بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أول مشاركاتي فأحببت أن تكون نافعة و مفيدة
لذلك , أنقل لكم بعض المقالات المفيدة , و جيدة , لرفع ثقافتنا الدينية الشيعية الإسلامية .
عبد الجبار الرفاعي
في اثبات العليّة والمعلولية وأنهما في الوجود
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أول مشاركاتي فأحببت أن تكون نافعة و مفيدة
لذلك , أنقل لكم بعض المقالات المفيدة , و جيدة , لرفع ثقافتنا الدينية الشيعية الإسلامية .
عبد الجبار الرفاعي
في اثبات العليّة والمعلولية وأنهما في الوجود
في اثبات العليّة
فاذا لاحظنا الماهية فان هذا العالم، عالم الإمكان، فيه تلازم بين الإمكان والماهيّة، فكل ممكن له ماهيّة وكل ماهيّة ممكنة، وهذه الماهيّة إذا لاحظناها بذاتها وبقطع النظر عن سواها، فهي من حيثُ هي لا موجودة ولا معدومة، أي أن نسبتها الى الوجود والعدم متساوية، ولكي يترجح أحد الجانبين وتخرج الماهيّة من حدّ الاستواء الى الوجود أو الى العدم، فلابد من علّة لها تخرجها الى الوجود، أو لابد أن تنتفي هذه العلّة لكي تنتفي الماهيّة.
ثم ان نظام العلّة حاكم في هذا العالم، فان عالم الإمكان بتمامه صادر من الواجب، وان نظام العليّة حاكم في عالم الإمكان كما نلاحظ ذلك في حياتنا الاعتيادية، بل حتى الذي يستدل على نفي نظام العليّة، فهو في استدلاله ومن حيث لا يشعر يثبت العليّة ويبرهن عليها، لأن هذا الاستدلال يبتغي منه أن يكون علّة لنفي العليّة، وحينئذ لابد له أن يقبل في مرتبة سابقة بمبدأ السببية والعليّة، حتى يكون برهانه ودليله علّة لابطال مبدإ العليّة.
إذاً لو لم نقل بمبدأ العلية لما أمكن أن نصدّق بأي قضية، لأن الحكم الناشىء من البرهان في القضايا النظرية هو سبب التصديق في القضايا النظرية.
إذاً وجود نظام العليّة وكونه حاكماً على العالم من الامور البديهيّة، التي يصدّق بها الانسان بأدنى تأمل، وأن الممكنات في هذا العالم محتاجة الى العلة، وحاجتها الى العلة من الضروريات الأولية، التي مجرد تصور موضوعها ومحمولها كافٍ في التصديق بها.
المسألة الثانية العليّة والمعلوليّة في الوجود
إن العليّة والمعلولية إنما يكونان في الوجود، أي أن العلة موجود والمعلول موجود، وليست العلة ماهيّة والمعلول ماهيّة.
فأيٌّ يعطي العلية الوجود أم الماهية؟ أم النسبة بين الوجود والماهية، أي الصيرورة، صيرورة الماهيّة موجودة؟ وبكلمة أخرى ما هو المجعول الذي تجعله وتوجده العلّة؟ مع العلم أن هذه المسألة تعنون في كتب أخرى بعنوان: مسألة الجعل، كما في منظومة السبزواري.
وهنا نشير الى نكتة، وهي أنه قد يحصل توهم هو أن العلّة شيء والمعلول شيء آخر، والعلة تعطي شيئاً للمعلول. كما إذا فرضنا أن زيداً وجوده مستقل عن وجود بكر، وزيد يمنح مالاً لبكر، فعندما نقول: العلة ماذا تعطي للمعلول، قد يتوهم أحد فيجيب أن العلة موجود والمعلول موجود، ثم العلة تقدم شيئاً للمعلول، بينما الأمر ليس كذلك، فاننا عندما نقول (تعطي العلة للمعلول)، فان هذا من باب ضيق التعبير، وإلا ففي الواقع المعلول غير موجود قبل علّته، والعلّة لا تعطي شيئاً للمعلول، وإنما العلّة تعطي ذات المعلول، فتوجده، إذ لا وجود لطرفين لكي تقوم العلّة باعطاء المعلول شيئاً ما، لأن الإضافة هنا إشراقية وليست إضافة مقولية، ومن المعروف أن في الإضافة الاشراقية يوجد طرف واحد وهو العلة، وهي تفيض المعلول، فالمعلول ليس هو إلا المفاض من قبل العلّة.
ينبغي التنبيه الى أن ما تعطيه العلة للمعلول، أو افاضة العلة للمعلول، أو ايجاد العلة للمعلول، هذا الأثر الذي تفيضه العلة الذي هو المعلول، لابد أن يكون أمراً واحداً لا أكثر، فالعلة إنما تفيض الوجود أو تفيض الماهيّة أو شيئاً آخر.
ولكي تتضح هذه المسألة، نقول: عندما نعلل أي موجود من الموجودات الممكنة نجد أن لهذا الموجود ثلاثة عناوين _بحسب التحليل العقلي _ وإلا فالموجود في الخارج واحد، فهو من جهة موجود، ومن جهة ثانية ينتزع منه الذهن عنوان ماهيّة لأن كل ممكن زوج تركيبي مؤلف من وجود وماهية، ومن جهة ثانية ينتزع منه الذهن عنوان ماهيّة لأن كل ممكن زوج تركيبي مؤلف من وجود وماهية، ومن جهة ثالثة هناك ارتباط ونسبة بين الوجود والماهيّة، وهي صيرورة الماهيّة موجودة.
إذاً هناك مفهوم الوجود، ومفهوم الماهيّة، كما أن هناك مفهوماً أو معنىً حرفياً وهو النسبة والصيرورة والعلاقة بين الوجود والماهيّة، أي صيرورة الماهيّة موجودة. وهنا قد يقال ما الذي تعطيه العلّة؟
الجواب: أن العلّة عادة تعطي شيئاً واحداً، والصحيح أنها إنما تعطي الوجود، ولا تعطي الماهيّة، ولا الصيرورة، لأنه من المحال أن يكون المجعول هو الماهيّة، لأن الماهيّة أمر اعتباري، والمجعول الى العلة أمر أصيل وليس أمراً اعتبارياً.
وقد يقال: بأن الماهيّة محتاجة الى العلة، وحاجتها الى العلة من الضروريات، فما هو المحتاج الى العلّة؟ أهو ذات الماهيّة أم وجود الماهيّة؟ الماهية المعلولة، إنما تحتاج الى العلة وترتبط بالعلة من حيثُ موجودة لا من حيثُ هي ماهيّة، لأن الماهيّة من حيثُ هي ليست إلا هي. فحاجة الماهية المعلولة الى العلة إنما هي من حيثُ وجودها لا من حيثُ هي.
كما أن المجعول الى العلة ليس الصيرورة، أي ليس صيرورة الماهية موجودة، لأن الصيرورة معنىً حرفي، معنىً نسبي، والمعاني النسبية لا تكون قائمة بذاتها وإنما تكون قائمة بطرفيها، أي أن وجودها وجود رابط وليس مستقلاً والوجود الرابط لا يقوم بذاته بل بغيره، ومن المحال أن يقوم أمر أصيل بأمرين اعتباريين غير اصيلين، لأنه إذا اعتبرنا الصيرورة التي هي معنى حرفي نسبي هي المجعولة الى العلة، فلابد أن تكون الصيرورة أمراً أصيلاً، وهو قائم بطرفين هما الوجود والماهيّة، فيكون الطرفان اعتباريين، ومحال أن يقوم أمر أصيل بطرفين اعتباريين. إذاً المجعول الى العلة، الذي تفيضه وتوجده هو وجود المعلول، لا ماهيّته، ولا صيرورة الماهيّة موجودة.
---------------------------
* المصدر:دروس في الفلسفة الاسلامية
تعليق