تويت
أبو هريرة في سطور !!
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
لا بد لنا أن نذكر أكثر صحابي رواية لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. هو أبو هريرة ! الذي روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( 5374 ) حديثاً .. والبخاري وحده في صحيحه روى منها ( 446 ) حديثاً !! بينما لم يرو صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل علي ( عليه السلام ) وأبي بكر وعمر وعثمان وسلمان وعمار وطلحة وبلال وعبد الله بن مسعود والعباس وابنه عبد الله والزبير وأبو عبيدة وعائشة وبقية أمهات المؤمنين وغيرهم .. لم يرو هؤلاء عُشر ما رواه أبو هريرة !! علماً أنه لم يصاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا سنة واحدة وتسعة أشهر وإنه كان من عامة الصحابة وكان بينهم لا في العير ولا في النفير ( 1 ) !
يقول د . طه حسين عن أبي هريرة :
( إنه لم يصاحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا ثلاث سنين وقد روى من الحديث أكثر مما روى المهاجرون الذين صحبوا النبي بمكة والمدينة وأكثر من الأنصار الذي صاحبوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) منذ هاجر إلى المدينة حتى آثره الله بجواره .. وهذا يكفي للتحفظ والاحتياط بإزاء ما يروى عنه من الحديث ) .
لقد أفزعت كثرة رواية أبي هريرة الخليفة عمر بن الخطاب فضربه بالدرة وقال له : ( أكثرت يا أبا هريرة من الرواية وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله .. ) ثم هدده وأوعده إن لم يترك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه ينفيه إلى بلاده .
وقد أخرج ابن العساكر من حديث السائب بن يزيد : ( لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض دوس ) ( 2 ) أي أرض قومه وأهله .. ومن اجل ذلك كثرت أحاديثه بعد وفاة عمر إذ أصبح لا يخشى أحداً بعده .
وعن الزهري عن أبي سلمى قال : سمعت أبا هريرة يقول : ( ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله حتى قبض عمر !! ) .
وقال الفقيه المحدث رشيد رضا : ( لو طال عمر عمر حتى مات أبو هريرة لما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة ) ( 3 )
وعمر بن الخطاب صادر أمواله عندما كان عامله على البحرين سنة 21 ه حينما استغل منصبه فعزله وولى مكانه عثمان بن أبي العاص الثقفي .
وممن اتهم أبا هريرة بالكذب إضافة لعمر .. عثمان بن عفان والإمام علي ( عليه السلام ) وغيرهم .. وكان الإمام علي ( عليه السلام ) سيء الرأي فيه وقال عنه : ( ألا أن أكذب الناس على رسول الله لأبو هريرة ) ( 4 )
ولما سمعه يقول حدثني خليلي !! قال له :
( متى كان النبي خليلك ؟؟ ) ( 5 )
وقال الكاتب الإسلامي الكبير مصطفى صادق الرافعي عنه : ( أول راية أتهم في الإسلام ) ..
وعائشة لما قالت له : إنك لتحدث حديثاً ما سمعته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. أجابها بجواب لا أدب فيه ولا وقار إذ قال :
( شغلك عنه صلى الله عليه وآله وسلم المرآة والمكحلة !! ) وهذا كما رواه ابن سعد والبخاري وابن كثير وغيرهم ) ( 6 )
وقال عن أبو حنيفة النعمان : ( .. وأما أبو هريرة فكان يروي كل ما سمع من غير أن يتأمل في المعنى ومن غير أن يعرف الناسخ من المنسوخ ) وهذا ما رواه محمد بن الحسن ( 7 ) .. وعند أبي حنيفة الصحابة كلهم عدول ما عدا رجالاً عدَ منهم أبا هريرة !
وقال أبو جعفر الإسكافي : ( وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية .. ضربه عمر وقال له : أكثرت من الحديث وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله ) ( 8 ) .
وقال ابن الأثير : ( أما رواية أبي هريرة فشك فيها قومك لكثرتها ) ( 9 )
وقال ابن قتيبة في ( التأويل ) : ( إنه لما أتى أبو هريرة من الرواية عنه صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يأت بمثله من صحبه من جلة أصحابه والسابقين الأولين أتهموه وأنكروا عليه وقالوا : كيف سمعت هذا وحدك ؟؟ .. ومن سمعه معك !! )
نعم .. لقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( 5374 ) حديثاً كما أسلفنا ولنرى عدد الأحاديث التي رويت من قبل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين شاركوه وعاشوا معه من بداية الدعوة حتى اختاره الله إلى جواره :
أبو بكر : روى عن النبي ( 142 ) حديثاً اورد السيوطي منها في تاريخ الخلفاء ( 104 ) وله في البخاري ( 22 ) حديثاً
عمر بن الخطاب : لم يصح عنه إلا حوالي ( 50 ) حديثاً كما أثبت ذلك ابن حزم .
عثمان بن عفان : روى البخاري له ( 9 ) أحاديث ومسلم ( 5 ) .
علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : روى له السيوطي ( 58 ) حديثاً وقال ابن حزم لم يصح منها إلا خمسون حديثاً لم يرو البخاري ومسلم منها إلا نحواً من عشرين حديثاً !
الزبير بن العوام : روى له البخاري تسعة احاديث ومسلم حديثاً واحداً .
طلحة بن عبيد الله : روى له البخاري أربعة احاديث .
عبد الرحمن بن عوف : روى له البخاري تسعة احاديث .
أبي بن كعب : له في الكتب الستة ستون حديثا ونيف .
زيد بن ثابت : روى له البخاري ثمانية أحاديث واتفق الشيخان على خمسة .
سلمان الفارسي : أخرج له البخاري ( 4 ) أحاديث ومسلم ثلاثة ( 10 )
قال ابن عبد البر : اختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختلافاً كثيراً لا يحاط به ولا يضبط في الجاهلية والإسلام .. ومثل هذا الاختلاف والاضطراب لا يصح معه شيء يعتمد عليه .. وقد غلبت عليه كنيته .. فهو كمن لا اسم له غيرها وأولى المواضع باسمه المكنى ( 11 )
قال ابن قتيبة في ( المعارف ) : إن الناس اختلفوا في اسم أبي هريرة وإنه من قبيلة باليمن يقال لها ( دوس ) وقال أبو هريرة عن نفسه : نشأت يتيماً وهاجرت مسكيناً وكنت أجيراً ( لبسرة بنت غزوان ) بطعام بطني وعقبة رجلي فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدو إذا ركبوا وكنيت بأبي هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها .
كان إسلامه في سنة 7 ه .. وأكثر أحاديثه لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( 12 )
وسجل التاريخ أنه كان أكولاً نهماً يطعم كل يوم في بيت أحد الصحابة حتى كان بعضهم ينفر منه .. حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم : ( زر غباً تزدد حباً )
وفي رواية لمسلم : كنت رجلاً مسكيناً أخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ملء بطني ..
كان أبو هريرة مزاحاً مهذاراً يتودد إلى الناس ويسليهم بكثرة الحديث والإغراب في القول ليشتد ميلهم إليه ويزداد إقبالهم عليه حتى قالت عنه عائشة : ( إنه كان رجلاً مهذاراً ) ( 13 )
ولما وقع تمرد معاوية بن أبي سفيان على الإمام علي ( عليه السلام ) وانسلخ الأمويون بقيادة معاوية عن جادة الحق بقيادة علي ( عليه السلام ) .. كان من الطبيعي أن يلتحق أبو هريرة بمعسكر معاوية حيث المال والطعام والترف والسلطان والرشوة ! .. ومعسكر الإمام علي ( عليه السلام ) يفتقر إلى ذلك لأنه على الخط الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. وقد احتضن بنو أمية هذا المحدث المتقول واستعملوه لبث الدعاية لهم وتبرير عصيان معاوية لخط الإسلام باختلاقه أحاديث مختلفة .. منها قوله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن الله ائتمن على وحيه ثلاثة : أنا وجبريل ومعاوية ! أو الأمناء ثلاثة : جبريل وأنا ومعاوية !! ) وهذا ما ذكره ابن عساكر وابن عدي والخطيب البغدادي ( 14 ) .
وقال لعائشة بنت طلحة وهي مشهورة بالجمال والكمال : والله ما رأيت وجهاً أحسن منك إلا وجه معاوية على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( 15 ) !!
وأبو هريرة استخدمه معاوية للطعن بالإمام علي ( عليه السلام ) ومعسكره شر استخدام .. حتى قال في البراءة منه والإشادة بفضائل معاوية !
ومن قوله في ذلك كما رواه الأعمش : والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لكل نبي حرماً وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور , فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .. وأشهد بالله أن علياً أحدث فيها.. وكافأه معاوية على هذا الحديث بإعطائه إمارة المدينة حيث ولاه عليها وبنى له قصراً بالعقيق .. لكن أحد المسلمين تصدى لأبي هريرة يسأله : أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي ( عليه السلام ) :
( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه )
فقال : اللهم نعم .
فقال : فأشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديت وليه .. ثم قام عنه بعد أن لطمه هذه اللطمة الأليمة ( 16 )
لقد زاد معاوية في تكريم أبي هريرة حتى زوجه بسرة بنت غزوان أخت الأمير عتبة بن غزوان وهي التي كان يخدمها أيام فقره بطعام بطنه .
وذكر ابن سعد في ( طبقاته ) أنه قال : أكريت نفسي من ابنة غزوان على طعام بطني وعقبة رجلي فكانت تكلفني أن أركب قائماً وأورد حافياً فلما كان بعد ذلك زوجنيها الله فكلفتها أن تركب قائمة وأن تورد حافية !!
مات أبو هريرة سنة 59 ه عن ثمانين سنة بقصره بالعقيق , وحمل إلى المدينة ودفن بالبقيع وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وكان يومئذ أميراً على المدينة تكريماً له .. ولما كتب الوليد إلى عمه معاوية ينعى له أبا هريرة أرسل إليه معاوية : ( انظر من ترك , وادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم وأحسن جوارهم وافعل إليه معروفاً ) .
وهكذا يترادف وفدهم له حتى بعد وفاته !! ( 17 )
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
الهامش :
( 1 ) أضواء على السنة المحمدية ) ص 22 و 195 .
( 2 ) ( رجال حول الرسول ) خالد محمد خالد ص 454 .
( 3 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) ص 201 عن مجلة المنار ج 10 ص 851
( 4 ) روى ذلك ابن أبي الحديد في شرحه ج1 ص 469 .
( 5 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 204 .
( 6 ) نفس المصدر
( 7 ) ( المؤمل ) لأبي شامة ص 31 .
( 8 ) ( شرح نهج البلاغة ) ج1 ص 360 .
( 9 ) ( المثل السائر) ص 81 .
( 10 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 224 .
( 11 ) ( الاستيعاب ) لابن عبد البر ص 718 .
( 12 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 196 و 218 .
( 13 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 197 و 200 .
( 14 ) ( البداية والنهاية ) لابن كثير ص 120 .
( 15 ) ( العقد الفريد ) ج6 ص 109 .
( 16 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 216 .
( 17 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 218 .
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
لا بد لنا أن نذكر أكثر صحابي رواية لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. هو أبو هريرة ! الذي روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( 5374 ) حديثاً .. والبخاري وحده في صحيحه روى منها ( 446 ) حديثاً !! بينما لم يرو صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل علي ( عليه السلام ) وأبي بكر وعمر وعثمان وسلمان وعمار وطلحة وبلال وعبد الله بن مسعود والعباس وابنه عبد الله والزبير وأبو عبيدة وعائشة وبقية أمهات المؤمنين وغيرهم .. لم يرو هؤلاء عُشر ما رواه أبو هريرة !! علماً أنه لم يصاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا سنة واحدة وتسعة أشهر وإنه كان من عامة الصحابة وكان بينهم لا في العير ولا في النفير ( 1 ) !
يقول د . طه حسين عن أبي هريرة :
( إنه لم يصاحب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) إلا ثلاث سنين وقد روى من الحديث أكثر مما روى المهاجرون الذين صحبوا النبي بمكة والمدينة وأكثر من الأنصار الذي صاحبوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) منذ هاجر إلى المدينة حتى آثره الله بجواره .. وهذا يكفي للتحفظ والاحتياط بإزاء ما يروى عنه من الحديث ) .
لقد أفزعت كثرة رواية أبي هريرة الخليفة عمر بن الخطاب فضربه بالدرة وقال له : ( أكثرت يا أبا هريرة من الرواية وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله .. ) ثم هدده وأوعده إن لم يترك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه ينفيه إلى بلاده .
وقد أخرج ابن العساكر من حديث السائب بن يزيد : ( لتتركن الحديث عن رسول الله أو لألحقنك بأرض دوس ) ( 2 ) أي أرض قومه وأهله .. ومن اجل ذلك كثرت أحاديثه بعد وفاة عمر إذ أصبح لا يخشى أحداً بعده .
وعن الزهري عن أبي سلمى قال : سمعت أبا هريرة يقول : ( ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله حتى قبض عمر !! ) .
وقال الفقيه المحدث رشيد رضا : ( لو طال عمر عمر حتى مات أبو هريرة لما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة ) ( 3 )
وعمر بن الخطاب صادر أمواله عندما كان عامله على البحرين سنة 21 ه حينما استغل منصبه فعزله وولى مكانه عثمان بن أبي العاص الثقفي .
وممن اتهم أبا هريرة بالكذب إضافة لعمر .. عثمان بن عفان والإمام علي ( عليه السلام ) وغيرهم .. وكان الإمام علي ( عليه السلام ) سيء الرأي فيه وقال عنه : ( ألا أن أكذب الناس على رسول الله لأبو هريرة ) ( 4 )
ولما سمعه يقول حدثني خليلي !! قال له :
( متى كان النبي خليلك ؟؟ ) ( 5 )
وقال الكاتب الإسلامي الكبير مصطفى صادق الرافعي عنه : ( أول راية أتهم في الإسلام ) ..
وعائشة لما قالت له : إنك لتحدث حديثاً ما سمعته من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. أجابها بجواب لا أدب فيه ولا وقار إذ قال :
( شغلك عنه صلى الله عليه وآله وسلم المرآة والمكحلة !! ) وهذا كما رواه ابن سعد والبخاري وابن كثير وغيرهم ) ( 6 )
وقال عن أبو حنيفة النعمان : ( .. وأما أبو هريرة فكان يروي كل ما سمع من غير أن يتأمل في المعنى ومن غير أن يعرف الناسخ من المنسوخ ) وهذا ما رواه محمد بن الحسن ( 7 ) .. وعند أبي حنيفة الصحابة كلهم عدول ما عدا رجالاً عدَ منهم أبا هريرة !
وقال أبو جعفر الإسكافي : ( وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا غير مرضي الرواية .. ضربه عمر وقال له : أكثرت من الحديث وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله ) ( 8 ) .
وقال ابن الأثير : ( أما رواية أبي هريرة فشك فيها قومك لكثرتها ) ( 9 )
وقال ابن قتيبة في ( التأويل ) : ( إنه لما أتى أبو هريرة من الرواية عنه صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يأت بمثله من صحبه من جلة أصحابه والسابقين الأولين أتهموه وأنكروا عليه وقالوا : كيف سمعت هذا وحدك ؟؟ .. ومن سمعه معك !! )
نعم .. لقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( 5374 ) حديثاً كما أسلفنا ولنرى عدد الأحاديث التي رويت من قبل صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين شاركوه وعاشوا معه من بداية الدعوة حتى اختاره الله إلى جواره :
أبو بكر : روى عن النبي ( 142 ) حديثاً اورد السيوطي منها في تاريخ الخلفاء ( 104 ) وله في البخاري ( 22 ) حديثاً
عمر بن الخطاب : لم يصح عنه إلا حوالي ( 50 ) حديثاً كما أثبت ذلك ابن حزم .
عثمان بن عفان : روى البخاري له ( 9 ) أحاديث ومسلم ( 5 ) .
علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : روى له السيوطي ( 58 ) حديثاً وقال ابن حزم لم يصح منها إلا خمسون حديثاً لم يرو البخاري ومسلم منها إلا نحواً من عشرين حديثاً !
الزبير بن العوام : روى له البخاري تسعة احاديث ومسلم حديثاً واحداً .
طلحة بن عبيد الله : روى له البخاري أربعة احاديث .
عبد الرحمن بن عوف : روى له البخاري تسعة احاديث .
أبي بن كعب : له في الكتب الستة ستون حديثا ونيف .
زيد بن ثابت : روى له البخاري ثمانية أحاديث واتفق الشيخان على خمسة .
سلمان الفارسي : أخرج له البخاري ( 4 ) أحاديث ومسلم ثلاثة ( 10 )
قال ابن عبد البر : اختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختلافاً كثيراً لا يحاط به ولا يضبط في الجاهلية والإسلام .. ومثل هذا الاختلاف والاضطراب لا يصح معه شيء يعتمد عليه .. وقد غلبت عليه كنيته .. فهو كمن لا اسم له غيرها وأولى المواضع باسمه المكنى ( 11 )
قال ابن قتيبة في ( المعارف ) : إن الناس اختلفوا في اسم أبي هريرة وإنه من قبيلة باليمن يقال لها ( دوس ) وقال أبو هريرة عن نفسه : نشأت يتيماً وهاجرت مسكيناً وكنت أجيراً ( لبسرة بنت غزوان ) بطعام بطني وعقبة رجلي فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدو إذا ركبوا وكنيت بأبي هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها .
كان إسلامه في سنة 7 ه .. وأكثر أحاديثه لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( 12 )
وسجل التاريخ أنه كان أكولاً نهماً يطعم كل يوم في بيت أحد الصحابة حتى كان بعضهم ينفر منه .. حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم : ( زر غباً تزدد حباً )
وفي رواية لمسلم : كنت رجلاً مسكيناً أخدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ملء بطني ..
كان أبو هريرة مزاحاً مهذاراً يتودد إلى الناس ويسليهم بكثرة الحديث والإغراب في القول ليشتد ميلهم إليه ويزداد إقبالهم عليه حتى قالت عنه عائشة : ( إنه كان رجلاً مهذاراً ) ( 13 )
ولما وقع تمرد معاوية بن أبي سفيان على الإمام علي ( عليه السلام ) وانسلخ الأمويون بقيادة معاوية عن جادة الحق بقيادة علي ( عليه السلام ) .. كان من الطبيعي أن يلتحق أبو هريرة بمعسكر معاوية حيث المال والطعام والترف والسلطان والرشوة ! .. ومعسكر الإمام علي ( عليه السلام ) يفتقر إلى ذلك لأنه على الخط الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .. وقد احتضن بنو أمية هذا المحدث المتقول واستعملوه لبث الدعاية لهم وتبرير عصيان معاوية لخط الإسلام باختلاقه أحاديث مختلفة .. منها قوله : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن الله ائتمن على وحيه ثلاثة : أنا وجبريل ومعاوية ! أو الأمناء ثلاثة : جبريل وأنا ومعاوية !! ) وهذا ما ذكره ابن عساكر وابن عدي والخطيب البغدادي ( 14 ) .
وقال لعائشة بنت طلحة وهي مشهورة بالجمال والكمال : والله ما رأيت وجهاً أحسن منك إلا وجه معاوية على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( 15 ) !!
وأبو هريرة استخدمه معاوية للطعن بالإمام علي ( عليه السلام ) ومعسكره شر استخدام .. حتى قال في البراءة منه والإشادة بفضائل معاوية !
ومن قوله في ذلك كما رواه الأعمش : والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : لكل نبي حرماً وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور , فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .. وأشهد بالله أن علياً أحدث فيها.. وكافأه معاوية على هذا الحديث بإعطائه إمارة المدينة حيث ولاه عليها وبنى له قصراً بالعقيق .. لكن أحد المسلمين تصدى لأبي هريرة يسأله : أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي ( عليه السلام ) :
( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه )
فقال : اللهم نعم .
فقال : فأشهد بالله لقد واليت عدوه وعاديت وليه .. ثم قام عنه بعد أن لطمه هذه اللطمة الأليمة ( 16 )
لقد زاد معاوية في تكريم أبي هريرة حتى زوجه بسرة بنت غزوان أخت الأمير عتبة بن غزوان وهي التي كان يخدمها أيام فقره بطعام بطنه .
وذكر ابن سعد في ( طبقاته ) أنه قال : أكريت نفسي من ابنة غزوان على طعام بطني وعقبة رجلي فكانت تكلفني أن أركب قائماً وأورد حافياً فلما كان بعد ذلك زوجنيها الله فكلفتها أن تركب قائمة وأن تورد حافية !!
مات أبو هريرة سنة 59 ه عن ثمانين سنة بقصره بالعقيق , وحمل إلى المدينة ودفن بالبقيع وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وكان يومئذ أميراً على المدينة تكريماً له .. ولما كتب الوليد إلى عمه معاوية ينعى له أبا هريرة أرسل إليه معاوية : ( انظر من ترك , وادفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم وأحسن جوارهم وافعل إليه معروفاً ) .
وهكذا يترادف وفدهم له حتى بعد وفاته !! ( 17 )
والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
الهامش :
( 1 ) أضواء على السنة المحمدية ) ص 22 و 195 .
( 2 ) ( رجال حول الرسول ) خالد محمد خالد ص 454 .
( 3 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) ص 201 عن مجلة المنار ج 10 ص 851
( 4 ) روى ذلك ابن أبي الحديد في شرحه ج1 ص 469 .
( 5 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 204 .
( 6 ) نفس المصدر
( 7 ) ( المؤمل ) لأبي شامة ص 31 .
( 8 ) ( شرح نهج البلاغة ) ج1 ص 360 .
( 9 ) ( المثل السائر) ص 81 .
( 10 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 224 .
( 11 ) ( الاستيعاب ) لابن عبد البر ص 718 .
( 12 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 196 و 218 .
( 13 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 197 و 200 .
( 14 ) ( البداية والنهاية ) لابن كثير ص 120 .
( 15 ) ( العقد الفريد ) ج6 ص 109 .
( 16 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 216 .
( 17 ) ( أضواء على السنة المحمدية ) محمود أبو رية ص 218 .
تعليق