من روائع العلوم الباقرية :
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
( وَيرَىَ الّذينَ أُوتوُا العِلمَ الّذي~ أُنزِلَ إِليَكَ مِن رّبّكِ هُوَ الحَقّ وَيَهدِي~ إِلَى صِرَاطِ العَزِيِز الحَمِيدِ ).
العلم محيط كبير ، ومهما بلغ الإنسان من العلم أعلى درجاته ، فإنه سيظل قاصراً في علمه ولن يبلغ قطرة واحدة من هذا المحيط الكبير .
لكن الله سبحانه وتعالى حبّـا صفوة من عباده بالعلم المتدفق الذي لا ينقطع عطاؤه ولا حدود لسعة أفقه ، ومن هؤلاء سيدنا و مولانا الرسول الأعظم محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " و كذلك وصيه و وزيره وابن عمه علي بن أبي طالب " عليه السلام " والأئمة من بعده حملة الرسالة وهداة الأمة ، ولا شك أن الإمام الباقر"عليه السلام " استمد علمه من مدينة العلم المحمدية ، ومن بابها العلوي فقال الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم " : ( أنـا مـدينة العلم وعـلي بابهـا،فمن أراد العلم فليأتِ البابٍ ) فجعل الله علم الإمام باقر العلوم يتفجر بين جوانبه بغزارة ، لا يتوقف حده ، و لا يقل مداه.
و علمه علم إلهي أُنزل إلينا لنهتدي به ، هو بحر لا يجف عطاؤه ، وهو نجم مضيء … يـشع في سماء الجهل والظلم ، إنه محمد بن علي بن الحسـين بن علي بن أبي طالب " عليهم السلام " ، وأمه هي الطاهرة فاطمة بنت الحسـن بن علي بن أبي طالب "عليهم السلام " …ذو نسب أصيل وطاهر ، وغني عن التعريف .
لُقب"عليه السلام " بالباقر لتوسعه في العلم فكأنما يبـقر الأرض أي يـشقها ويـظهر مخبآها ومكامنها ، فهو الذي شـق العلم شـقاً ، وأظهر كنوز المعارف والعلوم إظهاراً ، فلقد روى جـابر بن يزيد الجعفي (رضي الله عنه )لما سأله عمر بن شمـر : لم سمي الباقر باقراً ؟ . قال :لأنه بـقر العلم بـقراً ، أي شـقه شـقاً وأظـهره إظـهاراً .
وكان "عليه السلام" أشبه برسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم " خلقاً و خُلقاً و لذا لُقب أيضاً بالشبيه ، حيث قال الشاعر عن هذا بقوله :
أبـا علماً قـد ذل للخلق كلـهم على دين من انهي إليه الرسالـة
وأبرز حـكم الله بـعد خـفائـه وأوضح برهانـاً له و الدلالـة
وبـشر أصـحاب النـبي ببقائـه علـوماً أجنت لم تحـل المقالـة
حوى من صفات المصطفى بعد اسمه شمائـله قـد أورثـته الجلالـة
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري (رض ) أنه سمع رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " يقـول : يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسـين بن علي بن أبي طالب
" علهم السلام " المعروف بالباقر " عليه السلام " ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام .
فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري ( رض ) في بعض سكك المدينة ، فقال : يا غلام من أنت ؟
فقال : أنا محمد بن علي بن الحسـين بن علي بن أبي طالب " عليهم السلام " ، فقال له جابر : يا بني أقبل.. فأقبل ، ثم قال له : أدبر .. فأدبر ، فقال جابر ( رض ) : شمائل رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " ورب الكعبة . ثم قال : يا بني إن رسول الله (ص ) يقرئك السلام ، فقال " عليه السلام " : على رسول الله (ص ) السلام . فقال له جابر : يا باقر .. يا باقر ..أنت الذي تبقر العلم بقرا .
وللإمام" عليه السلام " مواقف كثيرة تدل على سعة علمه ، وغزارة معرفته ، ومنها حينما اجتمع القسـيسـين والرهـبان، وكان لهم عالم يقعد لهم كل سنة مرة يوماً واحداً يستفتونه فيفتيهم ، عند ذلك لف الإمام الـباقر "عليه السلام " نفسه بفاضل ردائه ، ثم أقبل نحو العالِم وقعد ، ورفع الخبر إلى هشام ، فأمر بعض غلمانه أن يحضر الموضع ، فينظر ما يصنع الإمام ، فأقبل و أقبل عدد من المسلمين فأحاطوا بالإمام ، و أقبل عالِم النصارى وقد شد حاجبيه بخرقه صفراء حتى توسطهم ، فقام إليه جمع من القسيسين و الرهبان يسلمون عليه ، ثم جاءوا به إلى صدر المجلس فقعد فيه ، وأحاط به أصحابه و الإمام بينهم وكان مع الإمام ولده الإمام جعفر الصادق " عليه السلام " ، فأدار العالِم نظره وقال للإمام : أمنّا أم من هذه الأمة المرحومة ؟ فقال "عليه السلام " : من هذه الأمة المرحومة . فقال العالِم : من أين أنت أمن علماءها أم من جهالها ؟ فقال الإمام (ع) : لست من جهالها ، فاضطرب اضطراباً شديداً ثم قال للإمام (ع) : أسألك ؟ فقال " عليه السلام " اسأل ، فقال : من أين ادعيتم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون و لا يحدثون و لا يبولون ؟؟ وما الدليل على ذلك من شاهد لا يجهل ؟
فقال الإمام (ع) : الجنين في بطن أمه يأكل و لا يحدث . فاضطرب النصراني اضطراباً شديداً ، ثم قال :هلا زعمت أنك لست من علماءها ؟؟ فقال " عليه السلام " : و لست من جهالها .
وأصحاب هشام يسمعون ذلك . ثم قال : أسألك مسألة أخرى ، فقال (ع) : اسأل .فقال النصراني : من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة غضه طرية موجودة غير معدومة عند أهل الجنة ؟؟ وما الدليل عليه من شاهد لا يجهل ؟ فقال (ع ) : دليل ما ندعيه أن السراج أبداً يكون غضاً طرياً موجوداً غير معدوم عند أهل الدنيا لا ينقطع أبداً ، فاضطرب اضطراباً شديداً ثم قال : هلا زعمت أنك لست من علماءها ؟ فقال (ع) : ولست من جهالها .
فقال النصراني : أسألك مسألة أخرى ، فقال (ع) : أسأل ، فقال : أخبرني عن ساعة لا من ساعات الليل و لا من ساعات النهار ؟؟ فقال الإمام (ع) : هي الساعة التي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، يهدأ فيها المبتلى ، ويرقد فيها الساهر ، ويفيق المغمى عليه ،جعلها الله في الدنيا دليلاً للراغبين ، وفي الآخرة دليلاً للعالمين ، لها دلائل واضحة وحجة بالغة على الجاحدين المتكبرين الناكرين لها . فصاح النصراني صيحة عظيمة ثم قال : بقيت مسألة واحدة والله لأسألنك مسألة لا تهتدي إلى ردها أبداً ، قال الإمام (ع ) :سل ما شئت ، فأنك حانث في يمينك .
فقال : أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد و ماتا في يوم واحد ، عمر أحدهما خمسين سنة والآخر عمره مائة وخمسين سنة . فقال الإمام " عليه السلام " : ذلك عُزير و عُزيرة ولدا في يوم واحد فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين سنة مّر عُزير على حماره وهو راكبه على بلد اسمها انطاكية وهي خاوية على عروشها فقال : أنّى يحيي هذه الله بعد موتها ، فأماته الله مائة عام ثم بعثه على حماره بعينه وطعامه وشرابه لم يتغير ، وعاد إلى داره ، وأخوه عُزيرة وولده قد شاخوا ، وعُزير شاب في سن خمسة وعشرين سنة ، فلم يزل يذكر أخاه وولده وهم يذكرون ما يذكره ويقولون : ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنين والشهور ، وعُزيرة يقول له وهو شيخ كبير ابن مائة وخمسة وعشرين سنة : ما رأيت شاباً أعلم بما كان بيني وبين أخي عُزير أيام شبابي منك ، فمن أهل السماء أنت أم من أهل الأرض ؟؟فقال يا عُزيرة أنا عُزير أخوك ، قد سخط الله علي بقول قلته بعد أن اصطفاني الله وهداني ، فأماتني مائة سنة ثم بعثني بعد ذلك لتزدادوا بذلك يقيناً أن الله تعالى على كل شيء قدير ، وهذا حماري وطعامي و شرابي الذي خرجت به من عندكم أعاده الله تعالى كما كان ، فعند ذلك أيقنوا . فأعاشه الله بينهم خمسة وعشرين سنة ثم قبضه الله تعالى وأخاه في يوم واحد .
فنهض عالِم النصارى عند ذلك قائماً ، وقام النصارى على أرجلهم فقال لهم عالمهم : جئتموني بأعلم مني و أقعدتموه معكم حتى هتكني وفضحني و أعلم المسلمين بأنه أحاط بعلومنا وأن عنده ما ليس عندنا ، والله لا كلمتكم من كلمة واحدة ولا قعدت لكم إن عشت بعد هذه . فتفرقوا .
لقـد أظـهر الله آياتهــم كـما أظهر النور من شمـسها
وأحـيا مـعالم ديـن الإلــه و شيــدها بـعـدما أسـسها
و قـوم أعلامـهم في الـورى جــهاراً وقد كـان في نـكسها
أ بـاقر عـلم الـنبي الـذي تـوالى الخـلائـق مـن أنسها
ومـن جنـها في قـفار لهـا كـذلك المـلائك في قدسـها
في هذا الموقف نكتشف مدى سعة علم الإمام "عليه السلام "ورغم ما بلغه من علم فإنه متواضع ولا يعتبر نفسه عالماً ، من تواضع لله رفعه ، فقد(ع) وصل بالعلم درجة تعجز العقول عن إدراكها … و تعجز الألسن عن وصفها .
وللإمام " عليه السلام " موقف مع جابر بن عبد الله الأنصاري " رض" ، حين ابتلي جابر "رض " في آخر عمره بضعف الهرم و العجز ، فرآه الإمام الباقر "عليه السلام " و سأله عن حاله فقال جابر "رض" : أنا في حالة أحب فيها الشيخوخة على الشباب… والمرض على الصحة… والموت على الحياة .فقال له الإمام " عليه السلام " : ( أما أنا فإن جعلني الله شيخاً أحب الشيخوخة ، وإن جعلني شاباً أحب الشبوبة ، وإن أمرضني أحب المرض ، وإن شفاني أحب الشفاء والصحة ، وإن أماتني أحب الموت ، وإن أبقاني أحب البقاء ) .
نتعلم من هذا الموقف المشرف للإمام ( ع ) الرضى بالقضاء و القدر ، و أن نحب ما كتبه الله لنا في هذه الدنيا .
مواقف كثيرة سُجلت له ولغيره من المعصومين " عليهم السلام " فيها عبر وحكم ولكن مَن في دنيـانـا يعتـبر ويتعظ بتلك المواقـف … الله أعـلم والراسخون في العـلم .
لـذا علـينا أتـباع نهـج أهـل البـيت " عليهم أفضل الصلاة و السلام " لننجو من عذابٍ أليم .
الهدى
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى :
( وَيرَىَ الّذينَ أُوتوُا العِلمَ الّذي~ أُنزِلَ إِليَكَ مِن رّبّكِ هُوَ الحَقّ وَيَهدِي~ إِلَى صِرَاطِ العَزِيِز الحَمِيدِ ).
العلم محيط كبير ، ومهما بلغ الإنسان من العلم أعلى درجاته ، فإنه سيظل قاصراً في علمه ولن يبلغ قطرة واحدة من هذا المحيط الكبير .
لكن الله سبحانه وتعالى حبّـا صفوة من عباده بالعلم المتدفق الذي لا ينقطع عطاؤه ولا حدود لسعة أفقه ، ومن هؤلاء سيدنا و مولانا الرسول الأعظم محمد " صلى الله عليه وآله وسلم " و كذلك وصيه و وزيره وابن عمه علي بن أبي طالب " عليه السلام " والأئمة من بعده حملة الرسالة وهداة الأمة ، ولا شك أن الإمام الباقر"عليه السلام " استمد علمه من مدينة العلم المحمدية ، ومن بابها العلوي فقال الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم " : ( أنـا مـدينة العلم وعـلي بابهـا،فمن أراد العلم فليأتِ البابٍ ) فجعل الله علم الإمام باقر العلوم يتفجر بين جوانبه بغزارة ، لا يتوقف حده ، و لا يقل مداه.
و علمه علم إلهي أُنزل إلينا لنهتدي به ، هو بحر لا يجف عطاؤه ، وهو نجم مضيء … يـشع في سماء الجهل والظلم ، إنه محمد بن علي بن الحسـين بن علي بن أبي طالب " عليهم السلام " ، وأمه هي الطاهرة فاطمة بنت الحسـن بن علي بن أبي طالب "عليهم السلام " …ذو نسب أصيل وطاهر ، وغني عن التعريف .
لُقب"عليه السلام " بالباقر لتوسعه في العلم فكأنما يبـقر الأرض أي يـشقها ويـظهر مخبآها ومكامنها ، فهو الذي شـق العلم شـقاً ، وأظهر كنوز المعارف والعلوم إظهاراً ، فلقد روى جـابر بن يزيد الجعفي (رضي الله عنه )لما سأله عمر بن شمـر : لم سمي الباقر باقراً ؟ . قال :لأنه بـقر العلم بـقراً ، أي شـقه شـقاً وأظـهره إظـهاراً .
وكان "عليه السلام" أشبه برسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم " خلقاً و خُلقاً و لذا لُقب أيضاً بالشبيه ، حيث قال الشاعر عن هذا بقوله :
أبـا علماً قـد ذل للخلق كلـهم على دين من انهي إليه الرسالـة
وأبرز حـكم الله بـعد خـفائـه وأوضح برهانـاً له و الدلالـة
وبـشر أصـحاب النـبي ببقائـه علـوماً أجنت لم تحـل المقالـة
حوى من صفات المصطفى بعد اسمه شمائـله قـد أورثـته الجلالـة
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري (رض ) أنه سمع رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " يقـول : يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسـين بن علي بن أبي طالب
" علهم السلام " المعروف بالباقر " عليه السلام " ، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام .
فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري ( رض ) في بعض سكك المدينة ، فقال : يا غلام من أنت ؟
فقال : أنا محمد بن علي بن الحسـين بن علي بن أبي طالب " عليهم السلام " ، فقال له جابر : يا بني أقبل.. فأقبل ، ثم قال له : أدبر .. فأدبر ، فقال جابر ( رض ) : شمائل رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " ورب الكعبة . ثم قال : يا بني إن رسول الله (ص ) يقرئك السلام ، فقال " عليه السلام " : على رسول الله (ص ) السلام . فقال له جابر : يا باقر .. يا باقر ..أنت الذي تبقر العلم بقرا .
وللإمام" عليه السلام " مواقف كثيرة تدل على سعة علمه ، وغزارة معرفته ، ومنها حينما اجتمع القسـيسـين والرهـبان، وكان لهم عالم يقعد لهم كل سنة مرة يوماً واحداً يستفتونه فيفتيهم ، عند ذلك لف الإمام الـباقر "عليه السلام " نفسه بفاضل ردائه ، ثم أقبل نحو العالِم وقعد ، ورفع الخبر إلى هشام ، فأمر بعض غلمانه أن يحضر الموضع ، فينظر ما يصنع الإمام ، فأقبل و أقبل عدد من المسلمين فأحاطوا بالإمام ، و أقبل عالِم النصارى وقد شد حاجبيه بخرقه صفراء حتى توسطهم ، فقام إليه جمع من القسيسين و الرهبان يسلمون عليه ، ثم جاءوا به إلى صدر المجلس فقعد فيه ، وأحاط به أصحابه و الإمام بينهم وكان مع الإمام ولده الإمام جعفر الصادق " عليه السلام " ، فأدار العالِم نظره وقال للإمام : أمنّا أم من هذه الأمة المرحومة ؟ فقال "عليه السلام " : من هذه الأمة المرحومة . فقال العالِم : من أين أنت أمن علماءها أم من جهالها ؟ فقال الإمام (ع) : لست من جهالها ، فاضطرب اضطراباً شديداً ثم قال للإمام (ع) : أسألك ؟ فقال " عليه السلام " اسأل ، فقال : من أين ادعيتم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون و لا يحدثون و لا يبولون ؟؟ وما الدليل على ذلك من شاهد لا يجهل ؟
فقال الإمام (ع) : الجنين في بطن أمه يأكل و لا يحدث . فاضطرب النصراني اضطراباً شديداً ، ثم قال :هلا زعمت أنك لست من علماءها ؟؟ فقال " عليه السلام " : و لست من جهالها .
وأصحاب هشام يسمعون ذلك . ثم قال : أسألك مسألة أخرى ، فقال (ع) : اسأل .فقال النصراني : من أين ادعيتم أن فاكهة الجنة غضه طرية موجودة غير معدومة عند أهل الجنة ؟؟ وما الدليل عليه من شاهد لا يجهل ؟ فقال (ع ) : دليل ما ندعيه أن السراج أبداً يكون غضاً طرياً موجوداً غير معدوم عند أهل الدنيا لا ينقطع أبداً ، فاضطرب اضطراباً شديداً ثم قال : هلا زعمت أنك لست من علماءها ؟ فقال (ع) : ولست من جهالها .
فقال النصراني : أسألك مسألة أخرى ، فقال (ع) : أسأل ، فقال : أخبرني عن ساعة لا من ساعات الليل و لا من ساعات النهار ؟؟ فقال الإمام (ع) : هي الساعة التي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، يهدأ فيها المبتلى ، ويرقد فيها الساهر ، ويفيق المغمى عليه ،جعلها الله في الدنيا دليلاً للراغبين ، وفي الآخرة دليلاً للعالمين ، لها دلائل واضحة وحجة بالغة على الجاحدين المتكبرين الناكرين لها . فصاح النصراني صيحة عظيمة ثم قال : بقيت مسألة واحدة والله لأسألنك مسألة لا تهتدي إلى ردها أبداً ، قال الإمام (ع ) :سل ما شئت ، فأنك حانث في يمينك .
فقال : أخبرني عن مولودين ولدا في يوم واحد و ماتا في يوم واحد ، عمر أحدهما خمسين سنة والآخر عمره مائة وخمسين سنة . فقال الإمام " عليه السلام " : ذلك عُزير و عُزيرة ولدا في يوم واحد فلما بلغا مبلغ الرجال خمسة وعشرين سنة مّر عُزير على حماره وهو راكبه على بلد اسمها انطاكية وهي خاوية على عروشها فقال : أنّى يحيي هذه الله بعد موتها ، فأماته الله مائة عام ثم بعثه على حماره بعينه وطعامه وشرابه لم يتغير ، وعاد إلى داره ، وأخوه عُزيرة وولده قد شاخوا ، وعُزير شاب في سن خمسة وعشرين سنة ، فلم يزل يذكر أخاه وولده وهم يذكرون ما يذكره ويقولون : ما أعلمك بأمر قد مضت عليه السنين والشهور ، وعُزيرة يقول له وهو شيخ كبير ابن مائة وخمسة وعشرين سنة : ما رأيت شاباً أعلم بما كان بيني وبين أخي عُزير أيام شبابي منك ، فمن أهل السماء أنت أم من أهل الأرض ؟؟فقال يا عُزيرة أنا عُزير أخوك ، قد سخط الله علي بقول قلته بعد أن اصطفاني الله وهداني ، فأماتني مائة سنة ثم بعثني بعد ذلك لتزدادوا بذلك يقيناً أن الله تعالى على كل شيء قدير ، وهذا حماري وطعامي و شرابي الذي خرجت به من عندكم أعاده الله تعالى كما كان ، فعند ذلك أيقنوا . فأعاشه الله بينهم خمسة وعشرين سنة ثم قبضه الله تعالى وأخاه في يوم واحد .
فنهض عالِم النصارى عند ذلك قائماً ، وقام النصارى على أرجلهم فقال لهم عالمهم : جئتموني بأعلم مني و أقعدتموه معكم حتى هتكني وفضحني و أعلم المسلمين بأنه أحاط بعلومنا وأن عنده ما ليس عندنا ، والله لا كلمتكم من كلمة واحدة ولا قعدت لكم إن عشت بعد هذه . فتفرقوا .
لقـد أظـهر الله آياتهــم كـما أظهر النور من شمـسها
وأحـيا مـعالم ديـن الإلــه و شيــدها بـعـدما أسـسها
و قـوم أعلامـهم في الـورى جــهاراً وقد كـان في نـكسها
أ بـاقر عـلم الـنبي الـذي تـوالى الخـلائـق مـن أنسها
ومـن جنـها في قـفار لهـا كـذلك المـلائك في قدسـها
في هذا الموقف نكتشف مدى سعة علم الإمام "عليه السلام "ورغم ما بلغه من علم فإنه متواضع ولا يعتبر نفسه عالماً ، من تواضع لله رفعه ، فقد(ع) وصل بالعلم درجة تعجز العقول عن إدراكها … و تعجز الألسن عن وصفها .
وللإمام " عليه السلام " موقف مع جابر بن عبد الله الأنصاري " رض" ، حين ابتلي جابر "رض " في آخر عمره بضعف الهرم و العجز ، فرآه الإمام الباقر "عليه السلام " و سأله عن حاله فقال جابر "رض" : أنا في حالة أحب فيها الشيخوخة على الشباب… والمرض على الصحة… والموت على الحياة .فقال له الإمام " عليه السلام " : ( أما أنا فإن جعلني الله شيخاً أحب الشيخوخة ، وإن جعلني شاباً أحب الشبوبة ، وإن أمرضني أحب المرض ، وإن شفاني أحب الشفاء والصحة ، وإن أماتني أحب الموت ، وإن أبقاني أحب البقاء ) .
نتعلم من هذا الموقف المشرف للإمام ( ع ) الرضى بالقضاء و القدر ، و أن نحب ما كتبه الله لنا في هذه الدنيا .
مواقف كثيرة سُجلت له ولغيره من المعصومين " عليهم السلام " فيها عبر وحكم ولكن مَن في دنيـانـا يعتـبر ويتعظ بتلك المواقـف … الله أعـلم والراسخون في العـلم .
لـذا علـينا أتـباع نهـج أهـل البـيت " عليهم أفضل الصلاة و السلام " لننجو من عذابٍ أليم .
الهدى