المرأة عند الشيعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أكرم الأنبياء وأفضل المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين .
كتب بعض البعيدين عن أسلوب الحوار العلمي وأخلاق الإسلام الرسالية (( ورقة )) حاول من خلالها تزوير الحقائق والكذب على مذهب أهل البيت عليهم السلام ، و قد قام هذا البعض بنشر هذه (( الوريقة )) على بعض الأخوات المؤمنات من أجل إبعادهن عن التشيع ، وحرفهن عن منهج رسول الله و عترته الطاهرة صلوات الله عليهم جمعين .
و هنا سوف نحاول التعليق على ما جاء في هذه (( الوريقة )) من كذب وتحريف قلب للحقائق ، وسوف نقتصر في تعلقنا على ذكر بعض نقاط الضعف حفاظاً على التناسب الكمي بين الأصل والرد :
الوقفة الأولى :
قال كاتب /كاتبة الوريقة : أختي الغالية إن ما أريد الحديث عنه واستئذانك قبل ذلك . هو أن تتفكري في المعتقد الذي تعتقدينه ، ولو أردت الحديث عن جميع تفاصيله لم أستطع ذلك في هذه الرسالة القصيرة . فهنالك الكتب المؤلفة في هذا الشأن من حيث النقد والتحليل ، وأنت ((معلمة )) لك القدرة على التفكير والتأمل ثم بعد ذلك حق تقرير المصير . وسأشير إلى موضوع واحد فقط (( واسمحي لي بذلك )) الا وهو (( المرأة عند الشيعة )) .
أقول : هنالك أصل و أساس لأكثر الاختلافات الواقعة بين الشيعة و السنة ، فإن الاختلاف في حقيقة الإمامة وكيفية انعقادها وشروط تحققها ، سبب لكثير من النقاط الخلافية بين المذهبين ، وليس من الأسلوب العلمي في شي مناقشة نقاط الاختلاف الجزئية قبل مناقشة أساس الاختلاف ، وهو مسألة (( الإمامة )) .
وبنحو من الاختصار يمكن أن نقول حول الاختلاف الواقع في مسألة (( الإمامة )) : أن إخواننا السنة اختلفوا في كيفية تحقق مقام (( الإمامة )) فبعضهم ذهب إلى تحققها بأي طريق (( بالقهر والاستيلاء والتسلط ، بنص الخليفة السابق على إمامة وخلافة اللاحق ، بالوراثة ، بالشورى )) وبعضهم ذهب إلى انعقادها بخصوص ((الشورى )) وهؤلاء اختلفوا ـ أيضاًـ في عدد من تنعقد بهم الإمامة ، والأقوال في ذلك متعددة ومختلفة جداً : 1ـ أن يجتمع على عقدها جميع أفراد الأمة . 2ـ أن يجتمع على عقدها جميع أهل الحل العقد . 3ـ أكثر أهل الحل والعقد . 4ـ كفاية خمسة من أهل الحل والعقد . 5 ـ كفاية ثلاثة منهم . 6ـ كفاية اثنين . 7ـ تنعقد ببيعة واحد وتكون ملزمة لجميع الأمة .
ولم يقدم أهل السنة دليلاً على أقوالهم المتعددة ، نعم استدل كل صاحب قول على قوله بفعل الصحابة ، فأبوبكر انعقدت إمامته بشورى بعض الصحابة ، وعمر انعقدت إمامته بالتعيين ، وفي يوم الشورى حصر عمر المشورة في ستة وجعل المدار في التعيين لعبد الرحمن ابن عوف ، ولما كان من الواجب على جميع المسلمين في كل عصر معرفة الإمام لقول الرسول صلى الله عليه وآله (( ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )) ـ راجع صحيح مسلم شرح النووي ج12 ص 240ـ فقد ذهب بعض علماء السنة إلى شرعية خلافة بني أمية وبني مروان وبني العباس وإن كانت بالقهر والاستيلاء أو الوراثة .
ويمكن أن نلاحظ على ذلك :
أولاً : أن فعل الصحابة ليس مصدراً من مصادر التشريع ، فلا يمكن التعويل عليه في هذا المسألة المهمة والخطيرة ، والتي يتوقف عليه إيمان الإنسان كما في قول رسول الله ((من مات وليس عليه إمام جماعة، فانّ موتته موتة جاهلية )) . راجع مستدرك حاكم، ج1، ص77 ؛ اتحاف سادةالمتقين، ج6، ص122؛ مجمع الزوائدج5، ص225؛ الدرّالمنثورج2، ص61. وقد صححه الحاكم بشرط الشيخين .
وثانياً : من البعيد جداً أن يهمل الرسول صلى الله عليه وآله ـ وهو الذي سلك كل طريق لهداية الأمة ـ موضوع الإمامة ، فهل من المعقول أن ترد روايات متعددة عن رسول الله في كيفية انعقاد النكاح ـ والذي هو علاقة بين فردين من الأمة ـ ولا ترد عنه روايات في كيفية انعقاد الإمامة والتي هي علاقة بين فرد وهو الإمام وبين جميع أفراد الأمة ؟! ثم كيف يهتم أبو بكر وعمر بن الخطاب بموضوع الخلافة ولا يهتم به رسول الله صلى الله عليه وآله ؟!
وثالثاً : إذا لم يكن الرسول مهملاً لموضوع كيفية انعقاد الإمامة ، فلا بد من البحث في نفس الأحاديث النبوية الشريفة للظفر بالجواب التام على (( كيفية انعقاد الإمامة بعد النبي )).
وإذا تتبعنا كتب الروايات والأخبار سوف نظفر بمجموعة من الروايات التي تحدد لنا معالم الإمامة وكيفية انعقادها ، وهنا نكتفي بذكر بعض تلك الروايات :
القسم الأول : الروايات التي تأمر الصحابة وكل الأمة باتباع أهل البيت عليهم السلام منها :
1ـ في صحيح الترمذي وذخائر العقبى والصواعق المحرقة قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما . راجع صحيح الترمذي : ج5 ص 329 .
2ـ في كفاية الطالب والمعجم الصغير قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر الله له . راجع كفاية الطالب : ص 378.
3ـ وقد حددت الروايات المراد من أهل البيت فقد أخرج النسائي في كتابه خصائص الإمام علي عليه السلام بسند صحيح عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر سعداً معاوية ، فقال : ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب ؟ فقال : أنا ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه لأن يكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم : سمعت رسـول الله صلى الله عليه وسلم يقول له وخلّفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوّة بعدي ؟
وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قتطاولنا إليهما ، فقال : ادعوا لي عليّاً فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه .. ولمّا نزلت : { إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } دعا رسول الله صلى الله عليه عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي . راجع خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ص 32ـ 33.
القسم الثاني : الروايات التي نصت على إمامة الإمام علي عليه السلام بعد الرسول مباشرة ، ومنها :
1ـ حديث الدار الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن ابي طالب عليه السلام : ان هذا أخي و و صيي وخليفتي فيكم . راجع تاريخ الطبري : ج2 ص319 ـ 321 راجع المراجعات تحقيق وتعليق الشيخ حسين الراضي : ص 164ـ 304.
2ـ أخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده بالإسناد إلى ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي وليوال وليه ، وليقتدي بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي .
3ـ في صحيح البخاري عن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليـه السلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى . صحيح البخاري : ج4 ص23 باب فضائل أصحاب النبي.
4ـ عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع رسول الله في حجته التي حج ، فنزل في بعض الطريق ، فأمر الصلاة جماعة ، فأخذ بيد علي ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا بلى . قال : ألست أولى بكل مؤ من من نفسه ؟ قالوا : بلى . قال : فهذا ولي من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . راجع سنن ابن ماجة : ج1ص43.راجع سنن الترمذي : ج ص 633. للوقوف على تواتر الحديث راجع كتاب الغدير المجلد الاول ، وكتاب المراجعات من ص 435 إلى ص 458.
أقول : ومع وجود هذه الروايات لا معنى للبحث عن كيفية انعقاد الإمامة هل هو بالشورى أو بالنص ، إذ لا معنى للشورى مع وجود نص رسول الله على الإمامة ، ومن هنا يظهر لنا عدم مشروعية تجمع بعض الصحابة من أجل تعيين الخليفة في السقيفة .
الوقفة الثانية :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )): لقد استغلت المتعة أبشع استغلال ، وأهينت المرأة شر إهانة وصار الكثيرون يشبعون غرائزهم الجنسية تحت ستار المتعة باسم الدين .
أقول : يمكن أن نسجل على هذا الكلام عدة ملاحظات :
الأولى : أن هنالك فرق بين مرحلة تشريع القانون ، وبين مرحلة تطبيقه ، والأخطاء الواقعة في مرحلة التطبيق لا تنعكس على مرحلة التشريع ، ولو كان الخطأ في التطبيق يستلزم رفع اليد عن تشريع القانون ، للزم الحكم ببطلان حكم (( تعدد الزوجات)) ـ المجمع عليه بين السنة والشيعة ـ فقد استغل هذا الحكم أبشع استغلال وأهينت المرأة به من قبل بعض الجهال شر إهانة ، فهل يلتزم أصحاب هذه (( الوريقة)) ببطلان حكم (( تعدد الزوجات)) فقد لوجود من أستغله باسم الدين و تحت ذريعة موافقة الشريعة .
إن لنكاح المتعة ضوابط وشروط ، إذ لا بد فيه من العقد ، كما لا يجوز فيه نكاح المحارم و المرأة المتزوجة أو التي في العدة ، ومخالفة هذه الشروط من قبل بعض الجهال لا تعني عدم ثبوت أصل مشروعيته ، كما أن مخالفة شروط النكاح الدائم من بعض الجهال لا يعني عدم مشروعيته .
الثانية : أنه لا خلاف بين الشيعة والسنة في اصل تشريع نكاح المتعة ، وإنما وقع الخلاف في نسخها ، فالسنة يعتقدون بنسخها ، والشيعة يعتقدون بعدم نسخها ، وإذ ثبت تشريع المتعة بالاتفاق يكون القول : ((بأن تشريع المتعة إهانة للمرأة )) طعناً في الدين ، وترويجاً لاعتقاد الغربيين والعلمانيين الذين يذهبون إلى أن الإسلام ينتقص المرأة ويحتقرها .
الثالثة : ذكرت كتب التاريخ والروايات ذهاب بعض الصحابة وعلماء السنة إلى عدم نسخها من قبل الرسول صلى الله عليه وآله ، وهنا نكتفي بذكر بعض الأسماء والمصادر :
1ـ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام . راجع تفسير الطبري 5/9.
2ـ عبد الله بن عمر فقد أخرج أحمد في مسنده أن ابن عمر سئل عن المتعة فقال : والله ما كنا على عهد رسول الله زانين ولا مسافحين . راجع المسند 2/95.
3ـ عبد الله بن مسعود . راجع صحيح البخاري 7/4 كتاب النكاح .
4ـ عمر بن الحصين . راجع صحيح البخاري 6ـ27 في تفسير قوله تعالى (( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )) .
5ـ ابن جريج . قال الذهبي في تذكرة الحفاظ :1/170 وقال جرير: كان ابن جريج يرى المتعة ، تزوج ستين امرأة. وقال: قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول : استمتع ابن جريج بتسعين امرأة، حتى إنه كان يحتقن في الليلة بأوقية شيرج طلباً للجماع.
أقول : فهل ينسب صاحب هذه (( الوريقة )) تحقير و إهانة واستغلال المرأة لهؤلاء الصحابة والعلماء ؟!
الوقفة الثالثة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : حتى رووا روايات ترغب في المتعة . من ذلك قولهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (( من تمتع بامرأة مؤمنة كأنما زار الكعبة سبعين مرة )) ؟! ورى الصدوق عن الصادق ـ رضي الله عنه ـ قال (( المتعة ديني ودين آبائي فمن عمل بها عمل بديننا ، ومن أنكرها أنكر ديننا ، واعتقد بغير ديننا )) انظري : من لا يحضره الفقيه 3/ 366 . وهنا تكفير لمن لم يقل بالمتعة .
(( من تمتع بأربع نساء كان كدرجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم )) رواية السيد فتح الكاشاني في تفسير منهج الصادقين .
أقول : أما الحديث الأول (( من تمتع بأمرأة مؤمنة . . . )) فلا وجود له أصلاً في كتب الشيعة ، ولعله لهذا لم يذكر صاحب (( الوريقة )) له مصدراً . وأما الحديث الثاني (( المتعة ديني . . . )) فهو ـ أيضاً ـ مكذوب ، إذ لا وجود له في كتاب من لا يحضره الفقيه ولا في غيره من كتب الشيعة .
وأما الحديث الثالث (( من تمتع بأربع . . . )) فهو ـ أيضاً ـ مكذوب لا وجود له في كتب الشيعة المعتبرة وغير المعتبرة ، ولو سلمنا وروده في كتب الشيعة فما هو المحذور في أن يجعل الله الكون مع رسول الله ثواباً للمتقرب إليه بالمتعة ؟! فهل يشك أحد ففي فضل النكاح خصوصاً إذا كان مبعداً للإنسان عن أحد الذنوب الكبيرة وهو ((الزنا)) ؟! والذي يرفع الاستبعاد ـ أيضاً ـ ما ورد في كتب الشيعة والسنة من جعل (( الكون مع رسول الله في الجنة )) ثواباً لبعض الأعمال العظيمة ، فقد أخرج الترمذي في سننه، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وأحمد في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير بأسانيدهم عن علي بن أبي طالب أن رسول الله (ص) أخذ بيد حسن وحسين فقال: مَن أحبَّني وأحبَّ هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة . راجع سنن الترمذي : 5/641 قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. الأحاديث المختارة2/45 .
الوقفة الرابعة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : قال الكليني : المتعة تجوز ولو بضجعة واحدة بين الرجل والمرأة فروع الكافي 5/46 .
قال الكليني : يمكن التمتع بمن في العاشرة من العمر . فروع الكافي 5/163والطوسي في التهذيب 7/255 .
يقول الإمام الخميني : لا بأس بالتمتع بالرضيعة ضماً وتفخيذاً ـ أي يضع ذكره بين فخذيها ـ وتقبيلاً . كتاب الوسيلة 2/241 مسألة رقم 12.
أقول : أما بالنسبة إلى (( المتعة تجوز ولو بضجعة )) فلم أدرك وجه الإشكال فيها ؟! إذ بعد القول بجواز نكاح المنقطع ـ وهو الذي ذهب إليه الشيعة و بعض الصحابة وعلماء السنة كما تقدم ـ فما هي المشكلة في كون مدة النكاح طويلة أو قصيرة ؟! ثم لا يخفى أن بعض علماء السنة في قد جوزوا ذلك في الدائم في النكاح بـ(( نية الطلاق )) .
وأما الاعتراض على (( يمكن التمتع بمن في العاشرة )) فهو يدل على الجهل الشديد الذي يتمتع به كاتب هذه (( الوريقة )) وذلك لأن القول بجواز الزواج بمن دون العشرة متفق عليه في الدائم بين الشيعة والسنة ، فقد أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم بأسانيدهم عن عائشة، أنها قالت: تزوَّجني النبي 0 وأنا ابنة ست ، وبنى بي وأنا ابنة تسع .
وأما الاعتراض على قول السيد الإمام الخميني رحمه الله ، فهو ـ أيضاً ـ كسابقه يدل على الجهل العميق ، إذ الحكم بجواز الاستمتاع بالصغيرة أمر متفق عليه بين السنة والشيعة ، نعم اتفق علماء الشيعة على عدم جواز الإدخال فيها قبل إكمال التاسعة ، وأما علماء السنة فقد أختلفوا فبعضهم وافق الشيعة ، وبعضهم ذهب إلى جواز ذلك وأكتفي هنا بنقل ما في كتاب (( المغني )) لابن قدامة في (( كتاب العدة)) : مسألة إذا ملك أمة هل يجب استبرائها أولا ؟ رقم المسألة 6379 :فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فظاهر كلام الخرقي تحريم قبلتها ومباشرتها لشهوة قبل استبرائها وهو ظاهر كلام أحمد وفي أكثر الروايات عنه قال « تستبرأ وإن كانت في المهد » وروي عنه أنه قـال إن كـانت صغيرة بأي شيء تستبرأ « إذا كانت رضيعة » !! وقال في رواية أخرى تستبرأ بحيضة إذا كانت ممن تحيض و إلا بثلاثة أشهر إن كانت ممن توطأ وتحبل . فظاهر هذا أنه لا يجب استبراؤها ولا تحرم مباشرتها .وهذا اختيار أبي موسى وقول مالك وهو الصحيح لأن سبب الإباحة متحقق وليس على تحريمها دليل فإنه لا نص فيه ولا معنى نص لأن تحريم مباشرة الكبيرة إنما كان لكونه داعيا إلى الوطء المحرم أو خشية أن تكون أم ولد لغيره ولا يتوهم هذا في هذه فوجب العمل بمقتضى الإباحة .
الوقفة الخامسة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : والعجيب أن الذي روى تحريم المتعة هو أمير المؤمنين علي رضي الله عنه . انظري التهذيب 2 186. والاستبصار 3/142 . وسائل الشيعة 14/ 441 . والتهذيب 2/189 . وعندهم إباحة التمتع بالمرأة المحصنة أي المتزوجة دون علم زوجها فروع الكافي 5/463 تهذيب الأحكام 7/ 554 . الاستبصار 3/ 145 .
أقول : أما بالنسبة إلى كذبة (( تحريم أمير المؤمنين عليه السلام للمتعة )) فإن الثابت عنه من طرق الشيعة والسنة عدم التحريم ، وقد نقلنا ـ سابقاً ـ بعض المصادر من كتب العامة . ولو سلمنا وجود بعض الروايات فهي مطروحة لمخالفتها الروايات الدالة على جوازها ، فإن الروايات الدالة على الجواز متواتر وموافق لكتاب الله قال تعالى (( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن )) .
وأما بالنسبة إلى قول صاحب (( الوريقة )) : (( وعندهم إباحة التمتع بالمرأة المحصنة أي المتزوجة دون علم زوجها)) فهو كذب لا وجود له في أي كتاب من كتب الشيعة المعتبرة وغير المعتبرة . فإن الزنا من المحرمات الكبيرة عند الشيعة وتتأكد حرمته إذا كان الزاني محصناً أو كان المزني بها محصنة ،فهو لا يجوز عندهم بحال من الأحوال ، نعم ذهب بعض علماء السنة إلى جواز الزنا في بعض الموارد ننقل بعضها من مصادرها :
1ـ وأفتى أبو حنيفة بأن الرجل إذا استأجر المرأة للوطء، ولم يكن بينهما عَقد نكاح، فليس ذلك بزنا، ولا حدّ فيه. والزنا عنده ما كان مطارفة ، وأما ما فيه عطاء فليس بزنا. راجع المحلى : 12|196.
2ـ قال ابن حزم : أباح الأحناف لمن طالت يده من الفسَّاق أو قصُرت أن يأتي إلى زوج أي امرأة عشقها، فيضربه بالسوط على ظهره حتى ينطق بطلاقها مكرهاً، فإذا اعتدَّت المرأة أكرهها الفاسق على أن تتزوّجه بالسيـاط أيضاً، حتى تنطق بالقبول مكرهة، فيكون ذلك عندهم نكـاحاً طيّبـاً، وزواجاً مباركاً، ووطءً حلالاً، يُتقرَّب به إلى الله تعالى. راجع المحلى : 12|417.
3ـ يقول ابن الماجشون – فقيه مالكي وهو صاحب مالك - : إن المخدمة سنين كثيرة لا حد على المخدِم-بكسر الدال- إذا وطئها.. راجع المحلى لابن حزم /ج11/250/طبع مصر المنيرية 1352هـ
4ـ نقل ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه « المغني » عن أحد فقهائهم ، ج9 ص54(( وكذلك لو استدخلت امرأة ذكر صبي لم يبلغ عشرا لا حد عليها )).
الوقفة السادسة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : وهنالك فتاوى تقول : بجواز إعارة الفروج في الحوزة القائمية في إيران منهم السيد لطف الله الصافي . وجنوب العراق وبغداد في منطقة الثورة السيستاني ، والصدر والشرازي والطباطبائي . وروى الطوسي عم أبي اليعفور عن أبي عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن يجوز للرجل أن يفعل اللواط بامرأته !! الاستبصار 3/ 243.
أقول : أما مسألة إعارة الفروج فهي لا تجوز بالاتفاق عند الشيعة إلا في الأمة غير المتزوجة ، أما في الأمة غير المتزوجة فيجوز عند الشيعة وعند بعض السنة ، وهنا نكتفي بنقل أقوال السنة في الجواز :
عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع طاووساً يقول: قال ابن عباس: إذا أحلَّت امرأة الرجل أو ابنته أو أخته له جاريتها فليُصِبْها، وهي لها، قال ابن عباس: فليجعل به بين وركيها. قال ابن حزم في المحلى : 12/ 208 أما قول ابن عباس فهو عنه وعن طاووس في غاية الصحة، ولكنا لا نقول به، إذ لا حجة في قول أحد دون رسول الله .
وعنه : أخبرني عبد الله بن قيس عن الوليد بن هشام أخبره أنه سأل عمر بن عبد العزيز فقال: امرأتي أحلَّت جاريتها لابنها. قال: فهي له . المصنف لعبد الرزاق 7/ 169 ـ 170 .
وقال ابن حزم: وبه ـ أي وبجواز التحليل ـ يقول سفيان الثوري.راجع المحلى 12/ 206 .
قال ابن تيمية: إذا آجر الرجل الدار لأجل بيع الخمر واتخاذها كنيسة أو بيعة، لم يجز قولاً واحداً، وبه قال الشافعي، كما لا يجوز أن يكري أمته أو عبده للفجـور. وقال أبو حنيفة: يجوز أن يؤاجرها لذلك . راجع اقتضاء الصراط المستقيم : ص236.
وأما بالنسبة إلى مسألة (( جواز وطء المرأة في دبرها )) وهو ما عبر عنه كاتب (( الوريقة )) جهلاً بـ (( اللواط )) فيكفي في مقام الجواب أن نقول : بأن هذه مسألة خلافية ذهب بعض الشيعة والسنة إلى الحرمة فيها ، وذهب البعض الآخر إلى الجواز ، و نكتفي هنا بنقل ما يدل على وجود مجوز من السنة :
قال ابن عربي : المسألة الثانية : اختلف العلماء في جواز نكاح المرأة في دبرها ; فجوزه طائفة كثيرة , وقد جمع ذلك ابن شعبان في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن " وأسند جوازه إلى زمرة كريمة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة. راجع أحكام القرآن لابن عربي-سورة البقرة-الآية الثانية والستون (نسائكم حرث لكم) - مسألة نكاح المرأة في دبرها ج1.
الحمد لله رب العالمين
ملاحظة : لقد وزع الوهابيون ورقتهم هذه على المؤمنات العاملات في حقل التعليم في المدارس الحكومية بالمملكة العربية السعودية ، وكانت حصة الأسد للمعلمات المغتربات عن أوطانهن .
منقول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أكرم الأنبياء وأفضل المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين .
كتب بعض البعيدين عن أسلوب الحوار العلمي وأخلاق الإسلام الرسالية (( ورقة )) حاول من خلالها تزوير الحقائق والكذب على مذهب أهل البيت عليهم السلام ، و قد قام هذا البعض بنشر هذه (( الوريقة )) على بعض الأخوات المؤمنات من أجل إبعادهن عن التشيع ، وحرفهن عن منهج رسول الله و عترته الطاهرة صلوات الله عليهم جمعين .
و هنا سوف نحاول التعليق على ما جاء في هذه (( الوريقة )) من كذب وتحريف قلب للحقائق ، وسوف نقتصر في تعلقنا على ذكر بعض نقاط الضعف حفاظاً على التناسب الكمي بين الأصل والرد :
الوقفة الأولى :
قال كاتب /كاتبة الوريقة : أختي الغالية إن ما أريد الحديث عنه واستئذانك قبل ذلك . هو أن تتفكري في المعتقد الذي تعتقدينه ، ولو أردت الحديث عن جميع تفاصيله لم أستطع ذلك في هذه الرسالة القصيرة . فهنالك الكتب المؤلفة في هذا الشأن من حيث النقد والتحليل ، وأنت ((معلمة )) لك القدرة على التفكير والتأمل ثم بعد ذلك حق تقرير المصير . وسأشير إلى موضوع واحد فقط (( واسمحي لي بذلك )) الا وهو (( المرأة عند الشيعة )) .
أقول : هنالك أصل و أساس لأكثر الاختلافات الواقعة بين الشيعة و السنة ، فإن الاختلاف في حقيقة الإمامة وكيفية انعقادها وشروط تحققها ، سبب لكثير من النقاط الخلافية بين المذهبين ، وليس من الأسلوب العلمي في شي مناقشة نقاط الاختلاف الجزئية قبل مناقشة أساس الاختلاف ، وهو مسألة (( الإمامة )) .
وبنحو من الاختصار يمكن أن نقول حول الاختلاف الواقع في مسألة (( الإمامة )) : أن إخواننا السنة اختلفوا في كيفية تحقق مقام (( الإمامة )) فبعضهم ذهب إلى تحققها بأي طريق (( بالقهر والاستيلاء والتسلط ، بنص الخليفة السابق على إمامة وخلافة اللاحق ، بالوراثة ، بالشورى )) وبعضهم ذهب إلى انعقادها بخصوص ((الشورى )) وهؤلاء اختلفوا ـ أيضاًـ في عدد من تنعقد بهم الإمامة ، والأقوال في ذلك متعددة ومختلفة جداً : 1ـ أن يجتمع على عقدها جميع أفراد الأمة . 2ـ أن يجتمع على عقدها جميع أهل الحل العقد . 3ـ أكثر أهل الحل والعقد . 4ـ كفاية خمسة من أهل الحل والعقد . 5 ـ كفاية ثلاثة منهم . 6ـ كفاية اثنين . 7ـ تنعقد ببيعة واحد وتكون ملزمة لجميع الأمة .
ولم يقدم أهل السنة دليلاً على أقوالهم المتعددة ، نعم استدل كل صاحب قول على قوله بفعل الصحابة ، فأبوبكر انعقدت إمامته بشورى بعض الصحابة ، وعمر انعقدت إمامته بالتعيين ، وفي يوم الشورى حصر عمر المشورة في ستة وجعل المدار في التعيين لعبد الرحمن ابن عوف ، ولما كان من الواجب على جميع المسلمين في كل عصر معرفة الإمام لقول الرسول صلى الله عليه وآله (( ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )) ـ راجع صحيح مسلم شرح النووي ج12 ص 240ـ فقد ذهب بعض علماء السنة إلى شرعية خلافة بني أمية وبني مروان وبني العباس وإن كانت بالقهر والاستيلاء أو الوراثة .
ويمكن أن نلاحظ على ذلك :
أولاً : أن فعل الصحابة ليس مصدراً من مصادر التشريع ، فلا يمكن التعويل عليه في هذا المسألة المهمة والخطيرة ، والتي يتوقف عليه إيمان الإنسان كما في قول رسول الله ((من مات وليس عليه إمام جماعة، فانّ موتته موتة جاهلية )) . راجع مستدرك حاكم، ج1، ص77 ؛ اتحاف سادةالمتقين، ج6، ص122؛ مجمع الزوائدج5، ص225؛ الدرّالمنثورج2، ص61. وقد صححه الحاكم بشرط الشيخين .
وثانياً : من البعيد جداً أن يهمل الرسول صلى الله عليه وآله ـ وهو الذي سلك كل طريق لهداية الأمة ـ موضوع الإمامة ، فهل من المعقول أن ترد روايات متعددة عن رسول الله في كيفية انعقاد النكاح ـ والذي هو علاقة بين فردين من الأمة ـ ولا ترد عنه روايات في كيفية انعقاد الإمامة والتي هي علاقة بين فرد وهو الإمام وبين جميع أفراد الأمة ؟! ثم كيف يهتم أبو بكر وعمر بن الخطاب بموضوع الخلافة ولا يهتم به رسول الله صلى الله عليه وآله ؟!
وثالثاً : إذا لم يكن الرسول مهملاً لموضوع كيفية انعقاد الإمامة ، فلا بد من البحث في نفس الأحاديث النبوية الشريفة للظفر بالجواب التام على (( كيفية انعقاد الإمامة بعد النبي )).
وإذا تتبعنا كتب الروايات والأخبار سوف نظفر بمجموعة من الروايات التي تحدد لنا معالم الإمامة وكيفية انعقادها ، وهنا نكتفي بذكر بعض تلك الروايات :
القسم الأول : الروايات التي تأمر الصحابة وكل الأمة باتباع أهل البيت عليهم السلام منها :
1ـ في صحيح الترمذي وذخائر العقبى والصواعق المحرقة قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما . راجع صحيح الترمذي : ج5 ص 329 .
2ـ في كفاية الطالب والمعجم الصغير قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر الله له . راجع كفاية الطالب : ص 378.
3ـ وقد حددت الروايات المراد من أهل البيت فقد أخرج النسائي في كتابه خصائص الإمام علي عليه السلام بسند صحيح عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر سعداً معاوية ، فقال : ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب ؟ فقال : أنا ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبّه لأن يكون لي واحدة منها أحب إلي من حمر النعم : سمعت رسـول الله صلى الله عليه وسلم يقول له وخلّفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوّة بعدي ؟
وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قتطاولنا إليهما ، فقال : ادعوا لي عليّاً فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه .. ولمّا نزلت : { إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } دعا رسول الله صلى الله عليه عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي . راجع خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ص 32ـ 33.
القسم الثاني : الروايات التي نصت على إمامة الإمام علي عليه السلام بعد الرسول مباشرة ، ومنها :
1ـ حديث الدار الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن ابي طالب عليه السلام : ان هذا أخي و و صيي وخليفتي فيكم . راجع تاريخ الطبري : ج2 ص319 ـ 321 راجع المراجعات تحقيق وتعليق الشيخ حسين الراضي : ص 164ـ 304.
2ـ أخرج الطبراني في الكبير ، والرافعي في مسنده بالإسناد إلى ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي وليوال وليه ، وليقتدي بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي .
3ـ في صحيح البخاري عن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليـه السلام : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هـارون من موسى . صحيح البخاري : ج4 ص23 باب فضائل أصحاب النبي.
4ـ عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع رسول الله في حجته التي حج ، فنزل في بعض الطريق ، فأمر الصلاة جماعة ، فأخذ بيد علي ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا بلى . قال : ألست أولى بكل مؤ من من نفسه ؟ قالوا : بلى . قال : فهذا ولي من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . راجع سنن ابن ماجة : ج1ص43.راجع سنن الترمذي : ج ص 633. للوقوف على تواتر الحديث راجع كتاب الغدير المجلد الاول ، وكتاب المراجعات من ص 435 إلى ص 458.
أقول : ومع وجود هذه الروايات لا معنى للبحث عن كيفية انعقاد الإمامة هل هو بالشورى أو بالنص ، إذ لا معنى للشورى مع وجود نص رسول الله على الإمامة ، ومن هنا يظهر لنا عدم مشروعية تجمع بعض الصحابة من أجل تعيين الخليفة في السقيفة .
الوقفة الثانية :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )): لقد استغلت المتعة أبشع استغلال ، وأهينت المرأة شر إهانة وصار الكثيرون يشبعون غرائزهم الجنسية تحت ستار المتعة باسم الدين .
أقول : يمكن أن نسجل على هذا الكلام عدة ملاحظات :
الأولى : أن هنالك فرق بين مرحلة تشريع القانون ، وبين مرحلة تطبيقه ، والأخطاء الواقعة في مرحلة التطبيق لا تنعكس على مرحلة التشريع ، ولو كان الخطأ في التطبيق يستلزم رفع اليد عن تشريع القانون ، للزم الحكم ببطلان حكم (( تعدد الزوجات)) ـ المجمع عليه بين السنة والشيعة ـ فقد استغل هذا الحكم أبشع استغلال وأهينت المرأة به من قبل بعض الجهال شر إهانة ، فهل يلتزم أصحاب هذه (( الوريقة)) ببطلان حكم (( تعدد الزوجات)) فقد لوجود من أستغله باسم الدين و تحت ذريعة موافقة الشريعة .
إن لنكاح المتعة ضوابط وشروط ، إذ لا بد فيه من العقد ، كما لا يجوز فيه نكاح المحارم و المرأة المتزوجة أو التي في العدة ، ومخالفة هذه الشروط من قبل بعض الجهال لا تعني عدم ثبوت أصل مشروعيته ، كما أن مخالفة شروط النكاح الدائم من بعض الجهال لا يعني عدم مشروعيته .
الثانية : أنه لا خلاف بين الشيعة والسنة في اصل تشريع نكاح المتعة ، وإنما وقع الخلاف في نسخها ، فالسنة يعتقدون بنسخها ، والشيعة يعتقدون بعدم نسخها ، وإذ ثبت تشريع المتعة بالاتفاق يكون القول : ((بأن تشريع المتعة إهانة للمرأة )) طعناً في الدين ، وترويجاً لاعتقاد الغربيين والعلمانيين الذين يذهبون إلى أن الإسلام ينتقص المرأة ويحتقرها .
الثالثة : ذكرت كتب التاريخ والروايات ذهاب بعض الصحابة وعلماء السنة إلى عدم نسخها من قبل الرسول صلى الله عليه وآله ، وهنا نكتفي بذكر بعض الأسماء والمصادر :
1ـ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام . راجع تفسير الطبري 5/9.
2ـ عبد الله بن عمر فقد أخرج أحمد في مسنده أن ابن عمر سئل عن المتعة فقال : والله ما كنا على عهد رسول الله زانين ولا مسافحين . راجع المسند 2/95.
3ـ عبد الله بن مسعود . راجع صحيح البخاري 7/4 كتاب النكاح .
4ـ عمر بن الحصين . راجع صحيح البخاري 6ـ27 في تفسير قوله تعالى (( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج )) .
5ـ ابن جريج . قال الذهبي في تذكرة الحفاظ :1/170 وقال جرير: كان ابن جريج يرى المتعة ، تزوج ستين امرأة. وقال: قال ابن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول : استمتع ابن جريج بتسعين امرأة، حتى إنه كان يحتقن في الليلة بأوقية شيرج طلباً للجماع.
أقول : فهل ينسب صاحب هذه (( الوريقة )) تحقير و إهانة واستغلال المرأة لهؤلاء الصحابة والعلماء ؟!
الوقفة الثالثة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : حتى رووا روايات ترغب في المتعة . من ذلك قولهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (( من تمتع بامرأة مؤمنة كأنما زار الكعبة سبعين مرة )) ؟! ورى الصدوق عن الصادق ـ رضي الله عنه ـ قال (( المتعة ديني ودين آبائي فمن عمل بها عمل بديننا ، ومن أنكرها أنكر ديننا ، واعتقد بغير ديننا )) انظري : من لا يحضره الفقيه 3/ 366 . وهنا تكفير لمن لم يقل بالمتعة .
(( من تمتع بأربع نساء كان كدرجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم )) رواية السيد فتح الكاشاني في تفسير منهج الصادقين .
أقول : أما الحديث الأول (( من تمتع بأمرأة مؤمنة . . . )) فلا وجود له أصلاً في كتب الشيعة ، ولعله لهذا لم يذكر صاحب (( الوريقة )) له مصدراً . وأما الحديث الثاني (( المتعة ديني . . . )) فهو ـ أيضاً ـ مكذوب ، إذ لا وجود له في كتاب من لا يحضره الفقيه ولا في غيره من كتب الشيعة .
وأما الحديث الثالث (( من تمتع بأربع . . . )) فهو ـ أيضاً ـ مكذوب لا وجود له في كتب الشيعة المعتبرة وغير المعتبرة ، ولو سلمنا وروده في كتب الشيعة فما هو المحذور في أن يجعل الله الكون مع رسول الله ثواباً للمتقرب إليه بالمتعة ؟! فهل يشك أحد ففي فضل النكاح خصوصاً إذا كان مبعداً للإنسان عن أحد الذنوب الكبيرة وهو ((الزنا)) ؟! والذي يرفع الاستبعاد ـ أيضاً ـ ما ورد في كتب الشيعة والسنة من جعل (( الكون مع رسول الله في الجنة )) ثواباً لبعض الأعمال العظيمة ، فقد أخرج الترمذي في سننه، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وأحمد في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير بأسانيدهم عن علي بن أبي طالب أن رسول الله (ص) أخذ بيد حسن وحسين فقال: مَن أحبَّني وأحبَّ هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة . راجع سنن الترمذي : 5/641 قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. الأحاديث المختارة2/45 .
الوقفة الرابعة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : قال الكليني : المتعة تجوز ولو بضجعة واحدة بين الرجل والمرأة فروع الكافي 5/46 .
قال الكليني : يمكن التمتع بمن في العاشرة من العمر . فروع الكافي 5/163والطوسي في التهذيب 7/255 .
يقول الإمام الخميني : لا بأس بالتمتع بالرضيعة ضماً وتفخيذاً ـ أي يضع ذكره بين فخذيها ـ وتقبيلاً . كتاب الوسيلة 2/241 مسألة رقم 12.
أقول : أما بالنسبة إلى (( المتعة تجوز ولو بضجعة )) فلم أدرك وجه الإشكال فيها ؟! إذ بعد القول بجواز نكاح المنقطع ـ وهو الذي ذهب إليه الشيعة و بعض الصحابة وعلماء السنة كما تقدم ـ فما هي المشكلة في كون مدة النكاح طويلة أو قصيرة ؟! ثم لا يخفى أن بعض علماء السنة في قد جوزوا ذلك في الدائم في النكاح بـ(( نية الطلاق )) .
وأما الاعتراض على (( يمكن التمتع بمن في العاشرة )) فهو يدل على الجهل الشديد الذي يتمتع به كاتب هذه (( الوريقة )) وذلك لأن القول بجواز الزواج بمن دون العشرة متفق عليه في الدائم بين الشيعة والسنة ، فقد أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم بأسانيدهم عن عائشة، أنها قالت: تزوَّجني النبي 0 وأنا ابنة ست ، وبنى بي وأنا ابنة تسع .
وأما الاعتراض على قول السيد الإمام الخميني رحمه الله ، فهو ـ أيضاً ـ كسابقه يدل على الجهل العميق ، إذ الحكم بجواز الاستمتاع بالصغيرة أمر متفق عليه بين السنة والشيعة ، نعم اتفق علماء الشيعة على عدم جواز الإدخال فيها قبل إكمال التاسعة ، وأما علماء السنة فقد أختلفوا فبعضهم وافق الشيعة ، وبعضهم ذهب إلى جواز ذلك وأكتفي هنا بنقل ما في كتاب (( المغني )) لابن قدامة في (( كتاب العدة)) : مسألة إذا ملك أمة هل يجب استبرائها أولا ؟ رقم المسألة 6379 :فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها فظاهر كلام الخرقي تحريم قبلتها ومباشرتها لشهوة قبل استبرائها وهو ظاهر كلام أحمد وفي أكثر الروايات عنه قال « تستبرأ وإن كانت في المهد » وروي عنه أنه قـال إن كـانت صغيرة بأي شيء تستبرأ « إذا كانت رضيعة » !! وقال في رواية أخرى تستبرأ بحيضة إذا كانت ممن تحيض و إلا بثلاثة أشهر إن كانت ممن توطأ وتحبل . فظاهر هذا أنه لا يجب استبراؤها ولا تحرم مباشرتها .وهذا اختيار أبي موسى وقول مالك وهو الصحيح لأن سبب الإباحة متحقق وليس على تحريمها دليل فإنه لا نص فيه ولا معنى نص لأن تحريم مباشرة الكبيرة إنما كان لكونه داعيا إلى الوطء المحرم أو خشية أن تكون أم ولد لغيره ولا يتوهم هذا في هذه فوجب العمل بمقتضى الإباحة .
الوقفة الخامسة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : والعجيب أن الذي روى تحريم المتعة هو أمير المؤمنين علي رضي الله عنه . انظري التهذيب 2 186. والاستبصار 3/142 . وسائل الشيعة 14/ 441 . والتهذيب 2/189 . وعندهم إباحة التمتع بالمرأة المحصنة أي المتزوجة دون علم زوجها فروع الكافي 5/463 تهذيب الأحكام 7/ 554 . الاستبصار 3/ 145 .
أقول : أما بالنسبة إلى كذبة (( تحريم أمير المؤمنين عليه السلام للمتعة )) فإن الثابت عنه من طرق الشيعة والسنة عدم التحريم ، وقد نقلنا ـ سابقاً ـ بعض المصادر من كتب العامة . ولو سلمنا وجود بعض الروايات فهي مطروحة لمخالفتها الروايات الدالة على جوازها ، فإن الروايات الدالة على الجواز متواتر وموافق لكتاب الله قال تعالى (( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن )) .
وأما بالنسبة إلى قول صاحب (( الوريقة )) : (( وعندهم إباحة التمتع بالمرأة المحصنة أي المتزوجة دون علم زوجها)) فهو كذب لا وجود له في أي كتاب من كتب الشيعة المعتبرة وغير المعتبرة . فإن الزنا من المحرمات الكبيرة عند الشيعة وتتأكد حرمته إذا كان الزاني محصناً أو كان المزني بها محصنة ،فهو لا يجوز عندهم بحال من الأحوال ، نعم ذهب بعض علماء السنة إلى جواز الزنا في بعض الموارد ننقل بعضها من مصادرها :
1ـ وأفتى أبو حنيفة بأن الرجل إذا استأجر المرأة للوطء، ولم يكن بينهما عَقد نكاح، فليس ذلك بزنا، ولا حدّ فيه. والزنا عنده ما كان مطارفة ، وأما ما فيه عطاء فليس بزنا. راجع المحلى : 12|196.
2ـ قال ابن حزم : أباح الأحناف لمن طالت يده من الفسَّاق أو قصُرت أن يأتي إلى زوج أي امرأة عشقها، فيضربه بالسوط على ظهره حتى ينطق بطلاقها مكرهاً، فإذا اعتدَّت المرأة أكرهها الفاسق على أن تتزوّجه بالسيـاط أيضاً، حتى تنطق بالقبول مكرهة، فيكون ذلك عندهم نكـاحاً طيّبـاً، وزواجاً مباركاً، ووطءً حلالاً، يُتقرَّب به إلى الله تعالى. راجع المحلى : 12|417.
3ـ يقول ابن الماجشون – فقيه مالكي وهو صاحب مالك - : إن المخدمة سنين كثيرة لا حد على المخدِم-بكسر الدال- إذا وطئها.. راجع المحلى لابن حزم /ج11/250/طبع مصر المنيرية 1352هـ
4ـ نقل ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتابه « المغني » عن أحد فقهائهم ، ج9 ص54(( وكذلك لو استدخلت امرأة ذكر صبي لم يبلغ عشرا لا حد عليها )).
الوقفة السادسة :
قال كاتب /كاتبة الوريقة تكراراً لما في كتاب (( لله ثم للتاريخ )) : وهنالك فتاوى تقول : بجواز إعارة الفروج في الحوزة القائمية في إيران منهم السيد لطف الله الصافي . وجنوب العراق وبغداد في منطقة الثورة السيستاني ، والصدر والشرازي والطباطبائي . وروى الطوسي عم أبي اليعفور عن أبي عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن يجوز للرجل أن يفعل اللواط بامرأته !! الاستبصار 3/ 243.
أقول : أما مسألة إعارة الفروج فهي لا تجوز بالاتفاق عند الشيعة إلا في الأمة غير المتزوجة ، أما في الأمة غير المتزوجة فيجوز عند الشيعة وعند بعض السنة ، وهنا نكتفي بنقل أقوال السنة في الجواز :
عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع طاووساً يقول: قال ابن عباس: إذا أحلَّت امرأة الرجل أو ابنته أو أخته له جاريتها فليُصِبْها، وهي لها، قال ابن عباس: فليجعل به بين وركيها. قال ابن حزم في المحلى : 12/ 208 أما قول ابن عباس فهو عنه وعن طاووس في غاية الصحة، ولكنا لا نقول به، إذ لا حجة في قول أحد دون رسول الله .
وعنه : أخبرني عبد الله بن قيس عن الوليد بن هشام أخبره أنه سأل عمر بن عبد العزيز فقال: امرأتي أحلَّت جاريتها لابنها. قال: فهي له . المصنف لعبد الرزاق 7/ 169 ـ 170 .
وقال ابن حزم: وبه ـ أي وبجواز التحليل ـ يقول سفيان الثوري.راجع المحلى 12/ 206 .
قال ابن تيمية: إذا آجر الرجل الدار لأجل بيع الخمر واتخاذها كنيسة أو بيعة، لم يجز قولاً واحداً، وبه قال الشافعي، كما لا يجوز أن يكري أمته أو عبده للفجـور. وقال أبو حنيفة: يجوز أن يؤاجرها لذلك . راجع اقتضاء الصراط المستقيم : ص236.
وأما بالنسبة إلى مسألة (( جواز وطء المرأة في دبرها )) وهو ما عبر عنه كاتب (( الوريقة )) جهلاً بـ (( اللواط )) فيكفي في مقام الجواب أن نقول : بأن هذه مسألة خلافية ذهب بعض الشيعة والسنة إلى الحرمة فيها ، وذهب البعض الآخر إلى الجواز ، و نكتفي هنا بنقل ما يدل على وجود مجوز من السنة :
قال ابن عربي : المسألة الثانية : اختلف العلماء في جواز نكاح المرأة في دبرها ; فجوزه طائفة كثيرة , وقد جمع ذلك ابن شعبان في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن " وأسند جوازه إلى زمرة كريمة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من روايات كثيرة. راجع أحكام القرآن لابن عربي-سورة البقرة-الآية الثانية والستون (نسائكم حرث لكم) - مسألة نكاح المرأة في دبرها ج1.
الحمد لله رب العالمين
ملاحظة : لقد وزع الوهابيون ورقتهم هذه على المؤمنات العاملات في حقل التعليم في المدارس الحكومية بالمملكة العربية السعودية ، وكانت حصة الأسد للمعلمات المغتربات عن أوطانهن .
منقول