لكل مولود والد (الام والاب ) قد ارتبط به منذ بداية تكوينه كنطفة في صلب ابيه ومن ثم كجنين في رحم امه عن طريق ذلك الارتباط تغذى ونشاء الى ان وصل الى مقام او حال جديد اصبح به قادرا على الانفصال عن ذلك الوالد (الام والاب)ولو بصورة جزئية كطفل اوبصورة كلية كبالغ ,عملية الانفصال تلك صورة تعبر عن انتقال المولود من حال الضعف الى القوة .
واقعية ذلك الارتباط املت على المولود ان يتغذى بما نشاء عليه الابوين وصولا الى مقامهم وهذا يفرض علينا صورة منطقية مضمونها ان المولود مبدا لغاية قوامها حال الابوين اي ان المولود فطرة الابوين انفطر حاله على حالهما فاصبح يطلب ما عندهما مستخدما لهما كوسيلة للوصول الى ما وصلوا اليه بالتسليم لهما كمربين ليخرجوه بتلك التربية من حاله الاشبه بالفقدان كمفتقر الى الوجود المتمثل بالبلوغ وهذا الكلام يتفق عليه كل اهل الارض بمختلف اعتقاداتهم وانتمائاتهم لانه حقيقة فطرية يقر بها كل شيء في الوجود بان يدين بدين من سبقه ليصل الى ما وصل اليه صاحب ذلك الدين .
اذا فالدين ليس هو غاية المتدين وانماهو وسيلة تحصيل الحياة التي يعطيها صاحب الدين فذرات التراب الصغيرة مثلا دانت بدين الحجر أي انها اتبعت الخطوات ذاتها التي سار بها الحجر من قبل كذرات تراب ايضا(المبداء) الى ان وصل الى حاله كحجر(الغاية)بوسيلة تطبيق الخطوات التي ذكرناها مسبقا(الدين) وهكذا الحال بالنسبة لكل المخلوقات , ولكن اين الله من كل هذا فلقد علمنا ان لكل عابد غاية من وراء عبادته وهذا ما نطق لنا به الله بوسيلة خلقه حتى نسير اليه ونطلبه سبحانه كغاية كما طلبت ذرات التراب وجود الحجر وطلبت البذرة وجود الشجرة وطلبت النطفة وجود الانسان (اوالحيوان) ومجمل ما يعطي هذا الدين وجود منقطع غير مستمر أي دون وجود الله ومن هذا المنطلق سميناه دين الدنياواعتبرناه اثر دال على دين الاخرة والذي به يطلب وجود الله كغاية ومبداه من سلم لله من خلقه ليربيه فاصبح قوام التسليم ووسيلته من دان بهذا الدين من قبل اي من سلم لله فرباه فحصل تلك الغاية فاصبح هو الدين وهو في مقام الوالد كمربي لمن سلم لربوبيته (امام رباني ) .
العقل المفخخ من امامكم والجسد المفخخ من ورائكم ولا نجاة الا بان يكون الله اقرب منهما لكم
اشلاء اجساد وملابس محترقة واكوام رماد نساء ثكلى واطفال مذعورة ونفوس مقبورة .
تلك هي تركة الاجساد المفخخة التي ابتلي بها العراق اليوم كمحصلة لافكار تفخخت بهامن قبل العقول وسودت بها الصدور وعميت بها العيون من بعد ان تهيئت لها النفوس التي تغذت بالاوهام وقامت على الجهل وما نعيشه اليوم هو المحصلة فما العمل .
كل فكرة في الوجود بغض النضر عن كونها جيدة ام سيئة احتاجت الى عقل يظهرها الى الواقع من بعد ايمانه بها واحتوائه لها واما اثر ظهورها على ذلك الواقع فهو ما يحدد اتجاهها , فاذا تطابق هدفها مع الواقع كانت افكارا ايجابية او العكس فتكون سلبية.
ومن اجل الوصول الى حل لازمة اليوم والتي منبعها الافكار التي تتناسب عكسيا مع مصلحة المجتمع لابد ان نحدد اولا خط سير هذا المجتمع واهدافه ومتطلعاته ومن ثم نحدد مشروعية اوعدم مشروعية تلك التطلعات والاهداف ووفقا لمشروعيتها سوف نصف الافكار المخالفة لتلك الاهداف بانها افكارا سيئة هدامة و غير بنائة وعموما فان كل الافكار التي تدعوا الى استخدام القوة بغيرحكمة بمختلف صورها كالقتل او الخطف او التفخيخ اوغيرها من صور الشر تنطوي تحت اطار الافكار الهدامة رغم انها لسان حال اهلها ممن يعتقدون بعدم مشروعية ما يملى عليهم من واجبات وما يتاح لهم كحقوق.
واما عملية اضفاء الشرعية على اهداف المجتمع فتكون باتجاهين اما شرعية مادية قائمة على افكار دنيوية مستوحات من تجارب وخبرات معاصرة وصل بها اهلها الى ذات الهدف الذي يطمح له المجتمع اليوم وهذا يتطلب وجود لصاحب تلك التجربة واما ان تكون شرعية معنويةو مادية قائمة على افكار ربانية مستوحات من تجارب الاهية وصل بها الله الى العقول وزكى بها النفوس فطابت بها الصدور وهذا يتطلب ظهور لذلك الوجود بقائم على ذلك المجتمع وتكون مشروعية ذلك المجتمع من الله فتكون حركات ذلك المجتمع تقرير لايقاتل لغاية هي ما دون الله كمصالح مادية كانت اومعنوية بل يوقفون كل انسان على حقيقة نفسه باظهارهم له يدي الرحمة بان يدعوه لاخذ ما يريده منهم لا سذاجة وانما يعطوه اياه كمربين يعطوه مما يريد بقدر ما تقتضيه الحكمة في تربيتهم له.
فعلينا ان ننتبه الى ان اقوى سلاح قد شهر بوجوهنا اليوم من قبل اعداء الدين والدنيا هو سلاح الفكر وهو اشد وطاءة من السلاح المادي واقل كلفة واكثر انسيابا بين الناس واعتقد انه لجلي اثر الشيطان المعنوي المتمثل بالافكاروالتوجهات الفاسدة وهذا ما يحتم علينا طلب تلك الدولة ذات الدستور الالهي والحكم اليقيني والافكار السماوية السمحاء المستمده من شريعة من سبقونا من اهل لا اله الا الله بمن قومه الله بتلك الشريعة فجاء ليقوم الناس بها وليكونوا امة واحدة يدعون الى الخير.