نشرت جريدة الشرق الاوسط يوم امس هذا الموضوع
«نبيل» ودع بناته الخمس ووعد الصغرى بالحلوى والخبز.. لكنه مات في تفجير انتحاري
زوجته في حيرة من أمرها كيف تربي العيال وتسأل عن سبب قتل الفقراء بحزام ناسف
بغداد: هدى جاسم
لم تمض سوى أيام على رحيل نبيل عندما دخلت بيته البسيط في منطقة حي الامين وقد استقبلتني زوجته وبناته الخمس اللواتي ما زلن ينتظرن عودة الأب وهو محمل بالأمنيات، بعد ان وعد صغراهن ان يعود لها بلعبة ورغيف خبز. نبيل، ذلك الشاب الذي لم يتجاوز الاربعين من عمره، خرج ذات صباح بغدادي بارد بعد ان تقطعت به سبل الحياة ليبحث عن رزقه وهو يقف مع عشرات الرجال في مسطر للعمال في منطقة بغداد الجديدة.
«نبيل» ودع بناته الخمس ووعد الصغرى بالحلوى والخبز.. لكنه مات في تفجير انتحاري
زوجته في حيرة من أمرها كيف تربي العيال وتسأل عن سبب قتل الفقراء بحزام ناسف
بغداد: هدى جاسم
لم تمض سوى أيام على رحيل نبيل عندما دخلت بيته البسيط في منطقة حي الامين وقد استقبلتني زوجته وبناته الخمس اللواتي ما زلن ينتظرن عودة الأب وهو محمل بالأمنيات، بعد ان وعد صغراهن ان يعود لها بلعبة ورغيف خبز. نبيل، ذلك الشاب الذي لم يتجاوز الاربعين من عمره، خرج ذات صباح بغدادي بارد بعد ان تقطعت به سبل الحياة ليبحث عن رزقه وهو يقف مع عشرات الرجال في مسطر للعمال في منطقة بغداد الجديدة.
خرج من بيته وهو ينظر الى صغرى بناته الخمس والتي لها مكانة خاصة لديه، حسب قول زوجته، قائلا اليوم لا بد ان اعود بشيء لها. لقد وعدتها يوم امس ولا بد لي من الوفاء بالعهد، عندها قالت له زوجته «لا تنس اننا لا نملك شيئا في البراد ولا يمكنني ان اقدم الطعام للبنات قبل عودتك لهم، لا بد ان تعمل اليوم لتأتي لنا بشيء قد نعيش به ليوم غد».
وفي الطريق كان نبيل يرافق احد اصدقائه ويقول له ماذا نفعل لو لم نجد من يريد عمالا للبناء او التنظيف أو أي شيء آخر، قال صديقه نعود للبيت ونخبر زوجاتنا ان يدبروا أمرهم ليوم آخر. يقول صديقه الذي التقيناه ايضا ورفض ان يخبرنا باسمه، ان نبيل قال «أفضل الموت قبل ان اعود بلا طعام لأطفالي»، ضحك الاثنان بحزن عميق وتوجها الى مسطر العمال، يقول صاحب نبيل: قلت له سأشرب الشاي وعندما يتقدم احد لطلب العمال لا تنس صاحبك، ليرد عليه نبيل وأنا لا املك ثمن الشاي، وضحك ايضا، ولكنني لن انساك. ومرت ساعة وعشرات من العمال ينتظرون اشارة او سيارة يقوم صاحبها بإشارة يفهم من خلالها العمال انه بحاجة لهم، ولكن شخصا ما تقدم نحو العمال الفقراء وقال ان لدي عملا لكم ولم يكن صاحب نبيل قد اكمل شايه بعد، لكنه لمح التجمهر حول الشخص وقبل ان يضع «استكان الشاي» العراقي على المنضدة انفجر الشخص بين الفقراء ليعلن موت نبيل.
لم يعد نبيل لعياله، فقد قرر من حمل الموت اليه ان ينهي احلام صغيرته التي نامت دون ان تحتضن لعبتها ودون ان يمتلئ جوفها بالطعام، وعندما عاد صديق نبيل الى عائلته بقي صامتا لا يقوى ان يخبر زوجة نبيل وأطفاله بما حصل له، لكنه استجمع قواه وقال لأحد اشقائه ان نبيل قد قتله رجل يرتدي حزاما ناسفا بين عدد من عمال المسطر في منطقة بغداد الجديدة.
زوجته لم تصدق ما جرى لهم وأخبرتنا ان عليها ان تعيل اطفالها الخمسة الذين لم يترك لهم نبيل غير حبه وأحلامه وأمانيه التي لم تتحقق، وقالت: ماذا اقول لمن يدبر تلك العمليات الوحشية. هل كان نبيل خطرا عليهم ام ان الصغيرات يشكلن تهديدا للجماعات التي لا نعرف هويتها وأهدافها؟ من سيخبرني بأجوبة على كل اسئلتي التي ملأت البيت برحيل نبيل.
وماذا سأقول لبناته الخمس اللواتي ما زلن ينتظرن عودته برغيف خبز قد يكفي احداهن وقد لا يكفيها. وعندما خرجنا من بيت نبيل ودعتنا الصغيرة هند وهي تقول هل سيأتي بابا معكم في المرة القادمة قلت لها ربما وربما سنعود لك ونخبر والدتك بأجوبة كل الاسئلة التي طرحتها على من يمتلك الاحزمة الناسفة ويفجرها في اجساد الفقراء.
تعليق