إلهي تركتُ الخلقَ طرّاً في هواكَ = وأيتمتُ العـيالَ لكي أراكَ
فلَو قطعتني بالحبِ إرباً = لمـَا مـالَ الفؤادُ إلى سواكَ .
كيف يتجسّد العشق الإلهي في الذات الإنسانية ؟ وماذا يفعل إذا ما انغرس فيها كزيتونة متينة الجذرِ ؟
هذا السؤال العميق والكبير .. يتجسّد جواباً متفرّداً ، ساطعاً في الحُسَين الذي تمثلته زينب ، وفي زينب التي تمثلها الحُسين ، فكانَ هو الحكاية ، وكانت هي الثغر
هذا السؤال العميق والكبير .. يتجسّد جواباً متفرّداً ، ساطعاً في الحُسَين الذي تمثلته زينب ، وفي زينب التي تمثلها الحُسين ، فكانَ هو الحكاية ، وكانت هي الثغر
بعضُ الأوجاعِ نمضُغها ، بعضُ الجراحاتِ سهلةُ اللعقِ
إلا آهةُ زينب .. عصيـّةٌ على المضغ ، عصيـّةٌ على اللعقِ .
كانت الحكايات شهرزاد ، وكانت ألف ليلة وليلة هي الحكاية .
من المدينةِ على القبرِ المسجّى بأول الجراحات ، كانت زينبٌ لعاشور
ثغرُ الحكاية .
فـَ
كانت هُنا ، وجع الجدّ على فراشِ الرزيّة والولاية .
وكانت هُنا جرحَ اليتمِ في محراب المراد .
وهـُنا ، خلف باب الفجيعة ، حسينٌ ترضّ وهيَ سقطتْ بمسمارٍ ينمو بطيئاً في الفؤاد .
هُنا كانت زينبٌ ، كبـداً في خاصرة البداية .
..
تعالَ معي إلى المدينة ، وامشي بعينيك خلف عصاتي ..
أتراني كيف أخطّ على رملها الصادقيّ وأمشي ،
وكلما مشيتُ نبتت آهةٌ وثار جرحُ .
هـنا نبتت ، واعليــــــاه أدركني !
وهنا الكرّار ، يدق وتدر الصبرِ .
هنا البتول قبل الرحيل ،
تزرعُ على أرض زينب قبلتين ..
نحرٌ وصدرُ .
تلفهما بكفّ الدمعِ ، وتقمّط الكفّ .. أي زينب
هذه وصيّةٌ وأمرُ .
كان البكاء عصياً على جرح زينب ..
كان الدمعُ عصياً على الذكرِ
هنا وقفت زينبٌ ، ترمق الأخوين
ما هناك ؟!
أواه !!
إنهم حاملين اليُتمَ نحوها ..
قدمٌ تخطّ الصبر ، وأخرى طاش بها فكري .
لملمت عباءة الظلامة زينب ..
ومضت بخطى الصبر تعبّد طريقها ..
ترافقها القُبلتين .
وفي المقدمة يمضي بالقافلةِ قمرين .
في كلٍ منهما نهرٌ علويٌ هادر
وفاطمتين .
زينبٌ ، عزيزةٌ عزّ على المدينة أن ترعى مودتها ..
وللبيتِ العتيقِ هيأت حالها ..
مضت والمنايا الغادرات تعدّ خطواتها ،
ونغمةٌ من فمِ الحُسين تصدح في الكون : ربّ نجني من القوم الظالمين .
بها تعفر على التراب المحمديّ أوداجها ..
ترى الحُسَين يحمل ماء العين ويسقي عطاشى الطريق الطويلة ..
المقبلين يحملون رسالة : الهَيْتَ يا حُسين لأمر الطغاة أصـِغ ..
وهو حتى من ماء العين لم يبخل على جيادها .
وبعـد زمانٍ ،
تمضي قافلة الله ..
وصدرُ البتول في زينبْ ..
انقباضٌ وآه .
تقلّب طرف السؤال ، أي أخي ؟؟!
فيجيب ثغرٌ من اصبع الرسالة تحلّب الخلود ..
هاهنا ، كربٌ وبلاء .
فأيقنت بالحكاية ، ولطمة الخدّ بها تفتلُ كل أشكال الجراحات النائمة .
حينها خارت قوَى التحمّل قوايَ ..
واتكأتُ عصاتي ..
أنا لم أسترح ! .. فرفعتها وغرستها .. رفعتها ولوّحت بها في الفضاء ..
هششت الغبراء ..
فتجلّت زينبٌ في خيمة العـُلا ..
تنزّ بالطرفِ على كل الفاجعات ..
كل مرّة يأتيها الحُسين بفجيعةٍ ..
فترفع مهجتها للسماء ..
يمسح بها عليٌ شيئاً من الصبر وكثيرِ الصلوات ..
كيما تعود تؤازر الأخ المفجوع ، وتنفذ أمر الله في كربلاء .
يطلق الكون صرخة الظلامة ، تجمع زينب صدى الصرخة بكفٍ فاطمية ..
وتنادي يـــــــارب ، ترفعها للسماء ..
فتتشكل من الغضبِ زيماتٌ ومجرّات .
زينبْ .. هاكِ أنا
أنا هنا أسرقني لأخلو بك في زاوية الآهة ،
وأحضر كوباً ساخناً من الدمعِ ..
شهرزاد تحكي كل ليلة حكاية موتها على أجفان الليل ،،
وأنا هنا يا زينبٌ أستنطق ثغر السماء ثغركِ ..
إيــهٍ كم علّمتِ الصبرَ فنون الصبرِ ؟
وطريقاً باصبع الخلود ، للثائرين قد خلّدتِ ..
والحكاية في نمـاء .
هنا أنتِ ، تحملين الرّضع للحُسين .
يسقيهم من أوداجه دمعاً يسحّ ببهاء .
هنا أنتِ ، تجرين خيلَ المنيّة نحوَ الإخاء .
تشقي عباب الصدر الملثوم بشفاه النبوة والولاء .
وتزرعين القبلة هنا ..
وهنا تلثمين ، ونحو المدينة تتوجهين ..
السلامُ على الوصية ..
السلام على الضلع المكسور ..
السلام على الزهراء .
أمانةٌ أديتها ، لصدرٍ تصلّي في السيوف ..
وتحتضن أضلاعه ، أرض عشق الله ،
فتعبّد طريق الخيل نحو الإباء .
حنـــانيكِ ، كيف ظللتِ الحبيب بجناحيّ الدمع ،
وثوب العزاء ..
عندما أشرقت عليه شمس الغدر والخيانة ..
تسألينة .. بالله عليكَ أجبني !
أأنت أخيَ الحُسَين ؟!
فيُشيرُ بكف الألم ، للرجعة وحفظ العيال ..
تُصغين للألم .. تصغين للتوّجع ..
وتفوحُ أكثر ياسمينة القلب ..
وتنمو أكثر حقول القمح ..
كلما أمعنتِ الإصغاء .
على تلةٍ ، تشمخينَ جبـلاً أشمـّا ..
عينٌ على الحُرَمِ ، عينٌ على الإخاء .
وفي كل تقلّب ، تضجّ ملائكة السماء ..
وهناك من بعيــــــد .. محمدٌ وعليٌ وفاطمة .
مأتمُ عزاء .
تمضي نارُ الغدر نحو الخيام ..
القلبُ لا يقوى على ترك الحبيب ..
مرمـّلا بالدماء ..
تصرخين بهِ ، يا حبيبي أجـب ..
فعلينا أضرموا نار الحقد ..
ولم يرعوِ فينا الخؤون .. أطفالاً أو نساء .
يخطو الحُسين .. يكبو .
يخطو الحُسين .. يكبو .
يخطو الحُسين ، تثور السماء .
زينبٌ بالله عليكِ افضحي مادار بين الجهات من حمحمة المشاعر ،
وترّجلي عن صهوة الإباء قليلاً ، وافتحي نحو الآفاق باب الفداء .
هنا أرواحٌ تعبت حياتها ، هنا أرواحٌ تناسخت للفداء .
هاهيا ذي أيام الله تمضي بالحبيب نحوَ الزهراء .
وها أنتِ لا زلتِ .. ترمقين السيوف والرماح ،
إنها تطيل الصلاة على جسد الحُسين ، وتمضي في صميمه ..
لا تخطي الجهات ..
وتُسكن أنين الكبد الذي تفرّ عطشاً وآه .
لله وبعين الله ما يجري ، ناموسه في أرضه ( للأحبةِ ) البلاء .
فكنتِ أنتِ الوتد الوحيد ، وطود الصمود ومعنى التجلّي .
في ساحات العطاء .
نخلةٌ أنتِ ، تساقطت رطباً ، صبراً علواً
كلما هزتها كفّ الخيانة .
حنـانيكِ ، كيف رمقتِ الصدر باثنتي عشرَ آهةٍ ..
كلما ارتسمت آهةٌ ، تناسخت روحكِ عن ألف ألفِ روحٍ
تنادي :
لبيـك !
واعجباه ، كيف يمرّ المثلث على النحرِ ، فتصده منك
لثمةٌ وقبلُ ..
يا قمراً كلما صلّ فيه السيف ، شعّ بالهيبة والوضاء .
يا قنديل الحفظ ، ومعنى الثبات ..
تتجلى بالمحكمِ الكريم ، بالآيات .
على قمة الرمح ، تشعّ شمسك ..
وتمدّ زينب خيوط أشعتها بفناء .
تحتضن أنتَ الأرض..
وتقسم بربّ العُلا ..
أن لا تحرمها من فيوضاتك ..
أن تمثُل لأمر السماء .
ثمّ تقسم بأضلاعك ، أن تكون طريق المضيّ
نحو الشموخ ..
فتكون الخيل الغادرة ، أول من مضى ..
أول الطلقاء .
آهٍ طويلةٌ أنفثها في بحيرة الحكاية ،
تتشكل حلقات الرجيع منها ،
وتمتد إلى آخر المكان ،
إلى أقصى القلب ..
إلى منتهى الروح .
أعينيني وأنا أقرأ الحكاية من ثغركِ ..
كيف حملتِ الصدر نحو السماء ؟
قرباناً أيّ رب ..
قرباناً وفداء .
إيـهٍ يا ابنة العاشق الذي غذّ فيكم الدماء ،
فصرنا نقتفي أثر ظل الدمِ ،
وأثر العزاء .
أستجديكِ علميني ، كيف يموت الصبر في الناس ..
ويحيَ فيكِ ؟
علميني ، كم مرة عليّ أن أتلو حكاية الجرح ..
حتى يسحّ دمع السماء ..
علميني ، كيف وقفتِ هاهنا تخطبين ،
وتمسكين بالإصبع المبتور ..
وبالصمت السديم للناس تجبرين ..
أيتها الحكاية التي ما برحت تقرّح الأجفانَ ..
خبريهم عن الكوفة كيف ..
وقفتِ فيها ترتلين الأشجانَ
أتبكون وتنتحبون ، إي والله فابكوا كثيرا ، واضحكوا قليلا ، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسلٍ بعدها أبدا .
علميهم ، كيف لملمتِ سبعين يتيماً ونسوانا ،
أفهميهم معنى العشقِ الإلهي فيكِ ..
كيف يتجلّى ويُستبانا ..
يصدحُ منكِ ، صوتَ عليٍ ،
يهزّ عرش الطواغيتِ في زمانا .
وكيف وقفتِ في الخربةِ تحمين العليّ الأصغر ..
وتنذرين له الروح فداء ..
علميهم بالله عليكِ ، كيف ينطق الجلمود بحضرتكِ ..
وكيف تموت الأصوات ويحيَ صوتكِ ؟!
أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك واماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ، ثمّ تقول غير متأثمٍ ولا مستعظم :
لأهلوا واستهلوا فرحاً ** ثم قالوا يا يزيد لا تشل .
منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك ، .. فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك إلا فند ؟ وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد .. يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين .
آهٍ يا وجعي ، يا التي حملت قلب الحكاية ،
يا أنتِ الحرف التاسع والعشرون
في أبجدية الحُسَين والخلود .
يا أنتِ الأبجدية المبدعة في ضمير الكون ..
يا الحُسَين الذي في ذاتكِ قد تجلّى ..
في الإخاء ..
في العشقِ ..
في الصمود .
- أربعينية الإمام الحُسَين (ع) -
إلا آهةُ زينب .. عصيـّةٌ على المضغ ، عصيـّةٌ على اللعقِ .
كانت الحكايات شهرزاد ، وكانت ألف ليلة وليلة هي الحكاية .
من المدينةِ على القبرِ المسجّى بأول الجراحات ، كانت زينبٌ لعاشور
ثغرُ الحكاية .
فـَ
كانت هُنا ، وجع الجدّ على فراشِ الرزيّة والولاية .
وكانت هُنا جرحَ اليتمِ في محراب المراد .
وهـُنا ، خلف باب الفجيعة ، حسينٌ ترضّ وهيَ سقطتْ بمسمارٍ ينمو بطيئاً في الفؤاد .
هُنا كانت زينبٌ ، كبـداً في خاصرة البداية .
..
تعالَ معي إلى المدينة ، وامشي بعينيك خلف عصاتي ..
أتراني كيف أخطّ على رملها الصادقيّ وأمشي ،
وكلما مشيتُ نبتت آهةٌ وثار جرحُ .
هـنا نبتت ، واعليــــــاه أدركني !
وهنا الكرّار ، يدق وتدر الصبرِ .
هنا البتول قبل الرحيل ،
تزرعُ على أرض زينب قبلتين ..
نحرٌ وصدرُ .
تلفهما بكفّ الدمعِ ، وتقمّط الكفّ .. أي زينب
هذه وصيّةٌ وأمرُ .
كان البكاء عصياً على جرح زينب ..
كان الدمعُ عصياً على الذكرِ
هنا وقفت زينبٌ ، ترمق الأخوين
ما هناك ؟!
أواه !!
إنهم حاملين اليُتمَ نحوها ..
قدمٌ تخطّ الصبر ، وأخرى طاش بها فكري .
لملمت عباءة الظلامة زينب ..
ومضت بخطى الصبر تعبّد طريقها ..
ترافقها القُبلتين .
وفي المقدمة يمضي بالقافلةِ قمرين .
في كلٍ منهما نهرٌ علويٌ هادر
وفاطمتين .
زينبٌ ، عزيزةٌ عزّ على المدينة أن ترعى مودتها ..
وللبيتِ العتيقِ هيأت حالها ..
مضت والمنايا الغادرات تعدّ خطواتها ،
ونغمةٌ من فمِ الحُسين تصدح في الكون : ربّ نجني من القوم الظالمين .
بها تعفر على التراب المحمديّ أوداجها ..
ترى الحُسَين يحمل ماء العين ويسقي عطاشى الطريق الطويلة ..
المقبلين يحملون رسالة : الهَيْتَ يا حُسين لأمر الطغاة أصـِغ ..
وهو حتى من ماء العين لم يبخل على جيادها .
وبعـد زمانٍ ،
تمضي قافلة الله ..
وصدرُ البتول في زينبْ ..
انقباضٌ وآه .
تقلّب طرف السؤال ، أي أخي ؟؟!
فيجيب ثغرٌ من اصبع الرسالة تحلّب الخلود ..
هاهنا ، كربٌ وبلاء .
فأيقنت بالحكاية ، ولطمة الخدّ بها تفتلُ كل أشكال الجراحات النائمة .
حينها خارت قوَى التحمّل قوايَ ..
واتكأتُ عصاتي ..
أنا لم أسترح ! .. فرفعتها وغرستها .. رفعتها ولوّحت بها في الفضاء ..
هششت الغبراء ..
فتجلّت زينبٌ في خيمة العـُلا ..
تنزّ بالطرفِ على كل الفاجعات ..
كل مرّة يأتيها الحُسين بفجيعةٍ ..
فترفع مهجتها للسماء ..
يمسح بها عليٌ شيئاً من الصبر وكثيرِ الصلوات ..
كيما تعود تؤازر الأخ المفجوع ، وتنفذ أمر الله في كربلاء .
يطلق الكون صرخة الظلامة ، تجمع زينب صدى الصرخة بكفٍ فاطمية ..
وتنادي يـــــــارب ، ترفعها للسماء ..
فتتشكل من الغضبِ زيماتٌ ومجرّات .
زينبْ .. هاكِ أنا
أنا هنا أسرقني لأخلو بك في زاوية الآهة ،
وأحضر كوباً ساخناً من الدمعِ ..
شهرزاد تحكي كل ليلة حكاية موتها على أجفان الليل ،،
وأنا هنا يا زينبٌ أستنطق ثغر السماء ثغركِ ..
إيــهٍ كم علّمتِ الصبرَ فنون الصبرِ ؟
وطريقاً باصبع الخلود ، للثائرين قد خلّدتِ ..
والحكاية في نمـاء .
هنا أنتِ ، تحملين الرّضع للحُسين .
يسقيهم من أوداجه دمعاً يسحّ ببهاء .
هنا أنتِ ، تجرين خيلَ المنيّة نحوَ الإخاء .
تشقي عباب الصدر الملثوم بشفاه النبوة والولاء .
وتزرعين القبلة هنا ..
وهنا تلثمين ، ونحو المدينة تتوجهين ..
السلامُ على الوصية ..
السلام على الضلع المكسور ..
السلام على الزهراء .
أمانةٌ أديتها ، لصدرٍ تصلّي في السيوف ..
وتحتضن أضلاعه ، أرض عشق الله ،
فتعبّد طريق الخيل نحو الإباء .
حنـــانيكِ ، كيف ظللتِ الحبيب بجناحيّ الدمع ،
وثوب العزاء ..
عندما أشرقت عليه شمس الغدر والخيانة ..
تسألينة .. بالله عليكَ أجبني !
أأنت أخيَ الحُسَين ؟!
فيُشيرُ بكف الألم ، للرجعة وحفظ العيال ..
تُصغين للألم .. تصغين للتوّجع ..
وتفوحُ أكثر ياسمينة القلب ..
وتنمو أكثر حقول القمح ..
كلما أمعنتِ الإصغاء .
على تلةٍ ، تشمخينَ جبـلاً أشمـّا ..
عينٌ على الحُرَمِ ، عينٌ على الإخاء .
وفي كل تقلّب ، تضجّ ملائكة السماء ..
وهناك من بعيــــــد .. محمدٌ وعليٌ وفاطمة .
مأتمُ عزاء .
تمضي نارُ الغدر نحو الخيام ..
القلبُ لا يقوى على ترك الحبيب ..
مرمـّلا بالدماء ..
تصرخين بهِ ، يا حبيبي أجـب ..
فعلينا أضرموا نار الحقد ..
ولم يرعوِ فينا الخؤون .. أطفالاً أو نساء .
يخطو الحُسين .. يكبو .
يخطو الحُسين .. يكبو .
يخطو الحُسين ، تثور السماء .
زينبٌ بالله عليكِ افضحي مادار بين الجهات من حمحمة المشاعر ،
وترّجلي عن صهوة الإباء قليلاً ، وافتحي نحو الآفاق باب الفداء .
هنا أرواحٌ تعبت حياتها ، هنا أرواحٌ تناسخت للفداء .
هاهيا ذي أيام الله تمضي بالحبيب نحوَ الزهراء .
وها أنتِ لا زلتِ .. ترمقين السيوف والرماح ،
إنها تطيل الصلاة على جسد الحُسين ، وتمضي في صميمه ..
لا تخطي الجهات ..
وتُسكن أنين الكبد الذي تفرّ عطشاً وآه .
لله وبعين الله ما يجري ، ناموسه في أرضه ( للأحبةِ ) البلاء .
فكنتِ أنتِ الوتد الوحيد ، وطود الصمود ومعنى التجلّي .
في ساحات العطاء .
نخلةٌ أنتِ ، تساقطت رطباً ، صبراً علواً
كلما هزتها كفّ الخيانة .
حنـانيكِ ، كيف رمقتِ الصدر باثنتي عشرَ آهةٍ ..
كلما ارتسمت آهةٌ ، تناسخت روحكِ عن ألف ألفِ روحٍ
تنادي :
لبيـك !
واعجباه ، كيف يمرّ المثلث على النحرِ ، فتصده منك
لثمةٌ وقبلُ ..
يا قمراً كلما صلّ فيه السيف ، شعّ بالهيبة والوضاء .
يا قنديل الحفظ ، ومعنى الثبات ..
تتجلى بالمحكمِ الكريم ، بالآيات .
على قمة الرمح ، تشعّ شمسك ..
وتمدّ زينب خيوط أشعتها بفناء .
تحتضن أنتَ الأرض..
وتقسم بربّ العُلا ..
أن لا تحرمها من فيوضاتك ..
أن تمثُل لأمر السماء .
ثمّ تقسم بأضلاعك ، أن تكون طريق المضيّ
نحو الشموخ ..
فتكون الخيل الغادرة ، أول من مضى ..
أول الطلقاء .
آهٍ طويلةٌ أنفثها في بحيرة الحكاية ،
تتشكل حلقات الرجيع منها ،
وتمتد إلى آخر المكان ،
إلى أقصى القلب ..
إلى منتهى الروح .
أعينيني وأنا أقرأ الحكاية من ثغركِ ..
كيف حملتِ الصدر نحو السماء ؟
قرباناً أيّ رب ..
قرباناً وفداء .
إيـهٍ يا ابنة العاشق الذي غذّ فيكم الدماء ،
فصرنا نقتفي أثر ظل الدمِ ،
وأثر العزاء .
أستجديكِ علميني ، كيف يموت الصبر في الناس ..
ويحيَ فيكِ ؟
علميني ، كم مرة عليّ أن أتلو حكاية الجرح ..
حتى يسحّ دمع السماء ..
علميني ، كيف وقفتِ هاهنا تخطبين ،
وتمسكين بالإصبع المبتور ..
وبالصمت السديم للناس تجبرين ..
أيتها الحكاية التي ما برحت تقرّح الأجفانَ ..
خبريهم عن الكوفة كيف ..
وقفتِ فيها ترتلين الأشجانَ
أتبكون وتنتحبون ، إي والله فابكوا كثيرا ، واضحكوا قليلا ، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسلٍ بعدها أبدا .
علميهم ، كيف لملمتِ سبعين يتيماً ونسوانا ،
أفهميهم معنى العشقِ الإلهي فيكِ ..
كيف يتجلّى ويُستبانا ..
يصدحُ منكِ ، صوتَ عليٍ ،
يهزّ عرش الطواغيتِ في زمانا .
وكيف وقفتِ في الخربةِ تحمين العليّ الأصغر ..
وتنذرين له الروح فداء ..
علميهم بالله عليكِ ، كيف ينطق الجلمود بحضرتكِ ..
وكيف تموت الأصوات ويحيَ صوتكِ ؟!
أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك واماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا ، قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ، ثمّ تقول غير متأثمٍ ولا مستعظم :
لأهلوا واستهلوا فرحاً ** ثم قالوا يا يزيد لا تشل .
منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك ، .. فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك إلا فند ؟ وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد .. يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين .
آهٍ يا وجعي ، يا التي حملت قلب الحكاية ،
يا أنتِ الحرف التاسع والعشرون
في أبجدية الحُسَين والخلود .
يا أنتِ الأبجدية المبدعة في ضمير الكون ..
يا الحُسَين الذي في ذاتكِ قد تجلّى ..
في الإخاء ..
في العشقِ ..
في الصمود .
- أربعينية الإمام الحُسَين (ع) -
تعليق