بسم الله الرحمن الرحيم


قد يعجب المرء أن تصبح عاصمة بني أمية مركزاَ مرموقاً للشيعة .ولكن هذه حكمة الله في أهل البيت . تلك الشجرة المباركة التي اصطفاها الله سبحانه وتعالى بالشرف والكرامة والمحبة والعلم والسماحة والسموّ والعزوالخلود.

كان هذا خلال فترة حكم الحمدانيين والفاطميين لسورية وذلك نحو أربعمائة سنة ، فعلى المنابر التي كان يسب فيها الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مدة ثمانين عاماً ، علا صوت المؤذن بنداء (حي على خير العمل ) الذي حذفه الخليفة الثاني وصار شعاراً تمسك به الشيعة ليتمثلوا بما جاء به سيد المرسلون صلى الله عليه وآله وسلم .

كانت بداية تواجد الشيعة في بلاد الشام من الصحابي الجليل أبوذر الغفاري الذي سيره الخليفة الثالث ليتخلص منه بدهاء معاوية فعندما تشيع الناس على يده أخرجه معاوية إلى القرى اللبنانية فأقام في جبل عامل فتشيعت المناطق كلها على يده رضوان الله عليه .
ظل الشيعة في سورية يعيشون في جو صعب وتوتر مستمر لوجودهم في أغلبية سنية، كان هؤلاء يمالؤون السلطة الأموية الحاقدة على الشيعة . وظل السنة يجهلون حقيقة الشيعة فأخذوا يفترون عليهم ويتهمونهم بالأباطيل وظلت مسبة أمير المؤمنين على منابر الشام ألف شهر . وورثت أحفادهم الحقد والكراهية لكل من انتسب لمذهب أهل البيت عليهم السلام ... هذا كله بسبب الدعاية الإعلامية التي سوقها معاوية وابنه وأحفاده ومن سار على دربهم ...
ونحن هنا ندعو شباب ورجالات هذا الزمان من السنة بأننا دائماً نمد يد التقارب لنوحد صفنا ضد أعداء الدين . فقط نطالبهم بمزيد من المعرفة والإطلاع على مذهب أهل البيت بكل موضوعية وشفافية وعدل .
وهذا أول اجتماع من نوعه سيتم اليوم الأربعاء في حضرة السيدة رقية عليهاالسلام حيث سيتم إحياء حفل المولد المبارك بحضور لفيف كبير من علماء الشيعة والسنة تحت قبة شريفة من قباب أهل البيت عليهم السلام .. وسيكون هذا الحفل خطوة رائعة باتجاه التقارب مابين المذاهب .

يبلغ تعداد الشيعة الإمامية الإثنى عشرية في سورية حوالي( 2% )يعني مايقارب 250 ألف نسمة ، إلا أنهم والحمد لله على درجة جيدة من الوعي ووالثقافة والعلم ومستواهم الإجتماعي لابأس به وبعضهم يتسلم مناصب رسمية في الدولة . سبب هذا كله الإضطهاد المذهبي الذي جعل الشيعة يتمسكون أكثر بمذهبهم ويتزودون بالعلم والثقافة لقناعتهم أنه سبب قوتهم . وقد هيّأ الله تعالى لهم علماء أجلاء خططوا لهذا الأمر وكان على رأسهم الحجة السيد محسن الأمين ، والحجة السيد حسين يوسف مكي ، قدس الله روحهما وكلاهما من جبل عامل .

تمركز الشيعة في كل أنحاء سورية بنحو 35 موضعاً سنفصلها لكم :


-في منطقة الجزيرة في الشمال الشرقي منطقة الحدود العراقية التركية فهم عشيرتان من العراق أقاموا في تلك المنطقة يرجع نسبهم إلى الإمام الهادي عليه السلام . ولكنهم ذابوا مع السنة المتواجدون هناك .

-في حلب : انتشر التشيع هناك إبان قيام الدولة الحمدانية المظفرة التي قامت دولتها المنيعة من الموصل شرقا إلى حلب غرباً وكانت سداً منيعاُ ضد الغزو البيزنطي للأمة العربية الإسلامية بين سنة 281-386 هــ وذلك بقيادة سيف الدولة الحمداني الذي كان مسلماً شيعياً إمامياً. وبعد هذه الفترة سيطرت الدولة الفاطمية على سورية ومصر فظل النفوذ الشيعي على حلب إلى أن جاء القائد نور الدين محمود الزنكي سنة 543 هـــ فشن حملة شعواء ضد الشيعة وأراد محوهم من الوجود ، ثم جاءت من بعده مرحلة أشد على الشيعة في الثلث الأخير من القرن السادس حيث جاء الزنكيون وكان قائدهم الكردي صلاح الدين الأيوبي من مصر وهاجم سورية ووصل إلى حلب وعمل فيها مذبحة ضد الشيعة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها كان ضحيتها الآلاف من الشيعة، والذين نجوا من هذه المذبحة لجؤوا إلى القرى القريبة من حلب ، واستمر الإضطهاد على الشيعة إلى القرن العاشر الهجري من هذه القرى :

-نبُّل : تقع شمالي حلب 22 كم وكل سكانها شيعة عددهم 20ألف نسمة .
-الزهراء النغاولة سابقاً: وهي قرية قريبة من نبل عددهم 15ألف نسمة .
-الفوعة : وهي قرية شرق ادلب كل سكانها شيعة عددهم 15ألف نسمة .
-كفريا : تقع غرب الفوعة وأيضا سكانها شيعة عددهم 4 آلاف نسمة.
-معرتمصرين : تقع شمال كفريا ربع سكانها شيعة عددهم 4آلاف نسمة.
-توجد أقلية شيعية في منبج والباب ودير الجمال (منطقة أعزاز).
-أما لواء اسكندرون فمعظمهم علويون وشيعة .


-في حمص: في حمص وقرى شرق حمص يوجد أكثر من 70 ألف نسمة . متوزعة على عشرين قرية: أم العمد 15ألف نسمة .البويضة 20ألف نسمة . تل خزنة – أم التين – أم رجيم – أم جباب – تل أغر – الجينات – مخرم فوقاني – الحميدية – النجمة _ الأشرفية – الثابتية ... وفي غرب حمص منطقة الدلبوز فيها 15 ألف نسمة .. وفيها : رام جتل – الغور- زيتا -

-في درعا : يوجد حوالي ألف نسمة ويوجد أقلية مهاجرين من لبنان تمركزوا في عدة مناطق : الشيخ مسكين –نوى- مزيريب – المليحة –الكسوة.

-في بصرى: تقع بصرى شرق درعا وفيها سنة وشيعة يوجد في حياتهم المشتركة هذه بعض التوترات ولكن الشيعة صابرين .


-في دمشق:تعتبر دمشق من أقدم مدن العالم وبعد الفتح الإسلامي أصبحت عاصمة للدولة الأموية ورغم العداء المكين بين الشيعة والأمويين فقد تواجد الشيعة في دمشق منذ القرن الأول الهجري وعظم شأنهم في الدولة الفاطمية وقد تمركزوا أخيراً في عدة مناطق :

-الخراب (حي الأمين حالياً) : يبلغ تعداد الشيعة فيها حوالي 30 ألف نسمة ،تقع شرقي دمشق القديمة وهذه المنطقة فيها خليط من المسيحيين واليهود والمسلمين السنة . سميت بالخراب لأنها تعرضت لخراب قوي بعد عدة زلازل ضربت سورية وفلسطين ، ويوجد تحت هذه المنطقة ركام حضارات كثيرة عمورية وآرامية ويونانية رومانية وإسلامية . سميت منطقة الخراب بحي الأمين تخليداً لذكر العلامة الحجة السيد محسن الأمين الحسيني العاملي قدس الله روحه الطاهرة ،المتوفى سنة 1371 هــ. وهو مدفون الآن في جوار الحضرة الزينبية لمكانته العلمية المرموقة وله كتب عديدة أبرزها (أعيان الشيعة).. كان له دوراً كبيراً في نقل الشيعة في دمشق خاصة وسورية عامة من الظلمات والجهل إلى النور وعلم أهل البيت عليهم السلام . ورغم أن تعداد الشيعة على أيامه ما يقارب العشرة آلاف نسمة فقد ساهم معهم بتأسيس مؤسسات علمية وإجتماعية مهمة من مدارس وجمعيات خيرية للمرضى والفقراء ومنتديات رياضية (وهذا كله من مال الخمس والهبات) هذه الملاحظة فقط للذين يتهمون علماءنا بالباطل في تصرفهم بأموال الخمس وهم أعداء الحقيقة .. ويعد حي الأمين أهم مركزاً للشيعة في سورية وفيه مسجدان الأول مسجد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وحسينية نشاطها على مدار السنة . إمام الجماعة حالياً هو زعيم الطائفة الجعفرية في سورية وهو العلامة المجتهد علي مكي نجل المغفور له الحجة السيد حسين مكي العاملي . والمسجد الآخر مسجد الزهراء عليها السلام .

-الجورة ( حي الإمام جعفر الصادق ع): تعداد سكانها حوالي 10آلاف نسمة . تقع هذه المنطقة شرقي السيدة رقية عليها السلام . وفيهامسجد كبيرمسجد الإمام جعفرالصادق وحسينية .و أيضاً فيها المدارس وجمعيات ومنديات خاصة بالطائفة .

-الصالحية ( زين العابدين ع) : تعداد الشيعة فيها حوالي 10آلاف نسمة تقع على سفح جبل قاسيون وفيها مسجد وحسينة.

-حوش الصالحية : وهي بلدة صغيرة في الغوطة الشرقية وفيها مسجد وحسينية ..

-ويوجد عدد كبير من الشيعة العراقيين في منطقة السيدة زينب عليها السلام ، وحولها الكثيرمن الحسينيات والحوزات العلمية ومكاتب المراجع الكرام .


هذا مااستطعنا جمعه من معلومات عن الشيعة الجعفرية الإمامية الإثنى عشرية في سورية،و نسأل الله العلي القدير أن يعزّ شيعة أهل البيت أينما كانوا وأن يوحِّد كلمتهم ويلمّ شملهم ,وأن يوفق علماءنا لما فيه خير الأمــــــّة الإسلامــيــــــــة . والله الموفق .