إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله ... تاريخ عيد المباهلة

قال الله تعالى : ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) آل عمران : 61 .
كَتب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أهل نَجْران يدعوهم إلى الإسلام : ( أما بعد ، فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، أدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد ، فإن أبَيْتُم فقد أذنتم بحربٍ ، والسلام ) .
فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به ، وذُعِر ذُعراً شديداً ، فبعثَ إلى رجل من أهل نجران يقال له : شَرْحَبيل بن وداعة ، فدفع إليه كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقرأه ، فقال له الأسقف : ما رأيك ؟
فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله تعالى إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوَّة ، فما يؤمن أن يكون هذا الرجل نبياً ، وليس لي في النبوَّة رأي ، لو كان أمراً من أمور الدنيا أشرف عليك فيه وجهدت لك .
فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران فكلَّمهم ، فأجابوا مثل ما أجاب شرحبيل ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل ، وعبد الله ابنه ، وحبار بن قنص ، فيأتوهم بخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فسألهم وسألوه ، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا : ما تقول في عيسى ابن مريم ؟
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنَّهُ عَبدُ الله ) .
ومثل هذا الجواب يختلفُ عند المغالين بعيسى ، فَهُم يزعمُونه ابن الله ، وهو من جوهرة الألوهية ، وذلك لخلقه دون أب ، فيكون ابناً لله .
فنزلت آية المباهلة الكريمة ، حاملة إجابة وافية ، قاطعة لأعذار مُؤلِّهِي المسيح ومُتبنِّيه ، وهي بنفس الوقت من غُرَر الآيات بشأن الكرام من آل الكساء ( عليهم السلام ) .
حيث تعبِّر عن الإمام علي ( عليه السلام ) بـ( أَنفُسَنَا ) ، وعن فاطمة ( عليها السلام ) بـ( نِسَاءنَا ) ، وعن الإمامين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) بـ( أَبْنَاءنَا ) .
مما يدلُّ على أخَصِّ الاختصاصات لهؤلاء بالرسالة القدسية المحمدية ، وهي بنفس الوقت دعوة صارخة لِمُباهلة الكاذبين المصرِّين على كذبهم ، فيما يخص عيسى ( عليه السلام ) .
فدعاهم ( صلى الله عليه وآله ) إلى اجتماع حاشد ، من أعزِّ الملاصقين من الجانبين ، لِيبتَهِل الجميع إلى الله تعالى ، في دعاءٍ قاطع ، أن ينزل لَعنَتَه على الكاذبين .
فخرج ( صلى الله عليه وآله ) وعليه مرط من شعر أسود ، وكان قد احتضن الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأخذ بيد الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وفاطمة ( عليها السلام ) تمشي خلفه ، والإمام علي ( عليه السلام ) خلفها ، وهو ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إذا دَعوتُ فأمِّنوا ) .
فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى !! إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة .
فقالوا : يا أبا القاسم ، رأينا أنْ لا نُبَاهلك ، وأن نقرّك على دينك .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( فإِذَا أبَيْتُم المباهلة فأسلِموا ، يَكُن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما على المسلمين ) .
فأبَوا ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( فإنِّي أناجِزُكم القتال ) .
فقالوا : ما لنا بحرب العَرَب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ، ولا تردَّنا عن ديننا ، على أن نؤدِّي إليك في كل عام ألفي حُلَّة ، ألف في صَفَر ، وألف في رَجَب ، وثلاثين دِرعاً عادية من حديد .
فصالحهم ( صلى الله عليه وآله ) على ذلك وقال : ( والذي نَفسِي بِيَده ، إن الهَلاك قد تَدَلَّى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لَمُسِخوا قِرَدة وخنازير ، ولاضطَرَم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأْصَلَ الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حَال الحول على النصارى كلُّهم حتى يهلكوا ) .
وقوله : ألفٌ في صَفَر ، المراد به شهر محرَّم ، وهو أول السنة عند العرب ، وقد كان يسمى صَفَراً في الجاهلية ، فيقال صفر الأول ، وصفر الثاني ، وقد كانت العرب تنسئ في صفر الأول ، ثم أقرَّ الإسلام الحرمة في صفر الأول ، فَسُمِّي لذلك بشهر الله المحرَّم ، ثم اشتهر بالمُحرَّم .

قال الله تعالى : ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) آل عمران : 61 .
كَتب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أهل نَجْران يدعوهم إلى الإسلام : ( أما بعد ، فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد ، أدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد ، فإن أبَيْتُم فقد أذنتم بحربٍ ، والسلام ) .
فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به ، وذُعِر ذُعراً شديداً ، فبعثَ إلى رجل من أهل نجران يقال له : شَرْحَبيل بن وداعة ، فدفع إليه كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقرأه ، فقال له الأسقف : ما رأيك ؟
فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله تعالى إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوَّة ، فما يؤمن أن يكون هذا الرجل نبياً ، وليس لي في النبوَّة رأي ، لو كان أمراً من أمور الدنيا أشرف عليك فيه وجهدت لك .
فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران فكلَّمهم ، فأجابوا مثل ما أجاب شرحبيل ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل ، وعبد الله ابنه ، وحبار بن قنص ، فيأتوهم بخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فسألهم وسألوه ، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا : ما تقول في عيسى ابن مريم ؟
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إنَّهُ عَبدُ الله ) .
ومثل هذا الجواب يختلفُ عند المغالين بعيسى ، فَهُم يزعمُونه ابن الله ، وهو من جوهرة الألوهية ، وذلك لخلقه دون أب ، فيكون ابناً لله .
فنزلت آية المباهلة الكريمة ، حاملة إجابة وافية ، قاطعة لأعذار مُؤلِّهِي المسيح ومُتبنِّيه ، وهي بنفس الوقت من غُرَر الآيات بشأن الكرام من آل الكساء ( عليهم السلام ) .
حيث تعبِّر عن الإمام علي ( عليه السلام ) بـ( أَنفُسَنَا ) ، وعن فاطمة ( عليها السلام ) بـ( نِسَاءنَا ) ، وعن الإمامين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) بـ( أَبْنَاءنَا ) .
مما يدلُّ على أخَصِّ الاختصاصات لهؤلاء بالرسالة القدسية المحمدية ، وهي بنفس الوقت دعوة صارخة لِمُباهلة الكاذبين المصرِّين على كذبهم ، فيما يخص عيسى ( عليه السلام ) .
فدعاهم ( صلى الله عليه وآله ) إلى اجتماع حاشد ، من أعزِّ الملاصقين من الجانبين ، لِيبتَهِل الجميع إلى الله تعالى ، في دعاءٍ قاطع ، أن ينزل لَعنَتَه على الكاذبين .
فخرج ( صلى الله عليه وآله ) وعليه مرط من شعر أسود ، وكان قد احتضن الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأخذ بيد الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وفاطمة ( عليها السلام ) تمشي خلفه ، والإمام علي ( عليه السلام ) خلفها ، وهو ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( إذا دَعوتُ فأمِّنوا ) .
فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى !! إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة .
فقالوا : يا أبا القاسم ، رأينا أنْ لا نُبَاهلك ، وأن نقرّك على دينك .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( فإِذَا أبَيْتُم المباهلة فأسلِموا ، يَكُن لكم ما للمسلمين ، وعليكم ما على المسلمين ) .
فأبَوا ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( فإنِّي أناجِزُكم القتال ) .
فقالوا : ما لنا بحرب العَرَب طاقة ، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ، ولا تردَّنا عن ديننا ، على أن نؤدِّي إليك في كل عام ألفي حُلَّة ، ألف في صَفَر ، وألف في رَجَب ، وثلاثين دِرعاً عادية من حديد .
فصالحهم ( صلى الله عليه وآله ) على ذلك وقال : ( والذي نَفسِي بِيَده ، إن الهَلاك قد تَدَلَّى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لَمُسِخوا قِرَدة وخنازير ، ولاضطَرَم عليهم الوادي ناراً ، ولاستأْصَلَ الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حَال الحول على النصارى كلُّهم حتى يهلكوا ) .
وقوله : ألفٌ في صَفَر ، المراد به شهر محرَّم ، وهو أول السنة عند العرب ، وقد كان يسمى صَفَراً في الجاهلية ، فيقال صفر الأول ، وصفر الثاني ، وقد كانت العرب تنسئ في صفر الأول ، ثم أقرَّ الإسلام الحرمة في صفر الأول ، فَسُمِّي لذلك بشهر الله المحرَّم ، ثم اشتهر بالمُحرَّم .
تعليق