الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)
عبادته
إذا أردت أن تعرف ما كان عليه أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) من العبادة والأوراد، فانظر إلى ما خلفوه لنا من الأدعية والمناجاة، فقد جمع علماؤنا (رحمهم الله) مئات الكتب من ذلك، ولا غرو في ذلك بعد أن ورّثهم الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) كل خصائصه وصفاته، وخصهم بأخلاقه وسيرته، وكان شأنه (صلّى الله عليه وآله) معلوم في كثرة العبادة والدأب عليها، حتى أنزل الله عليه (طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى) شفقة به ورأفة عليه. وفي هذا الفصل بعض ممّا ورد من عبادة الإمام أبي محمد (عليه السلام):
1ـ في درر الأصداف: وقع للبهلول معه أن رآه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون، فظن أنّه يتحسر على ما بأيديهم.
فقال له: اشتري لك ما تلعب به؟
فقال: يا قليل العقل ما للعب خلقنا.
فقال له: فلماذا خلقنا؟
قال: للعلم والعبادة.
فقال له: من أين لك ذلك؟
فقال: من قوله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ).
ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خرّ الحسن (رضي الله عنه) مغشياً عليه فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير ولا ذنب لك؟
فقال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد إلاّ بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم. (نور الأبصار: 151)
2ـ قال محمد الشاكري: كان (عليه السلام) يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه وهو ساجد. (سفينة البحار 1/260)
3ـ قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري: كان الحسن يصوم في السجن، فإذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في جونة مختومة. (نور الأبصار: 151، الفصول المهمة: 269، أعلام الورى: 215، الدمعة الساكبة 3/170)
4ـ كان المعتمد يسأل عن أخباره وهو في السجن فيخبر: بأنّه يصوم النهار ويصلي الليل. (إثبات الوصية 245، أعيان الشيعة 4ق3/305، مهج الدعوات: 275)
5ـ قال محمد بن إسماعيل: إنّه وهو في السجن كان يصوم النهار، ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة. (أعيان الشيعة 4ق3/305)
6ـ دخل العباسيون على صالح بن وصيف عندما حبس أبو محمد (عليه السلام) فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع.
فقال صالح: ما أصنع به وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم.
ثم أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟
فقالا له: ما تقول في رجل يصوم النهار، ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر لأينا أرعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.
فلما سمع العباسيون ذلك انصرفوا خائبين. (كشف الغمة: 304، أصول الكافي 1/512، إعلام الورى: 218، الدمعة الساكبة 3/191، أعيان الشيعة 4ق3/307، الإيقاد: 252، نور الأبصار للحائري: 330، المناقب 2/443، الإرشاد: 371)
سيرته
وسيرة المرء وسلوكه ينبثقان من سريرته، وما طبعت عليه ذاته، وانطوى بين جوانحه، وأكنّه ضميره، وأضمرته نفسه، وجبلت عليه غريزته.
وسيرة المرء ـ فيما أحسب ـ ميزان المقياس له أو عليه، وعنوان التفاضل بين الناس، ومحك النفس الإنسانية.
ولما كان الإمام أبو محمد أفضل الخلق سريرة، وأشرفهم سجية، طهرت ذاته المقدسة، وتسامت نفسه الكبيرة، فلا غرو إذا بلغت سيرته الغاية في السمو والرفعة، ومنتهى الكمال والفضيلة، وأوج العظمة، وفي هذه الصفحات بعض ما ورد من سيرته (عليه السلام):
1ـ أرسل (عليه السلام) إلى داود بن الأسود: إذا سمعت لنا شاتماً فامض لسبيلك التي أمرت بها، وإيّاك أن تجاوب من يشتمنا، أو تعرّفه مَن أنت. (الدمعة الساكبة 3/172. المناقب 2/442)
2ـ ولما أمر الخليفة بإطلاقه من الحبس وقف عند باب المحبس وقال: حتى يجيء جعفر.
فقال السجان: إنّما أمرني بإطلاقك دونه.
فقال له: ترجع إليه فتقول له: خرجنا من دار واحدة، فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك، فمضى وعاد فقال: يقول لك: قد أطلقت جعفر لك لأني حبسته بجنايته على نفسه وعليك وما يتكلم به، وخلّى سبيله فصار معه إلى داره. (مهج الدعوات: 276، سفينة البحار 1/260، الدمعة الساكبة 3/192، إثبات الوصية: 246، نور الأبصار للحائري: 332)
3ـ قال كامل بن إبراهيم المدني: دخلت على سيدي أبي محمد، فنظرت إلى ثياب بياض ناعمة، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن مواساة الأخوان، وينهانا عن لبس مثله.
فقال مبتسماً: يا كامل.. وحسر عن ذراعيه، فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله، وهذا لكم. (إثبات الهداة 6/311)
إحسانه وكرمه
لا يخلو كتاب ترجم أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) إلا وذكر كرمهم (عليهم السلام)، وإحسانهم إلى الناس، وبرّهم لفقراء الأمة وضعفائها.
والحديث في هذا الفصل طويل، حتى أنّ الباحث يستطيع أن يجمع لكل واحد منهم (عليهم السلام) كتاباً مستقلاً في (إحسانه وكرمه) لكثرة ما ذكره لهم المؤرخون وأهل الحديث والسير.
نعود لذكر بعض ما أوردوه للإمام أبي محمد (عليه السلام):
1ـ أرسل (عليه السلام) إلى أبي هاشم الجعفري مائة دينار وكتب إليه: إن كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم واطلبها فإنّك على ما تحب إن شاء الله. (الإرشاد: 314، أصول الكافي 1/508، أعيان الشيعة 4ق3/306، كشف الغمة: 304، المناقب 2/469، الدمعة الساكبة 3/167، أعلام الورى: 214، إثبات الوصية: 242)
2ـ روى الحميري في الدلائل عن أبي يوسف الشاعر القصير ـ شاعر المتوكل ـ قال: ولد لي غلام وكنت مضيقاً، فكتبت رقاعاً إلى جماعة استرفدهم فرجعت بالخيبة، فقلت: أجيء فأطوف حول دار أبي محمد لعل الله يفرج عني، فطفت وصرت إلى الباب، فخرج أبو حمزة ومعه صرة سوداء فيها أربعمائة درهم فقال: يقول لك سيدي: أنفق هذه على المولود، بارك الله لك فيه. (أعيان الشيعة 4ق3، الدمعة الساكبة 3/167، نور الأبصار للحائري: 324)
3ـ عن إسماعيل بن محمد بن علي ـ من ولد العباس بن عبد المطلب ـ قال: قعدت لأبي محمد (عليه السلام) على ظهر الطريق، فلما مر بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أن ليس عندي درهم فما فوقه، ولا غداء ولا عشاء.
فقال: أتحلف بالله كاذباً وقد دفنت مائتي دينار وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطية، أعطه يا غلام ما معك.
فأعطاني مائة دينار. (الإرشاد: 269، أصول الكافي 1/509، أعلام الورى: 213، إثبات الوصية: 244، الدمعة الساكبة 3/167، أعيان الشيعة 4ق3/306)
تلمح في هذا الحديث والذي قبله شيئاً من الأمور الغيبية، فهناك مغيبات لا يعلمها إلا هو جل جلاله (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَ هُوَ) ومغيبات اطلع عليها رُسلُه (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ).
وقد أجمعت الأمة على صحة حديث أمير المؤمنين (عليه السلام): علّمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألف باب من العلم، يفتح لي من كل باب ألف باب، وفي سيرته سلام الله عليه الكثير من المغيبات التي أنبأ عنها، فهي إن شئت جعلتها من الألف التي علمها به رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإن شئت جعلتها ما ثبت عندنا ما كان للنبي (صلّى الله عليه وآله) فهو للإمام (عليه السلام) بدليل: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي.
وقد ورث الأئمة (عليهم السلام) ذلك فيما ورثوه عن أبويهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)).
4ـ قال أبو جعفر العمري: إنّ أبا طاهر بلبل حج فنظر إلى علي بن جعفر الهمداني وهو ينفق النفقات العظيمة. فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد، فوقع في رقعته: قد أمرنا له بمائة ألف دينار، ثم أمرنا لك بمثلها. (المناقب 2/459)
5ـ قال أبو جعفر العمري: لما ولد السيد (عليه السلام) ـ الإمام المهدي (عليه السلام) ـ قال أبو محمد (عليه السلام): ابعثوا إلى أبي عمرو ـ عثمان بن سعيد ـ فبعث إليه فصار إليه، فقال: اشتر عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً وفرقه حسبة على بني هاشم، وعق عنه بكذا وكذا شاة. (إكمال الدين 2/105)
6ـ قال محمد الشاكري: كان (عليه السلام) قليل الأكل، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله، فيأكل منه الواحدة والاثنين ويقول: شل هذا يا محمد إلى صبيانك.
فأقول: هذا كله؟ فيقول: خذه. ما رأيت قط أسدى منه. (بحار الأنوار 2/158)
7ـ أعطى (عليه السلام) إلى علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي مائتي دينار وقال: اصرفها في ثمن جارية. (بحار الأنوار 12/161)
8ـ بعث (عليه السلام) إلى عمرو بن أبي مسلم خمسين ديناراً وقال: اشتر بهذا جارية. (بحار الأنوار 12/165)
9ـ أعطى (عليه السلام) أحمد بن صالح الكوفي ثلاثة آلاف درهم. (الدمعة الساكبة 3/176).
10ـ أمر (عليه السلام) أن يعق عن ولده الإمام المهدي (عليه السلام) ثلاثمائة شاة. (إكمال الدين 2/136)
عبادته
إذا أردت أن تعرف ما كان عليه أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) من العبادة والأوراد، فانظر إلى ما خلفوه لنا من الأدعية والمناجاة، فقد جمع علماؤنا (رحمهم الله) مئات الكتب من ذلك، ولا غرو في ذلك بعد أن ورّثهم الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) كل خصائصه وصفاته، وخصهم بأخلاقه وسيرته، وكان شأنه (صلّى الله عليه وآله) معلوم في كثرة العبادة والدأب عليها، حتى أنزل الله عليه (طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى) شفقة به ورأفة عليه. وفي هذا الفصل بعض ممّا ورد من عبادة الإمام أبي محمد (عليه السلام):
1ـ في درر الأصداف: وقع للبهلول معه أن رآه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون، فظن أنّه يتحسر على ما بأيديهم.
فقال له: اشتري لك ما تلعب به؟
فقال: يا قليل العقل ما للعب خلقنا.
فقال له: فلماذا خلقنا؟
قال: للعلم والعبادة.
فقال له: من أين لك ذلك؟
فقال: من قوله تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ).
ثم سأله أن يعظه، فوعظه بأبيات، ثم خرّ الحسن (رضي الله عنه) مغشياً عليه فلما أفاق قال له: ما نزل بك وأنت صغير ولا ذنب لك؟
فقال: إليك عني يا بهلول، إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار فلا تتقد إلاّ بالصغار، وإني أخشى أن أكون من صغار حطب جهنم. (نور الأبصار: 151)
2ـ قال محمد الشاكري: كان (عليه السلام) يجلس في المحراب ويسجد، فأنام وأنتبه وهو ساجد. (سفينة البحار 1/260)
3ـ قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري: كان الحسن يصوم في السجن، فإذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في جونة مختومة. (نور الأبصار: 151، الفصول المهمة: 269، أعلام الورى: 215، الدمعة الساكبة 3/170)
4ـ كان المعتمد يسأل عن أخباره وهو في السجن فيخبر: بأنّه يصوم النهار ويصلي الليل. (إثبات الوصية 245، أعيان الشيعة 4ق3/305، مهج الدعوات: 275)
5ـ قال محمد بن إسماعيل: إنّه وهو في السجن كان يصوم النهار، ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة. (أعيان الشيعة 4ق3/305)
6ـ دخل العباسيون على صالح بن وصيف عندما حبس أبو محمد (عليه السلام) فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع.
فقال صالح: ما أصنع به وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم.
ثم أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟
فقالا له: ما تقول في رجل يصوم النهار، ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر لأينا أرعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا.
فلما سمع العباسيون ذلك انصرفوا خائبين. (كشف الغمة: 304، أصول الكافي 1/512، إعلام الورى: 218، الدمعة الساكبة 3/191، أعيان الشيعة 4ق3/307، الإيقاد: 252، نور الأبصار للحائري: 330، المناقب 2/443، الإرشاد: 371)
سيرته
وسيرة المرء وسلوكه ينبثقان من سريرته، وما طبعت عليه ذاته، وانطوى بين جوانحه، وأكنّه ضميره، وأضمرته نفسه، وجبلت عليه غريزته.
وسيرة المرء ـ فيما أحسب ـ ميزان المقياس له أو عليه، وعنوان التفاضل بين الناس، ومحك النفس الإنسانية.
ولما كان الإمام أبو محمد أفضل الخلق سريرة، وأشرفهم سجية، طهرت ذاته المقدسة، وتسامت نفسه الكبيرة، فلا غرو إذا بلغت سيرته الغاية في السمو والرفعة، ومنتهى الكمال والفضيلة، وأوج العظمة، وفي هذه الصفحات بعض ما ورد من سيرته (عليه السلام):
1ـ أرسل (عليه السلام) إلى داود بن الأسود: إذا سمعت لنا شاتماً فامض لسبيلك التي أمرت بها، وإيّاك أن تجاوب من يشتمنا، أو تعرّفه مَن أنت. (الدمعة الساكبة 3/172. المناقب 2/442)
2ـ ولما أمر الخليفة بإطلاقه من الحبس وقف عند باب المحبس وقال: حتى يجيء جعفر.
فقال السجان: إنّما أمرني بإطلاقك دونه.
فقال له: ترجع إليه فتقول له: خرجنا من دار واحدة، فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك، فمضى وعاد فقال: يقول لك: قد أطلقت جعفر لك لأني حبسته بجنايته على نفسه وعليك وما يتكلم به، وخلّى سبيله فصار معه إلى داره. (مهج الدعوات: 276، سفينة البحار 1/260، الدمعة الساكبة 3/192، إثبات الوصية: 246، نور الأبصار للحائري: 332)
3ـ قال كامل بن إبراهيم المدني: دخلت على سيدي أبي محمد، فنظرت إلى ثياب بياض ناعمة، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب، ويأمرنا نحن مواساة الأخوان، وينهانا عن لبس مثله.
فقال مبتسماً: يا كامل.. وحسر عن ذراعيه، فإذا مسح أسود خشن على جلده، فقال: هذا لله، وهذا لكم. (إثبات الهداة 6/311)
إحسانه وكرمه
لا يخلو كتاب ترجم أئمة أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) إلا وذكر كرمهم (عليهم السلام)، وإحسانهم إلى الناس، وبرّهم لفقراء الأمة وضعفائها.
والحديث في هذا الفصل طويل، حتى أنّ الباحث يستطيع أن يجمع لكل واحد منهم (عليهم السلام) كتاباً مستقلاً في (إحسانه وكرمه) لكثرة ما ذكره لهم المؤرخون وأهل الحديث والسير.
نعود لذكر بعض ما أوردوه للإمام أبي محمد (عليه السلام):
1ـ أرسل (عليه السلام) إلى أبي هاشم الجعفري مائة دينار وكتب إليه: إن كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم واطلبها فإنّك على ما تحب إن شاء الله. (الإرشاد: 314، أصول الكافي 1/508، أعيان الشيعة 4ق3/306، كشف الغمة: 304، المناقب 2/469، الدمعة الساكبة 3/167، أعلام الورى: 214، إثبات الوصية: 242)
2ـ روى الحميري في الدلائل عن أبي يوسف الشاعر القصير ـ شاعر المتوكل ـ قال: ولد لي غلام وكنت مضيقاً، فكتبت رقاعاً إلى جماعة استرفدهم فرجعت بالخيبة، فقلت: أجيء فأطوف حول دار أبي محمد لعل الله يفرج عني، فطفت وصرت إلى الباب، فخرج أبو حمزة ومعه صرة سوداء فيها أربعمائة درهم فقال: يقول لك سيدي: أنفق هذه على المولود، بارك الله لك فيه. (أعيان الشيعة 4ق3، الدمعة الساكبة 3/167، نور الأبصار للحائري: 324)
3ـ عن إسماعيل بن محمد بن علي ـ من ولد العباس بن عبد المطلب ـ قال: قعدت لأبي محمد (عليه السلام) على ظهر الطريق، فلما مر بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أن ليس عندي درهم فما فوقه، ولا غداء ولا عشاء.
فقال: أتحلف بالله كاذباً وقد دفنت مائتي دينار وليس قولي هذا دفعاً لك عن العطية، أعطه يا غلام ما معك.
فأعطاني مائة دينار. (الإرشاد: 269، أصول الكافي 1/509، أعلام الورى: 213، إثبات الوصية: 244، الدمعة الساكبة 3/167، أعيان الشيعة 4ق3/306)
تلمح في هذا الحديث والذي قبله شيئاً من الأمور الغيبية، فهناك مغيبات لا يعلمها إلا هو جل جلاله (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَ هُوَ) ومغيبات اطلع عليها رُسلُه (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ).
وقد أجمعت الأمة على صحة حديث أمير المؤمنين (عليه السلام): علّمني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ألف باب من العلم، يفتح لي من كل باب ألف باب، وفي سيرته سلام الله عليه الكثير من المغيبات التي أنبأ عنها، فهي إن شئت جعلتها من الألف التي علمها به رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإن شئت جعلتها ما ثبت عندنا ما كان للنبي (صلّى الله عليه وآله) فهو للإمام (عليه السلام) بدليل: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي.
وقد ورث الأئمة (عليهم السلام) ذلك فيما ورثوه عن أبويهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)).
4ـ قال أبو جعفر العمري: إنّ أبا طاهر بلبل حج فنظر إلى علي بن جعفر الهمداني وهو ينفق النفقات العظيمة. فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد، فوقع في رقعته: قد أمرنا له بمائة ألف دينار، ثم أمرنا لك بمثلها. (المناقب 2/459)
5ـ قال أبو جعفر العمري: لما ولد السيد (عليه السلام) ـ الإمام المهدي (عليه السلام) ـ قال أبو محمد (عليه السلام): ابعثوا إلى أبي عمرو ـ عثمان بن سعيد ـ فبعث إليه فصار إليه، فقال: اشتر عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً وفرقه حسبة على بني هاشم، وعق عنه بكذا وكذا شاة. (إكمال الدين 2/105)
6ـ قال محمد الشاكري: كان (عليه السلام) قليل الأكل، كان يحضره التين والعنب والخوخ وما شاكله، فيأكل منه الواحدة والاثنين ويقول: شل هذا يا محمد إلى صبيانك.
فأقول: هذا كله؟ فيقول: خذه. ما رأيت قط أسدى منه. (بحار الأنوار 2/158)
7ـ أعطى (عليه السلام) إلى علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي مائتي دينار وقال: اصرفها في ثمن جارية. (بحار الأنوار 12/161)
8ـ بعث (عليه السلام) إلى عمرو بن أبي مسلم خمسين ديناراً وقال: اشتر بهذا جارية. (بحار الأنوار 12/165)
9ـ أعطى (عليه السلام) أحمد بن صالح الكوفي ثلاثة آلاف درهم. (الدمعة الساكبة 3/176).
10ـ أمر (عليه السلام) أن يعق عن ولده الإمام المهدي (عليه السلام) ثلاثمائة شاة. (إكمال الدين 2/136)
تعليق