بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على من اتبع الهدى :
لا يخفى على مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر مكانة الصحابي الجليل صهر رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه , وإن حبه من علا مات الإيمان وبغضه دليل قاطع على النفاق .
وهذه بعض الأحاديث المروية في فضائله مما هي في الصحيحين فقط , دع عنك الكتب الباقية , وليعلم الرافضة أن الكذب واختلاق الأحاديث في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنما هو تنقص مهم له , ففضائله جلية وغنية عن كذبهم , وأن أهل السنة هم من أثبتوا له مكانته .
وقبل ذلك هذه بعض النقولات من كلام شيخ الإسلام بن تيمية الحراني قدس الله روحه وفيها بيان مكانه علي بن أبي طالب رضي الله من كتاب الشيخ سليمان الخراشي حفظه الله النفيس جداً والمسمى ( بن تيمية لم يكن ناصبياً) .
فمن ذلك قوله – رحمه الله - :
( فضل علي وولايته لله وعلو منزلته عند الله معلوم ، ولله الحمد ، ومن طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني ، لا يحتاج معها إلى كذب ولا إلى ما لا يعلم صدقه )
ومن ذلك قوله :
( وأما كون علي وغيره مولى كل مؤمن ، فهو وصف ثابت لعلي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته ، وبعد ممات علي ، فعلي اليوم مولى كل مؤمن ، وليس اليوم متولياً على الناس ، وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياء وأمواتاً )
ومن ذلك قوله :
( وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله )
ومن ذلك قوله :
(لا ريب أن موالاة علي واجبة على كل مؤمن ، كما يجب على كل مؤمن موالاة أمثاله من المؤمنين )
ومن ذلك أنه سئل – رحمه الله - :
عن رجل قال عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – إنه ليس من أهل البيت ، ولا تجوز الصلاة عليه ، والصلاة عليه بدعة ؟
فأجاب : أما كون علي بن أبي طالب من أهل البيت فهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين ، وهو أظهر عند المسلمين من أن يحتاج إلى دليل ، بل هو أفضل أهل البيت ، وأفضل بني هاشم بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ثبت عن النبي أنه أدار كساءه على علي ، وفاطمة ، وحسن ، وحسين ، فقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنه الرجس وطهرهم تطهيراً "
وأما الصلاة عليه منفرداً فهذا ينبني على أنه هل يصلى على غير النبي صلى الله عليه وسلم منفرداً ؟ مثل أن يقول : اللهم صلى على عمر أو علي . وقد تنازع العلماء في ذلك .
فذهب مالك ، والشافعي ، وطائفة من الحنابلة : إلى أنه لا يصلى على غير النبي صلى الله عليه وسلم منفرداً ، كما روي عن ابن عباس أنه قال : لا أعلم الصلاة تنبغي على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم .
وذهب الإمام أحمد وأكثر أصحابه إلى أنه لا بأس بذلك ، لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب : صلى الله عليك. وهذا القول أصح وأولى .
ولكن إفراد واحد من الصحابة والقرابة كعلي أو غيره بالصلاة عليه دون غيره مضاهاة للنبي صلى الله عليه وسلم ، بحيث يجعل ذلك شعاراً معروفاً باسمه : هذا هو البدعة )
ومن ذلك أنه يفضله بعبارة صريحة واضحة على معاوية ، وعلى من هو أفضل من معاوية ، ولو رغمت أنوف النواصب ، يقول رحمه الله: ( ليس من أهل السنة من يجعل بغض علي طاعة ولا حسنة ، ولا يأمر بذلك ، ولا من يجعل مجرد حبه سيئة ولا معصية ، ولا ينهي عن ذلك .
وكتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله مناقبه ، ويذم الذين يظلمونه من جميع الفرق ، وهم ينكرون على من سبه ، وكارهون لذلك ، وما جرى من التساب والتلاعن بين العسكرين ، من جنس ما جرى من القتال ، وأهل السنة من أشد الناس بغضاً وكراهة لأن يتعرض له بقتال أو سب .
بل هم كلهم متفقون على أنه أجل قدراً ، وأحق بالإمامة ، وأفضل عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين من معاوية وأبيه وأخيه الذي كان خيراً منه ، وعلي أفضل ممن هو أفضل من معاوية رضي الله عنه ، فالسابقون الأولون الذين بايعوا تحت الشجرة كلهم أفضل من معاوية ، وأهل الشجرة أفضل من هؤلاء كلهم ، وعلي أفضل جمهور الذين بايعوا تحت الشجرة ، بل هو أفضل منهم كلهم إلا الثلاثة ، فليس في أهل السنة من يقدم عليه أحداً غير الثلاثة ، بل يفضلونه على جمهور أهل بدر وأهل بيعة الرضوان ، وعلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار )
ومن ذلك أنه : يرد علي قول الرافضي بأن علياً سيف الله المسلول وليس خالد بن الوليد ، فيقول :
( وأما قوله أي الرافضي : " علي أحق بهذا الاسم "
فيقال : أولاً من الذي نازع في ذلك ؟ ومن قال : إن علياً لم يكن سيفاً من سيوف الله ؟ وقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي ثبت في الصحيح يدل على أن لله سيوفاً متعددة ، ولا ريب أن علياً من أعظـمها , ومـا في المسلمين من يفضل خالداً على علي ، حتى يقال : إنهم جعلوا هذا مختصا بخالد . والتسمية بذلك وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ، فهو صلى الله عليه وسلم الذي قال : إن خالداً سيف من سيوف الله .
ثم يقال ثانياً : علي أجل قدراً من خالد ، وأجل من أن تجعل فضيلته أنه سيف من سيوف الله ؟ فإن عليا لـه من العلم والبيان والدين والإيمان والسابقة ما هو به أعظم من أن تجعل فضيلته أنه سيف من سيوف الله ، فإن السيف خاصته القتال ، وعلي كان القتال أحد فضائله ، بخلاف خالد فإنه كان هو فضيلته التي تميز بها عن غيره ، لم يتقدم بسابقة ولا كثرة علم ولا عظيم زهد ، وإنما تقدم بالقتال ، فلهذا عبر عن خالد بأنه سيف من سيوف الله )
ومن ذلك قوله :
( فكيف يظن بعلي – رضي الله عنه – وغيره من أهل البيت أنهم كانوا أضعف ديناً وقلوباُ من الأسرى في بلاد الكفر ، ومن عوام أهل السنة ، ومن النواصب ) .
وهذه بعض الأحاديث :
قال الأمام البخاري (3973) :
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال أخبرني سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يوم خيبر ثم لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن وجع فأعطاه الراية فقال علي يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم "
قال الأمام مسلم (78) :
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الأعمش ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر قال : " قال علي والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق "
قال الأمام البخاري (3970) :
حدثني أحمد بن سعيد أبو عبد الله حدثنا إسحاق بن منصور السلولي حدثنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق : "سأل رجل البراء وأنا أسمع قال أشهد علي بدرا قال : بارز وظاهر "
وقال الإمام مسلم (2417) :
وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعنى بن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد"
قال الأمام البخاري (375) :
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا هشيم أخبرنا أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال ثم سمعت أبا ذر: " يقسم قسما إن هذه الآية {هذان خصمان اختصموا في ربهم } نزلت في الذين برزوا يوم بدر حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة"
قال الأمام مسلم (2404) :
حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وتقاربا في اللفظ قالا حدثنا حاتم وهو بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: " ثم أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك ان تسب أبا التراب فقال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن اسبه لان تكون لي واحدة منهن أحب الي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليا فأتي به ارمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي "
قال الأمام البخاري (4251) :
حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال : " لما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام فلما كتبوا الكتاب كتبوا هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لا نقر بها فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك لكن أنت محمد بن عبد الله قال أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ثم قال لعلي امح رسول الله قال لا والله لا أمحوك أبدا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله لا يدخل مكة سلاح إلا في القراب وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه وأن لا يمنع أحدا من أصحابه أراد أن يقيم بها فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليا فقالوا قل لصاحبك فقد مضى الأجل فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة يا عم يا عم فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام دونك ابنة عمك احمليها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي أنا أحق بها وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي وقال زيد ابنة أخي فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الأم وقال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا , وقال علي تتزوج بنت حمزة ؟ قال إنها ابنة أخي من الرضاعة "
قال الأمام البخاري (4154 ) :
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف عليا فقال أتخلفني والنساء قال ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي "
قال الإمام البخاري (4211) :
حدثنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: " قال عمر رضي الله عنه ثم أقرؤنا أبي وأقضانا علي وإنا لندع من قول أبي وذاك أن أبيا يقول لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى ما ننسخ من آية أو ننسها"
حديث فيه إثبات أن علي كان على الحق ورضي الله عن الجميع :
قال الإمام مسلم (1064 ) :
حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا القاسم وهو بن الفضل الحداني حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تمرق مارقة ثم فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق "
في سبب تكنيته بأبي تراب :
قال الإمام البخاري ( 3500 ) :
حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه ثم أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد فقال : "هذا فلان لأمير المدينة يدعو عليا ثم المنبر قال فيقول ماذا قال يقول له أبو تراب فضحك قال والله ما سماه إلا النبي صلى الله عليه وسلم وما كان والله له اسم أحب إليه منه فاستطعمت الحديث سهلا رجاء يا أبا عباس كيف ذلك قال دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم أين بن عمك قالت في المسجد فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره فيقول اجلس يا أبا تراب مرتين "
والله أعلم.
(كتبه : الميمان النجدي)
تعليق