العمامة غطاء الرأس القديم الذي تجله العرب وتحترمه وقد ورد القول بانها (فخرهم وعزهم وافخر ملبس يضعونه على رؤوسهم) (د.جواد علي/المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام) .
وعن ابي الاسود الدؤلي حين ذكرت العمامة عند قال : (... هي تعد من عادات العرب) .
اذن ففي العمامة قيمة اعتبارية في الجاهلية والاسلام ، وللنجف الاشرف دورها في تقديس هذا الزي فالنجف جامعة علمية كبرى يقصدها طلاب العلوم الدينية من داخل العراق ومن اقطار الارض المختلفة طمعا في التحصيل والتفوق ولايعرف طالب العلم منهم ابتداءً الا بالعمامة .. ان هذا الارتباط الجدلي بين العمامة والدين يمتد الىعمق الزمن حتى يتصل بقادة الفكر الاسلامي ثم الائمة الاطهار من ال البيت عليهم السلام .
وان هذه العلاقة المقدسة يتمسك بها المسلمون عامة ويجدون في العمامة رمزا لعقيدتهم ودليلا على التزامهم وتواصلهم مع مآثرهم ثم ان العمامة تعني ديمومة الاتصال باخلاق الاسلام وتوفير الاطمئنان وحسن النية في الانقياد لهذه الشريحة المكلفة شرعا بهداية الناس وتوعيتهم وارشادهم الى صلاح دنياهم واخرتهم امتثالا لقول الله تبارك وتعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذرواقومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) ... من هنا جاءت قدسية العمامة فهي ليست زياً عاديا مجردا من القيم والمثل العليا . ولذا لايجرؤ الجهلة والمجرمون على وضعها فوق رؤوسهم فيتصدى لهم اصحاب الشأن او انهم يصبحون موضع سخرية واستهجان وتشهير في الاوساط العامة والخاصة .
وقد حافظت العمامة على قدسيتها وقيمتها الاعتبارية السامية على الرغم من كل الظروف الشاذة والانحدار السلوكي عند كثير من العامة وذلك بفضل الرموز العلمية العالية والاسر النجفية المحافظة على قيمها وتدينها وتواصلها في تحصيل العلوم الشرعية وفقه آل البيت عليهم السلام ، ووجود الحوزة بل وثباتها وفاعليتها في النجف الاشرف ولم تنزو العمامة في زوايا المدارس الدينية والمساجد واماكن الدرس الاخرى حين يدعوها داعي الدفاع عن الاسلام والمسلمين في العالم ، وان التاريخ المعاصر قد حفظ لنا سجلا حافلا باجل واشجع المواقف الجهادية المباشرة وغير المباشرة .
ففي العراق خصوصا قادت العمامة حركة الجهاد ضد المحتلين الانكليز في الشعيبة عام 1914 وقادت ثورة النجف عام 1918 وقادت ثورة العراق الكبرى عام 1920 وكانت وراء اختيار احد انجال الشريف الحسين ملكا على العراق عام 1921 ووقفت تدعو لمقاطعة انتخابات المجلس التأسيسي لمنع تمرير المعاهدة العراقية البريطانية عام 1922 الى غير ذلك من المواقف الوطنية الصادقة عبر تاريخ العراق الحديث .
وبعد ان اجملنا الحديث في الجانب المعنوي للعمامة لنتحول الى الجانب المادي لها فلقد كانت لباسا عاما ثم اصبحت لباسا خاصا لطلبة العلوم الدينية الذين يطلق عليهم عبارة رجال الدين فجميعهم الا القليل منهم ينفرون بزي خاص عماده العمامة ومايناسبها من اللباس وهو معروف مشهور .
يقول الشيخ محمد جواد مغنية (كان اللباس في عهد الرسول (ص) والخلفاء الراشدين واول عهد العباسيين واحدا لاتمييز فيه لاحد على احد فلا فرق بين لباس العالم والجاهل ولابين رجل الدين وغيره ، فالنبي (ص) وخلفاؤه واصحابه جميعا كانوا يلبسون كما تلبس الناس وكان العالم يعرف بهديه وآثاره لابثيابه ومظاهره ، واول من غير لباس رجال الدين في الاسلام الى هيئة خاصة هو ابو يوسف (قاضي قضاة في عهد هارون العباسي ) تلميذ ابي حنيفة (الشيعة في الميزان) .
واختصت العمامة باللون الابيض الا عند السادة المنحدرين بانسابهم من الامام علي وسيدة النساء فاطمة (عليهما السلام) فانهم يلبسون العمائم السود تمييزا لهم ، ومما يزيدهم تقديرا على ماهم عليه من رفيع النسب وباذخ الشرف .
ويجدر بنا ان نذكر الاحتفال الذي يقام للشخص عندما يعتم لاول مرة فقد كان للبس العمامة اول ماتلبس شأن اختتام القرآن وماشاكل ذلك (جعفر الخليلي / هكذا عرفتهم) وقد اقتصر في الاونة الاخيرة على حضور مجموعة من الطلبة في الحوزة الشريفة يتقدمهم اكبرهم سنا او وجيه الحضور ليضع العمامة على راس الشاب مباركا وداعيا له بالتوفيق والصلاح ويتقدم الحاضرون بالتهاني والدعاء . وقد تجري هذه العملية تحت قبة مرقد الامام علي (ع) تبركا (طالب علي الشرقي / النجف الاشرف ، عاداتها وتقاليدها) .
وبخصوص شكل العمامة فلم تبق على اصلها بل تاثرت العمامة العربية بشكل العمامة الهندية .كما هناك فوارق في لف العمامة وحجمها وخاصة عند الوافدين على الحوزة من الاقطار الاسلامية وربما تجد لكل جالية اجنبية لفة خاصة يمكن ان تميزهم منها كالهندي والافغاني والتبتي والباكستاني والفارسي . اما حجم العمامة فقد تأثر هو الاخر ومال اغلب لابسيها الى تصغير حجمها والتزم البعض الاخر بالحجم الاعتيادي وقد يكبر حجمها بشكل ظاهر كلما كبر مقام لابسها في الغالب وهذا هو المشهور .
ومهما يكن شكل العمامة وحجمها ولونها فانها تبقى محاطة بالاحترام والقدسية مادامت مرتبطة حقا بقدسية الدين الحنيف وساهرة على مصالح الناس في الامور الجوهرية المتعلقة بتنظيم حياة المسلمين الشرعية والاجتماعية والسياسية .
بقلم : طالب علي الشرقي
تحياتي
وعن ابي الاسود الدؤلي حين ذكرت العمامة عند قال : (... هي تعد من عادات العرب) .
اذن ففي العمامة قيمة اعتبارية في الجاهلية والاسلام ، وللنجف الاشرف دورها في تقديس هذا الزي فالنجف جامعة علمية كبرى يقصدها طلاب العلوم الدينية من داخل العراق ومن اقطار الارض المختلفة طمعا في التحصيل والتفوق ولايعرف طالب العلم منهم ابتداءً الا بالعمامة .. ان هذا الارتباط الجدلي بين العمامة والدين يمتد الىعمق الزمن حتى يتصل بقادة الفكر الاسلامي ثم الائمة الاطهار من ال البيت عليهم السلام .
وان هذه العلاقة المقدسة يتمسك بها المسلمون عامة ويجدون في العمامة رمزا لعقيدتهم ودليلا على التزامهم وتواصلهم مع مآثرهم ثم ان العمامة تعني ديمومة الاتصال باخلاق الاسلام وتوفير الاطمئنان وحسن النية في الانقياد لهذه الشريحة المكلفة شرعا بهداية الناس وتوعيتهم وارشادهم الى صلاح دنياهم واخرتهم امتثالا لقول الله تبارك وتعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذرواقومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) ... من هنا جاءت قدسية العمامة فهي ليست زياً عاديا مجردا من القيم والمثل العليا . ولذا لايجرؤ الجهلة والمجرمون على وضعها فوق رؤوسهم فيتصدى لهم اصحاب الشأن او انهم يصبحون موضع سخرية واستهجان وتشهير في الاوساط العامة والخاصة .
وقد حافظت العمامة على قدسيتها وقيمتها الاعتبارية السامية على الرغم من كل الظروف الشاذة والانحدار السلوكي عند كثير من العامة وذلك بفضل الرموز العلمية العالية والاسر النجفية المحافظة على قيمها وتدينها وتواصلها في تحصيل العلوم الشرعية وفقه آل البيت عليهم السلام ، ووجود الحوزة بل وثباتها وفاعليتها في النجف الاشرف ولم تنزو العمامة في زوايا المدارس الدينية والمساجد واماكن الدرس الاخرى حين يدعوها داعي الدفاع عن الاسلام والمسلمين في العالم ، وان التاريخ المعاصر قد حفظ لنا سجلا حافلا باجل واشجع المواقف الجهادية المباشرة وغير المباشرة .
ففي العراق خصوصا قادت العمامة حركة الجهاد ضد المحتلين الانكليز في الشعيبة عام 1914 وقادت ثورة النجف عام 1918 وقادت ثورة العراق الكبرى عام 1920 وكانت وراء اختيار احد انجال الشريف الحسين ملكا على العراق عام 1921 ووقفت تدعو لمقاطعة انتخابات المجلس التأسيسي لمنع تمرير المعاهدة العراقية البريطانية عام 1922 الى غير ذلك من المواقف الوطنية الصادقة عبر تاريخ العراق الحديث .
وبعد ان اجملنا الحديث في الجانب المعنوي للعمامة لنتحول الى الجانب المادي لها فلقد كانت لباسا عاما ثم اصبحت لباسا خاصا لطلبة العلوم الدينية الذين يطلق عليهم عبارة رجال الدين فجميعهم الا القليل منهم ينفرون بزي خاص عماده العمامة ومايناسبها من اللباس وهو معروف مشهور .
يقول الشيخ محمد جواد مغنية (كان اللباس في عهد الرسول (ص) والخلفاء الراشدين واول عهد العباسيين واحدا لاتمييز فيه لاحد على احد فلا فرق بين لباس العالم والجاهل ولابين رجل الدين وغيره ، فالنبي (ص) وخلفاؤه واصحابه جميعا كانوا يلبسون كما تلبس الناس وكان العالم يعرف بهديه وآثاره لابثيابه ومظاهره ، واول من غير لباس رجال الدين في الاسلام الى هيئة خاصة هو ابو يوسف (قاضي قضاة في عهد هارون العباسي ) تلميذ ابي حنيفة (الشيعة في الميزان) .
واختصت العمامة باللون الابيض الا عند السادة المنحدرين بانسابهم من الامام علي وسيدة النساء فاطمة (عليهما السلام) فانهم يلبسون العمائم السود تمييزا لهم ، ومما يزيدهم تقديرا على ماهم عليه من رفيع النسب وباذخ الشرف .
ويجدر بنا ان نذكر الاحتفال الذي يقام للشخص عندما يعتم لاول مرة فقد كان للبس العمامة اول ماتلبس شأن اختتام القرآن وماشاكل ذلك (جعفر الخليلي / هكذا عرفتهم) وقد اقتصر في الاونة الاخيرة على حضور مجموعة من الطلبة في الحوزة الشريفة يتقدمهم اكبرهم سنا او وجيه الحضور ليضع العمامة على راس الشاب مباركا وداعيا له بالتوفيق والصلاح ويتقدم الحاضرون بالتهاني والدعاء . وقد تجري هذه العملية تحت قبة مرقد الامام علي (ع) تبركا (طالب علي الشرقي / النجف الاشرف ، عاداتها وتقاليدها) .
وبخصوص شكل العمامة فلم تبق على اصلها بل تاثرت العمامة العربية بشكل العمامة الهندية .كما هناك فوارق في لف العمامة وحجمها وخاصة عند الوافدين على الحوزة من الاقطار الاسلامية وربما تجد لكل جالية اجنبية لفة خاصة يمكن ان تميزهم منها كالهندي والافغاني والتبتي والباكستاني والفارسي . اما حجم العمامة فقد تأثر هو الاخر ومال اغلب لابسيها الى تصغير حجمها والتزم البعض الاخر بالحجم الاعتيادي وقد يكبر حجمها بشكل ظاهر كلما كبر مقام لابسها في الغالب وهذا هو المشهور .
ومهما يكن شكل العمامة وحجمها ولونها فانها تبقى محاطة بالاحترام والقدسية مادامت مرتبطة حقا بقدسية الدين الحنيف وساهرة على مصالح الناس في الامور الجوهرية المتعلقة بتنظيم حياة المسلمين الشرعية والاجتماعية والسياسية .
بقلم : طالب علي الشرقي
تحياتي
تعليق