
التجديد في حياة الإنسان مهمّ لاعتبارات كثيرة : فهو يبعث الحيويّة والنشاط ، ويدفع الرتابة والملل ، ويحرض الفكر على الإبداع ، ويفتح آفاقاً لا عهد للنفس بها .. إلى غيرِ ذلك ..
ولعلّ من أهمّ ما يعتني به المربّي من تجديد ما ينبغي أن يُتّخذ في محيط علاقات الأسرة ، ذلك أنّ كثيراً منَ الأسر تشكو من بُرود العلاقة بين مختلف أطرافِها ، إلى درجة قد تبلغ حدّ الخطر المنذر بدمار هذه الخليّة الحيّة ، وتفرّقها وشتاتها ، أو تنافرها واختلافها.. والسبب يعود في أكثر الأحيان إلى انصراف كلّ فرد في الأسرة إلى شؤونه الخاصّة ، ورتابة العلاقة وتكرارها المملّ ، ممّا يصل إلى درجة البرود أو الجمود ، أو التنازع والاختلاف .. فكانَ لابدّ من تنشيط العَلاقة وتدفئتها بين الزوجينِ من جهةٍ ، وبين الوالدين والأولاد من جهةٍ أخرى .. وخير وسيلة فعّالة لتحقيق ذلكَ : أن يكوْن للوَالدين جلسات مراجعةٍ وتقويم ، يستعرضان فيها أوضاع أسرتهما من كلّ جَانب من جوانبها ، ويقدّران بدقّة نِقاطَ الخلل ، ووسائل المُعالجةِ الفعّالة وأساليبها .. وخير مَا يحقّق ذلك : أن يكون للأسرة لقاء أسريّ تربويّ ، تظلّله المودّة والرحمة ، ويخيّم عليه الأنس والبهجة ، ويتمّ فيه إطلاق " شعارِ عملٍ " في أيّ جَانبٍ يلاحظ فيه التقصير من بعض الأفراد أو الإهمال ، وتبيّن أهمّيّته وفوائده ، ويكتب في سبّورة ظاهرة ، ويعطى هذا الشعار مدّة أسبوع في المتوسّط لتَطبيقه ، والعَمل به بصورة مثلى .. ثمّ في الأسبوع الذي يليهِ يطلق شعار آخر ، بالاتّفاقِ بين الزوجين ، ويكتب تحت الشعار الأوّل ، ويتابع الأولاد في تنفيذه .. وهكذا حتّى يكتمل الشهر فتجتمع أربع شعارات ، ويمكن أن يعقد لها لقاء أسريّ للمحاسبة الودّيّة الجماعيّة ، ويمكن أن تقدّم بهذه المناسبة جوائز تشجيعيّة للأطفال والناشئين ، الذين ظهر منهم التزام ممتاز بتطبيق الشعار المطروح . ويفضّل أن يتّخذ الأطفال كرّاسة خاصّة يكتبون فيها الشعار المطروح ، كي يكون على مرأى منهم بصورة دائمة ، أو أن يعلّقوه أمامهم فوق منضدة الدراسة .. ـ أمثلة ونماذج : ـ عندما يلاحظ الوَالدان عدم اكتراث بعض الأولاد بمقَام الجدّ أو الجدّة ، وعدَم المُسارعة في خدمتهما ، أو ضعفِ الأدبِ معهما ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " مَنْ أكْرَمَ جَدَّهُ أكْرَمَ أبَاهُ " . ـ وعندما يلاحظون تأخّر بعض الأولاد عن صلاة الجماعة ، وتشاغلهم عنهَا بما لا يُعذرون به ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " لا شيءَ يُقدّمُ على الصلاة " . ـ وعندما يلاحظون إنشغال بعض الأولاد بالهاتفِ مدّة طويلة ، قد تخلّ بواجباتهم الأخرى ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " لا حديث على الهاتف أكثر من عشر دقائق " . ـ وعندما يلاحظون غلبة الجدل ورفع الصوت على بعض الأولاد ، في أحاديثهم مع بعضهم وحوارهم ، وسوء العلاقة بينهم ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " الأدبُ سيّد الحديث ، لا رفع للصوت ، ولا غضب في الحوار " . ـ وعندما يلاحظون تقصير بعض الأولاد في القيام بواجباتهم المنزليّة ، المكلّفين بها ، وتأخيرها بدون مبرّر ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " قبل المنام كلّ شيء على حسب النظام " . ـ وعندَما يقصّر بعض الأطفال في أداء واجباتهم ، أو يتدنّى مستواهم الدراسيّ بسبب كثرة الانصراف إلى اللعب ، ومشاهدة البرامج المشروعة في التلفاز أو الفيديو ، يمكن مع إضافة جرعة تعليميّة مقوّية أن يطلق لهم شعار : " لا لعب قبل أداء الواجبات على أحسن وجه " . وعندَما لا يفلح هذا الأسلوب معَ بعض الأطفال ، ويتمّ التنبيه على ذلك مرّة بعد مرّة ، فلابدّ أن تتّخذ أساليب أخرى ، أو خطوَات أخرى لمعالجة الخلل ، كالمنع من بعض الأمور ، أو الحرْمان من بعض المشتهياتِ ، أو ربطِ تحقيق بعض الرغبَات للطفل بعد أن يلْتزم بتنفيذ كَذا وكَذا .. كما يمكن أن تطلق الشعارات بصورةٍ مبتدأة ، دون وجود تقصير أو مشكلة ، عندما يرى المربّي حاجة لذلك ، على حسب متابعته لتربية الأطفال ورعايتهم . ولا يخفى أنّ هذه الأساليب لا قيمة لها ، ولا جدوى منها ما لم تحظَ بالاهتمام المناسب ، والمتابعة الجادّة ، وإلاّ فإنّها تعطي انطبَاعاً لدى الطفل أو الناشئ : أنّ ما يقال ويعلَن لا قيمة له ، لأنّه لا يرى وراءه أيّ اهتمام أو متابعة .. وبعد ؛ فإنّ إطلاق شعارٍ ، وكتابته بهذه الطريقة ، والتذكير به بيْن الحين والآخر ، ولو بأسلوب الدعابة والممازحة ، له تأثير إيحائيّ قويّ في جميع الأطفال والناشئين ، بل له تأثِيره حتّى في الكبار ، إذ لا يخفى عَلينا أنّ الإعلانات الدعائيّة التجاريّة ، التي ينفق عليها مبالغ هائِلة طائلة ، إنْ هي إلاّ شعارات برّاقة ، تختارها الشركات المنتجة بكلّ عناية ، وتتّخذها عنواناً لها ، يعبّر عن جودة بضاعتها ، وأثرها في إسعاد الناس .! ..
المصدر : مجلة الميثاق
ولعلّ من أهمّ ما يعتني به المربّي من تجديد ما ينبغي أن يُتّخذ في محيط علاقات الأسرة ، ذلك أنّ كثيراً منَ الأسر تشكو من بُرود العلاقة بين مختلف أطرافِها ، إلى درجة قد تبلغ حدّ الخطر المنذر بدمار هذه الخليّة الحيّة ، وتفرّقها وشتاتها ، أو تنافرها واختلافها.. والسبب يعود في أكثر الأحيان إلى انصراف كلّ فرد في الأسرة إلى شؤونه الخاصّة ، ورتابة العلاقة وتكرارها المملّ ، ممّا يصل إلى درجة البرود أو الجمود ، أو التنازع والاختلاف .. فكانَ لابدّ من تنشيط العَلاقة وتدفئتها بين الزوجينِ من جهةٍ ، وبين الوالدين والأولاد من جهةٍ أخرى .. وخير وسيلة فعّالة لتحقيق ذلكَ : أن يكوْن للوَالدين جلسات مراجعةٍ وتقويم ، يستعرضان فيها أوضاع أسرتهما من كلّ جَانب من جوانبها ، ويقدّران بدقّة نِقاطَ الخلل ، ووسائل المُعالجةِ الفعّالة وأساليبها .. وخير مَا يحقّق ذلك : أن يكون للأسرة لقاء أسريّ تربويّ ، تظلّله المودّة والرحمة ، ويخيّم عليه الأنس والبهجة ، ويتمّ فيه إطلاق " شعارِ عملٍ " في أيّ جَانبٍ يلاحظ فيه التقصير من بعض الأفراد أو الإهمال ، وتبيّن أهمّيّته وفوائده ، ويكتب في سبّورة ظاهرة ، ويعطى هذا الشعار مدّة أسبوع في المتوسّط لتَطبيقه ، والعَمل به بصورة مثلى .. ثمّ في الأسبوع الذي يليهِ يطلق شعار آخر ، بالاتّفاقِ بين الزوجين ، ويكتب تحت الشعار الأوّل ، ويتابع الأولاد في تنفيذه .. وهكذا حتّى يكتمل الشهر فتجتمع أربع شعارات ، ويمكن أن يعقد لها لقاء أسريّ للمحاسبة الودّيّة الجماعيّة ، ويمكن أن تقدّم بهذه المناسبة جوائز تشجيعيّة للأطفال والناشئين ، الذين ظهر منهم التزام ممتاز بتطبيق الشعار المطروح . ويفضّل أن يتّخذ الأطفال كرّاسة خاصّة يكتبون فيها الشعار المطروح ، كي يكون على مرأى منهم بصورة دائمة ، أو أن يعلّقوه أمامهم فوق منضدة الدراسة .. ـ أمثلة ونماذج : ـ عندما يلاحظ الوَالدان عدم اكتراث بعض الأولاد بمقَام الجدّ أو الجدّة ، وعدَم المُسارعة في خدمتهما ، أو ضعفِ الأدبِ معهما ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " مَنْ أكْرَمَ جَدَّهُ أكْرَمَ أبَاهُ " . ـ وعندما يلاحظون تأخّر بعض الأولاد عن صلاة الجماعة ، وتشاغلهم عنهَا بما لا يُعذرون به ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " لا شيءَ يُقدّمُ على الصلاة " . ـ وعندما يلاحظون إنشغال بعض الأولاد بالهاتفِ مدّة طويلة ، قد تخلّ بواجباتهم الأخرى ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " لا حديث على الهاتف أكثر من عشر دقائق " . ـ وعندما يلاحظون غلبة الجدل ورفع الصوت على بعض الأولاد ، في أحاديثهم مع بعضهم وحوارهم ، وسوء العلاقة بينهم ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " الأدبُ سيّد الحديث ، لا رفع للصوت ، ولا غضب في الحوار " . ـ وعندما يلاحظون تقصير بعض الأولاد في القيام بواجباتهم المنزليّة ، المكلّفين بها ، وتأخيرها بدون مبرّر ، يمكنُ أن يطلقَ الشعار التالي : " قبل المنام كلّ شيء على حسب النظام " . ـ وعندَما يقصّر بعض الأطفال في أداء واجباتهم ، أو يتدنّى مستواهم الدراسيّ بسبب كثرة الانصراف إلى اللعب ، ومشاهدة البرامج المشروعة في التلفاز أو الفيديو ، يمكن مع إضافة جرعة تعليميّة مقوّية أن يطلق لهم شعار : " لا لعب قبل أداء الواجبات على أحسن وجه " . وعندَما لا يفلح هذا الأسلوب معَ بعض الأطفال ، ويتمّ التنبيه على ذلك مرّة بعد مرّة ، فلابدّ أن تتّخذ أساليب أخرى ، أو خطوَات أخرى لمعالجة الخلل ، كالمنع من بعض الأمور ، أو الحرْمان من بعض المشتهياتِ ، أو ربطِ تحقيق بعض الرغبَات للطفل بعد أن يلْتزم بتنفيذ كَذا وكَذا .. كما يمكن أن تطلق الشعارات بصورةٍ مبتدأة ، دون وجود تقصير أو مشكلة ، عندما يرى المربّي حاجة لذلك ، على حسب متابعته لتربية الأطفال ورعايتهم . ولا يخفى أنّ هذه الأساليب لا قيمة لها ، ولا جدوى منها ما لم تحظَ بالاهتمام المناسب ، والمتابعة الجادّة ، وإلاّ فإنّها تعطي انطبَاعاً لدى الطفل أو الناشئ : أنّ ما يقال ويعلَن لا قيمة له ، لأنّه لا يرى وراءه أيّ اهتمام أو متابعة .. وبعد ؛ فإنّ إطلاق شعارٍ ، وكتابته بهذه الطريقة ، والتذكير به بيْن الحين والآخر ، ولو بأسلوب الدعابة والممازحة ، له تأثير إيحائيّ قويّ في جميع الأطفال والناشئين ، بل له تأثِيره حتّى في الكبار ، إذ لا يخفى عَلينا أنّ الإعلانات الدعائيّة التجاريّة ، التي ينفق عليها مبالغ هائِلة طائلة ، إنْ هي إلاّ شعارات برّاقة ، تختارها الشركات المنتجة بكلّ عناية ، وتتّخذها عنواناً لها ، يعبّر عن جودة بضاعتها ، وأثرها في إسعاد الناس .! ..
المصدر : مجلة الميثاق

تعليق