بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق محمد و آله الطيبين الطاهرين

الإمام الحسين سلام الله عليه حفظ القرآن والعترة *
الإمام الحسين سلام الله عليه له السهم الأكبر في حفظ الثقلين اللذين أوصى باتباعهما الرسول الاعظم صلّى الله عليه وآله. ولو لم تكن قضية الإمام الحسين سلام الله عليه وتضحياته في كربلاء وفي يوم عاشوراء لما بقي للإسلام ولا للرسول صلّى الله عليه وآله اسم ولا أثر، كما دلّت على ذلك الأخبار الكثيرة. يقول الزبير بن بكّار في الموفّقيات: إن المطرف بن المغيرة بن شعبة قال: دخلت مع أبي على معاوية ... وكان أبي يأتيه فيتحدّث معه ثمّ ينصرف إلي فيذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه. إذ جاء ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتمّاً؛ فانتظرته ساعة وظننت أنه لأمر حدث فينا، فقلت: مالي أراك مغتمّاً منذ الليلة؟ فقال: يابني جئت من عند أكفر الناس وأخبثهم! قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت سنّاً ياأمير، فلو أظهرت عدلاً وبسطت خيراً، فإنّك قد كبرت ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات هيهات ... وإنّ ابن أبي كبشة(1) ليصاح به كلّ يوم خمس مرّات: أشهد أنّ محمّداً رسول الله، فأيّ عمل يبقى وأيّ ذكر يدوم بعد هذا، لا أبا لك، لا والله إلاّ دفناً دفناً ... (2)
و قد روي عن الإمام الحسين سلام الله عليه: إنّي لم أخرج بطراً ولا أشراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت أطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمّد أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، أسير بسيرة جدّي وسيرة أبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ وهو أحكم الحاكمين(3).
ومن هنا يتضح أكثر معنى قول رسول الله صلّى الله عليه وآله: «حسين مني وأنا من حسين»(4).
أما كون الحسين سلام الله عليه من الرسول صلّى الله عليه وآله فواضح، لأنه سبطه وابن بضعته، وأما كونه صلّى الله عليه وآله من الحسين فيرشد إلى أن استمرار رسالته صلّى الله عليه وآله مدينٌ للإمام الحسين سلام الله عليه، فنحن عندما نذكر اليوم اسم النبي صلّى الله عليه وآله فإنما هو بفضل دم الإمام الحسين سلام الله عليه.
لقد بعث الله تعالى مئة وأربعة وعشرين ألف نبيٍّ، فلم تبق حتى أسماؤهم سوى الذين ذكرهم القرآن الكريم، أما الباقون فنُسوا واندرس ذكرهم، وحتى الذين خلّد ذكرهم القرآن فإنهم مدينون للإمام الحسين سلام الله عليه لأنه لولا نهضته سلام الله عليه لما بقي القرآن أيضاً.
أجل إن الله تعالى هو الذي تعهّد بحفظ دينه وكتابه فقال: (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافظُونَ)(5)، ولكنه سبحانه قدّر أن يكون بقاء الإسلام والقرآن وأحكامه وذكر نبيه صلّى الله عليه وآله عن الطريق الطبيعي وليس بالمعجزة وحدها. والطريق الطبيعي الذي قدّره الله تعالى لذلك، قضية كربلاء الإمام الحسين سلام الله عليه.
وهكذا صار الإمام الحسين سلام الله عليه سبباً لبقاء الإسلام والقرآن وأحكام الله تعالى واسم نبيه الكريم وعترته الطاهرة.
إذن فما هي مسؤوليتنا نحن اليوم إزاء ذلك ؟
--------------------------------------------------------------------------------
(1) وكانوا يسمّونه بابن كبشة نسبة إلى أبي كبشة، الحارث بن عبدالعزّى زوج ظئر النبي أو تشبيهاً بأبي كبشة الخزاعي وكان يخالف قريشاً في عبادة الأوثان أو نسبة إلى وهب بن عبد مناف جدّ النبي صلّى الله عليه وآله لاُمّه. قاله ابن شهر آشوب المازندراني في كتابه متشابه القرآن: 2 / 25، (ط . دار بيدار للنشر - بيروت).(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 5 / 129 ، أخبار متفرّقة عن معاوية، ط. مكتبة آية الله المرعشي- قم.
(3) المناقب: 4 / 89.
(4) كشف الغمّة للإربلي: 2 / 218 (ط. دار الكتاب الإسلامي - بيروت).
(5) الحجر: 9.
------------------------------
*نقلت لكم هذه الفقرة من كتاب
وهي من اصدارات مؤسسة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله الثقافية