مقتـل الحسيـن... حـوار قصيـر مـع أستـاذ جامعـي شيعـي
--------------------------------------------------------------------------------
رأيته وآثار البكاء الشديد بادية على وجهه وملامحه وصوته، فقد عرفت بأنه قادم للتو من "الحسينية" بعد أن شارك فيها في حفلة اللطم وضرب الصدور والبكاء الجماعي التي تقام سنويا بمناسبة مقتل الحسين، وقدرت بأن الوقت الآن غير مناسب لفتح حوار معه فتركته...
في اليوم التالي دخلت عليه في مكتبه في الحرم الجامعي، فقد كان أستاذا محاضرا محترما في العلوم السياسية... سلمت عليه وجلست، وسألته عن سبب بكائه الحار البارحة...
فقال لي: أبكي على سيدي الحسين ابن الإمام علي ابن أبي طالب الذي قتل شهيدا...
صمت للحظات أخذت خلالها أفكر فيما قال ثم قلت له: هل تسمح لي ببعض الأسئلة...؟
قال: تفضل...
قلت: منذ متى مات الحسين...؟
قال: منذ حوالي أربعة عشر قرنا...
قلت: تبكي على رجل مات منذ أربعة عشر قرنا...؟
قال: نعم...
قلت: ولماذا...؟
قال: لأنه قتل مظلوما...
قلت: طبقا لعقيدتك... من هو الأفضل... علي ابن أبي طالب، أم إبنه الحسين...؟
قال: علي ابن أبي طالب بلا شك، فهو إبن عم الرسول وخليفته الوصي من بعده...
قلت: أنت تعترف بأن علي ابن أبي طالب قتل مظلوما قبل إبنه الحسين، وبأن الأسباب التي قتل من أجلها هي ذات الأسباب التي قتل من أجلها الحسين وهي الدفاع عن الحق أمام الباطل، أليس كذلك...؟
قال: نعم... هو كذلك...
قلت: وهل تقاعس علي عن التصدي للظلم والظلمة والجهاد في سبيل الله ونشر دينه ليقوم ابنه الحسين بذلك فيحوز على الإعجاب والبطولة...؟
قال: لا...
قلت: إذن أنت تعترف بأن الحسين لا يختلف عن أبوه علي في شيء، فلماذا إذن لم يفتح الشيعة لعلي ابن أبي طالب "عليوية" يبكون فيها عليه كما فتحوا لابنه الحسين "حسينية" يبكون فيها عليه...
قال: لا أدري، فهذه مسالة أخذناها نحن الشيعة بالتوارث... ولكن ماالذي تريد أن تصل إليه...؟
قلت: عفوا... لست أنا من يحاورك، بل هو العقل، وأنت أستاذ جامعي مثقف تزن الأمور بعقلك، فما
أريد أن أصل إليه هو أن كبرائك قد ضحكوا عليك عندما طلبوا منك فعل أمر ليس له أي مبرر عقلي ولا منطقي كبكائك على الحسين في كل عام من شهر محرم وضرب صدرك حزنا عليه، إذ أن من هو أفضل منه عندك ومن قتل شهيدا مثله ولذات الأسباب وهو أبوه علي لم يفتح له الشيعة "عليوية" يبكون فيها عليه كما فعلوا مع إبنه الحسين...
أطرق للحظات ساد خلالها صمت ثم رفع رأسه وقال: اعترف بأنني لا أجد أي مبرر عقلي للبكاء على الحسين كل عام...
قلت: أسأل الله الهداية لنا ولك.
تركته غارقا في تفكير عميق وغادرت مكتبه.
--------------------------------------------------------------------------------
رأيته وآثار البكاء الشديد بادية على وجهه وملامحه وصوته، فقد عرفت بأنه قادم للتو من "الحسينية" بعد أن شارك فيها في حفلة اللطم وضرب الصدور والبكاء الجماعي التي تقام سنويا بمناسبة مقتل الحسين، وقدرت بأن الوقت الآن غير مناسب لفتح حوار معه فتركته...
في اليوم التالي دخلت عليه في مكتبه في الحرم الجامعي، فقد كان أستاذا محاضرا محترما في العلوم السياسية... سلمت عليه وجلست، وسألته عن سبب بكائه الحار البارحة...
فقال لي: أبكي على سيدي الحسين ابن الإمام علي ابن أبي طالب الذي قتل شهيدا...
صمت للحظات أخذت خلالها أفكر فيما قال ثم قلت له: هل تسمح لي ببعض الأسئلة...؟
قال: تفضل...
قلت: منذ متى مات الحسين...؟
قال: منذ حوالي أربعة عشر قرنا...
قلت: تبكي على رجل مات منذ أربعة عشر قرنا...؟
قال: نعم...
قلت: ولماذا...؟
قال: لأنه قتل مظلوما...
قلت: طبقا لعقيدتك... من هو الأفضل... علي ابن أبي طالب، أم إبنه الحسين...؟
قال: علي ابن أبي طالب بلا شك، فهو إبن عم الرسول وخليفته الوصي من بعده...
قلت: أنت تعترف بأن علي ابن أبي طالب قتل مظلوما قبل إبنه الحسين، وبأن الأسباب التي قتل من أجلها هي ذات الأسباب التي قتل من أجلها الحسين وهي الدفاع عن الحق أمام الباطل، أليس كذلك...؟
قال: نعم... هو كذلك...
قلت: وهل تقاعس علي عن التصدي للظلم والظلمة والجهاد في سبيل الله ونشر دينه ليقوم ابنه الحسين بذلك فيحوز على الإعجاب والبطولة...؟
قال: لا...
قلت: إذن أنت تعترف بأن الحسين لا يختلف عن أبوه علي في شيء، فلماذا إذن لم يفتح الشيعة لعلي ابن أبي طالب "عليوية" يبكون فيها عليه كما فتحوا لابنه الحسين "حسينية" يبكون فيها عليه...
قال: لا أدري، فهذه مسالة أخذناها نحن الشيعة بالتوارث... ولكن ماالذي تريد أن تصل إليه...؟
قلت: عفوا... لست أنا من يحاورك، بل هو العقل، وأنت أستاذ جامعي مثقف تزن الأمور بعقلك، فما
أريد أن أصل إليه هو أن كبرائك قد ضحكوا عليك عندما طلبوا منك فعل أمر ليس له أي مبرر عقلي ولا منطقي كبكائك على الحسين في كل عام من شهر محرم وضرب صدرك حزنا عليه، إذ أن من هو أفضل منه عندك ومن قتل شهيدا مثله ولذات الأسباب وهو أبوه علي لم يفتح له الشيعة "عليوية" يبكون فيها عليه كما فعلوا مع إبنه الحسين...
أطرق للحظات ساد خلالها صمت ثم رفع رأسه وقال: اعترف بأنني لا أجد أي مبرر عقلي للبكاء على الحسين كل عام...
قلت: أسأل الله الهداية لنا ولك.
تركته غارقا في تفكير عميق وغادرت مكتبه.
تعليق