ينقل التاريخ أن فقيراً جاء الى الإمام علي عليه السلام ،وسأله شيئاً لقضاء حوائجه، فأعطاه الإمام ثم بكى فتسأل أصحابه بغرابة عن سبب بكائه فقال الإمام بما معناه: بكيت لأنه أراق ماء وجهه باضطراره إلى السؤال وأخاف أن لايكون لي أجر عند الله .
والاسلام لا يجيز لنا أن نريق ماء وجوهنا لأحد، لأن كرامتنا ليست ملكاً من أملاكنا ،وإنما هي ملك لله ، فكيف باراقتنا لماء وجوه الآخرين !
فإن نريق ماء وجوه الآخرين ،امر لايجيزه الاسلام بل الاسلام يأمرنا بان نحافظ على شخصيات الآخرين وان لانهينها ولانحرجها وان نحافظ على مشاعرها وعواطفها.
والأمر الذي يجب ان ندركه انا وانت ، ان مشاعر الناس ، واحاسيسهم ليست من الحديد الصلب،ولا من الخرسانة المسلحة ،بل هي كالزجاج الذي يتكسر على اثر صدمة صغيرة ، وإذا ما انكسر الزجاج فإنه تصعب إعادنه الى حالته الأصلية .
بل حتى الطفل لايجوز لنا ان نجرح مشاعره ،ونريق ماء وجهه امام الآخرين ، لأن ذلك يحدث فيه جرحاً لايلتئم بيسر. ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لبعض الآباء حينما يأتون اليه بأطفالهم ليؤذن في آذانهم فيبولون على ثياب النبي فكان الآباء ينهرونهم كان يقول له بما معناه:
(دعه يكمل بوله، فإن هذا الثوب يطهره الماء، وماذا يطهر نفسية الطفل)؟
ومن الأمور التي تعمل على إراقة ماء وجوه الآخرين، الإفراط في الملامة،والعتاب،والمن على الآخرين بتقديم الخدمات،والمساعدات،والنقد الجارح،وخصوصاً أمام المجموع.
يقول الإمام علي عليه السلام :
(إياك ان تكرر العتب،فإن ذلك يغري بالذنب،ويهون العتب)
ويقول عليه السلام طعن اللسان أمضى من طعن السنان)
وكما يقول الشاعر:
جراحات السنّان لها التيام ولا يلتأم ماجرح اللسان
ورب كلمة تقولها لشخص وقد تتصور أنها عادية –تحرجه،وتغير ألوانه ،وقد تمرضه ،ورب رمز او اشارة تفعل فيه كما تفعل الكلمة المهينة المحرجة ،او الفعل المحرج.
فلكي تكون معاملتك للناس حكيمة ناجحة اعمل على ان تحفظ للآخرين شخصاتهم،وكرامتهم ،ولاترق ماء وجوههم ، ولاتحرجهم ،كما تحب ان يعاملوك كذلك