
الهدف الشامل من وراء الجهود التربوية الحثيثة التي يبذلها الأبوان وغيرهما، هو إعداد الطفل ليحيا حياة طيبة تليق بالإنسان المسلم. ولن يحيا تلك الحياة الطيبة إلا إذا كان صالحاً في خلقه وسلوكه وعلاقاته، وإلا إذا كان ناجحاً في أعماله التي يثبت من خلالها ذاته، ويكسب منها رزقه.
ونحن نشهد اليوم تغيراً عاصفاً في كل جانب من جوانب الحياة، ومع هذه التغيرات الشاملة سوف تختلف أشياء كثيرة، أهمها: الفرص المتاحة والتحديات الجديدة. ومواجهة التحديات والاستفادة من الفرص، تتطلبان من أبنائنا تصورات واستعدادت جديدة، مما يتطلب وجود تربية جديدة أيضاً.
لا يصح لنا أولاً أن نفترض أن كل الأساليب التربوية التي اتبعها أهلونا ومعلمونا في تربيتنا كانت صحيحة، فهم قد اجتهدوا وفعلوا كل أو بعض ما يستطيعون فعله، ولكن ليس هناك أية ضمانة لصواب ما فعلوه.
وإذا فرضنا أنهم اتبعوا أفضل الأساليب في تربيتنا، فذلك لا يعني أن أساليبهم تلك تصلح لكل الأزمان وكل الأجيال. وإيماننا بقدرة الوعي على التقدم يبيح لنا أن ننتظر من الجيل الحالي تربية لأبنائه أفضل من التربية التي تلقاها من أسلافه، وذلك لأن من المفترض أن نكون قد استفدنا من خبراتهم، وأدركنا مواطن الخلل لديهم، فاتسعت دائرة الرؤية لدينا، كما تتسع لدى من يقف على كتفي عملاق.
البيئات الجديدة تفرض نعومة في التعامل وثقة بالذات وقدرة على ضبط النفس، وفاعلية في الأداء ودقة في الفهم، ومبادرة إلى الخير أكبر وأعظم مما كان سائداً لدى الجيل السابق لنا؛ وغرس هذه المعاني وتفعيلها يحتاج إلى خبرات وأساليب تربوية جديدة.
سوف نخسر كثيراً إذا اتخذنا من التربية أداة لتوريث أبنائنا كل ما ورثناه عن أسلافنا دون تمحيص أو تدقيق أو اختيار؛ والتاريخ شاهد على تحكم الأمم التي اتخذت من التربية أداة لتكريس الأمر الواقع دون أدنى نقد أو تغيير أو تطوير.
إن أولادنا خلقوا ليعيشوا في زمان غير زماننا، ولذا فإنهم بحاجة إلى تربية غير تربيتنا.

تعليق