بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي *
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواقَوْلِي
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد و عجل فرجهم و العن عدوهم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
---------------------
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي *
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواقَوْلِي
أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد و عجل فرجهم و العن عدوهم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
---------------------
لعدة قرون ، قُدّرَ للعراق أن يقبع تحت نير التخلف والجهل من جهة ، والاستبداد والطغيان السلطوي من جهة أخرى...تخلف وظلامية حاولت أن تسلب الإنسان كل شيء حتى كرامته وإنسانيته... وسلطات قمعية توالت على حكم بلاد الرافدين أحرقت الحرث والنسل وجعلت أهلها شيعاً يقتِّلُ بعضهم بعضا،ويظلم بعضهم بعضا ، وكان أن استولت العصابة البعثية على مقاليد الحكم في العراق ، فعاثت في الأرض فسادا ، وأهلكت الحرث والنسل ، وأدخلت البلاد والعباد في متاهات الحروب والقتل الجماعي ، واكتظت السجون بأحرار العراق ، ذُبِحَ ابناءه ، واستُحيَت نساءه ، وظل العراق غارقاً في بحر من الدماء ، وتوالت قوافل الشهداء تشكو الى بارئها ظلم الهدام اللعين وزبانيته الطلقاء ، وتواطؤ الدول الاستعمارية الكبرى ومن تسمي نفسها بالدول الاسلامية ، وتهاون وسكوت من كان يرجى منهم أن لا يقرّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم ...
ولما آلت الأمور في النهاية الى أن يواجه حسين عصره (السيد الشهيد محمد باقر الصدر ) الطغمة البعثية بنفسه ، أقدم الهدام اللعين على قتل هذا المفكر العظيم والمرجع الرسالي ليضيف الى سجل جرائمه ما لا تمحيه حوادث التاريخ على مر العصور..
وباستشهاد السيد الشهيد الصدر الأول (رض) أستتب الأمر لحكومة الطلقاء من آل الهدام اللعين ، فرفعوا شعارهم سيء الصيت (لا شيعة بعد اليوم) و غطى العراق صمت رهيب وسكون مرير وفقد الغيارى من أبناءه الأمل في أن تنجلي سحب الهموم والظلام عن قائد رسالي يقود العباد الى التخلص من أئمة الشر والطغيان...
ولكن اللطف الإلهي تدارك العراقيين في نهاية المطاف...
محمد محمد صادق الصدر.....صدرٌ آخر مزق الصمت القاتل وأنبرى بسيف جده أمير المؤمنين ليحق الحق ويزهق الباطل....
محمد الصدر ، وحده من يحمل هموم المسلمين عامة والعراقيين خاصة....
محمد الصدر، وحده من يشعر بثقل المسؤولية الرسالية التي تشرف بها سيد الخلق محمد (ص) وحمّلها أمانة في أعناق الأمناء على البلاد والعباد الى يوم الدين.
وحده محمد الصدر كان يذكرنا برسول الله وبأمير المؤمنين والميامين من ولده...وحده كان يثير في نفوسنا التأهب والاستعداد ليوم الظهور المقدس ولو كلفنا ذلك حياتنا....
محمد الصدر كان يؤدي تكليفه أمام الله....أن ينهض بالمجتمع نهضة اسلامية واعية تزيح عن كاهله ترسبات قرون من الاستبداد والظلم والتعسف ، أن يطلق صيحات الحق في شتى مجالات الحياة....أن يرسل سهام الحق الى الرئيس والى المرؤوس والى الكبير والصغير ، الى المراجع والموظفين والكسبة ورجالات الدولة ...وحتى الى الغجر... (لعلهم يهتدون) ... (لعلهم يتقون) ...(لعلهم يتذكرون).
هكذا كان كليفه الشرعي (قده) ، ومن تكليفه أيضاً أن يواجه النظام!
عاجلا أم آجلا سوف تكون المواجهة الأخيرة....وتتطور الأحداث يوماً بعد آخر وتزداد الحلقة ضيقاً بمرور الوقت...وصولاً الى المواجهة الأخيرة...
إنها سنة الله في خلقه ، إنه العقل البشري بفطرته ، إنه التاريخ يخبرنا بأنه لا بد من اللحظة الحاسمة التي يقف فيها الإيمان كله....بوجه الظلم كله.
ولعلنا كنا موقنين بذلك....السيد نفسه كان يخبرنا...
(سوف أذهب وضميري مرتاح ،يكفي أن في موتي شفوةً وفرحاً لأمريكا واسرائيل وهذا غاية الفخر في الدنيا والآخرة) ، (أين الرصاصة التي تمنحني الشهادة) (لقد استشهد في هذا الطريق الشيخ البروجردي والشيخ الغروي ولعلي أكون ثالثهما..)
أجل كنا موقنين بالشهادة....لأنه أختار طريق الحسين (ع) وطريق الحسين مضرج بالدماء!!!
ولكنا كنا ندعو الله ونمني أنفسنا بأن تطول مدة بقاءه معنا....ذلك العصر الذهبي للدين والمذهب والحوزة الذي ربما لن يتكرر حتى يوم الظهور المقدس...
وكان ذلك اليوم المشهود.....
محمد الصدر لم يكن يمتلك مالاً ولا سلاحاً سوى كفنه !!!
هذا الكفن الذي واجه به الشر في كل صوره....أمريكا واسرائيل والاستعمار والشيطان !!!
(...نحن ماذا عندنا ؟! ...الله تعالى )..
في ذلك الوقت كان هناك شد وجذب مفتعل بين النظام العفلقي وبين إدارة ( كلينتون) وكان من تداعيات هذه الأزمة المفتعلة أن قام النظام بتدابير أمنية ووقائية ملحوظة ومثيرة للإنتباه بصورة لم يسبق لها مثيل في عقد التسعينات الذي شهد الكثير من الأزمات والمشادات المفتعلة بين النظام وبين الولايات المتحدة .
ولم تكن تلك التدابير ونصب السيطرات ونشر قوات الأمن و الحزب والجيش في كل مكان لا سيما في المحافظات الوسطى والجنوبية إلا بمثابة رأس (جبل الجليد) الذي يظهر للعيان وأما ما خفي فهو الاستعداد والاستباق الذي كان يهيء له النظام لاقتراف الجريمة العظمى بحق الولي الطاهر...
لقد أدرك النظام أن جريمة كهذه لن تمر دون مضاعفات قد تؤدي الى نهاية حكم فراعنة البعث الكافر، ولذلك قام بتلك الاجراءات الاستباقية كي يسيطر على الشارع المتفجر والغاضب حين يقوم بتنفيذ جريمته النكراء.
وأريقت الدماء الزكية الطاهرة....السيد الشهيد الصدر مع نجليه الطاهرين دفعوا ثمن الثورة الاصلاحية العظمى التي قادها أعظم مرجع عرفته النجف على الإطلاق.
وكان وقع الخبر على الموالين كالصاعقة....البعض لم يصدق ، والبعض لم يستوعب هول الصدمة إلا بعد حين....، والبعض الى الآن لا يستطيع أن يتصور أن قبراً في الأرض يمكن أن يحوي كل هذه المبادئ والقيم والشجاعة!!
لقد بدء محمد الصدر بنفسه وانتهى الى أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولا تهادن الباطل ولا تسكت عن قول كلمة الحق ولن يهدأ لها بال إلا بظهور الموعود (عج)!
ترنح النظام فيما سبق نتيجة سلسلة من الخطوات التي قام بها المصلح العظيم السيد محمد الصدر ،وباتت مسألة إزاحته عن صدر العراق مسألة وقت ليس إلا .وكانت عملية الاغتيال الآثم هي وحدها المخرج للنظام من محنته مع قائد المجاهدين .ولذلك تصور النظام انه بعملية الاغتيال سيتخلص من التهديد المستمر الذي كان يمارسه السيد الشهيد (قده) على سلطته الغاشمة.ولكنه لم يدرك بأن النخبة المؤمنة التي رباها محمد الصدر على رفض الباطل وأهل الباطل لن يقرّ لها قرار إلا بأخذ الثأر من أزلام البعث المجرم وقواه الأمنية.
وكان للبصرة الحظ الأوفر من ثورته (رض)...من حيث الولاء والمسارعة الى طاعة الحوزة العلمية الناطقة المجاهدة متمثلة بالسيد الشهيد (قده) ، ومن حيث وقع الخبر والزلزال الذي احدثه ، و الأنتفاضة الشعبية الكبرى فيما بعد.
كان أئمة الجمعة في البصرة أو (القادة الراشدون) كما كان السيد الشهيد يسميهم هم المفزع الوحيد في هذه المصيبة الكبرى للموالين والمجاهدين...تماماً كما كاونا في حياة السيد الشهيد (رض).
كانوا هم قادة المجتمع الحقيقيين ..وكانت مهمتهم هي الأصعب في هذا الجزء الحساس والمهم من حياة الأمة...
كان لا بد لهم من أن يهدءوا النفوس ريثما تهدأ الأوضاع قليلاً...وكانت مهمة صعبة بحق، فعلى الفرد منهم أن يكابد لوعة فقد المولى المقدس ويكظم غيظه ويحبس دموعه وصولاً الى أن يهدئ من روع مقلدي ومحبي السيد الشهيد حتى يستطيع التفكير بصورة صحيحة عما ينبغي ان تكون الأمور عليه...
ويا لها من مهمة شاقة....فلم تكن تلك المصيبة تفارق خيال كل من عرف السيد الشهيد الصدر المقدس....كان يرونه في عيني كل من يلتقونه ...وكانوا يشعرون به عند كل أذان وتكبيرة للصلاة!
لقد وصل الأمر بمحبي السيد الشهيد أنهم جنـّوا به كما جنّ عابس بمولانا الحسين سلام الله عليه...
لقد فقدوا الإمام والأب والموجه والقائد والأخ الناصح والمرجع المهيب...الذي كان بحق سلطان المراجع...أبيض الحية والوجه والقلب.
ولهذا كانت مهة أئمة الجمع غاية في الصعوبة...اجهزة النظام كانت تعد عليهم أنفاسهم، ومجبي ومقلدي السيد الشهيد (قده) يطالبونهم بالقصاص والثأر من البغاة البعثيين...
وكان أئمة الجمعة يحاولون الظهور بمظهر الهادئ والمسيطر على أعصابه...وحقيقة الأمر أنهم كانوا كالثكلى التي قتل وليدها في حجرها....على أنها لا تستطيع أن تندبه وتبكيه كما ينبغي!!!
وذلك لأن الظرف السياسي والاجتماعي آنذاك كان يملي عليهم هذا التصرف لأنه التصرف الوحيد الذي يمكن أن يحفظ دماء الثلة المؤمنة التي رباها قائدهم ومرجعهم.
وهنا تتدخل العناية الإلهية مرة أخرى ، السيد كاظم الحسيني الحائري يلقي خطاباً في الرابع عشر من ذي القعده /1419 هـ على مجموعة من مجاهدي العراق جاء فيه :
(ان الجهاد والمواجهة المسلحة هو الطريق الوحيد للنصر وهو واجب وضروري ومهم إلا أنه يجب ان يكون بتدبير وحكمة وحساب وتخطيط حتى يكون مضمون النتائج وان السبيل المناسب لنا في المهجر هو الإرتباط بأية جهة مجاهدة منضوية تحت راية الولاية وأما أخواننا المجاهدين في العراق فلهم تكليفهم الخاص ).
و(ان جميع وكلاء المرجع الشهيد الصدر الثاني (رضوان الله عليه) في داخل العراق هم وكلائي بشرط ان يراجعوني لإمضاء الوكالة ).
ثم جاء البيان الذي وضع النقاط على الحروف وهو ما يعرف بالبيان الثالث الى الشعب العراقي الثائر الذي اصدره آية الله العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري حيث تعرض فيه الى خطط النظام العفلقي الكافر في تصفية الحوزة العلمية ورموزها ، ومما جاء فيه :
(فعليكم يا أبطال الجهاد ويا فرسان الهيجاء أن تحصدوهم حصداً وتلاحقوهم حتى في بيوتهم ما لم يتوبوا الى الله من جريمتهم النكراء وذلك حفاظاً على حوزتنا العلمية المباركة ومراجعنا الاعلام الذين ينيرون طريق الحق فلقد قتل منهم في الآونة الاخيرة كما تعلمون ثلاثة ممن كانوا يتلألؤون في سماء العلم والتقى وكان آخرهم سماحة آية الله العظمى المجاهد السيد محمد الصدر تغمده الله برحمته.
يا أبنائي المجاهدين الأعزاء عليكم بضرب مصالح النظام العراقي اللئيم وتأديب هؤلاء الأقزام لعلهم ينتهون عن غيّهم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
وهكذا أستعد الأحرار والمجاهدين من ابناء الرافدين الغيارى لأخذ الثأر لمرجعهم وليردوا الصاع لمن عاث في الأرض فساداً وقتل الأخيار والعلماء وزج الفضلاء في أتون سجونه الرهيبة.
بسم الله الرحمن الرحيم
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (الحج:39)
وكانت الإنتفاضة التي هزّت عروش الظالمين وزلزلت الأرض تحت أقدام العفالقة وكادت أن تطيح برأس النظام وتقتلع البعث الكافر من أرض الرافدين الى الأبد.
لقد مر العراق بتجارب ثورية كثيرة استخدمت الجهاد المسلح كوسيلة للتغيير أو التعبير عن الرفض ...لكن إنتفاضة أبناء البصرة في 17/3/1999 تميزت بالدقة والتخطيط المنظم ولأول مرة في تاريخ الجهاد الإسلامي في العراق تشهد الساحة عمليات إنتحارية-استشهادية غاية في التخطيط والذكاء.
ففي الساعة الحادية عشر من مساء 17/3 /1999 إنطلق أبطال الجهاد وفرسان الهيجاء ليلقنوا النظام البعثي الباغي الدرس الأكثر تأثيراً في عمر النظام عسكرياً وسياسياً وليثبتوا للعالم أن ابناء العراق لم ولن يسكتوا عن ظلم الظالمين وبطش المجرمين.
ولم تفلح كل اجراءات النظام ومفارزه الأمنية التي كان يشرف عليها رؤوس النظام القذر ،لم تفلح في السيطرة على الأوضاع المتفجرة،وخرجت الامور من زمامها فتساقطت الرؤوس العفنة لزبانية البعث الكافر وقواته الأمنية تحت نير ضربات المهاجمين الأبطال الذين اختاروا طريق الحسين في مواجهة الظلم والأنحراف.
أستشهد في هذه الإنتفاضة التي أطلق عليها فيما بعد (إنتفاضة الصدر المقدس) خيرة المؤمنين من مجاهدي البصرة العزيزة....
والتحقوا بمولاهم ومرجعهم المولى المقدس (رض) فرحين مستبشرين شاكرين الله تعالى أن وفقهم الى الشهادة التي يقول عنها السيد الشهيد (قده) بما مؤداه

بسم الله الرحمن الرحيم
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)(الأحزاب:23).
لقد نجح وكلاء السيد الشهيد (قده) وأئمة الجمع في التخطيط والتنفيذ والمشاركة في هذه الثورة الصدرية المباركة ولكن الوسائل التي اتبعها النظام الملعون في التنكيل والتعذيب للمؤمنين وعوائلهم وحملات الأعتقال التي طالت المؤمنين والمجاهدين وعمليات تهديم الدور جعلت البعض منهم يلجأ الى إيران الإسلام حفاظاً على البقية الباقية من طلاب السيد الشهيد (قده) ووكلاءه ومن كان له التأثير الكبير فيهم وذلك لشعورهم أن المسألة لم تنتهي بعد ، وأن النظام الكافر لا بد أن يزول عن صدر العراق الحبيب.
وفيس مواجهة هذه الانتفاضة المباركة لجأ النظام الى اسلوبه التاريخي القذر في مواجهة الرفض الشعبي العارم له ....الأعتقالات العشوائية ، والتنكيل بالمؤمنين وذويهم ، وهدم الدور التي تأوي عوائل المجاهين كانت سلاح النظام في مواجهة الانتفاضة المباركة.
وقد بلغ عدد الدور التي تم هدمها في محافظة البصرة وحدها أكثر من ثمانين بيتاً توزعت على مختلف أنحاء المدينة....
وهنا وبإيعازات من النظام والبعض من ذوي النفوس الضعيفة بدأت الشائعات والتشويه تأخذ طريقها في الشارع العراقي وذلك لأمرين غاية في الأهمية بالنسبة للنظام :
الأمر الأول : تشويه صورة الإنتفاضة عن طريق الطعن في شرعيتها وأن الذين قتلوا فيها ليسوا بشهداء وهي الوسيلة الأكثر تأثيراً في القضاء على حيوية الأنتفاضة وآثارها الآنية والمستقبلية .
الأمر الثاني : محاولة تسقيط أئمة الجمعة وتشويه صورتهم في الرأي العام العراقي خصوصاً ، وهذا الأمر غاية في الأهمية بالنسبة للنظام خصوصاً أنهم قد أفلتوا من قبضة النظام ولا يعلم على وجه التحديد ما يخططون له أو ما يسعون اليه في المهجر.
وفي هذه المرحلة كانت أجوبة السيد الحائري حازمة وتقطع الطريق على كل من يريد أن يسيء الى أبناء الصدر المقدس ،ففي استفتاء وجه الى سماحته حول تشكيك البعض بشرعية الانتفاضة وأن الذين قتلوا ليسوا بشهداء أجاب بما نصه :
(إنهم شهداء عند الله ومن أفضل الشهداء لأنهم أدوا ما عليهم من الواجب وبقي علينا أن نؤدي واجبنا أسأل الله تعالى أن نوفق لذلك كما وأسأل الله تعالى أن يوفق المتقولين للتوبة).
وفي استفتاء أكثر تفصيلاً وجه الى سماحته من قبل أئمة الجمعة في البصرة بتاريخ 24/ربيع الأول/1420 هـ أجاب سماحته بما نصه :
(ما قام به أئمة الجمعة في البصرة لضرب مصالح النظام البعثي من أفضل القربات الى الله وهم مأجورون عند الله أجراً عظيماً ومن سقط منهم أو من أتباعهم قتيلاً فهو شهيد عند الله وترويج الإشاعات ضد عملهم الذي كان على خلاف مصالح النظام من أعظم الحرمات).
هذه –باختصار- قصة مدينة مجاهدة عانت الأمرين من الحكومات المتعاقبة التي انفردت بالسلطة في العراق ، ولما منّ الباري عليها وعلى المؤمنين في العراق بالشخصية الأكثر تأثيراُ في الشارع العراقي منذ زمن الغيبة وعلى الاطلاق ،اغتالته يد الشر والظلام فما كان من ابناء الصدرين العظيمين إلا أن يهبوا ليثأروا لمرجعهم وقائدهم ووهبوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك ولسان حالهم يردد:
يا نفس من بعد الحسين هوني فبعده لا كنتِ ولا تكوني
فحري بنا ونحن نمر على الذكرى العطرة لانتفاضة الصدر المقدس في 17-3 أن نسلط الضوء على مظلومية هذه الانتفاضة من ناحيتين:
الناحية الأولى: وتتعلق بالظلم البعثي التسلطي الذي وقع على المجاهين الغيارى وعلى عوائلهم والأساليب القمعية التي مارسها بحقهم وبحق عوائلهم ومحبيهم حتى بلغ عدد الدور التي تم هدمها أكثر من ثمانين داراً ،عدا الاعتقالات العشوائية والإعدامات التي طالت خيرة ابناء هذه المدينة المجاهدة.
الناحية الثانية: المظلومية (التاريخية) أو ما وقع على هذه الانتفاضة المباركة من تعتيم إعلامي .سواء في زمن تسلط البعث الكافر ، أو حتى بعد زواله .فإن كان الاول له ما يبرره من تسلط ودموية وقمع النظام ، فإن الإهمال الإعلامي لا زال يلقي بظلاله على هذه الانتفاضة التي تمثل بحق مرحلة مشرقة ونقطة تحوّل في تاريخ العمل الجهادي.
تكفي الإشارة الى عدم وجود الرواية (الرسمية) أو التاريخية لتفاصيل هذه الصرخة الحسينية في وجه الذل والانحراف.
أن تسليط الضوء على جزئيات الانتفاضة لا يكفي وحده ، بل أن رعاية عوائل المجاهدين من الشهداء الذين ضحوا بدمائهم الزكية لينيروا لنا الطريق هي مسؤولية الجميع ممن يدعي الولاء لنهج المولى المقدس (رض) .
حريّ بنا أن لا نهنأ بمأكل أو ملبس وأولاد شهدائنا يعانون ضيق المعيشة في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها اليوم.لأنهم أمانة في أعناقنا ولسوف نًسأل عنها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين .
تعليق