
بمناسبة ذکرى جرح واستشهاد إمام المتقين، ويعسوب الدين، وصي الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وخليفته بالحق، مولانا أميرالمؤمنين، الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، أقيمت في بيت المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مدينة قم المقدسة مجالس العزاء لمده ثلاث ليال (من 19 إلى 21 رمضان المبارك).
وقد ارتقى المنبر الحسيني المقدس في هذه المجالس التي کانت تبدأ من الساعة السابعة والنصف مساءاً فضيلة الخطيب السيد مصطفى مستجاب الدعوة حفظه الله.
في الليلة الأولى قال الخطيب:
ليلة القدر من مختصّات الإسلام، فقد تفضّل الله تعالى على المسلمين بهذه الليلة ليسهم المسلمون أنفسهم في تقديراتهم بالدعاء والتوجه إلى الله تعالى وطلب الصالح من التقدير والإستعاذة مما استعاذ منه عباد الله الصالحون.
وقد جعل الله تعالى هذه الليلة أفضل من ألف شهر. فقد جاء عن النبي الأكرم صلى الله عليه واله: أن شخصاً من بني إسرائيل جاهد في سبيل الله تعالى ألف شهر، فغبطه المسلمون، فقرأ عليهم النبي صلى الله عليه وآله قوله تعالى: ليلة القدر خير من ألف شهر، أي ثواب هذه الليلة يفوق ثواب جهاد ألف شهر.
کما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه رأى في ما يرى النائم أن قردة تنزو على منبره، ففزع من ذلک، فأنزل الله عليه قوله تعالى: ليلة القدر خير من ألف شهر، أي هذه الليلة أفضل من ثمانين سنة يحکم فيها بنوأمية.
ويستفاد من قوله تعالى ( تنزل الملائکة فيها ...) استمرار تنزل الملائکة بعد النبي صلى الله عليه وآله على الإمام المعصوم وهو يوم الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهذا يعني انفتاح باب العلم وأن دين الله لا يبلى، لأن الملائکة تخبر الامام في هذه الليلة بکلّ المقدّرات وأمور الدنيا، والإمام سلام الله عليه بدوره مشرف على العالم والعلماء والمجتهدين، ويتدخّل عند اقتضاء الضرورة لحفظ دين الله تعالى.
وفي مثل هذه الليلة (التاسع عشر من رمضان) تصادف ذکرى جرح الإمام أميرالمؤمنين سلام الله عليه بسبب الضربة التي تلقاها من عدو الله ابن ملجم المرادي، وهويصلّي في مسجد الکوفة واستشهد على أثرها في ليلة القدر في الليلة الحادية والعشرين من شهر الله تعالى.
وفي الليلة الثانية كان حديث الخطيب:
سئل الإمام أميرالمؤمنين سلام الله عليه عن قول الله تعالى: (ليس البرّ أن تأتوا البيوت من ظهورها ولکن البرّ من اتّقى وأتوا البيوت من أبوابها )؟
فقال سلام الله عليه : نحن أهل البيت بيوت الله التي أمر أن تؤتى من أبوابها. فمن بايعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها، ومن خالفنا وقدّم غيرنا علينا فلم يأت البيوت من أبوابها. (الاحتجاج 121 وبحار 33/328 ح م) .
وروي عن النبي في أيضاً قوله: أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم والحکمة فليأتها من بابها.
وروي عن الإمام أميرالمؤمنين سلام الله عليه أنه قال: ( علّمني رسول الله صلى الله عليه وآله ألف باب من العلم ينفتح لي من کل باب ألف باب).
وقال کلما سئل سلام الله عليه عن مسألة غامضة حلّها، فإذا قيل له کيف علمت حلّها قال: ذلك مما علّمني رسول الله صلى الله عليه وآله .
وإنه سلام الله عليه وحده القائل : سلوني قبل أن تفقدوني. ولم يقلها بعده أحد غيره إلا خزي.
وأضاف الخطيب: الإسلام هوالدين الوحيد الذي يدعوالناس لطلب العلم، کما أن التشيع هوالمذهب الذي يشترط في الإمام أن يکون أعلم الناس في عصره. أما الأئمة المعصومون سلام الله عليهم فهم أعلم من کل من سواهم من البشر _ ما خلا رسول الله صلى الله عليه وآله _ في کل عصر وزمان.
أما في الليلة الثالثة فقد كان كلام الخطيب:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ستفترق أمتّي من بعدي إلى ثلاثة وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقون في النار. قيل : يا رسول الله، ومن هم الفرقة الناجية؟ قال صلى الله عليه وآله: عليّ وشيعته.
وفي روايات متعدّدة أن النبي صلى الله عليه وآله قال : عليّ وشيعته هم الفائزون.
وحصر النبي صلى الله عليه وآله طريق النجاة باتّباع عليّ وأبنائه، فقد روى عنه العامة والخاصة قوله صلى الله عليه وآله: (الأئمة من بعدي اثنا عشر کلّهم من قريش ) وجاء في بعضها: (أوّلهم علي بن أبي طالب )، بل هناك روايات کثيرة يذکرهم فيها النبي صلى الله عليه وآله بالتفصيل واحداً بعد واحد حتي ينتهي إلى الإمام الثاني عشر الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، ويخبر في بعضها عن الإمام المهدي سلام الله عليه بالتفصيل فيقول (اسمه اسمي وکنية کنيتي وشمائله شمائلي) و(أن له غيبة) و(أن أفضل أعمال أمّتي في غيبته انتظار الفرج) .
و روى العامة والخاصة قصة تنصيب النبي عليّاً عليه السلام من بعد في غدير خم، ولکن کثيراً من العامّة يقولون: إنّ الناس لم يقبلوا بأن يکون علياً أميراً عليهم بعد النبي واختاروا أبابکر، ويجب علينا متابعتهم!
ولکن هذه الکلام في غاية الوهن والفساد، لأن الإمامة شأن إلهي کالنبوة تماماً، فهل تسقط نبوّة نبيّ من الأنبياء إذا لم يقبل بها الناس في زمانه؟!
والغريب أنّ القوم لم يکتفوا بإقصاء الإمام عن الخلافة لمدة خمس وعشرين سنة بل شنّوا في وجهه الحروب بعد أن آلت إليه الخلافة الظاهرية، ولم يکتفوا بهذا، بل ظلّوا يسبّونه من على منابرهم عدة سنين بعد استشهاده في محرابه في ليلة القدر!



تعليق