بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
بعث اللّه سبحانه أنبياءه المطهرين لهداية الاءنسان و إرشاده إلي التوحيد و عبادة اللّه وحده . و الانبياء عباد صالحون مطهرون لم يكن لهم هَمٌّ سوي رضا اللّه ، و قد وصفهم اللّه بالاءخلاص و التقوي و صفاء النفس .
تذكر بعض الروايات أن عددهم 124000 نبي ، ذكر القرآن منهم أسماء خمسة و عشرين نبيا" . و قد دفن عدد من الانبياء في أرض إيران ، ليشكلوا بذلك جزءاً مهماً من تراثها الثقافي .
فيما يلي نورد تحقيقا" سريعا" عن هؤلاء الانبياء الذين تضم أرض إيران أجسادهم الطاهرة:
النبي حبقوق :
اسمه في الأحاديث و الكتب الاءسلامية (حيقوق ) بفتح الحاء والياء ، أما في العهد القديم فقد ورد اسمه (حبقوق ) بفتح الحاء و الباء ، و حبقوق باللغة العبرية تعني الشخص المحتضن .
هو أحد أنبياء بني إسرائيل ، كان حارسا" لمعبد سليمان في القدس ، وقع و النبي "دانيال " و آخرون في أسر الملك البابلي "نبوخذ نصر" ، و أمضي سنوات طويلة في سجن بابل ، و حين فتح " كوروش الهخامنشي " بابل و أطلق الاسري ، قدم النبي حبقوق إلي إيران و استقر في همدان حتي توفي فدفن في (تويسركان ) ، و يقال أنه بشّر ببعثة خاتم الانبياء (ص ) .
ذكر صاحب كتاب القاموس أنه عاش قبل الفين و ستمائة عام معاصرا" ملكي القدس اليهوديين " يهويا قيم " و "صدقيا".
تقع مدينة (تويسركان ) التي تحتضن ضريحه في وادٍ عذب المناخ من وديان جبل (ألوند )، و أغلب سكان المدينة لا يعرفون الكثير عن صاحب القبر ، إلا أن إرشاد بعض علماء الدين جعلهم يعرفون أكثر عن شخصه ، و يحيطونه بالاحترام اللازم . و من هنا بادروا في السنوات الاخيرة إلي ترميم القبر و توسيع الصحن المحيط به ، و حتي سنوات معدودة لم يمكن ثمة صحن يفصل بين القبر و الارض الزراعية المحيطة به ، و في أعمال التنقيب التي أجرتها مؤسسة التراث الثقافي في البلاد عام 1990 علي المنطقة تم اكتشاف قلعة أثرية هي المقبرة الاصلية .
يتكون الضريح من بناء آجري برجي الشكل ذي قبة مخروطية الظاهر و مستديرة من الداخل ، و البناء ثماني الاضلاع ، تنتظمها طيقان صغيرة مزخرفة في إحدي هذه الطيقان يقع باب الضريح .
يتميز سقف البناء بشكلة العجيب ، و لعله لا نظير له بين الابنية القديمة في إيران ، و يمكن اعتباره من النماذج المعمارية القيمة بين الابنية التراثية . و هذا النمط المعماري كان سائدا" في إيران منذ ثلاثة آلاف سنة ، إذ كان إيرانيون يستخدمونه في بناء أضرحة الشخصيات الدينية و العلمية و السياسية . و يتميز بمقاومته للفيضانات و الاعاصير و الامطار و الثلوج . لذلك بقي كل هذا الزمن الطويل .إذ يعود تاريخ بنائه إلي العهد السلجوقي ، و تحديدا" إلي القرن السابع الهجري . يقع القبر في وسط الصحن تماما" ، و تطالعنا صخرة القبر بمعلومات عن صاحب القبر
النبي دانيال
هو دانيال بن يوحنا من ذرية النبي داوود، صاحب كتاب نبوة ينبيء بأحداث مستقبلية و بعثة نبي آخر الزمان ، الرسول الكريم (ص ) يلقب بنبي اللّه ، و هو معاصر للنبي "عزيز " و للملكين الاءيرانيين " كوروش " و "داريوش الكبير " ، أسر في القدس بعد فتح " نبوخذنصر " لها عام 568 ق .م ، و نقل إلي بابل و عاش فيها ؛ و في رواية لبعض المؤرخين انه وقع أسيرا" بيد " نبوخذ نصر " في جملة من اسر من بني إسرائيل عام 606 ق.م ، و امتنع في بابل عن السجود لملكها ، فألقي به إلي أسود مفترسة ، لكنه خرج منها سالما" لم يمسس بضرر ، و بعد موت نبوخذ نصر أعاده " بهمن بن اسفنديار " إلي بيت المقدس ، و منها سافر إلي الاهواز و توفي في "الشوش "
تعني كلمة دانيال بالعبرية : (اللّه حاكمي) ، و اسم النبي دانيال عند الكلدانيين (بلَطَشَصّر ) و لقد عمد الاءيرانيون القدامي إلي تحنيط جسد النبي و دفنه في غرفة علي مرتفع ، ثم ختموا بابها بالشمع .
و مع ظهور الاءسلام و دخول المسلمين إلي إيران و اطلاعهم علي هذه الغرفة ، أخذوا يسألون الناس عنها حتي اطمأنوا إلي وجود نبي فيها ، فبعثوا إلي الخليفة عمر يستفتونه في الامر ، فاستشار الخليفة الاءمام علي (ع ) ، فقال : يدفن حسب الشريعة الاءسلامية ، و يولي جهة القبلة . كما أمر بتحويل مجري النهر إلي القبر لاخفائه خشية ان يبادر اليهود إلي سرقة الجسد إذا اطلعوا علي الامر .
و في كتاب (نظرة علي خوزستان ) نقرأ : "يوجد ضريح النبي دانيال في مدينة الشوش ، علي ضفاف نهر شاوور ، و هو بناء واسع جميل و علي قدر كبير من الشهرة ، و قد عرفت الشوش به . و يطالعنا في بعض النصوص اسم (شوش دانيال ) ، كما نقرأ في الكتب الجغرافية القديمة أن البعض يعتقد بوجود القبر تحت مياه نهر الكرخة أو نهر شاوور ، بينما يعتقد آخرون أن قبر هذا النبي المخبر بالغيب موجود تحت جسر قائم علي نهر شاوور .
و يقول ايضا" صاحب (نظرة علي خوزستان ) : " دانيال نبي ذائع الصيت ، له في التوراة كتاب ذو اثني عشر باباً . و ثمة روايات و اخبار كثيرة بشأن موضع قبره ، و كرامات هيكله و تابوته ، و هي موجودة في بعض الكتب " .
كتب علي شاهد القبر أن جسده اكتشف عام 16 هـ ، و هو يؤكد صحة ما ذهبنا إليه .
و كما ذكرنا آنفا" ، تحول مجري النهر ليغطي القبر ، و بعد عدة قرون أقيم علي النهر جسر و بني الضريح فوق الجسر ، إلا أن هذا البناء تهدم بفعل السيول ، حتي أعاد بناءه الحاج الشيخ جعفر شوشتري عام 1287 هـ. و في عام 1973 جرف مجري النهر مرة أخري بمقتضي خطة تنظيم مدينة شوش ، فتبين القبر و أبدي المسلمون رغبتهم في إعادة إعمار الصحن و الحرم ، و في الوقت الحاضر تشرف علي إدارة الضريح إدارة الاوقاف و الامور الخيرية في مدينة الشوش .
النبي صموئيل
دأب بنو إسرائيل علي عصيان اللّه و الخروج علي أحكامه ، فحلت عليهم عقوبته مرارا" ، و وقعوا في شراك الفتن و الخلافات بعد رحيل "يوشع بن نون " وصي موسي (ع ) ، فضعفت قوتهم و وهنت شوكتهم و فقدوا التابوت الذي كان سكينة لهم ، فسقطوا في قبضة "جالوت " .
سلط اللّه عليهم جالوت فأذلهم غاية الاءذلال ، و أخرجهم من بيوتهم و استحوذ علي أموالهم و قتل رجالهم واستعبد نساءهم ، بعد ذلك بعث اللّه لهم نبيا" من آل لاوي اسمه (صموئيل أو شموئيل أو اشموئيل) فاستطاع أن يعيد النظام و الاستقرار إليهم ، و أخذ يدعوهم إلي عبادة اللّه و نبذ الاصنام ، و قد وردت قصته في سورة البقرة .
يقول أمين الاسلام الطبرسي في (مجمع البيان ) : "اختلف في اسم النبي في قوله تعالي (إذ قال لهم نبيهم...) ، فمنهم من قال انه شمعون بن صفية من ابناء لاوي ، و منهم من قال انه يوشع ، و قال آخرون انه اشموئيل ".
يقع مرقد النبي صموئيل علي بعد 11كم من (ساوه ) علي طريق (بويين زهرا ) ، و هو مشيد منذ زمن بعيد لا يعرف علي وجه التحديد ، و لكن القسم الشرقي اضيف إليه بأمر من ناصرالدين شاه القاجاري ، و يظهر من الحجر المثبت هناك ان الشاه و حاشيته كانوا حاضرين وقتئذ .
و علي تعاقب الزمن ظل هذا المرقد مزارا للفضلاء و المؤمنين ، و ثمة ماء يجري بجواره يسمي ماء (جكه بار )، و تعتقد العامة الماء تفجر بضربة من عصا النبي صموئيل (اشموئيل ).
النبي قيدار :
ذكر المرحوم العلامة المجلسي في (بحارالانوار) في ذكره أجداد الرسول محمد (ص ) ، أن النبي قيدار هو الجد الثلاثين للرسول الاكرم .
و في تاريخ اليعقوبي : و لد لاءسماعيل (ع ) اثنا عشر ولداً أكبر هم النبي قيدار ، و بعد وفاة اسماعيل (ع ) بعمر 130 سنة ، خلفه ابنه قيدار في دعوة الناس للتوحيد .
و يقول اليعقوبي أيضاً : رحل أبناء جرهم بن عامر إلي اليمن فملكوا فيها ، ثم قدموا أرض تهامة فجاوروا اسماعيل بن إبراهيم (عليهماالسلام )، وتزوج إسماعيل حنفاء بنت الحارث الجرهمي فرزق منها باثني عشر ولداً منهم قيدار و تفرق أولاد اسماعيل بحثا" عن الماء ، و آثر بعضهم في جوار البيت الحرام قائلين : لن نفارق حرم الله و زعم البعض أن " قيدار " تعني أسود البشرة ، و هو اسم الابن الثاني لاءسماعيل (ع ) ، و هو أب أشهر القبائل العربية ، و حملت أرضها و مملكتها اسم قيدار أيضا"
يقع ضريح النبي قيدار في مدينة (قيدار ) ، و إلي ذلك ، يشهد علماء و سكان المدينة بصحة الامر ، فهو يقع في مدينة (خدا بنده ) التي تعرف الا´ن بـ "قيدار " ، و تتكون من شارعين أحدهما أصلي و الا´خر فرعي ، ويقع المرقد في الشارع الاصلي .
يعتبر بناء الضريح من التراث الثقافي الاءيراني، إذا يعود بناؤة إلي عام 719 هـ ، بأمر من "بلغارخاتون " زوج "غازان خان الايلخاني " (المغولي ) ، ثم جدد بناؤة عام 751 هـ علي يد الاستاذ تيمور خان سلطاني و جصص في القرن الحادي عشر ، و هو يشغل مساحة 5،1 هكتاراً من الاراضي الجبلية، و يتوافد عليه الزوار علي مدار السنة .
بناؤة مربع الشكل ، من الا´جر ، ابعاده 50/14 م طولا" و 30/8 عرضا" و هويتكون من ثلاثة أقسام : القسم الاول فسحة أمامية ، ثم جزءان مسقوفان بقبتين متصلتين ، و يتفرد هذا المبني في المنطقة ، و مظهره خالٍ من التزيين و الفسيفساء ، بينما توجد في الداخل النقوش ذات اللونين الازرق و الذهبي .
النبي حجّي
كلمة حَجَي (بتشديد الياء) تعني بالعبرية مسرور ، كانت نبوة حجي قبل عهد زكريا (ع ) و بعد نبوة مردخاي ، و علي وجه التحديد في السنة الثانية من حكم "داريوش" في إيران ، أي في عام 520 ق .م .
إلا أن اللوحة المثبتة علي بوابة الضريح تشير إلي زمن آخر ، فحسب اللوحة بعث النبي حجي قبل مولد السيد المسيح بـ (657 عاما") ، و أخذ يدعو الناس إلي عبادة الله وحده . و هي تقرن عصره بعصر مرد خاي، إذ تقول أنه و مرد خاي وقعا أسيرين بيد الملك البابلي " نبوخذنصر " ، و بعد ذلك أرسل حجي إلي همدان فتوفي فيها و دفن في المكان الذي يطلق عليه الا´ن اسم (دار المؤمنين ) .
بعد اجتياز شارع (بابا طاهر) في همدان و الدخول في بعض الازقة المتفرعة من الشارع، يظهر مسجد (النبي ) ، و هو مسجد قديم يعود إلي عدة قرون ، و في آخر المسجد ، بعد المحراب ، يقع مدخل حرم النبي ، و هو مزار للعلماء و المؤمنين ، و من ثم سمي هذا الضريح و المسجد الذي يحيط به بـ "دار المؤمنين ".
الانبياء الاربعة
يقال انهم عاصروا أهل الكهف ، و لم يكن موتهم في وقت واحد ، أنما توفي أحدهم فدفن في هذا الموضع، و توفي الا´خرون فيما بعد فدفنهم أتباعهم في الوضع نفسه .
و يبدو أن مدينة قزوين بتاريخها العريق شهدت قدوم هؤلاء الانبياء الاربعة في الازمنة الغابرة، فعاشوا فيها ردحا" من الزمن ، ثم توفوا و دفنوا فيها ، يقع ضريحهم في شارع (بيغمبريه ) ، و حتي زمن غير بعيد كان إلي جوار الضريح مسجد و حسينية و مدرسة علمية ، و كان الكثير من الناس يترددون علي هذا المكان .
يذكر أن اسماء هؤلاء الانبياء هم : " سلام و سلوم و سهولي و القيا " ، و إلي جوارهم أحد أبناء الاءمام الحسن المجتبي (ع ) و يدعي "صالح " ، كذلك هناك الكثير من العلماء دفنوا في هذه البقعة المباركة .
حين زار قزوين المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء اطلع علي مخطوطة علي جلد غزال موضوعة فوق صندوق الضريح ، و هي مكتوبة بالعبرية ، فقال أنها تتحدث عن حياة هؤلاء الانبياء . و قد اهتم المرحوم الملا عبد الوهاب القزويني ، أحد الفقهاء المعروفين بإعمار هذه القبور ، و أولاها عناية خاصة .
ان علماء قزوين يحترمون احتراما" خاصاً لهذا المكان ، و يعتقدون أن جزءاً من أجساد الانبياء الطاهرة تقع خارج مساحة الضريح ، أي تحت الشارع المجاور ، و يتميز حرم الانبياء الاربعة بمساحته الكبيرة التي تتسع لعدة آلاف في وقت واحد .
شيد المرقد المذكور علي يد المرحوم الميرزا مسعود شيخ الاءسلام ، و حين قتل في الثورة الدستورية لم يكن البناء قد اكتمل بعد ، فانبري له ابنه و أكلمه . تطالعنا جدران الضريح بآيات قرآنية قدمها المرحوم شيخ الاءسلام ، و نقراً بجوار بوابة الدخول :"بسمه تعالي ، في هذا المكان المقدس يرقد أربعة من أنبياء الله العظام ، هم : سلام ، سلوم ، سهولي و ألقيا(ع ) ، وفيه مرقد السيد صالح بن الحسن المجتبي (ع ) " .
النبي يوشع في المقبرة التاريخية المعروفة بـ (تخت قولاد )، و التي سبقت ظهور الاءسلام ، و تقع في شارع الاءمام السجاد (ع ) في مدينة أصفهان ، توجد قبور لشخصيات مهمة ، و في وسط هده المقبرة تقع روضة الشهداء (مقبرة شهداء الثورة الاءسلامية ) ، و في نهايتا يوجد مكان يعرف بلسان الارض ، في هذا المكان يقع قبر النبي " يوشع " .
و يبدو أنه كان علي القبر قبة و بناء ، و لكن مع الاءسف لا يوجد لها الا´ن أثر و لاعين ، لا يوجد إلا صخرة تشهد علي أنه قبر النبي يوشع ؛ و قد وقع اشتباه في كتابة الاسم فأدرج عليها اسم النبي "شعيا"
و قد أرادت بلدية أصفهان فتح شارع يتعارض مع القبر في أيام النظام البائد ، فوقف الاهالي وقفة دفعت المسؤولين عن فتح الشارع الي تغيير اتجاهه .
و حسب أقوال سكان المدينة و بعض المؤرخين ان النبي يوشع كان من ضمن السي الذي سباه الملك البابلي، فنحا النبي من السي وورد إلي أصفهان أيام الملك "كوروش" ، و توفي هناك و دفن في المكان المعروف بـ (لسان الارض ).و لسان الارض : مكان يقع في آخر مقبرة تخت فولاد
و النبي يوشع الذي نتحدث عنه ليس "يوشع بن نون " وصي موسي (ع ) ، فذاك قبرة في مدينة "الطيبة " في جنوب لبنان .
اللهم صلي على محمد وال محمد
بعث اللّه سبحانه أنبياءه المطهرين لهداية الاءنسان و إرشاده إلي التوحيد و عبادة اللّه وحده . و الانبياء عباد صالحون مطهرون لم يكن لهم هَمٌّ سوي رضا اللّه ، و قد وصفهم اللّه بالاءخلاص و التقوي و صفاء النفس .
تذكر بعض الروايات أن عددهم 124000 نبي ، ذكر القرآن منهم أسماء خمسة و عشرين نبيا" . و قد دفن عدد من الانبياء في أرض إيران ، ليشكلوا بذلك جزءاً مهماً من تراثها الثقافي .
فيما يلي نورد تحقيقا" سريعا" عن هؤلاء الانبياء الذين تضم أرض إيران أجسادهم الطاهرة:
النبي حبقوق :
اسمه في الأحاديث و الكتب الاءسلامية (حيقوق ) بفتح الحاء والياء ، أما في العهد القديم فقد ورد اسمه (حبقوق ) بفتح الحاء و الباء ، و حبقوق باللغة العبرية تعني الشخص المحتضن .
هو أحد أنبياء بني إسرائيل ، كان حارسا" لمعبد سليمان في القدس ، وقع و النبي "دانيال " و آخرون في أسر الملك البابلي "نبوخذ نصر" ، و أمضي سنوات طويلة في سجن بابل ، و حين فتح " كوروش الهخامنشي " بابل و أطلق الاسري ، قدم النبي حبقوق إلي إيران و استقر في همدان حتي توفي فدفن في (تويسركان ) ، و يقال أنه بشّر ببعثة خاتم الانبياء (ص ) .
ذكر صاحب كتاب القاموس أنه عاش قبل الفين و ستمائة عام معاصرا" ملكي القدس اليهوديين " يهويا قيم " و "صدقيا".
تقع مدينة (تويسركان ) التي تحتضن ضريحه في وادٍ عذب المناخ من وديان جبل (ألوند )، و أغلب سكان المدينة لا يعرفون الكثير عن صاحب القبر ، إلا أن إرشاد بعض علماء الدين جعلهم يعرفون أكثر عن شخصه ، و يحيطونه بالاحترام اللازم . و من هنا بادروا في السنوات الاخيرة إلي ترميم القبر و توسيع الصحن المحيط به ، و حتي سنوات معدودة لم يمكن ثمة صحن يفصل بين القبر و الارض الزراعية المحيطة به ، و في أعمال التنقيب التي أجرتها مؤسسة التراث الثقافي في البلاد عام 1990 علي المنطقة تم اكتشاف قلعة أثرية هي المقبرة الاصلية .
يتكون الضريح من بناء آجري برجي الشكل ذي قبة مخروطية الظاهر و مستديرة من الداخل ، و البناء ثماني الاضلاع ، تنتظمها طيقان صغيرة مزخرفة في إحدي هذه الطيقان يقع باب الضريح .
يتميز سقف البناء بشكلة العجيب ، و لعله لا نظير له بين الابنية القديمة في إيران ، و يمكن اعتباره من النماذج المعمارية القيمة بين الابنية التراثية . و هذا النمط المعماري كان سائدا" في إيران منذ ثلاثة آلاف سنة ، إذ كان إيرانيون يستخدمونه في بناء أضرحة الشخصيات الدينية و العلمية و السياسية . و يتميز بمقاومته للفيضانات و الاعاصير و الامطار و الثلوج . لذلك بقي كل هذا الزمن الطويل .إذ يعود تاريخ بنائه إلي العهد السلجوقي ، و تحديدا" إلي القرن السابع الهجري . يقع القبر في وسط الصحن تماما" ، و تطالعنا صخرة القبر بمعلومات عن صاحب القبر
النبي دانيال
هو دانيال بن يوحنا من ذرية النبي داوود، صاحب كتاب نبوة ينبيء بأحداث مستقبلية و بعثة نبي آخر الزمان ، الرسول الكريم (ص ) يلقب بنبي اللّه ، و هو معاصر للنبي "عزيز " و للملكين الاءيرانيين " كوروش " و "داريوش الكبير " ، أسر في القدس بعد فتح " نبوخذنصر " لها عام 568 ق .م ، و نقل إلي بابل و عاش فيها ؛ و في رواية لبعض المؤرخين انه وقع أسيرا" بيد " نبوخذ نصر " في جملة من اسر من بني إسرائيل عام 606 ق.م ، و امتنع في بابل عن السجود لملكها ، فألقي به إلي أسود مفترسة ، لكنه خرج منها سالما" لم يمسس بضرر ، و بعد موت نبوخذ نصر أعاده " بهمن بن اسفنديار " إلي بيت المقدس ، و منها سافر إلي الاهواز و توفي في "الشوش "
تعني كلمة دانيال بالعبرية : (اللّه حاكمي) ، و اسم النبي دانيال عند الكلدانيين (بلَطَشَصّر ) و لقد عمد الاءيرانيون القدامي إلي تحنيط جسد النبي و دفنه في غرفة علي مرتفع ، ثم ختموا بابها بالشمع .
و مع ظهور الاءسلام و دخول المسلمين إلي إيران و اطلاعهم علي هذه الغرفة ، أخذوا يسألون الناس عنها حتي اطمأنوا إلي وجود نبي فيها ، فبعثوا إلي الخليفة عمر يستفتونه في الامر ، فاستشار الخليفة الاءمام علي (ع ) ، فقال : يدفن حسب الشريعة الاءسلامية ، و يولي جهة القبلة . كما أمر بتحويل مجري النهر إلي القبر لاخفائه خشية ان يبادر اليهود إلي سرقة الجسد إذا اطلعوا علي الامر .
و في كتاب (نظرة علي خوزستان ) نقرأ : "يوجد ضريح النبي دانيال في مدينة الشوش ، علي ضفاف نهر شاوور ، و هو بناء واسع جميل و علي قدر كبير من الشهرة ، و قد عرفت الشوش به . و يطالعنا في بعض النصوص اسم (شوش دانيال ) ، كما نقرأ في الكتب الجغرافية القديمة أن البعض يعتقد بوجود القبر تحت مياه نهر الكرخة أو نهر شاوور ، بينما يعتقد آخرون أن قبر هذا النبي المخبر بالغيب موجود تحت جسر قائم علي نهر شاوور .
و يقول ايضا" صاحب (نظرة علي خوزستان ) : " دانيال نبي ذائع الصيت ، له في التوراة كتاب ذو اثني عشر باباً . و ثمة روايات و اخبار كثيرة بشأن موضع قبره ، و كرامات هيكله و تابوته ، و هي موجودة في بعض الكتب " .
كتب علي شاهد القبر أن جسده اكتشف عام 16 هـ ، و هو يؤكد صحة ما ذهبنا إليه .
و كما ذكرنا آنفا" ، تحول مجري النهر ليغطي القبر ، و بعد عدة قرون أقيم علي النهر جسر و بني الضريح فوق الجسر ، إلا أن هذا البناء تهدم بفعل السيول ، حتي أعاد بناءه الحاج الشيخ جعفر شوشتري عام 1287 هـ. و في عام 1973 جرف مجري النهر مرة أخري بمقتضي خطة تنظيم مدينة شوش ، فتبين القبر و أبدي المسلمون رغبتهم في إعادة إعمار الصحن و الحرم ، و في الوقت الحاضر تشرف علي إدارة الضريح إدارة الاوقاف و الامور الخيرية في مدينة الشوش .
النبي صموئيل
دأب بنو إسرائيل علي عصيان اللّه و الخروج علي أحكامه ، فحلت عليهم عقوبته مرارا" ، و وقعوا في شراك الفتن و الخلافات بعد رحيل "يوشع بن نون " وصي موسي (ع ) ، فضعفت قوتهم و وهنت شوكتهم و فقدوا التابوت الذي كان سكينة لهم ، فسقطوا في قبضة "جالوت " .
سلط اللّه عليهم جالوت فأذلهم غاية الاءذلال ، و أخرجهم من بيوتهم و استحوذ علي أموالهم و قتل رجالهم واستعبد نساءهم ، بعد ذلك بعث اللّه لهم نبيا" من آل لاوي اسمه (صموئيل أو شموئيل أو اشموئيل) فاستطاع أن يعيد النظام و الاستقرار إليهم ، و أخذ يدعوهم إلي عبادة اللّه و نبذ الاصنام ، و قد وردت قصته في سورة البقرة .
يقول أمين الاسلام الطبرسي في (مجمع البيان ) : "اختلف في اسم النبي في قوله تعالي (إذ قال لهم نبيهم...) ، فمنهم من قال انه شمعون بن صفية من ابناء لاوي ، و منهم من قال انه يوشع ، و قال آخرون انه اشموئيل ".
يقع مرقد النبي صموئيل علي بعد 11كم من (ساوه ) علي طريق (بويين زهرا ) ، و هو مشيد منذ زمن بعيد لا يعرف علي وجه التحديد ، و لكن القسم الشرقي اضيف إليه بأمر من ناصرالدين شاه القاجاري ، و يظهر من الحجر المثبت هناك ان الشاه و حاشيته كانوا حاضرين وقتئذ .
و علي تعاقب الزمن ظل هذا المرقد مزارا للفضلاء و المؤمنين ، و ثمة ماء يجري بجواره يسمي ماء (جكه بار )، و تعتقد العامة الماء تفجر بضربة من عصا النبي صموئيل (اشموئيل ).
النبي قيدار :
ذكر المرحوم العلامة المجلسي في (بحارالانوار) في ذكره أجداد الرسول محمد (ص ) ، أن النبي قيدار هو الجد الثلاثين للرسول الاكرم .
و في تاريخ اليعقوبي : و لد لاءسماعيل (ع ) اثنا عشر ولداً أكبر هم النبي قيدار ، و بعد وفاة اسماعيل (ع ) بعمر 130 سنة ، خلفه ابنه قيدار في دعوة الناس للتوحيد .
و يقول اليعقوبي أيضاً : رحل أبناء جرهم بن عامر إلي اليمن فملكوا فيها ، ثم قدموا أرض تهامة فجاوروا اسماعيل بن إبراهيم (عليهماالسلام )، وتزوج إسماعيل حنفاء بنت الحارث الجرهمي فرزق منها باثني عشر ولداً منهم قيدار و تفرق أولاد اسماعيل بحثا" عن الماء ، و آثر بعضهم في جوار البيت الحرام قائلين : لن نفارق حرم الله و زعم البعض أن " قيدار " تعني أسود البشرة ، و هو اسم الابن الثاني لاءسماعيل (ع ) ، و هو أب أشهر القبائل العربية ، و حملت أرضها و مملكتها اسم قيدار أيضا"
يقع ضريح النبي قيدار في مدينة (قيدار ) ، و إلي ذلك ، يشهد علماء و سكان المدينة بصحة الامر ، فهو يقع في مدينة (خدا بنده ) التي تعرف الا´ن بـ "قيدار " ، و تتكون من شارعين أحدهما أصلي و الا´خر فرعي ، ويقع المرقد في الشارع الاصلي .
يعتبر بناء الضريح من التراث الثقافي الاءيراني، إذا يعود بناؤة إلي عام 719 هـ ، بأمر من "بلغارخاتون " زوج "غازان خان الايلخاني " (المغولي ) ، ثم جدد بناؤة عام 751 هـ علي يد الاستاذ تيمور خان سلطاني و جصص في القرن الحادي عشر ، و هو يشغل مساحة 5،1 هكتاراً من الاراضي الجبلية، و يتوافد عليه الزوار علي مدار السنة .
بناؤة مربع الشكل ، من الا´جر ، ابعاده 50/14 م طولا" و 30/8 عرضا" و هويتكون من ثلاثة أقسام : القسم الاول فسحة أمامية ، ثم جزءان مسقوفان بقبتين متصلتين ، و يتفرد هذا المبني في المنطقة ، و مظهره خالٍ من التزيين و الفسيفساء ، بينما توجد في الداخل النقوش ذات اللونين الازرق و الذهبي .
النبي حجّي
كلمة حَجَي (بتشديد الياء) تعني بالعبرية مسرور ، كانت نبوة حجي قبل عهد زكريا (ع ) و بعد نبوة مردخاي ، و علي وجه التحديد في السنة الثانية من حكم "داريوش" في إيران ، أي في عام 520 ق .م .
إلا أن اللوحة المثبتة علي بوابة الضريح تشير إلي زمن آخر ، فحسب اللوحة بعث النبي حجي قبل مولد السيد المسيح بـ (657 عاما") ، و أخذ يدعو الناس إلي عبادة الله وحده . و هي تقرن عصره بعصر مرد خاي، إذ تقول أنه و مرد خاي وقعا أسيرين بيد الملك البابلي " نبوخذنصر " ، و بعد ذلك أرسل حجي إلي همدان فتوفي فيها و دفن في المكان الذي يطلق عليه الا´ن اسم (دار المؤمنين ) .
بعد اجتياز شارع (بابا طاهر) في همدان و الدخول في بعض الازقة المتفرعة من الشارع، يظهر مسجد (النبي ) ، و هو مسجد قديم يعود إلي عدة قرون ، و في آخر المسجد ، بعد المحراب ، يقع مدخل حرم النبي ، و هو مزار للعلماء و المؤمنين ، و من ثم سمي هذا الضريح و المسجد الذي يحيط به بـ "دار المؤمنين ".
الانبياء الاربعة
يقال انهم عاصروا أهل الكهف ، و لم يكن موتهم في وقت واحد ، أنما توفي أحدهم فدفن في هذا الموضع، و توفي الا´خرون فيما بعد فدفنهم أتباعهم في الوضع نفسه .
و يبدو أن مدينة قزوين بتاريخها العريق شهدت قدوم هؤلاء الانبياء الاربعة في الازمنة الغابرة، فعاشوا فيها ردحا" من الزمن ، ثم توفوا و دفنوا فيها ، يقع ضريحهم في شارع (بيغمبريه ) ، و حتي زمن غير بعيد كان إلي جوار الضريح مسجد و حسينية و مدرسة علمية ، و كان الكثير من الناس يترددون علي هذا المكان .
يذكر أن اسماء هؤلاء الانبياء هم : " سلام و سلوم و سهولي و القيا " ، و إلي جوارهم أحد أبناء الاءمام الحسن المجتبي (ع ) و يدعي "صالح " ، كذلك هناك الكثير من العلماء دفنوا في هذه البقعة المباركة .
حين زار قزوين المرحوم الشيخ جعفر كاشف الغطاء اطلع علي مخطوطة علي جلد غزال موضوعة فوق صندوق الضريح ، و هي مكتوبة بالعبرية ، فقال أنها تتحدث عن حياة هؤلاء الانبياء . و قد اهتم المرحوم الملا عبد الوهاب القزويني ، أحد الفقهاء المعروفين بإعمار هذه القبور ، و أولاها عناية خاصة .
ان علماء قزوين يحترمون احتراما" خاصاً لهذا المكان ، و يعتقدون أن جزءاً من أجساد الانبياء الطاهرة تقع خارج مساحة الضريح ، أي تحت الشارع المجاور ، و يتميز حرم الانبياء الاربعة بمساحته الكبيرة التي تتسع لعدة آلاف في وقت واحد .
شيد المرقد المذكور علي يد المرحوم الميرزا مسعود شيخ الاءسلام ، و حين قتل في الثورة الدستورية لم يكن البناء قد اكتمل بعد ، فانبري له ابنه و أكلمه . تطالعنا جدران الضريح بآيات قرآنية قدمها المرحوم شيخ الاءسلام ، و نقراً بجوار بوابة الدخول :"بسمه تعالي ، في هذا المكان المقدس يرقد أربعة من أنبياء الله العظام ، هم : سلام ، سلوم ، سهولي و ألقيا(ع ) ، وفيه مرقد السيد صالح بن الحسن المجتبي (ع ) " .
النبي يوشع في المقبرة التاريخية المعروفة بـ (تخت قولاد )، و التي سبقت ظهور الاءسلام ، و تقع في شارع الاءمام السجاد (ع ) في مدينة أصفهان ، توجد قبور لشخصيات مهمة ، و في وسط هده المقبرة تقع روضة الشهداء (مقبرة شهداء الثورة الاءسلامية ) ، و في نهايتا يوجد مكان يعرف بلسان الارض ، في هذا المكان يقع قبر النبي " يوشع " .
و يبدو أنه كان علي القبر قبة و بناء ، و لكن مع الاءسف لا يوجد لها الا´ن أثر و لاعين ، لا يوجد إلا صخرة تشهد علي أنه قبر النبي يوشع ؛ و قد وقع اشتباه في كتابة الاسم فأدرج عليها اسم النبي "شعيا"
و قد أرادت بلدية أصفهان فتح شارع يتعارض مع القبر في أيام النظام البائد ، فوقف الاهالي وقفة دفعت المسؤولين عن فتح الشارع الي تغيير اتجاهه .
و حسب أقوال سكان المدينة و بعض المؤرخين ان النبي يوشع كان من ضمن السي الذي سباه الملك البابلي، فنحا النبي من السي وورد إلي أصفهان أيام الملك "كوروش" ، و توفي هناك و دفن في المكان المعروف بـ (لسان الارض ).و لسان الارض : مكان يقع في آخر مقبرة تخت فولاد
و النبي يوشع الذي نتحدث عنه ليس "يوشع بن نون " وصي موسي (ع ) ، فذاك قبرة في مدينة "الطيبة " في جنوب لبنان .
مع خالص تحياتي
تعليق