بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على نبينا محمد واله الاطهار
وعجل فرجهم
كنت أستغرب في بادئ الأمر
لماذا اختار التقدم للزواج مني
بينما أنا التي كانت تضعف فرصها
للزواج، بسبب عاهة في قدمي
وعيب خلقي ولدت اذ أسير بشيء من
العرج الخفيف لهذا كنت أتصور
ان فرصي في الزواج ستكون قليلة،
ولهذا التفت إلى تأمين حياتي
من خلال
الوظيفة والعمل بعد ان تعلمت
وتأهلت للوظيفة التي أعمل بها الآن
والتي أتقاضى منها راتباً محترماً.
هو رجل سبق له الزواج ولكنه طلق
زوجته بعد عام واحد فقط من
الزواج وحينما تقدم لي من خلال
اسرته كان الامر لافتا ان لسبب
اختياره لي أو بسبب الفارق الاجتماعي
والمادي بين أسرته وأسرتي.
جاءني في وقت كنت أوطد نفسي
خلاله على العيش ضمن زمرة الفتيات
العوانس اللواتي يحفل بهن المجتمع
وأيضا في وقت كنت فيه ضعيفة
الأمل
عند التفكير في الزواج. ولم أكن أنا
فقط التي استغربت تقدم
هذا الشاب لي للزواج ولكن حتى
أسرتي وصديقاتي كن كذلك
مستغربات. كنت اود ان اعرف سر
تقدمه لي انا رغم انني كنت
قد تجاوزت 27 عاماً ولا اتمتع بذلك
الجمال الصارخ الذي يجعله يغض
الطرف
عن العيب الخلقي أو العاهة التي في
قدمي. وتمت الخطبة ولم يعد
هناك شكوك لدي في ان الزواج سيتم
وانه صادق في رغبته وطلبه
خاصة انه يتعجل الأمور وليست
لديه مشكلة مادية ، وقد ساعدني
الخروج
معه ـ كما سمح بذلك والدي ـ
الى الاقتراب من شخصيته
ولكني اكتشفت انه مصر على الاحتفاظ
بغموضه فهو لا يتحدث
عن نفسه اطلاقاً
ويختار اجابات مقتضبة على اسئلتي
ولكني حينما سألته عن سر طلاقه
من زوجته الاولى كنت لا أود سماع
هذه الاجابة المقتضبة،
بل وددت
ان اعرف التفاصيل كاملة.
قال لي ردا على سؤالي:
انه لم ينسجم معها
ولهذا كان الطلاق هو الحل. فسألت تالياً:
ولماذا لم تنسجم معها فقال
انه ليس لديه ما يقوله فقط ان شخصيته وشخصيتها متنافرتان. فسألته:
لماذا اختارني انا. فكان رده انه
لم يكن هو الذي اختارني
ولكن اختارتني
والدته وشقيقاته وانه وافق على
هذا الاختيار. وذات مرة قال لي
انت تسألينني
عن سر اختياري لك، والسبب
هو انني اود ان اعيش حياة زوجية
هادئة،
وانه لم يكن يفكر من قبل في شرح
كل اسبابه، في اختياري،
ولكن لانه تلمس رغبة والحاحاً مني،
فقد قرر مصارحتي.
وقبل ان يفضي بحقائق روعتني،
ابتدأ كلامه بمقدمة طويلة، كان
يتحدث خلالها وهو ينظر الى بعيد. فقال:
انني رجل لست بحاجة الى المال
، ولا الى المزيد من الأملاك فقد نجحت
في تكوين ثروة،
ولدي اعمالي العديدة التي تدر عليّ
دخلاً لا بأس به، ولكني رجل تنقصه
الصحة
، وان ما سيقوله لي بخصوص صحته،
ينبغي ان يكون سراً بيني وبينه،
لان أحداً لا يعرف هذا السر إلا هو
وأطباؤه. وانه لم يكن يسافر مراراً
الى الخارج من أجل اعماله كما
كان يزعم لزوجته، ولكنه كانت
معظم
سفراته لتلقي علاج كيميائي بعد اكتشافه
الاصابة بسرطان الدم
. وانه منذ علمه بذلك اصيب بالرعب،
وانه اضطر الى الامتناع عن التدخين
لنصيحة الأطباء له، واضطر الى تعديل
نظام حياته وغذائه، ولكن زوجته
الأولى اعتبرت ذلك عزوفا عنها،
وان سفراته المتعددة للخارج من
قبيل
العبث والبحث عن الجنس،
والعلاقات مع الأخريات،
في حين ان الواقع كان شيئا آخر،
واراد اخفاء الحقيقة عنها،
بعد ان تلمس فيها تمردا لم يعهده فيها
من قبل، والى حد انها تناست تماما
علاقتهما العاطفية االأولى، بل الاكثر
من ذلك انها بدأت تهدد بطلب الطلاق.
واضاف وهو يصارحني بهذا الماضي
في حياته ان زوجته تحدثت لدى
اهلها عن امور شخصية تمس علاقتهما
الزوجية وعلى نحو اساء له
واحدث له جرحاً كبيراً، فتحولت تلك
الحبيبة التي تزوجها عن حب الى
انسانة اخرى، اظهرت له وجهها الحقيقي.
ولهذا اضطر إلى طلاقها وقال لي:
انني مصاب بالسرطان وتلقيت علاجا
ولكن ظروفي النفسية تجعلني احيانا
اتمرد على نصائح الاطباء ،
فانا اضطر الى التدخين رغم نصيحة
الأطباء
لي بعدم التدخين فاضطر إلى عدم تنظيم
غذائي، والارهاق في
عملي لساعات، رغم انني احتاج
الى الراحة.
والغريب في الامر انني حينما
ذهبت الى اطباء في بلد اوروبي
آخر قالوا لي انني طبيعي تماماً
وان الامر بسيط ويحتاج الى
علاج
وان مرضي يمكن الشفاء منه.
وتابع: اذن عليك ان تعرفي انك سوف
تتزوجين رجلاً مريضاً،
لا يعرف ان كان علاجه سوف يكلل
بالنجاح ام سينتهي به الى الموت،
وانه لا يرغمني بعد ذلك بالقبول
بالزواج، ويمكنني ان اعتذر في
هدوء
وأنسحب من مشروع زواجنا. فقلت له
اننا حددنا موعدا للزواج بتاريخ كذا،
ولكن زواجنا سيتم قبل ذلك التاريخ
بشهرين. فطلب مني ألا اتخذ
قراراتي
في فورة عاطفة واستعطاف
وانه يتعين عليّ أن أبحث الأمر
بروية وتريث تلمست في داخله إنسانا معذبا،
فلم يكن غموضه إذن إلا كتمان
سر عنيف يعانيه ويسري في دمه،
وذلك على الرغم من انه لا توجد
سانحة واحدة في مظهره العام تنبىء
عن مرضه. اتخذت قراري ربما
في طغيان حالة تعاطف ولكن حينما
خلوت الى نفسي استشعرت شيئا
من الخوف، منه الخوف على حياة هذا
الرجل بعد الزواج،
ومنه الخوف
ان يؤدي مرضه الى حالة من
الجدب العاطفي بيني وبينه
بعد الزواج،
ولكني في الوقت ذاته اشعر بتعاطف
معه الى حد قد لا يتصوره هو
شعرت انني أصبحت مكلفة بمهمة
وان التخلي عن هذه المهمة سيكون
بمثابة الهروب. لقد وعدته بألا أفشي سره
لأحد، ولهذا لم استطع
مفاتحة الوالدين ولم أتحدث
لأحد على الاطلاق حتى انني صرت
غامضة مثله لا أتحدث مع أحد
بشأن زواجي،
وأبدو لمن حولي حزينة ومهمومة،
رغم ان الجميع يتوقع مني أن أكون
سعيدة جداً مثلهم،
فهل أتزوج هذا الرجل؟
الحل:
لا أتصور انه بالممكن لأحد أن يتبرع لك
بقرار بهذه الأهمية بينما
صاحب مثل هذا القرار هو انت.
لقد كنت ترتبين حياتك على العيش
دون زواج وتحسبين نفسك ضمن
زمرة العانسات ولكن فجأة ظهر هذا
الرجل في حياتك بظروفه الصحية
التي حكاها لك بصراحة مطلقة
واطلعك على ما يثبتها من تقارير طبية.
ولهذا عليك تقدير الامر بشفافية
فانت اصبحت خطيبة لرجل يتشبث
بالحياة ويحتاج الى من تقف الى
جواره في محنته الصحية والى
من تدفع ثمن احتمال تداعيات هذه
الظروف.
ولكن على الجانب الآخر هناك
فرصة امل يمكن ان تقهر مرضه
وقد يستطيع الحب ان يتفوق على
عقاقير العلاج
في مداواة مرض هذا الرجل وقد
يؤدي احساسه بأن تضحية فتاة
لأجله لم تتخل عنه في هذه المحنة الى
مضاعفة قدرته الذاتية على قهر
المرض وقد تستشعرين ان مهمتك
في الحياة هي مهمة نبيلة وعظيمة
تصغر امامها أية عوامل اخرى
وان فرص نجاحك ليست
استثماراً في المستحيل
ولكنها واجب انساني لا تفترضه فقط
قدسية الحياة الزوجية
ولكن يستدعيه تعزيز قدرة زوجك
على الصمود امام جحافل
مرض يسري في دمه.
قد يكون قبول زواجك من هذا
الرجل ليس فقط لأنه زواج
برجل غني او لانك تحققين فرصة
زواج من رجل بينما كانت هذه
الفرصة تنعدم ويضعف الامل فيها،
بل لأن القبول بالزواج
صار مقترنا بمهمة تنيطين
نفسك بها بحب.
منقووووووووووول
تعليق