المشاعر لا تبني المستقبل .. مواصفات شريك الحياة تختلف حسب مراحل العمر
محيـــط/ فاديــــة عبـــود:
أول ما تحلم به الفتاهأن يأتيها فارسها على حصانه الأبيض مخلصاً إياها من أسرها، أما الشاب فيتمنى الحصولعلى فتاة رومانسية تملأ حياته حباً جماً .
لذا دعونا نتعرف على شروط الشبابالمغربي في اختيار شريك الحياة، وهل ساهمت التغييرات الاجتماعية والاقتصادية، فيإعادة ترتيب الاولويات ، وعن ماذا يبحث الشبان و الشابات: أهو المركز الاجتماعيوالدخل المادي، ام النسب والاخلاق، ام كل هذه المواصفات مجتمعة ؟
يقول نورالدين البداوي (صحفي)، ان مواصفات شريكة الحياة تتغير حسب تغير مراحل العمر ، ففيمرحلة المراهقة، تكون المواصفات بريئة مرتبطة بالمشاعر العاطفية، يحلم خلالها الشاببالارتباط بفتاة يحبها وتبادله نفس الشعور والإحساس، وعندما يتخرج من الجامعة ويحصلعلى وظيفة، يبدأ في التفكير في الارتباط بفتاة تعمل هي الأخرى، حتى تعينه علىمتطلبات الحياة ، أما إذا كان عاطلا ، فهو يلغي فكرة الزواج من الأساس. ويضيف أنالشاب الذي لا يتزوج في بداية حياته العملية ، ويؤجل فكرة الزواج حتى يبني مستقبلامهنيا أفضل ، فهو يفضل زوجة متفرغة له وللبيت ، لان وضعه المادي يكون مريحا ،والزواج بالنسبة له يصبح محطة استراحة أخيرة . ويعلق البداوي أن مفهوم الأخلاق أصبحنسبيا، وكل شاب أو شابة يراه من وجهة نظره الخاصة، وأصبح التركيز على تطابق الأفكاروالرؤى بين الشريكين، يحتل المرتبة الأولى في سلم الشروط ،على حساب الأخلاقبمفهومها التقليدي.
وتحكي خديجة 37 عاما، أستاذة في معهد ثانوي، أنها عاشتتجربة حب فاشلة غيرت نظرتها كليا لأسس الارتباط والزواج، فقد كانت مخطوبة لزميلهافي الجامعة ،حيث تواعدا على الزواج بعد التخرج ، لكنها حصلت على عمل وهو لم يتوفقفي ذلك، فتغير كليا ، ولم يعد يبادلها نفس الشعور كما كان في السابق ، إلى أن فوجئتبه يخبرها بقراره السفر إلى الخارج والارتباط بإحدى المغربيات المهاجرات لأنهاوعدته بان توفر له أوراق الإقامة، معترفا لها بان المشاعر وحدها لا تبني المستقبل.
وتستطرد "خديجة" أنها قررت بدورها إلغاء فكرة الارتباط المبني على الحب وأبدتاستعدادها للزواج من أول شخص مناسب يتقدم لها ، أو تتوفر فيها أدنى الشروط ،حتى وانكانت لا تشعر اتجاهه بأي عاطفة، مؤكدة أن المصالح المادية طغت على مختلف أشكالالعلاقات في المجتمع.
أما "أمينة" 30 عاما، وهي ممرضة، فتقول أنها ترفض مبدأالارتباط بشخص يريد الزواج منها لمجرد أنها تحصل على راتب نهاية كل شهر، ف"عرسانالماندا" (أي عرسان الراتب) كما يطلق عليهم، كثيرون وهي ترى أن الزواج يعني لهاالاستقرار، وتكوين أسرة ، وليس الأمر مجرد تجربة عابرة. وتتابع أن معظم شبان اليوملم يعودوا يبحثون كما في الماضي،عن الفتاة المستقيمة ذات الأخلاق العالية التيتنتمي إلى أسرة محترمة، بل دخلت اعتبارات أخرى كلها مرتبطة بالمادة ،سواء تلعقالأمر بالمكانة الاجتماعية لأسرتها أي أن يكون والدها ثريا يملك عقارات أو صاحبتجارة ،أو الوظيفة والمنصب الذي تشغله هي نفسها.
"أحمد العلوي" 38 عاما، موظففي القطاع الحكومي ،يرى أنه كلما تقدم الشاب في السن، وجد صعوبة بالغة في اختيارشريكة الحياة، نظرا للخوف من الفشل الذي يتولد بداخله ،ويحتار من هي الزوجة التيتلائمه. وأكد انه رغم ذلك ، لن يتنازل عن الأخلاق كشرط أساسي وصفة لزوجة المستقبل،أما الدخل المادي فهو ضروري برأيه ،بيد انه لا يعتبره من الاولويات، وحجته أن توفردخل معقول بالنسبة للزوجين الشابين يساهم بشكل كبير جدا في استقرار الأسرة، لذلكفلا يمكن إغفال الجانب المادي عند التفكير في تأسيس أسرة.
وهذه نظرة واقعيةللأمور، لا تختبئ وراء مثاليات خادعة، كما أكد. وإذا كانت النظرة السائدة عند اغلبالشبان والشابات بان شروط الارتباط والزواج أصبحت مادية أكثر ، فهذا لا يعني إلغاءفئة أخري مازالت متشبثة بالقيم الأخلاقية أو التدين كشرط من شروط اختيار زوجةالمستقبل، وهذا ما عبرت عنه كثير من الفتيات اللواتي لم تعد تغريهن المادة بقدر مايهمهن العيش مع زوج وفي يقدر الحياة الزوجية و"يتقي الله"، وهذه القناعة تولدتلديهن بسبب ارتفاع معدلات الطلاق الذي يحصل لأتفه الأمور بسبب سوء اختيار الزوج منالبداية.
ولاحظنا أن الاتهامات والشكوك متبادلة بين الفتيات والشبان، فبقدر مايعتقد الشبان أن الفتيات أصبحن ماديات ولا ينظرن إلا إلى جيب العريس الذي يغرقهنبالهدايا ويوفر لهن العيش الرغيد ، بقدر ما ترى الفتيات أن الرجال لم يعودوايتعاملون مع الزواج بالجدية المطلوبة، بسبب كثرة علاقاتهم قبل الزواج، لدرجة الوقوعفي الحيرة ، وعدم التمكن من تحديد ماذا يريدون ؟ فهم يحبون الفتاة المتحررة لكن فقطللعلاقات العابرة، ويتجنبون في نفس الوقت الفتاة "الملتزمة" خوفا من ان تقيدحريتهم.
وبرزت ظاهرة أخرى في المجتمع المغربي ، ربما بسبب فقدان الثقة في "ابنالبلد"، وهي أن نسبة كبيرة من الفتيات المغربيات من مستويات تعليمية مختلفة ،يفضلنالزواج بالأجنبي سواء من أوروبا أو دول الخليج.
تؤكد "سمية نظيف" المرشدةالاجتماعية - حسب ما ورد بصحيفة الشرق الأوسط - أن العلاقة بين المرأة والرجل،أصبحت معقدة بشكل كبير ،نتيجة عوامل متعددة اقتصادية واجتماعية ونفسية أيضا، فبسببانخفاض نسبة الإقبال على الزواج، لم تعد الفتاة المغربية تدقق كثيرا في اختيارالزوج المناسب ، فتتغاضى عن كثير من الأمور الأساسية ، التي تظهر لها بوضوح أثناءفترة الخطوبة ، مثل الطمع في راتبها، وعدم التقدير والاحترام، بل من بينهن منيتعرضن للضرب والسب والشتم ، ومع ذلك لا يفسخن الخطوبة لمجرد رغبتهم في اكتساب لقبزوجة وأم".
وتتابع أنه من خلال حالات كثيرة، يتبين أن المرأة كلما قدمت تنازلات، يمعن الزوج في إهانتها واحتقارها، فتتأزم بينهما العلاقة ويحصل الطلاق، موضحة أنهذا الوضع لا ينطبق فقط على نساء لا يعملن أو تكوينهن محدود، بل موظفات ، ومدرسات،ومن وسط اجتماعي مرموق.
ولم تنف "نظيف" أن نسبة كبيرة من الشباب المغربي، أصبحيخطط للزواج على أساس مادي، ففكرة الإنفاق على الزوجة والبيت والأطفال، لم تعدمستساغة من طرف الكثيرين ، سواء بسبب ضعف الدخل المادي فعلا، او استهتارابالمسؤولية.
واصبحت فئة من الشباب المغربي يرفض العمل ،ويقبل ان تنفق عليهزوجته من راتبها الخاص او من نصيبها من الارث ان كانت من اسرة غنية ، من دون ايشعور بالحرج، الأمر الذي كان مرفوضا بشكل تام في السابق، فالتغيرات الاقتصاديةوالاجتماعية التي طرأت على المجتمع المغربي ، ساهمت برأيها، في تغيير أنماط التفكيرالتي كانت سائدة، وأعادت بناء العلاقات الاجتماعية على أسس جديدة ليست كلهاايجابية.
هذه كانت آمال الشباب المغربي في شريك حياتهم أما المصريات فيرفضنالرجل المخلوع.
فقد أثبتت دراسة مصرية أن المصريات يرفضن الزواج من الزوجالمخلوع ، لأنه لم يكن صاحب القرار في الانفصال عن زوجته ولكنه أجبر على ذلك بعد أناختارت الزوجة الطلاق منه، وجاء الرفض في الدراسة من كافة أنواع النساء ،عذارىومطلقات وأرامل وفتيات يعشن في سن العنوسة، أي أنه مرفوض بالإجماع.
ولعل هذهالدراسة توضح سبب الإحباط الذي وصل إليه الزوج المخلوع؛ فمجرد وضعه أمام الأمرالواقع شيء يمحو كرامته ويخلعا من جذورها؛ فالرجل الشرقي اعتاد على أن يكون هوالأسد، "سبع البرومبة" ، الآمر الناهي المتسلط، على زوجته قبول عيشتها كما من أجلأولادها، وإذا رفعت دعوة طلاق هذا يعني طول انتظار ومصاريف محاماة ومشاكل لا حصرلها مع ذلك الزوج لأنها مازالت في عصمتها، ولكن بعد قانون الخلع أصبح الأمر أيسرعليها بكثير؛ لتقول لذلك المغرور كفاك غرورا واستبداد أنا الآن التي ترفض الاستمرارمعك .
تحياتي
تعليق