المسرحية الهزلية التى بدأت كتابة فصولها بصياغة الدستور وكذبة الانتخابات تشهد الآن كتابة فصلها الثالث بالاعلان عمّا سمى الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، كيف يمكن لأشخاص متهمين بالتواطؤ مع المحتل أن يقودوا حكومة وحدة وطنية؟! أيّة وحدة وطنية تلك التى تقوم على مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية وتوزيع الغنائم والأسلاب بين أشخاص باعوا أنفسهم وضمائرهم؟! وهل يصدق هؤلاء أن الشعب العراقى العظيم سيبتلع الكذبة وينساق خلفهم ملقياً سلاح المقاومة قابلاً الاحتلال كأمر واقع.
هل تساءل المطبّلون لهذه الحكومة ولو للحظة واحدة إذا كان هناك نموذج استطاعت فيه حكومة من هذا النوع أن تحقق وحدة وطنية عبر التاريخ؟ وهل يقبل الأميركيون أن يتسلم شخص متهم بالتعامل مع حكومة أجنبية منصب رئاسة الدولة؟ لقد اغتالت الحكومة العراقية مبدأ الوطنية بتكريسها مفهوم المحاصصة الطائفية والعرقية أولاً، وبقبولها التعاون مع سلطات الاحتلال ثانياً.
حكومة الوحدة الوطنية العراقية المزعومة لم تذكر فى خطابها السياسى كلمة واحدة تؤكد فيها رغبتها فى إنهاء الاحتلال أو إدانة أعماله، بل على العكس كل ما أكدته يشير إلى رغبتها بقمع المقاومة وسحب السلاح منها. الأمر الذى أثلج صدر بوش معتبراً تشكيل الحكومة العراقية إنجازاً تاريخياً سيجعل أميركا أكثر أمناً .
يمكن للرئيس الأميركى أن يحلم كما يريد، فهو غارق بأزماته ويحتاج إلى أى أمل يتشبث به. ويمكن للمالكى والطالبانى أن يطلقا وعوداً وهمية كيفما اتفق، إلاّ أنّ الواقع يفرض حقيقة أخري، والأيام القليلة القادمة ستثبت وحدها إذا كان العراق حالة استثنائية فى التاريخ، وإذا كان العراقيون يقبلون بحكومة وحدة وطنية مفصلة على المقاس الأنجلو أميركي.