إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

نبارك للمؤمنين ذكرى مولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نبارك للمؤمنين ذكرى مولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام

    الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)




    عبادته

    إذا أردت أن تعرف ما كان عليه أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) من العبادة والأوراد، فانظر إلى ما خلفوه لنا من الأدعية والمناجاة، فقد جمع علماؤنا (رحمهم الله) مئات الكتب من ذلك، ولا غرو في ذلك بعد أن ورّثهم الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) كل خصائصه وصفاته، وخصهم بأخلاقه وسيرته، وكان شأنه (صلّى الله عليه وآله) معلوم في كثرة العبادة والدأب عليها، حتى أنزل الله عليه (طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى) شفقة به ورأفة عليه. وفي هذا الفصل بعض ممّا ورد من عبادة الإمام أبي محمد (عليه السلام):



    1ـ في درر الأصداف: وقع للبهلول معه أن رآه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون، فظن أنّه يتحسر على ما بأيديهم.

    فقال له: اشتري لك ما تلعب به؟

    فقال: يا قليل العقل ما للعب خلقنا.

    فقال له: فلماذا خلقنا؟

    قال: للعلم والعبادة.

    فقال له: من أين لك ذلك؟

    فقال: من قوله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ).

    ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خرّ الحسن (رضي الله عنه) مغشياً عليه فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير ولا ذنب لك؟

    فقال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد إلاّ بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم. (نور الأبصار: 151)



    2ـ قال محمد الشاكري: كان (عليه السلام) يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه وهو ساجد. (سفينة البحار 1/260)



    3ـ قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري: كان الحسن يصوم في السجن، فإذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في جونة مختومة. (نور الأبصار: 151، الفصول المهمة: 269، أعلام الورى: 215، الدمعة الساكبة 3/170)



    4ـ كان المعتمد يسأل عن أخباره وهو في السجن فيخبر: بأنّه يصوم النهار ويصلي الليل. (إثبات الوصية 245، أعيان الشيعة 4ق3/305، مهج الدعوات: 275)



    5ـ قال محمد بن إسماعيل: إنّه وهو في السجن كان يصوم النهار، ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة. (أعيان الشيعة 4ق3/305)



    6ـ دخل العباسيون على صالح بن وصيف عندما حبس أبو محمد (عليه السلام) فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع.

    فقال صالح: ما أصنع به وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم.

    ثم أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟

    فقالا له: ما تقول في رجل يصوم النهار، ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر لأينا أرعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.

    فلما سمع العباسيون ذلك انصرفوا خائبين. (كشف الغمة: 304، أصول الكافي 1/512، إعلام الورى: 218، الدمعة الساكبة 3/191، أعيان الشيعة 4ق3/307، الإيقاد: 252، نور الأبصار للحائري: 330، المناقب 2/443، الإرشاد: 371)



    سيرته

    وسيرة المرء وسلوكه ينبثقان من سريرته، وما طبعت عليه ذاته، وانطوى بين جوانحه، وأكنّه ضميره، وأضمرته نفسه، وجبلت عليه غريزته.

    وسيرة المرء ـ فيما أحسب ـ ميزان المقياس له أو عليه، وعنوان التفاضل بين الناس، ومحك النفس الإنسانية.

    ولما كان الإمام أبو محمد أفضل الخلق سريرة، وأشرفهم سجية، طهرت ذاته المقدسة، وتسامت نفسه الكبيرة، فلا غرو إذا بلغت سيرته الغاية في السمو والرفعة، ومنتهى الكمال والفضيلة، وأوج العظمة، وفي هذه الصفحات بعض ما ورد من سيرته (عليه السلام):



    1ـ أرسل (عليه السلام) إلى داود بن الأسود: إذا سمعت لنا شاتماً فامض لسبيلك التي أمرت بها، وإيّاك أن تجاوب من يشتمنا، أو تعرّفه مَن أنت. (الدمعة الساكبة 3/172. المناقب 2/442)



    2ـ ولما أمر الخليفة بإطلاقه من الحبس وقف عند باب المحبس وقال: حتى يجيء جعفر.

    فقال السجان: إنّما أمرني بإطلاقك دونه.

    فقال له: ترجع إليه فتقول له: خرجنا من دار واحدة، فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك، فمضى وعاد فقال: يقول لك: قد أطلقت جعفر لك لأني حبسته بجنايته على نفسه وعليك وما يتكلم به، وخلّى سبيله فصار معه إلى داره. (مهج الدعوات: 276، سفينة البحار 1/260، الدمعة الساكبة 3/192، إثبات الوصية: 246، نور الأبصار للحائري: 332)



    3ـ قال كامل بن إبراهيم المدني: دخلت على سيدي أبي محمد، فنظرت إلى ثياب بياض ناعمة، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن مواساة الأخوان، وينهانا عن لبس مثله.

    فقال مبتسماً: يا كامل.. وحسر عن ذراعيه، فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله، وهذا لكم. (إثبات الهداة 6/311)



    إحسانه وكرمه

    لا يخلو كتاب ترجم أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) إلا وذكر كرمهم (عليهم السلام)، وإحسانهم إلى الناس، وبرّهم لفقراء الأمة وضعفائها.

    والحديث في هذا الفصل طويل، حتى أنّ الباحث يستطيع أن يجمع لكل واحد منهم (عليهم السلام) كتاباً مستقلاً في (إحسانه وكرمه) لكثرة ما ذكره لهم المؤرخون وأهل الحديث والسير.

    نعود لذكر بعض ما أوردوه للإمام أبي محمد (عليه السلام):



    1ـ أرسل (عليه السلام) إلى أبي هاشم الجعفري مائة دينار وكتب إليه: إن كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم واطلبها فإنّك على ما تحب إن شاء الله. (الإرشاد: 314، أصول الكافي 1/508، أعيان الشيعة 4ق3/306، كشف الغمة: 304، المناقب 2/469، الدمعة الساكبة 3/167، أعلام الورى: 214، إثبات الوصية: 242)



    2ـ روى الحميري في الدلائل عن أبي يوسف الشاعر القصير ـ شاعر المتوكل ـ قال: ولد لي غلام وكنت مضيقاً، فكتبت رقاعاً إلى جماعة استرفدهم فرجعت بالخيبة، فقلت: أجيء فأطوف حول دار أبي محمد لعل الله يفرج عني، فطفت وصرت إلى الباب، فخرج أبو حمزة ومعه صرة سوداء فيها أربعمائة درهم فقال: يقول لك سيدي: أنفق هذه على المولود، بارك الله لك فيه. (أعيان الشيعة 4ق3، الدمعة الساكبة 3/167، نور الأبصار للحائري: 324)



    3ـ عن إسماعيل بن محمد بن علي ـ من ولد العباس بن عبد المطلب ـ قال: قعدت لأبي محمد (عليه السلام) على ظهر الطريق، فلما مر بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أن ليس عندي درهم فما فوقه، ولا غداء ولا عشاء.

    فقال: أتحلف بالله كاذباً وقد دفنت مائتي دينار وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطية، أعطه يا غلام ما معك.

    فأعطاني مائة دينار. (الإرشاد: 269، أصول الكافي 1/509، أعلام الورى: 213، إثبات الوصية: 244، الدمعة الساكبة 3/167، أعيان الشيعة 4ق3/306)

    تلمح في هذا الحديث والذي قبله شيئاً من الأمور الغيبية، فهناك مغيبات لا يعلمها إلا هو جل جلاله (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَ هُوَ) ومغيبات اطلع عليها رُسلُه (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ).

    وقد أجمعت الأمة على صحة حديث أمير المؤمنين (عليه السلام): علّمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألف باب من العلم، يفتح لي من كل باب ألف باب، وفي سيرته سلام الله عليه الكثير من المغيبات التي أنبأ عنها، فهي إن شئت جعلتها من الألف التي علمها به رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإن شئت جعلتها ما ثبت عندنا ما كان للنبي (صلّى الله عليه وآله) فهو للإمام (عليه السلام) بدليل: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي.

    وقد ورث الأئمة (عليهم السلام) ذلك فيما ورثوه عن أبويهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)).



    4ـ قال أبو جعفر العمري: إنّ أبا طاهر بلبل حج فنظر إلى علي بن جعفر الهمداني وهو ينفق النفقات العظيمة. فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد، فوقع في رقعته: قد أمرنا له بمائة ألف دينار، ثم أمرنا لك بمثلها. (المناقب 2/459)



    5ـ قال أبو جعفر العمري: لما ولد السيد (عليه السلام) ـ الإمام المهدي (عليه السلام) ـ قال أبو محمد (عليه السلام): ابعثوا إلى أبي عمرو ـ عثمان بن سعيد ـ فبعث إليه فصار إليه، فقال: اشتر عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً وفرقه حسبة على بني هاشم، وعق عنه بكذا وكذا شاة. (إكمال الدين 2/105)



    6ـ قال محمد الشاكري: كان (عليه السلام) قليل الأكل، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله، فيأكل منه الواحدة والاثنين ويقول: شل هذا يا محمد إلى صبيانك.

    فأقول: هذا كله؟ فيقول: خذه. ما رأيت قط أسدى منه. (بحار الأنوار 2/158)



    7ـ أعطى (عليه السلام) إلى علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي مائتي دينار وقال: اصرفها في ثمن جارية. (بحار الأنوار 12/161)



    8ـ بعث (عليه السلام) إلى عمرو بن أبي مسلم خمسين ديناراً وقال: اشتر بهذا جارية. (بحار الأنوار 12/165)



    9ـ أعطى (عليه السلام) أحمد بن صالح الكوفي ثلاثة آلاف درهم. (الدمعة الساكبة 3/176).



    10ـ أمر (عليه السلام) أن يعق عن ولده الإمام المهدي (عليه السلام) ثلاثمائة شاة. (إكمال الدين 2/136)


  • #2
    الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)




    أدعيته

    الدعاء كلام تذلل وخضوع ينشئه المخلوق مخاطباً به الخالق العظيم، يطلب منه مرضاته، ويستزيده من إحسانه، وقد حث القرآن الكريم عليه فقال تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ).

    وقال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً).

    وقال (صلّى الله عليه وآله): من لم يدع الله يغضب عليه. (الدر المنثور 5/356)

    وقال (صلّى الله عليه وآله): إن الله يحب الملحين في الدعاء. (الدر المنثور 5/356)

    وقد حث الأئمة (عليهم السلام) على الدعاء كثيراً، قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): الدعاء أفضل العبادة. (البرهان في تفسير القرآن 4/101)

    وقد ورد عن كل واحد منهم (عليهم السلام) أدعية كثيرة ذكرها علماؤنا (رحمهم الله) في سير الأئمة (عليهم السلام)، أو في كتبهم التي صنفوها في الأدعية، واختيارنا على الأدعية القصيرة لهم (عليهم السلام)، ولو أردنا جمع كل ما ورد عن كل واحد منهم (صلوات الله عليهم) من الأدعية لكانت كتبنا أضعاف حجمها، فقد أفرد بعض الأعلام لبعضهم (صلوات الله عليهم) كتباً مستقلة في الأدعية، فالصحيفة العلوية جمع فيها أدعية الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، والصحيفة الحسينية جمع فيها أدعية الإمام الحسين (عليه السلام)، والصحيفة السجادية جمع فيها أدعية الإمام زين العابدين (عليه السلام) (أعلام الورى 355). وأدعية الإمام الصادق (عليه السلام) للشيخ البحراني، وأدعية الإمام الصادق (عليه السلام) للشيخ المظفري، وغير ذلك كثير.

    نقدم في هذا الفصل بعض ما ورد من أدعية الإمام أبي محمد (عليه السلام):



    1ـ روى الحميري في (الدلائل) عن أبي هاشم الجعفري قال: كتب إلى أبي محمد بعض مواليه يسأله أن يعلمه دعاءً فكتب إليه: أدع بهذا الدعاء:

    (يا أسمع السامعين، ويا أبصر المبصرين، ويا أنظر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، ويا أحكم الحاكمين صل على محمد وآل محمد، وأوسع لي في رزقي، ومد لي في عمري، وامنن علي برحمتك، واجعلني ممن تنتصر به لدينك، ولا تستبدل بي غيري). (وقد استدرك على الصحيفة السجادية كثير من العلماء فجمعوا ما وصل إليهم من أدعية الإمام زين العابدين (عليه السلام))



    2ـ من دعاء له (عليه السلام) في القنوت:

    (يا من غشي نوره الظلمات، يا من أنارت بقدسه الفجاج الموعرات، يا من خشع له أهل الأرض والسماوات يا من نجع له بالطاعة كل متجبرٍ عات، يا عالم الضمائر المستخفيات، وسعت كل شيء رحمة وعلماً، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم، وعاجلهم بنصرك الذي وعدتهم إنّك لا تخلف الميعاد، وتعجل اللّهم اجتياح أهل الكيد، وآوهم إلى شر دار في أعظم نكال وأقبح مثاب. اللّهم إنّك حاضر أسرار خلقك، وعالم بضمائرهم، ومستغن لولا الندب باللجأ إلى نجز ما وعدته اللاجئ عن كشف مكامنهم، وقد تعلم يا رب ما أسره وأبديه، وانشره واطويه، وأظهره وأخفيه، على متصرفات أوقاتي، وأصناف حركاتي، من جميع حاجاتي، وقد ترى يا رب ما قد تراطم فيه أهل ولايتك، واستمر عليهم من أعدائك، غير ضنين في كرم، ولا ضنين بنعم، ولكن الجهد يبعث على الاستزادة وما أمرت به من الدعاء، إذا أخلص لك اللجأ يقتضي إحسانك شرط الزيادة، هذه النواصي والأعناق خاضعة لك بذل العبودية، والاعتراف بملكة الربوبية، داعية بقلوبها، ومشخصات إليك في تعجيل الإنالة، فما شئت كان وما تشاء كائن، أنت المدعو المرجو المأمول المسؤول، لا ينقصك نائل وإن اتسع، ولا يلحقك ضجرة من سائل وإن ألح وضرع، ملكك لا يخلقه التنفيد، وعزك الباقي على التأبيد وما في الأعصار من مشيتك بمقدار، وأنت الله لا إله إلا أنت الرؤوف الجبار. اللّهم أيدنا بعونك، واكنفنا بصونك، وأنلنا منال المعتصمين بحبلك، المستظلين بظلك). (البلد الأمين 564، مهج الدعوات: 63)



    3ـ من دعاء له (عليه السلام):

    (بسم الله الرحمن الرحيم، يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي، ويا مؤنسي عند وحدتي، احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام). (مهج الدعوات: 45)



    حكمه

    لو جمع ما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من النصائح والحكم والمواعظ لحصل عندنا موسوعة ضخمة في المعارف والعرفان والأخلاق ولازدانت المكتبة العربية بمجموعة نفيسة من الكتب هي أحوج ما نكون إليها اليوم.

    لقد حفظ التاريخ لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) من نفيس الكلام ما لم يحفظ لأحد من الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم من العلماء، وليس هذا بكثير على أناس هم الثقل الثاني الذي خلفه الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بين ظهراني الأمة الإسلامية، وجعلهم نظراء القرآن الكريم.

    ومن هذا التراث الذي خلفوه (عليهم الصلاة والسلام) هي حكمهم القصار، التي جمعت كل واحدة منها من التعاليم الأخلاقية، والنصائح التوجيهية، ما لم تجده في الفصول الكبيرة التي كتبها غيرهم، وهذه من مميزاتهم الكثيرة عن غيرهم من الناس.

    نذكر في هذه الصفحات بعض ما ورد من حكم للإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام):



    1ـ قال (عليه السلام): إنّ في الجنة باباً يقال له (باب المعروف) لا يدخله إلاّ أهل المعروف. (الفصول المهمة: 270)


    2ـ وقال (عليه السلام): من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله وملائكته يصلون عليه حتى يقوم.


    3ـ وقال (عليه السلام): ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة، وإنّما العبادة كثرة التفكر في أمر الله.


    4ـ وقال (عليه السلام): قلب الأحمق في فمه، وفم الحكيم في قلبه. (ومعناها: أنّ الأحمق يتكلم بلا روية وتأمل، والحكيم يفكر بالكلمة قبل أن يتكلم بها)


    5ـ وقال (عليه السلام): صديق الجاهل تعب.


    6ـ وقال (عليه السلام): خير من الحياة ما إذا فقدته بغضت الحياة، وشر من الموت ما إذا نزل بك أحببت الموت.


    7ـ وقال (عليه السلام): ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله. (تحف العقول: 364)


    8ـ وقال (عليه السلام): حب الأبرار للأبرار ثواب للأبرار، وحب الفجار للأبرار فضيلة للأبرار، وبغض الأبرار للفجار خزي على الفجار.


    9ـ وقال (عليه السلام): من التواضع السلام على كل من تمر به، والجلوس دون شرف المجلس.

    10ـ وقال (عليه السلام): من الفواقر التي تقصم الظهر جار إن رأى حسنة أخفاها، وإن رأى سيئة أفشاها.


    11ـ وقال (عليه السلام): بئس العبد عبد يكون ذا وجهين، وذا لسانين، يطري أخاه شاهداً، ويأكله غائباً، إن أُعطي حسده، وإن ابتُلي خذله.


    12ـ وقال (عليه السلام): الغضب مفتاح كل شر.


    13ـ وقال (عليه السلام): أقل الناس راحة الحقود.


    14ـ وقال (عليه السلام): أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام على الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشد الناس اجتهاداً مَن ترك الذنوب.


    15ـ وقال (عليه السلام): ما ترك الحق عزيز إلا ذل، ولا أخذ به ذليل إلا عز.


    16ـ وقال (عليه السلام): خصلتان ليس فوقها شيء: الإيمان بالله، ونفع الإخوان.


    17ـ وقال (عليه السلام): جرأة الولد على والده في صغره، تدعو إلى العقوق في كبره.


    18ـ وقال (عليه السلام): ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون.


    19ـ وقال (عليه السلام): رياضة الجاهل، ورد المعتاد عن عادته كالمعجز.


    20ـ وقال (عليه السلام): من وعظ أخاه سراً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه.


    21ـ وقال (عليه السلام): حسن الصورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن.


    22ـ وقال (عليه السلام): من أنس بالله استوحش من الناس.


    23ـ وقال (عليه السلام): جعلت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب.


    24ـ وقال (عليه السلام): من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة. (بحار الأنوار 17/216-218)


    25ـ وقال (عليه السلام): إن للجود مقداراً فإذا زاد عليه فهو سرف، وللحزم مقداراً فإذا زاد عليه فهو جبن، وللاقتصاد مقداراً فإذا زاد عليه فهو بخل، وللشجاعة مقداراً فإذا زاد عليه فهو تهور، كفاك أدباً لنفسك تجنبك ما تكره من غيرك. (الأنوار البهية: 160)


    26ـ وقال (عليه السلام): لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض.


    27ـ وقال (عليه السلام): ما من بلية إلا ولله فيها حكمة تحيط بها.


    28ـ وقال (عليه السلام): من كان الورع سجيته، والكرم طبيعته، والحلم خلته، كثر صديقه والثناء عليه، وانتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه. (أعيان الشيعة 4ق3/312-316)


    29ـ وقال (عليه السلام): لا تمار فيذهب بهاؤك، ولا تمازح فيجترأ عليك.


    30ـ وقال (عليه السلام): إذا كان المقضي كائناً فالضراعة لماذا. (المجالس السنية 5/471)

    تعليق


    • #3
      وصاياه

      وردت لكل من أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) وصايا كثيرة بعضها كان الموصى بها فرداً، وأخرى كانت لجماعة، وربما حمّلها الإمام بعض ثقاته وأمره بتبليغها لشيعته ومواليه.

      وهذه الوصايا مملوءة بالمواعظ مزدانة بالحكم، حافلة بالنصائح، طافحة بالتعاليم الإسلامية.

      نقدم في هذا الفصل بعض ما ورد من وصايا الإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) وجدير بنا أن نأخذ هذه الوصايا للتطبيق، ونخرجها إلى حيز العمل.



      1ـ من وصية له (عليه السلام) لشيعته:

      (أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلّى الله عليه وآله)، صلوا في عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه, وصدق في حديثه، وأدى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل هذا شيعي فيسرني ذلك، اتقوا الله وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كل مودة، وادفعوا عنا كل قبيح، فإنّه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك، لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله وتطهير من الله، لا يدعيه غيرنا إلا كذاب. أكثروا ذكر الله وذكر الموت، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله) فإن الصلاة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عشر حسنات. احفظوا ما أوصيتكم به واستودعكم الله واقرأ عليكم السلام). (بحار الأنوار 17/216)



      2ـ من وصية له (عليه السلام):

      (إنكم في آجال منقوصة، وأيام معدودة، والموت يأتي بغتة، من يزرع خيراً يحصد غبطة، ومن يزرع شراً يحصد ندامة، لكل زارع ما زرع، لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، من أعطي خيراً فالله أعطاه، ومن وقي شراً فالله وقاه). (تحف العقول: 362)



      3ـ من وصية له (عليه السلام) إلى شيعته وقد دخل عليه جماعة منهم:

      (زيدوا في الشكر تزدادوا في النعم). (مدينة المعاجز: 504)



      4ـ من وصية له (عليه السلام) لعلي بن الحسين بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق كتبها إليه:

      (أوصيك بتقوى الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإنّه لا تقبل الصلاة من مانع الزكاة، وأوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الإخوان والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عند الجهل، والتفقه في الدين، والتثبت في الأمور، والتعاهد للقرآن، وحسن الخلق والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ) واجتناب الفواحش كلها. وعليك بصلاة الليل فإن النبي (صلّى الله عليه وآله) أوصى علياً (عليه السلام) فقال: يا علي عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، ومن استخف بصلاة الليل فليس منا، فاعمل بوصيتي وأمر جميع شيعتي بما أمرتك به حتى يعملوا عليه، وعليك بالصبر وانتظار الفرج، فإنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج، ولا تزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشر به النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فاصبر يا شيخي ومعتمدي أبا الحسن، وأمر جميع شيعتي بالصبر، فإن الأرض لله يورثها من عباده والعاقبة للمتقين، والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير). (الأنوار البهية: 161)



      5ـ من وصية له (عليه السلام):

      (ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك، فإن لكل يوم رزقاً جديداً، واعلم أن الإلحاح في المطالب يسلب البهاء، ويورث التعب والعناء، فاصبر حتى يفتح الله لك باباً يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنع من الملهوف، والأمن من الهارب المخوف، فربما كانت الغير نوع من أدب الله، والحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك وإنّما تنالها في أوانها، واعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك، ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط، واعلم أن للسخاء مقداراً فإن زاد عليه فهو سرف، وأنّ للحزم مقداراً فإن زاد عليه فهو تهور، وأحذر كل ذكي ساكن الطرف، ولو غفل أهل الدنيا خربت). (بحار الأنوار 17/218)



      رسائله

      للإمام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) رسائل كثيرة إلى شيعته في مختلف البلدان والأقطار، وإلى غيرهم من وجوه الناس، حتى أن المترجمين له (عليه السلام) سموا بعض من كان يحمل له الرسائل ويوافيه بجواباتها.

      وهذه الرسائل كلها دعوة للإسلام، وحث على العمل بتعاليمه، والاهتداء بهديه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...

      نذكر في هذه الصفحات قسما منها:



      1ـ من كتاب له (عليه السلام) إلى محمد بن الحسن جواباً عن كتاب كتبه إليه:

      (إن الله عز وجل يخص أولياءنا إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر، وقد يعفو عن كثير منهم، وهو كما حدثتك نفسك: الفقر معنا خير من الغنى مع عدونا، ونحن كهف لمن التجأ إلينا، ونور لمن استضاء بنا، وعصمة لمن اعتصم بنا، من أحبنا كان معنا في السنام الأعلى، ومن انحرف عنا مال فإلى النار. (المناقب 2/467)



      2ـ من كتاب له (عليه السلام) إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري:

      (سترنا الله وإيّاك بستره، وتولاك في جميع أمورك بصنعه، فهمت كتابك يرحمك الله، ونحن بحمد الله ونعمته أهل بيت نرق على أوليائنا، ونسر بتتابع إحسان الله إليهم، وفضله لديهم، ونعتد بكل نعمة ينعمها الله تبارك وتعالى عليهم، فأتم الله عليك ـ يا إسحاق وعلى من كان مثلك ممن قد رحمه الله وبصره بصيرتك ـ نعمته، وقدر تمام نعمته دخول الجنة، وليس من نعمة وإن جل أمرها، وعظم خطرها، إلا والحمد لله تقدست أسماؤه عليها مؤد شكرها، فأنا أقول: الحمد لله أفضل ما حمده حامد إلى أبد الأبد، بما منّ الله عليك من رحمته، ونجاك من الهلكة، وسهل سبيلك على العقبة، وأيم الله إنها لعقبة كؤود، شديد أمرها، صعب مسلكها، عظيم بلاؤها، قديم في الزبر الأولى ذكرها، ولقد كانت منكم في أيام الماضي إلى أن مضى لسبيله وفي أيامي هذه أمور كنتم فيها عندي غير محمودي الرأي، ولا مسددي التوفيق؛ فاعلم يقينا يا إسحاق أنّه من خرج من هذه الدنيا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً. يا بن إسماعيل: ليس تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، وذلك قول الله في محكم كتابه حكاية عن الظالم إذ يقول: (رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) وأي آية أعظم من حجة الله على خلقه، وأمينه في بلاده، وشهيده على عباده، من بعد ما سلف من آبائه الأولين النبيين، وآبائه الآخرين الوصيين عليهم أجمعين السلام ورحمة الله وبركاته، فأين يُتاه بكم، وأين تذهبون كالأنعام على وجوهكم، عن الحق تصدفون، وبالباطل تؤمنون وبنعمة الله تكفرون أو تكونون ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم، ومن غيركم إلا خزي في الحياة الدنيا، وطول عذاب في الآخرة الباقية وذلك والله الخزي العظيم.

      إن الله بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليكم، بل رحمة منه ـ لا إله إلا هو ـ عليكم ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم، لتسابقوا إلى رحمة الله، ولتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج والعمرة، وإقام الصلاة، ,إيتاء الزكاة، والصّوم والولاية، وجعل لكم باباً تستفتحون به أبواب الفرائض ومفتاحاً إلى سبيله، لولا محمد والأوصياء من ولده لكنتم حيارى كالبهائم، لا تعرفون فرضاً من الفرائض، وهل يدخل مدينة إلا من بابها، فلما منّ عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم قال الله في كتابه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) ففرض عليكم لأوليائه حقوقاً أمركم بأدائها ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم. قال الله: (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) واعلموا أنّ من يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء لا إله إلا هو. ولقد طالت المخاطبة فيما هو لكم وعليكم، ولولا ما يحب الله من تمام النعمة منه عليكم لما رأيتم لي خطاً، ولا سمعتم مني حرفاً، من بعد مضي الماضي وأنتم في غفلة ممّا إليه معادكم، ومن بعد إقامتي لكم إبراهيم بن عبدة، وكتابي الذي حمله إليكم محمد بن موسى النيسابوري، والله المستعان على كل حال، وإياكم أن تفرطوا في جنب الله فتكونوا من الخاسرين، فبعداً وسحقاً لمن رغب عن طاعة الله، ولم يقبل مواعظ أوليائه، فقد أمركم الله بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر.

      رحم الله ضعفكم وغفلتكم، وصبركم على أمركم، فما أغر الإنسان بربه الكريم، ولو فهمت الصم الصلاب بعض ما هو في هذا الكتاب لتصدعت قلقاً، وخوفاً من خشية الله، ورجوعاً إلى طاعة الله، واعملوا ما شئتم فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، ثم تُردّون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله أجمعين). (بحار الأنوار 17/208، تحف العقول: 360)



      3ـ من كتاب له (عليه السلام) إلى سهل بن زياد جواباً عن كتاب كتبه إليه يسأله عن التوحيد:

      (سألت عن التوحيد وهذا عنكم معزول، الله واحد أحد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، خالق وليس بمخلوق، يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الأجسام، وغير ذلك وليس بجسم، ويصور ما يشاء وليس بصورة، جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه أن يكون له شبه، هو لا غيره ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). (الدمعة الساكبة 3/183، التوحيد: 102)



      4ـ من كتاب له (عليه السلام) إلى بعض بني أسباط جواباً عن كتاب كتبه إليه يعلمه في باختلاف الموالي، ويسأله دليلاً.

      (وإنّما خاطب الله عز وجل العاقل، وليس أحد يأتي بآية، أو يظهر دليلاً أكثر ممّا جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين، فقالوا: ساحر وكاهن وكذّاب، وهدى الله من اهتدى، غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس، وذلك أنّ الله عز وجل يأذن لنا فنتكلم، ويمنع فنصمت، ولو أحبّ أن لا يظهر حقاً ما بعث النبيين مبشرين ومنذرين، يصدعون بالحق في حال الضعف والقوة، وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره، وينفذ حكمه.

      الناس في طبقات شتى، المستبصر على سبيل نجاة، متمسك بالحق، متعلق بفرع أصل، غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عنه ملجأً، وطبقة لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر، يموج عند موجه، ويسكن عند سكونه، وطبقة استحوذ عليهم الشيطان شأنهم الرد على أهل الحق بالباطل حسداً من عند أنفسهم. فدع من ذهب يميناً وشمالاً، فالراعي إذ أراد أن يجمع غنمه جمعها في أهون السعي.

      وذكرت ما اختلف فيه مواليي فإذا كانت الرفعة والكبر فلا ريب، ومن جلس مجالس الحكم فهو أولى بالحكم.

      أحسن رعاية من استرعيت، وإيّاك والإذاعة وطلب الرئاسة فإنهما يدعوان إلى الهلكة.

      ذكرت شخوصك إلى فارس فاشخص خار الله لك، وتدخل مصر إن شاء الله آمناً واقرأ من تثق به من مواليي السلام، ومرهم بتقوى الله العظيم، وأداء الأمانة وأعلمهم أنّ المذيع علينا حرب لنا).

      قال: فلما قرأت تدخل مصر إن شاء آمناً لم أعرف معنى ذلك فقدمت بغداد وعزيمتي الخروج إلى فارس فلم يتهيأ ذلك فخرجت إلى مصر. (كشف الغمة: 305)

      تعليق


      • #4
        بشير البحراني 7 ربيع الثاني 1426هـ / حياة الإمام العسكري (ع) والمهمة الصعبة
        المساهمة:


        حياة الإمام العسكري (ع) والمهمة الصعبة

        يتميز أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بأدوارهم المتنوعة في خدمة الإسلام ورفعة كلمة الله فوق كل كلمة..
        مرَّ كل واحد منهم بظروف صعبة، فرضتها همتم اللامتناهية في مواجهة أعداء الدين وحماية المجتمع من الانحراف والسقوط، وكان كل منهم الرجل المناسب للمهمة الصعبة في الوقت المناسب..
        في القرن الثالث الهجري كانت الظروف السياسية والاجتماعية آخذة بالتدهور، لم يكن ذلك يعود للأسباب التي جعلت المعتصم العباسي يختار (مدينة سامراء) عاصمة للدولة العباسية بدلاً من بغداد، بل لأن الضعف والوهن أخذ يدك في عرش السلطة السياسية، فاستولى الموالي على دفة الحكم وانعزل الخلفاء جزئياً عن شؤون الدولة لقضاء أوقات في اللهو والمجون والخمر والترف، بينما عاش عامة الشعب في مختلف صنوف البؤس والحرمان، فدبت الفتن والفوضى والحروب الداخلية.
        وسط كل تلك الموجة من الفوضى والانفلات الأمني والديني.. كان الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) يبذلون قصارى جهدهم في تصحيح الأمور والأخذ بيد الناس إلى جادة الحق، ومن أجل ذلك تحملوا مصاعب النفي والسجن ومختلف صنوف الأذى..
        من تلك الأنوار الهاشمية كان الإمام الحادي عشر من سلسلة أئمة أهل البيت الاثني عشر: الإمام الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين الشهيد بن علي أمير المؤمنين بن أبي طالب مؤمن قريش.

        لقب بعدة ألقاب، منها: العسكري، الرفيق، الزكي، الفاضل، الخالص، الأمين، النقي، المرشد، الناطق، الصادق، الصامت، الميمون، الطاهر، ولي الله، خزانة الوصيين، الفقيه، الرجل، العالم.
        يُكنى بأبي محمد، كما يكنى بابن الرضا، وهي الكنية ذاتها التي كان يكنى بها أبوه الإمام الهادي وجده الإمام الجواد (عليه السلام).
        رزقه الله بولد واحد: هو الإمام محمد المهدي (عجل فرجه الشريف).
        كان نقش خاتمه: إن الله شهيد.
        ولد في شهر ربيع الثاني من سنة مائتين واثنين وثلاثين للهجرة، في رحاب المدينة المنورة..
        وانتقل بعد عامين من ولادته المباركة إلى منطقة عسكر بمدينة سامراء برفقة والده الإمام الهادي (عليه السلام)، ليواكب معه جميع الظروف والملابسات الصعبة التي كانت تعصف بالإمامة منذ آنذاك.
        وبعد استشهاد والده؛ تسلم الإمام العسكري (عليه السلام) زمام الإمامة، وهو بعدُ في الثانية والعشرين من عمره الشريف، ليبدأ مواجهة عقائدية في الرد على المشككين في صحة إمامته، وهو القائل: "ما مني أحد من آبائي بمثل ما منيت به من شك هذه العصابة فيَّ".

        *والدته من الأمهات العظيمات:
        وكما كان للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أباً عظيماً كالإمام الهادي (عليه السلام)، فقد كانت له أماً عظيمة، رفيعة المقام، جليلة القدر أيضاً..
        هي السيدة حُدَيث (عليها السلام)، وتسمى: الجدة، كما تسمى بـ(سُليل) لأنها سُلَّت من كل آفة وعاهة، ومن كل رجس ونجاسة.
        وقيل إن اسمها: سوسن، وقيل: سمانة.
        وقد أثنى عليها الإمام الهادي (عليه السلام) كثيراً، وأشاد بمكانتها، وذكَّر بمكارمها وسمو أخلاقها..
        خاطبها ذات مرة بقوله: "لا تلبثين حتى يعطيك الله عز وجل حجته على خلقه الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً".
        كانت عارفة صالحة، حتى أنها صارت مفزع الشيعة وملجأهم بعد وفاة أبي محمد العسكري (عليه السلام).

        * صفات ذات هيبة وأخلاق ذات جاذبية:
        كان من صفات الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أنه كان أسمراً، أعين، حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، حديث السن، له هيبة وجلال.

        بشير البحراني
        رئيس تحرير موقع قطيفيات، مدير تحرير مجلة القرآن نور

        تعليق


        • #5
          اللهم صل على محمد و ال محمد
          كل عام و انتم بخير

          ابراهيم علي عوالي العاملي

          تعليق


          • #6
            نهنىء إمام العصر والزمان عليه السلام والأمة الإسلامية جمعاء بذكرى مولد الإمام العسكري عليه السلام

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم

              نهنىء إمام العصر والزمان عليه السلام والأمة الإسلامية جمعاء بذكرى مولد الإمام العسكري عليه السلام

              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              x

              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

              صورة التسجيل تحديث الصورة

              اقرأ في منتديات يا حسين

              تقليص

              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

              يعمل...
              X