بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد الصادقون
" فلنبحث أين القوة في شخصيته "
عندما نريد أن نقيِم ونستكشف عظمة أي شخصية أو بعض جوانب عظمتها من خلال كلمة قالها أو كتاب هزّ به الكون العلمي أو حركةٍ تغييرية قادها أو ثورةٍ فجرها .. لا ننظر فقط للكلمة أو الكتاب أو الثورة أو الحركة والموقف ذاته ,, بل لابد أن نلحظ الموقف الذي قال فيه هذه الكلمة والزمن الذي ألف فيه الكتاب أو الظروف التي إحتاطت بالحركة أو الثورة ,,
الشهيد الكبير أبو جعفر السيد محمد باقر الصدر كمثال , وكتابه فلسفتنا كنموذج ,و فلسفتنا ,, كلماتٌ وحروف تحمل فكراً عميقاً هزّ به كيان الديالكتيك وقواعد الشيوعية والاشتراكية وأركانهما ولكن انظروا متى كتبه وظروف صياغته في العراق وخارجه ,, والسياسة العالمية وما تفعله في العالم وقوى الاستكبار وما تخطط للشعوب ,, وقوى الفكر وصراع الحضارات والأيديولوجيات في ذلك الزمن بين القطبين الرئيسيين من الرأسمالية والاشتراكية ,, كلهم لو تمعنا بهم قليلاً لعرفنا واقع القوة الكامنة في " فلسفتنا " والعملقة الفكرية الواعية في عقل الشهيد , والإحاطة الكبيرة بمجريات الساحة الفكرية العالمية مع ضعف التكنولوجية الإتصالاتية في العالم الثالث بالنسبة لعصرنا , , ,
رجلٌ مضيقٌ عليه في منزله وبيئته وبلده من قِبل طاغوت العصر الذي شهد العالم بموت الإنسانية في قلبه وعقله ,, دول متجاورة استعبدتها قوى الإستكبار فقتلت نبضات ولاءها في أعماق شعوبها ,, عالمٌ متفجر بالصراع من أجل إخضاع العالم وخيراته له ,, عقولٌ طاغوتية فرعونية لا ترضى ولا ترى إلا رؤيتها وفكرتها : " لا أوريكم إلا ما أرى " وغيرها ,,
فيأتي رجلٌ إدخر وقته وعقله ونفسه ليكتب كلمات تقلب الروح الميتة فتحييها , وتهز العقل الجامد فتحرك جوانب المتناقضات في جوانب فكره ,, وترسم صورة السحاب بخيالاتها الواقعية ليهطل مطر الطهارة على الأرض السهلة والصعبة فيسيل فيها فيُنظف القلب ليمهد لفناء روح الطغيان والجهل منها .
وها قد أثبت اليوم فكره المرتبط بالولاية والفطرة السليمة والقلب المنفتح ,, فزال الطاغوت وكان خاسئاً يقف صاغراً يستهزأ به الأطفال ببراءتهم ويرميه من يحمل ذرة من الإنسانية بكلمات الصَغار ,,
سيدي " أبا جعفر " عظمتك نراها في إخلاصك لمولاك ومنك نتعلم الفكر الناصع النابع من هذا الإخلاص ومن مظلومية عقلك الذي لم نستوعبه إلا بعد رحيلك ,, وهذا شأن العظماء ,و لا نعرفهم إلا بعد فقدهم .
تعليق