لا أعلم بما سوف أصفه لكم ولكن خواطري تبحر بعيداً حين أكتب لكم فأجد نفسي بين الخيال الممزوج بحلاوة ومرارة هذا الواقع ، فنحن الشباب الصوت الأجش الشجاع الأبي الذي دائماً ما ينادي بوقائع خيالية تتوارى له بين الحين والأخر وهذه الواقعة الخيالية لكم :
سمعت أن أمان إبن بحر الإرجوان ينادي بإسمي حين أخبرتني هاجر إبنة الهدهد بأنه الألم والحسرة قد حل به ، فذهبت إليه مسرعاً لعلمي أنه الصديق الأزلي لسائر البشرية ، فجلست بقربه فقلت له يا أمان خيرة الذرية في بحر الأزمان ، يا من أبحرنا بك أنا وأصدقائي وقائد السفينة الربان ، لقد سمعت هجائك ورثيت لحالك وعقلت آلامك فما بالك ؟
قال لي :
إنها مرجانه قلبي وحبي إنها الحنينة الصافية في داخلي دبت الحزن في قلبي وجعلت الهم شأني وسمعت كذب هجران بحر العقبان ، إنها الحب يا أمير زمانك ويا العقل بين خلانك فما من دواء يبعد عني نار حبها ويجعل من الغفران طريق العودة والأمان ، لأن قلبي يستعر من هذا الحب جمرتي وأمري بعداً لا يستوي وأنا بينك وبين هذه الألحان أسمعها ولا أعقل أدركها ولا أفعل أنشد الهدوء بلا عواصف وأنشد الأمان لغيري في شدة بلائي فيا عوالم الأمور ويا سائر الخلائق لكم مني الأمان فبعده لا أمان فوالله خالقي عالم حالي والدارك لأمري لأجعلن من سفنكم وقود ناركم وإقترابكم سبباً لإنشاد نعيكم ، فوالله ولو لا المودة بيني وبين أقرانك وأبناء جلدتك أهل التراب لجعلت أمرهم لا فرج فيه وصيدهم لا بركه عليه ، وحتى يحكم الله بأمري وهو خير الحاكمين.
قلت له :
سئقول لك كلماتي وأرحل عنك بعيداً مع آمالي وتلك آلامي حتى تدرك حقك من الباطل وتنشد سلامي وتنعى صداقتي لأنني في عسرة حالي بعد سماعي هذا وإيلامي :
يا أمير بحور الزمان يا صديق دربي ورفيق عهدي وسلام أمري ، قال الحكيم جبران في الحب هذا :
وعظتني نفسي فعلمتني حب ما يمقته الناس ومصافاة ما يضاغنونه وأبانت لي أن الحب ليس بميزة في المحب بل في المحبوب ، وقبل أن تعظني نفسي كان الحب بي خيطاً دقيقاً مشدوداً بين وتدين متقاربين ، أما الأن فقد تحول إلى هالة أولها أخرها واخرها أولها تحيط بكل كائن وتتوسع لتضم كل ما سيكون.
أهكذا تمر بنا الليالي ؟ أهكذا تندثر تحت أقدام الدهر . أهكذا تطوينا الأجيال ، ولاتحفظ لنا سوى أسم تخطه على صفحها بماء بدلاً من المداد؟ ، أينطفئ هذا النور وتزول هذه المحبة وتضمحل هذه الأماني أيهدم الموت كل ما نبنيه ويذري الهواء كل ما نقوله ، ويخفي الظل كل ما نفعله ؟؟
أهذه هي الحياة ؟ هي ماض قد زال وأختفت أثاره ، وحاضر يركض لاحقاً بالماضي ، وستقبل لا معنى له إلا إذا ما مر وصار حاضراً أو ماضياً ؟ أتزول جميع مسرات قلوبنا وأحزان نفوسنا دون أن نعلم نتائجها ، وحين نفقد فإننا نفقد ونتأسف وننسى فنعاشر الغير ونندم ونعود لنتأسف وهذه جام اللعنة في أمرنا !!
الحب هو العطاء الحب هو التبادل بينك وبينها وإن كانت بعيدة عنك ورضيت بهذا الإبتعاد فشكراً لله الذي جعل لك من طريقك هذا نوراً بأن الأفضل القادم هو لك تحبك وترجو لقاءك وقربك وتدنو بإخلاصٍ منك وترجوا من الله أمرك وصلاحك وتسامرك في شأنك وتتجاذب وتتبادل مع ما يدور في خلجك فرحاً أو حزناً ، فهل تأسى على ما ليس بمقوسمك فيه حينه هذا ، أم تأسى على الكاذبة اللئيمة التي تصطاد آلامك وشنجونك وتغير بمساوء الإعتقاد على أحلامك ، أم التي لا تعلم سرها ومستودعها وحقها الحق فقط بما تمليه ضنونها ، وتسدل السكوت على افعالها وتغتاض بصدقك وترجوا كذب غيرك فتعلن تارة وفاءها ويظهر بعد ذلك إفتراءها.
ومن ثم إلتفت أمير الحكماء إلى الشمس رفيقته وقال لها هلمي نرحل وإن جن جنونه وأثار بعد حديثي هذا أشجانه دعيه لوحدته وآلامه فهو المعذور حينا وهو المغدور فينا ، ولسوف يرضى ولو بعد حينه برضاء الله آمناً أميناً ، فالحقيقة قلناها وبالبر أتيناه ومن يخصه فيها قلناه ، هلمي عليه بخيوطك الذهبية ليعلم أن الحب كلمة أًًصلها فعلا وأمرها وشرطها وفاءاً وحسنها بعلانيتها لا بالإستيحاء منها ، ودعيه يسمع وينعق حتى يأتي الدهر عليه.
فتورات علي موجة هادئة وإلتفت مستحياً .
تحفة الجواهر
أمير الحكماء
سمعت أن أمان إبن بحر الإرجوان ينادي بإسمي حين أخبرتني هاجر إبنة الهدهد بأنه الألم والحسرة قد حل به ، فذهبت إليه مسرعاً لعلمي أنه الصديق الأزلي لسائر البشرية ، فجلست بقربه فقلت له يا أمان خيرة الذرية في بحر الأزمان ، يا من أبحرنا بك أنا وأصدقائي وقائد السفينة الربان ، لقد سمعت هجائك ورثيت لحالك وعقلت آلامك فما بالك ؟
قال لي :
إنها مرجانه قلبي وحبي إنها الحنينة الصافية في داخلي دبت الحزن في قلبي وجعلت الهم شأني وسمعت كذب هجران بحر العقبان ، إنها الحب يا أمير زمانك ويا العقل بين خلانك فما من دواء يبعد عني نار حبها ويجعل من الغفران طريق العودة والأمان ، لأن قلبي يستعر من هذا الحب جمرتي وأمري بعداً لا يستوي وأنا بينك وبين هذه الألحان أسمعها ولا أعقل أدركها ولا أفعل أنشد الهدوء بلا عواصف وأنشد الأمان لغيري في شدة بلائي فيا عوالم الأمور ويا سائر الخلائق لكم مني الأمان فبعده لا أمان فوالله خالقي عالم حالي والدارك لأمري لأجعلن من سفنكم وقود ناركم وإقترابكم سبباً لإنشاد نعيكم ، فوالله ولو لا المودة بيني وبين أقرانك وأبناء جلدتك أهل التراب لجعلت أمرهم لا فرج فيه وصيدهم لا بركه عليه ، وحتى يحكم الله بأمري وهو خير الحاكمين.
قلت له :
سئقول لك كلماتي وأرحل عنك بعيداً مع آمالي وتلك آلامي حتى تدرك حقك من الباطل وتنشد سلامي وتنعى صداقتي لأنني في عسرة حالي بعد سماعي هذا وإيلامي :
يا أمير بحور الزمان يا صديق دربي ورفيق عهدي وسلام أمري ، قال الحكيم جبران في الحب هذا :
وعظتني نفسي فعلمتني حب ما يمقته الناس ومصافاة ما يضاغنونه وأبانت لي أن الحب ليس بميزة في المحب بل في المحبوب ، وقبل أن تعظني نفسي كان الحب بي خيطاً دقيقاً مشدوداً بين وتدين متقاربين ، أما الأن فقد تحول إلى هالة أولها أخرها واخرها أولها تحيط بكل كائن وتتوسع لتضم كل ما سيكون.
أهكذا تمر بنا الليالي ؟ أهكذا تندثر تحت أقدام الدهر . أهكذا تطوينا الأجيال ، ولاتحفظ لنا سوى أسم تخطه على صفحها بماء بدلاً من المداد؟ ، أينطفئ هذا النور وتزول هذه المحبة وتضمحل هذه الأماني أيهدم الموت كل ما نبنيه ويذري الهواء كل ما نقوله ، ويخفي الظل كل ما نفعله ؟؟
أهذه هي الحياة ؟ هي ماض قد زال وأختفت أثاره ، وحاضر يركض لاحقاً بالماضي ، وستقبل لا معنى له إلا إذا ما مر وصار حاضراً أو ماضياً ؟ أتزول جميع مسرات قلوبنا وأحزان نفوسنا دون أن نعلم نتائجها ، وحين نفقد فإننا نفقد ونتأسف وننسى فنعاشر الغير ونندم ونعود لنتأسف وهذه جام اللعنة في أمرنا !!
الحب هو العطاء الحب هو التبادل بينك وبينها وإن كانت بعيدة عنك ورضيت بهذا الإبتعاد فشكراً لله الذي جعل لك من طريقك هذا نوراً بأن الأفضل القادم هو لك تحبك وترجو لقاءك وقربك وتدنو بإخلاصٍ منك وترجوا من الله أمرك وصلاحك وتسامرك في شأنك وتتجاذب وتتبادل مع ما يدور في خلجك فرحاً أو حزناً ، فهل تأسى على ما ليس بمقوسمك فيه حينه هذا ، أم تأسى على الكاذبة اللئيمة التي تصطاد آلامك وشنجونك وتغير بمساوء الإعتقاد على أحلامك ، أم التي لا تعلم سرها ومستودعها وحقها الحق فقط بما تمليه ضنونها ، وتسدل السكوت على افعالها وتغتاض بصدقك وترجوا كذب غيرك فتعلن تارة وفاءها ويظهر بعد ذلك إفتراءها.
ومن ثم إلتفت أمير الحكماء إلى الشمس رفيقته وقال لها هلمي نرحل وإن جن جنونه وأثار بعد حديثي هذا أشجانه دعيه لوحدته وآلامه فهو المعذور حينا وهو المغدور فينا ، ولسوف يرضى ولو بعد حينه برضاء الله آمناً أميناً ، فالحقيقة قلناها وبالبر أتيناه ومن يخصه فيها قلناه ، هلمي عليه بخيوطك الذهبية ليعلم أن الحب كلمة أًًصلها فعلا وأمرها وشرطها وفاءاً وحسنها بعلانيتها لا بالإستيحاء منها ، ودعيه يسمع وينعق حتى يأتي الدهر عليه.
فتورات علي موجة هادئة وإلتفت مستحياً .
تحفة الجواهر
أمير الحكماء