شعر ونثر أبو طالب الدالة على إيمانه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم:
نتعرض هنا إلى بعض أبيات أبي طالب رضوان الله تعالى عليه والتي تشهد بتصديقه لنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل والإقرار بها أيضاً.
1. رغب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالزواج من أم المؤمنين السيدة الطاهرة المطهرة خديجة بنت خويلد، فأخذ عمومته معه، وتكلم أبو طالب فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمنا وجعلنا الحكام على الناس؛ ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله، لا يوزن به رجل إلا رجح به، فا كان في المال قلٌ فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، ومحمد من قد عرفتم قرابته؛ وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي كذا وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطب جليل.[12]
2. أنقل هنا مقتطفات من شعره رضوان الله تعالى عليه فأنقل الأبيات التي تبين وتصرح بشكل لا يقبل الشك إيمانه وتصديقه بنبوة النبي صلى الله عليه وآله:
v عندما مشى زعماء قريش إلى أبي طالب يطلبون منه أن يكف النبي عن أمره، وردهم أبو طالب عليه السلام وحصل بينه وبين النبي محادثة وبعدها أنشد يقول:
والله لن يصلوا إليك بجمعهـم ... حتى أوسد في التراب دفينا
لـولا الملامة أو حذاري سبـة...لوجدتنـي بذاك سمحاً مبينا
طبعاً لا تعارض مع كون أبو طالب أنشأ هذه الأبيات سابقاً وأعادها مرة أخرى في هذا الموقف، وأيضاً قال السيد نجد الدين العسكري " زاد ابن كثير على الأبيات بيتا آخر ، ولا يخفى أن البيت الخامس الذي زاده ابن كثير وغيره كالقرطبي وأمثاله ليس من أبي طالب عليه السلام ، قال العلامة البرزنجي وغيره انه موضوع أدخلوه في شعر أبي طالب وليس من كلامه ، كما في أسنى المطالب ص 18 طبع طهران سنة 1382 هـ ثم قال ولو قيل إنه من كلامه فيقال أتى به عليه السلام للتعمية على قريش وليوهم عليهم أنه معهم وعلى ملتهم ، ولم يتابع محمدا ليقبلوا حمايته ويمتثلوا أوامره . وقال العلامة الحجة الأميني دام بقاه بعد نقله الأبيات مع البيت الأخير ونعم ما قال قال : هب أن البيت الأخير من صلب ما نظمه أبو طالب عليه السلام فان أقصى ما فيه أن العار والسبة اللذين كان أبو طالب يحذرهما خيفة أن يسقط محله عند قريش فلا تتسنى له نصرة الرسول المبعوث صلى الله عليه وآله ، إنما منعاه عن الإبانة والإظهار لاعتناق الدين وإعلان الإيمان بما جاء به النبي الأمين ، صلى الله عليه وآله وهو صريح قوله لوجدتني سمحا بذاك مبينا أي مظهرا وأين هو من اعتناق الدين في نفسه والعمل بمقتضاه من النصرة والدفاع ولو كان يريد عدم الخضوع للدين لكان تهافتا بينا بينه وبين أبياته الأولى المتقدمة ، التي ينص فيها بان دين محمد صلى الله عليه وآله من خير أديان البرية دينا ، وأنه صلى الله عليه وآله صادق في دعوته أمين على أمته. وذكر الأميني أن الأبيات رواها الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان وقال : قد اتفق على صحة نقل هذه الأبيات عن أبي طالب عليه السلام مقاتل وعبد الله بن عباس والقسم بن مخيمرة وعطاء بن دينار وقال ذكر الأبيات في خزانة الأدب للبغدادي ج 1 ص 261 طبع ثاني سنة 1299 ه وتأريخ ابن كثير ج 3 ص 42 وتاريخ أبي الفداء ج 1 ص 120 وفتح الباري شرح صحيح البخاري ج 7 ص 153 ص 155 والمواهب اللدنية ج 1 ص 61 والسيرة الحلبية ج 1 ص 305 وفي ديوان أبي طالب ص 12 طبع النجف الأشرف"[13]
v ينقل إبن أبي الحديد في شرح النهج عن الخليفة العباسي أبو جعفر المأمون أنه قال: أسلم أبو طالب والله بقوله:
v عندما اجتمع رأي قريش على حصار النبي صلى الله عليه وآله مع بني هاشم في الشعب أنشد أبو طالب قصيدته الخالدة اللامية فيقول فيها:
v قال أيضاً يمدح النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وآله:
لقد أكرم الله النبي محمدا * فأكرم خلق الله في الناس أحمـد
وشق له من اسمه ليجلـه * فذو العرش محمود وهذا محمد[16]
v و قال رضوان الله تعالى عليه عندما علم بإسلام الحمزة بن عبد المطلب:
فصبرا أبا يعلى على دين أحمـد * وكن مظهرا للدين وفقت صابرا
وحط من أتى بالحق من عند ربه * بصدق وعزم لا تكن حمزة كافرا
فقد سرني إذ قلت إنك مؤمـن * فكـن لرسول الله في الله ناصرا
وناد قريش بالـذي قد أتيتـه * جهاراً وقل ما كان أحمد ساحرا[17]
v عندما بلغته أذية قريش للصحابي الجليل عثمان بن مظعون غضب وقال
أمن تذكر دهر غير مأمـون * أصبحت مكتئبا تبكي كمحـزون
أم من تذكر أقوام ذوي سفه * يغشون بالظلم من يدعو إلى الدين
ألا يرون أذل الله جمعهــم * أنا غضبــنا لعثمان بن مظعون
ونمنع الضيم من يبغي مضيمنا * بكـل مطرد في الكـف مسنون
ومرهفات كأن الملح خالطهـا * يشفى بها الداء من هام المجانين
حتى تقر رجال لا حلوم لهـا * بعـد الصعوبة بالإسماح واللين
أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب * على نبي موسى أو كذي النون[18]
v وقال رضوان الله تعالى عليه:
v و قال سلام الله عليه مما يدل على توحيده :
مليك الناس ليس له شريك * هو الوهاب والمبدى المعيد
ومن فـوق السماء له بحق * ومن تحت السماء له عبيد[20]
v وقال سلام الله عليه لما حضرته الوفاة:
أوصي بنصر النبي الخير مشهده * عليا ابني وشيخ القوم عباسا
وحمزة الأسد الحامي حقيقتــه * وجعفرا أن يذودوا دونه الباسا
كونوا فداء لكم أمي وما ولدت * في نصر أحمد دون الناس اتراسا[21]
3. لما حضرت أبو طالب الوفاة جمع بني هاشم وقال:
يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب فيكم السيد المطاع وفيكم المقدام الشجاع الواسع الباع واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه ولا شرفا إلا أدركتموه فلكم بذلك على الناس الفضيلة ولهم به إليكم الوسيلة والناس لكم حرب وعلى حربكم ألب وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية يعنى الكعبة فإن فيها مرضاة للرب وقواما للمعاش وثباتا للوطأة صلوا أرحامكم فإن في صلة الرحم منسأة في الأجل وزيادة في العدد اتركوا البغي والعقوق ففيهما هلكت القرون قبلكم أجيبوا الداعي وأعطوا السائل فإن فيهما شرف الحياة والممات وعليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة فإن فيهما محبة في الخاص ومكرمة في العام وإني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش والصديق في العرب وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به وقد جاءنا بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا وضعفاؤها أربابا وإذاأعظمهم عليه أحوجهم إليه وأبعدهم منه أحظاهم عنده قد محضته العرب ودادها وأصفت له بلادها وأعطته قيادها يا معشر قريش كونوا له ولاة ولحزبه حماة والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد ولا يأخذ بهديه أحد إلا سعد ولو كان لنفسي مدة وفي أجلي تأخير لكففت عنه الهزاهز ولدافعت عنه الدواهي.[22]
فلو لم تكن هذه الأبيات معروفة بأنها لشيخ البطحاء فهل يُعقل أن يُقال بأن قائل الأبيات كافر؟ إن العاقل يرفض أن يُستخف بعقله، أولم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الإيمان هو معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان[23] ،فتعالوا نطبق الحديث على أبو طالب عليه السلام، فأما الإقرار بالقلب فإنه قال " وقد جاءنا بأمر قبله الجنان "، وأما التصديق باللسان فقد قال أبياته وهي أكثر من أن تحصى وعلى سبيل المثال "نبي أتاه الوحي من عند ربه * ومن قال لا يقرع بها سن نادم" والعمل بالأركان فأي عمل يرقى إلى مرتبة الجهاد وحماية بيضة الإسلام والذود عن الداعي وأصل الرسالة وهو النبي صلى الله عليه وآله؟ وإن كان التلفظ بالشهادتين فما الفرق بين أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وبين أن يقول:
وما الفرق بين أن يقول أشهد أن محمد رسول الله وبين أن يقول:
فهذا الرجل تشهد الشهادتين، وجاهد بنفسه وماله وولده، فماذا كان جزاءه؟ أن يُنشر بين العوام أنه مات على الكفر، ولكن من المعروف بأن إسلام أبو طالب لن يعجب طافة من الناس فإن مسألة أبو طالب عليه السلام لم تُبتدع من فراغ وإنما لها أصول وجذور، فلها صولات وجولات من بني العباس ويكفي أن نشير إلى ذلك ببيت من قصيدة أحد شعراء الدولة العباسية وابن بلاطها عبد الله بن المعتز بالله حيث يخاطب العلويين ويقول:
و في هذا يقول ابن أبي الحديد في أبي طالب:
ولو لا أبو طالب وابنه...لما مثل الدين شخصا فقاما
فذاك بمكه آوى وحامى...وهذا بيثرب جس الحماما
تكفـل عبد مناف بامر...وأودى فكـان على تماما
فقل في ثبير مضى بعد ما...قضى ما قضاه وأبقى شماما
فلله ذا فاتحا للهــدى...ولله ذا للمعــالي ختاما
وما ضر مجــد أبى طالب جهول لغا أو بصير تعامى
كما لا يضر إياة الصباح...من ظن ضوء النهار الظلاما[26]
____________________________________
الهامش
[1] هذه الأبيات ضمن لامية أبو طالب المطولة والتي كتبها في الإفصاح عن حماية النبي صلى الله عليه وآله وعن بيان عقيدته سلام الله عليه ونقلت هذه الأبيات عن البداية والنهاية لإبن كثير ج3 ص 56-57
[2] طبقات ابن سعد ج1 ص 202
[3] الغدير للأميني ج7 ص 350
[4] نقله عنه السيد ابن طاووس الحسني في كتابه الطرائف ص 302، والأميني في الغدير ج7 ص 348، و نجم الدين العسكري في أبو طالب حامي الرسول ص 13
[5] سيرة ابن هشام ج1 ص 235، سيرة ابن كثيرج2 ص 49، سبل الهدى والرشاد ج2 ص 378، بحار الأنوار ج 35 ص 92
[6] جمهرة خطب العرب ج2 ص 28، شرح نهج البلاغة ج14 ص 75، الغدير للأميني ج2 ص 136 باختلاف يسير
[7] السيرة النبوية لإبن كثير ج2 ص 27، مناقب آل أبي طالب ج1 ص 57.
[8] ذكر هذا البيت الشيخ الفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص 141
[9] مستدرك الحاكم ج2 ص 680،
[10] شرح نهج البلاغة ج14 ص 64، روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 54، الفصول المختارة للشيخ المفيد ص 59، مناقب آل أبي طالب لإبن شهر آشوب ص 58، الصراط المستقيم لزين الدين علي بن يونس العاملي ج1 ص 176، الدرجات الرفيعة لإبن المعصوم ص 42
[11] سورة النجم 22
[12] ذكر هذه الخطبة الشريفة جمع غفير من الإمامية ومخالفيهم، فقد رواها من أهل السنة الألولسي في تفسيره ج18 ص 51، والباقلاني في تفسيره ج1 ص 153، سبل الهدى والرشاد ج2 ص 165، المنتظم لإبن الجوزي في أحداث سنة 25 من مولد النبي الشريف، تاريخ ابن خلدون ج2 ص 5، صفوة الصفوة لإبن الجوزي ج1 ص 74، الفائق في غريب الحديث ج1 ص 376، وتاج العروس ج1 ص 88 إلى جانب عدد كبير من كتب الأدب مثل أساس البلاغة للزمخشري والتذكرة الحمدونية و نثر الدر ونزهة المجالس وربيع الأبرار ونهاية الأرب والمستطرف في كل فن مستظرف
[13] أبو طالب حامي الرسول لنجم الدين العسكري ص 49
[14] شرح النهج للعلامة المعتزلي ج14 ص 74
[15] شهرة هذه القصيدة كما يعبر عنها ابن أبي الحديد كشهرة قفا نبك لأمرؤ القيس ذكرها في شرح النهج ج14 ص 79، البداية والنهاية لإبن كثير ج3 ص 74، سيرة ابن هشام ج1 ص 180،
[16] فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ج6 ص 555، العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل ج1 ص 454، التاريخ الصغير للبخاري ج1 ص 38، الثقات لابن حبان ج1 ص 42، تاريخ دمشق لابن عساكر ج3 ص 32، الإصابة لابن حجر ج7 ص 196
[17] شرح النهج للمعتزلي ج14 ص 76
[18] المصدر السابق ج14 ص 73، بحار الأنوار ج35 ص 161
[19] المصدر السابق ج14 ص 73، بحار الأنوار ج35 ص 160
[20] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 141
[21] الفصول المختارة للشيخ المفيد ص 284، المناقب لإبن شهر آشوب ج1 ص 56
[22] جمهرة خطب العرب ج1 ص 161، الروض الآنف ج2 ص 226
[23] المعجم الأوسط ج8 ص 262
[24] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 141
[25] ابن المعتز هنا أن يقول بأننا فقط أبناء عمه المسلم وإلا فإن النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وآله لا يوجد له بنو عم مسلم غيرهم، أي أن العلويين هم أبناء أبو طالب وهو لم يمت على الإسلام كما هو يقول، ولكن أجابه أحد الشعراء العلويين فقال أبيات من ضمنها
راجع الغدير للأميني ج 5 ص 396
[26] شرح النهج ج14 ص 84
نتعرض هنا إلى بعض أبيات أبي طالب رضوان الله تعالى عليه والتي تشهد بتصديقه لنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بل والإقرار بها أيضاً.
1. رغب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالزواج من أم المؤمنين السيدة الطاهرة المطهرة خديجة بنت خويلد، فأخذ عمومته معه، وتكلم أبو طالب فقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوجاً وحرماً آمنا وجعلنا الحكام على الناس؛ ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله، لا يوزن به رجل إلا رجح به، فا كان في المال قلٌ فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، ومحمد من قد عرفتم قرابته؛ وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي كذا وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطب جليل.[12]
2. أنقل هنا مقتطفات من شعره رضوان الله تعالى عليه فأنقل الأبيات التي تبين وتصرح بشكل لا يقبل الشك إيمانه وتصديقه بنبوة النبي صلى الله عليه وآله:
v عندما مشى زعماء قريش إلى أبي طالب يطلبون منه أن يكف النبي عن أمره، وردهم أبو طالب عليه السلام وحصل بينه وبين النبي محادثة وبعدها أنشد يقول:
والله لن يصلوا إليك بجمعهـم ... حتى أوسد في التراب دفينا
فامضي لأمرك ما عليك غضاضة ... أبشر وقر بذاك منك عيونا
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي ... فلقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنـه ... من خـير أديان البرية دينا
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي ... فلقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا قد عرفت بأنـه ... من خـير أديان البرية دينا
لـولا الملامة أو حذاري سبـة...لوجدتنـي بذاك سمحاً مبينا
طبعاً لا تعارض مع كون أبو طالب أنشأ هذه الأبيات سابقاً وأعادها مرة أخرى في هذا الموقف، وأيضاً قال السيد نجد الدين العسكري " زاد ابن كثير على الأبيات بيتا آخر ، ولا يخفى أن البيت الخامس الذي زاده ابن كثير وغيره كالقرطبي وأمثاله ليس من أبي طالب عليه السلام ، قال العلامة البرزنجي وغيره انه موضوع أدخلوه في شعر أبي طالب وليس من كلامه ، كما في أسنى المطالب ص 18 طبع طهران سنة 1382 هـ ثم قال ولو قيل إنه من كلامه فيقال أتى به عليه السلام للتعمية على قريش وليوهم عليهم أنه معهم وعلى ملتهم ، ولم يتابع محمدا ليقبلوا حمايته ويمتثلوا أوامره . وقال العلامة الحجة الأميني دام بقاه بعد نقله الأبيات مع البيت الأخير ونعم ما قال قال : هب أن البيت الأخير من صلب ما نظمه أبو طالب عليه السلام فان أقصى ما فيه أن العار والسبة اللذين كان أبو طالب يحذرهما خيفة أن يسقط محله عند قريش فلا تتسنى له نصرة الرسول المبعوث صلى الله عليه وآله ، إنما منعاه عن الإبانة والإظهار لاعتناق الدين وإعلان الإيمان بما جاء به النبي الأمين ، صلى الله عليه وآله وهو صريح قوله لوجدتني سمحا بذاك مبينا أي مظهرا وأين هو من اعتناق الدين في نفسه والعمل بمقتضاه من النصرة والدفاع ولو كان يريد عدم الخضوع للدين لكان تهافتا بينا بينه وبين أبياته الأولى المتقدمة ، التي ينص فيها بان دين محمد صلى الله عليه وآله من خير أديان البرية دينا ، وأنه صلى الله عليه وآله صادق في دعوته أمين على أمته. وذكر الأميني أن الأبيات رواها الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان وقال : قد اتفق على صحة نقل هذه الأبيات عن أبي طالب عليه السلام مقاتل وعبد الله بن عباس والقسم بن مخيمرة وعطاء بن دينار وقال ذكر الأبيات في خزانة الأدب للبغدادي ج 1 ص 261 طبع ثاني سنة 1299 ه وتأريخ ابن كثير ج 3 ص 42 وتاريخ أبي الفداء ج 1 ص 120 وفتح الباري شرح صحيح البخاري ج 7 ص 153 ص 155 والمواهب اللدنية ج 1 ص 61 والسيرة الحلبية ج 1 ص 305 وفي ديوان أبي طالب ص 12 طبع النجف الأشرف"[13]
v ينقل إبن أبي الحديد في شرح النهج عن الخليفة العباسي أبو جعفر المأمون أنه قال: أسلم أبو طالب والله بقوله:
نصرت الرسول رسول المليك * ببيض تلألأ كلمع البروق
أذب وأحمي رسـول الإلــه * حمايــة حام عليه شفيق
ومـا إن أدب لأعدائـــه * دبيب البكار حذار الفنيق
و لكن أزير لهـم ساميـــا * كما زار ليث بغيل مضيق[14]
أذب وأحمي رسـول الإلــه * حمايــة حام عليه شفيق
ومـا إن أدب لأعدائـــه * دبيب البكار حذار الفنيق
و لكن أزير لهـم ساميـــا * كما زار ليث بغيل مضيق[14]
v عندما اجتمع رأي قريش على حصار النبي صلى الله عليه وآله مع بني هاشم في الشعب أنشد أبو طالب قصيدته الخالدة اللامية فيقول فيها:
أعوذ برب البيت من كل طاعن * علينا بسوء أو يلوح بباطل
ومن فاجر يغتابنــا بمغيبة * ومن ملحق في الدين ما لم نحاول
كـذبتم وبيت الله نبزى محمداً * ولمـا نطاعن دونه ونناضل
ألـم تعلموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعبـأ بقول الأباطل
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل
و جدت بنفسي دونه فحميته * ودافعت عنه بالذرى والكواهل
فـلا زال للدنيا جمالا لأهلها * وشينـا لمن عادى وزين المحافل
و أيده رب العبـاد بنصـره * وأظهــر دينا حقه غير باطـل[15]
ومن فاجر يغتابنــا بمغيبة * ومن ملحق في الدين ما لم نحاول
كـذبتم وبيت الله نبزى محمداً * ولمـا نطاعن دونه ونناضل
ألـم تعلموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعبـأ بقول الأباطل
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل
و جدت بنفسي دونه فحميته * ودافعت عنه بالذرى والكواهل
فـلا زال للدنيا جمالا لأهلها * وشينـا لمن عادى وزين المحافل
و أيده رب العبـاد بنصـره * وأظهــر دينا حقه غير باطـل[15]
v قال أيضاً يمدح النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وآله:
لقد أكرم الله النبي محمدا * فأكرم خلق الله في الناس أحمـد
وشق له من اسمه ليجلـه * فذو العرش محمود وهذا محمد[16]
v و قال رضوان الله تعالى عليه عندما علم بإسلام الحمزة بن عبد المطلب:
فصبرا أبا يعلى على دين أحمـد * وكن مظهرا للدين وفقت صابرا
وحط من أتى بالحق من عند ربه * بصدق وعزم لا تكن حمزة كافرا
فقد سرني إذ قلت إنك مؤمـن * فكـن لرسول الله في الله ناصرا
وناد قريش بالـذي قد أتيتـه * جهاراً وقل ما كان أحمد ساحرا[17]
v عندما بلغته أذية قريش للصحابي الجليل عثمان بن مظعون غضب وقال
أمن تذكر دهر غير مأمـون * أصبحت مكتئبا تبكي كمحـزون
أم من تذكر أقوام ذوي سفه * يغشون بالظلم من يدعو إلى الدين
ألا يرون أذل الله جمعهــم * أنا غضبــنا لعثمان بن مظعون
ونمنع الضيم من يبغي مضيمنا * بكـل مطرد في الكـف مسنون
ومرهفات كأن الملح خالطهـا * يشفى بها الداء من هام المجانين
حتى تقر رجال لا حلوم لهـا * بعـد الصعوبة بالإسماح واللين
أو تؤمنوا بكتاب منزل عجب * على نبي موسى أو كذي النون[18]
v وقال رضوان الله تعالى عليه:
فلا تسفهوا أحلامكم في محمد * ولا تتبعوا أمر الغواة الأشائم
تمنيتــم أن تقتلـوه وإنمـا * أمانيكم هذي كأحلام نائـم
وإنكـم والله لا تقتلونه ولـما * تروا قطف اللحى والجماجم
زعمتـم بأنا مسلمون محمـدا * ولما نقــاذف دونه ونزاحم
من القوم مفضال أبي على العدا * تمكن في الفرعين من آل هاشم
أميـن حبيـب فـي العبـاد مسوم بخاتـم رب قاهر في الخواتم
يرى النـاس برهانا عليه وهيبة * ومـا جاهـل في قومه مثل عالم
نبي أتاه الوحي من عنـد ربـه * ومـن قال لا يقرع بها سن نادم[19]
وإنكـم والله لا تقتلونه ولـما * تروا قطف اللحى والجماجم
زعمتـم بأنا مسلمون محمـدا * ولما نقــاذف دونه ونزاحم
من القوم مفضال أبي على العدا * تمكن في الفرعين من آل هاشم
أميـن حبيـب فـي العبـاد مسوم بخاتـم رب قاهر في الخواتم
يرى النـاس برهانا عليه وهيبة * ومـا جاهـل في قومه مثل عالم
نبي أتاه الوحي من عنـد ربـه * ومـن قال لا يقرع بها سن نادم[19]
v و قال سلام الله عليه مما يدل على توحيده :
مليك الناس ليس له شريك * هو الوهاب والمبدى المعيد
ومن فـوق السماء له بحق * ومن تحت السماء له عبيد[20]
v وقال سلام الله عليه لما حضرته الوفاة:
أوصي بنصر النبي الخير مشهده * عليا ابني وشيخ القوم عباسا
وحمزة الأسد الحامي حقيقتــه * وجعفرا أن يذودوا دونه الباسا
كونوا فداء لكم أمي وما ولدت * في نصر أحمد دون الناس اتراسا[21]
3. لما حضرت أبو طالب الوفاة جمع بني هاشم وقال:
يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب فيكم السيد المطاع وفيكم المقدام الشجاع الواسع الباع واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه ولا شرفا إلا أدركتموه فلكم بذلك على الناس الفضيلة ولهم به إليكم الوسيلة والناس لكم حرب وعلى حربكم ألب وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية يعنى الكعبة فإن فيها مرضاة للرب وقواما للمعاش وثباتا للوطأة صلوا أرحامكم فإن في صلة الرحم منسأة في الأجل وزيادة في العدد اتركوا البغي والعقوق ففيهما هلكت القرون قبلكم أجيبوا الداعي وأعطوا السائل فإن فيهما شرف الحياة والممات وعليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة فإن فيهما محبة في الخاص ومكرمة في العام وإني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش والصديق في العرب وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به وقد جاءنا بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا وضعفاؤها أربابا وإذاأعظمهم عليه أحوجهم إليه وأبعدهم منه أحظاهم عنده قد محضته العرب ودادها وأصفت له بلادها وأعطته قيادها يا معشر قريش كونوا له ولاة ولحزبه حماة والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد ولا يأخذ بهديه أحد إلا سعد ولو كان لنفسي مدة وفي أجلي تأخير لكففت عنه الهزاهز ولدافعت عنه الدواهي.[22]
فلو لم تكن هذه الأبيات معروفة بأنها لشيخ البطحاء فهل يُعقل أن يُقال بأن قائل الأبيات كافر؟ إن العاقل يرفض أن يُستخف بعقله، أولم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الإيمان هو معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان[23] ،فتعالوا نطبق الحديث على أبو طالب عليه السلام، فأما الإقرار بالقلب فإنه قال " وقد جاءنا بأمر قبله الجنان "، وأما التصديق باللسان فقد قال أبياته وهي أكثر من أن تحصى وعلى سبيل المثال "نبي أتاه الوحي من عند ربه * ومن قال لا يقرع بها سن نادم" والعمل بالأركان فأي عمل يرقى إلى مرتبة الجهاد وحماية بيضة الإسلام والذود عن الداعي وأصل الرسالة وهو النبي صلى الله عليه وآله؟ وإن كان التلفظ بالشهادتين فما الفرق بين أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وبين أن يقول:
مليك الناس ليس له شريك * هو الوهاب والمبدى المعيد
ومن فـوق السماء له بحق * ومن تحت السماء له عبيد[24]
ومن فـوق السماء له بحق * ومن تحت السماء له عبيد[24]
وما الفرق بين أن يقول أشهد أن محمد رسول الله وبين أن يقول:
ليعلم خيار الناس أن محمدا...رسول كموسى والمسيـح ابن مريم
أتانا بهـدى مثل ما أتيا بــه...فكـل بأمر الله يهدي ويعصـم
أتانا بهـدى مثل ما أتيا بــه...فكـل بأمر الله يهدي ويعصـم
فهذا الرجل تشهد الشهادتين، وجاهد بنفسه وماله وولده، فماذا كان جزاءه؟ أن يُنشر بين العوام أنه مات على الكفر، ولكن من المعروف بأن إسلام أبو طالب لن يعجب طافة من الناس فإن مسألة أبو طالب عليه السلام لم تُبتدع من فراغ وإنما لها أصول وجذور، فلها صولات وجولات من بني العباس ويكفي أن نشير إلى ذلك ببيت من قصيدة أحد شعراء الدولة العباسية وابن بلاطها عبد الله بن المعتز بالله حيث يخاطب العلويين ويقول:
و في هذا يقول ابن أبي الحديد في أبي طالب:
ولو لا أبو طالب وابنه...لما مثل الدين شخصا فقاما
فذاك بمكه آوى وحامى...وهذا بيثرب جس الحماما
تكفـل عبد مناف بامر...وأودى فكـان على تماما
فقل في ثبير مضى بعد ما...قضى ما قضاه وأبقى شماما
فلله ذا فاتحا للهــدى...ولله ذا للمعــالي ختاما
وما ضر مجــد أبى طالب جهول لغا أو بصير تعامى
كما لا يضر إياة الصباح...من ظن ضوء النهار الظلاما[26]
____________________________________
الهامش
[1] هذه الأبيات ضمن لامية أبو طالب المطولة والتي كتبها في الإفصاح عن حماية النبي صلى الله عليه وآله وعن بيان عقيدته سلام الله عليه ونقلت هذه الأبيات عن البداية والنهاية لإبن كثير ج3 ص 56-57
[2] طبقات ابن سعد ج1 ص 202
[3] الغدير للأميني ج7 ص 350
[4] نقله عنه السيد ابن طاووس الحسني في كتابه الطرائف ص 302، والأميني في الغدير ج7 ص 348، و نجم الدين العسكري في أبو طالب حامي الرسول ص 13
[5] سيرة ابن هشام ج1 ص 235، سيرة ابن كثيرج2 ص 49، سبل الهدى والرشاد ج2 ص 378، بحار الأنوار ج 35 ص 92
[6] جمهرة خطب العرب ج2 ص 28، شرح نهج البلاغة ج14 ص 75، الغدير للأميني ج2 ص 136 باختلاف يسير
[7] السيرة النبوية لإبن كثير ج2 ص 27، مناقب آل أبي طالب ج1 ص 57.
[8] ذكر هذا البيت الشيخ الفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص 141
[9] مستدرك الحاكم ج2 ص 680،
[10] شرح نهج البلاغة ج14 ص 64، روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 54، الفصول المختارة للشيخ المفيد ص 59، مناقب آل أبي طالب لإبن شهر آشوب ص 58، الصراط المستقيم لزين الدين علي بن يونس العاملي ج1 ص 176، الدرجات الرفيعة لإبن المعصوم ص 42
[11] سورة النجم 22
[12] ذكر هذه الخطبة الشريفة جمع غفير من الإمامية ومخالفيهم، فقد رواها من أهل السنة الألولسي في تفسيره ج18 ص 51، والباقلاني في تفسيره ج1 ص 153، سبل الهدى والرشاد ج2 ص 165، المنتظم لإبن الجوزي في أحداث سنة 25 من مولد النبي الشريف، تاريخ ابن خلدون ج2 ص 5، صفوة الصفوة لإبن الجوزي ج1 ص 74، الفائق في غريب الحديث ج1 ص 376، وتاج العروس ج1 ص 88 إلى جانب عدد كبير من كتب الأدب مثل أساس البلاغة للزمخشري والتذكرة الحمدونية و نثر الدر ونزهة المجالس وربيع الأبرار ونهاية الأرب والمستطرف في كل فن مستظرف
[13] أبو طالب حامي الرسول لنجم الدين العسكري ص 49
[14] شرح النهج للعلامة المعتزلي ج14 ص 74
[15] شهرة هذه القصيدة كما يعبر عنها ابن أبي الحديد كشهرة قفا نبك لأمرؤ القيس ذكرها في شرح النهج ج14 ص 79، البداية والنهاية لإبن كثير ج3 ص 74، سيرة ابن هشام ج1 ص 180،
[16] فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ج6 ص 555، العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل ج1 ص 454، التاريخ الصغير للبخاري ج1 ص 38، الثقات لابن حبان ج1 ص 42، تاريخ دمشق لابن عساكر ج3 ص 32، الإصابة لابن حجر ج7 ص 196
[17] شرح النهج للمعتزلي ج14 ص 76
[18] المصدر السابق ج14 ص 73، بحار الأنوار ج35 ص 161
[19] المصدر السابق ج14 ص 73، بحار الأنوار ج35 ص 160
[20] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 141
[21] الفصول المختارة للشيخ المفيد ص 284، المناقب لإبن شهر آشوب ج1 ص 56
[22] جمهرة خطب العرب ج1 ص 161، الروض الآنف ج2 ص 226
[23] المعجم الأوسط ج8 ص 262
[24] روضة الواعظين للفتال النيسابوري ص 141
[25] ابن المعتز هنا أن يقول بأننا فقط أبناء عمه المسلم وإلا فإن النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وآله لا يوجد له بنو عم مسلم غيرهم، أي أن العلويين هم أبناء أبو طالب وهو لم يمت على الإسلام كما هو يقول، ولكن أجابه أحد الشعراء العلويين فقال أبيات من ضمنها
بني عمنا ! إن يوم الغدير * يشهد للفارس المعلم
أبونا علي وصي الرسول * ومن خصه باللواء الأعظم
لكم حرمة بانتساب إليه * وها نحن من لحمه والدم
لإن كان يجمعنا هاشم * فأين السنام من المنسم ؟
وإن كنتم كنجوم السماء * فنحن الأهلة للأنجم
ونحن بنو بنته دونكم * ونحن بنو عمه المسلم
حماه أبونا أبو طالب * وأسلم والناس لم تسلم
وقد كان يكتم إيمانه * فأما الولاء فلا يكتم.
أبونا علي وصي الرسول * ومن خصه باللواء الأعظم
لكم حرمة بانتساب إليه * وها نحن من لحمه والدم
لإن كان يجمعنا هاشم * فأين السنام من المنسم ؟
وإن كنتم كنجوم السماء * فنحن الأهلة للأنجم
ونحن بنو بنته دونكم * ونحن بنو عمه المسلم
حماه أبونا أبو طالب * وأسلم والناس لم تسلم
وقد كان يكتم إيمانه * فأما الولاء فلا يكتم.
راجع الغدير للأميني ج 5 ص 396
[26] شرح النهج ج14 ص 84
تعليق