وطاعته، والجدّ والصبر، والاستعانة بالله، والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين.
عصمنا الله واياكم، بما عصم به اولياءه وأهل طاعته، والهمنا وإياكم بتقواه، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه، وأستغفر الله لي ولكم.
قد بلغنا مقالة ابن الزبير في أبي وقوله فيه: إنه قتل عثمان، وانتم يا معشر المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين، علمتم بقول الزبير في عثمان، وما كان اسمه عنده، وما كان يتجنّى عليه، وأنّ طلحة يومذاك ركّز رايته على بيت ماله وهو حيّ، فأنّى لهم أن يرموا أبي بقتله وينطقوا بذمّه، ولو شئنا القول فيهم لقلنا.
وأما قوله: إن علياً ابتزّ الناس أمرهم، فان اعظم حجة لأبيه زعم أنه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه فقد أقرّ بالبيعة وادّعى الوليجة، فليأت على ما ادعاه ببرهانٍ وأنّى له ذلك؟
وأمّا تعجّبه من تورّد أهل الكوفة على أهل البصرة، فما عجبه من أهل حقٍّ تورّدوا على أهل باطل.
أمّا أنصار عثمان فليس لنا معهم حرب ولا قتال.
غضبنا الله ولكم
[4] خطب بها لتأليب جماهير العراق، على حرب معاوية في (صفين) جمعناها بهذه الصورة، من ناسخ التواريخ، والبحار.
ان مما عظّم الله عليكم من حقّه، واسبغ عليكم من نعمه، ما لا يحصى ذكره، ولا يؤدّى شكره، ولا يبلغه قول ولا صفة.
ونحن إنما غضبنا لله ولكم، فإنّه منّ علينا بما هو اهله، أن تشكر فيه آلاؤه وبلاؤه ونعماؤه، قولا يصعد إلى الله فيه الرضا، وتنتشر فيه عارفة الصدق يصدق الله فيه قولنا، ونستوجب فيه المزيد من ربّنا، قولا يزيد ولا يبيد، فانه لم يجتمع قوم قطّ على امرٍ واحدٍ الا اشتدّ امرهم، واستحكمت عقدتهم، فاحتشدوا في قتال عدوّكم وجنوده ولا تخاذلوا، فانّ الخذلان يقطع نياط القلوب، وان الإقدام على الأسنة، نخوة وعصمة، لانه لم يمتنع قوم قطّ، الا رفع الله عنهم العلة، وكفاهم حوائج الذلة، وهداهم إلى معالم الملة.
والصلح تأخذ منه ما رضيت به *** والحرب يكفيك من انفاسها جرع
ولكلام الامام ابن الامام أخو الامام بقية رحم الله من ذكر القائم من آل محمد .
تعليق