نقلا: عن شبكة راصد
------------------------
الاندبندنت - « بقلم: ضاحي حسن - بي بي سي «لندن» » - 7 / 5 / 2006م - 2:24 ص

تقرير يفضح المؤامرة المستمرة لهدم ما تبقى من التراث الاسلامي في مكة المكرمة
تظهر صور لمكة لم تنشر من قبل مدى التواطؤ بين المتدينين المتعصبين الذين يسيطر عليهم هاجس أن يروا الناس متعلقين بشيء إلى درجة الحب الأعمى وبين طبقة رجال الأعمال والمقاولين الذين دمروا التراث الإسلامي المتنوع للمدينة.
هكذا بدأ دانيال هاودن تقريره المفصل في صحيفة الإندبندنت الصادرة صباح الأربعاء، إذ أفردت الصحيفة صفحتين كاملتين للتحقيق المصور عن التراث الإسلامي في مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.
ويصف التحقيق الذي جاء تحت عنوان فرعي يقول «عار على بيت آل سعود» كيف أتت مشاريع التنمية والتطوير الحديثة في مكة على معظم المعالم العمرانية والتراثية الإسلامية في المدينة.
شبح قاتم:
يقول التحقيق: «إن هناك شبحا قاتما من الحزن والكآبة يخيم على المكان الأكثر قدسية في الإسلام. فعلى بعد أمتار فقط من جدران المسجد الكبير(الحرم المكي) في مكة تشمخ ناطحات السحاب لتعانق السماء ولتحجب النور عن المكان رويدا رويدا».
ويضيف التقرير: «لقد قزمت تلك الأبراج المبهرجة الوافدة على المكان الحجر الأسود الأنيق الذي تشخص إليه أنظار الملايين الأربعة من المسلمين الذين يئمون الموقع سنويا لأداء مناسك الحج».
مجمعات برجية:

سامي عنقاوي
وتقول الصحيفة إن المجمعات البرجية في مكة تشكل الدليل الأحدث والأكبر على تدمير التراث الإسلامي للمدينة حيث أصبحت المواقع التاريخية القديمة أثرا بعد عين بسبب تلك الأبراج.
يذكر أن صحيفة الإندبندنت كانت نشرت في شهر أغسطس/ آب الماضي تحقيقا مشابها ذكرت فيه أن «المدن التاريخية لمكة والمدينة تتعرضان الآن لاعتداء غير مسبوق من قبل المتشددين الدينيين وأنصارهم من التجار».
وفي معرض رده عل ذلك التحقيق كتب الأمير تركي الفيصل، السفير السعودي الحالي في واشنطن والذي كان يشغل حينذاك منصب سفير بلاده في لندن: «إن السعودية أنفقت مبلغ 19 مليار دولار أمريكي لترميم وصيانة المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة».
صور جديدة:
ولكن الصحيفة تقول إن الصور الجديدة التي يفرج عنها للمرة الأولى تظهر بوضوح وتوثق عملية هدم مواقع أثرية هامة في المدينة وكيف أنها تستبدل بناطحات سحاب جديدة هي الآن قيد الإنشاء.
وتعتقد الصحيفة أن القوة الدافعة التي تقف وراء عمليات هدم المعالم التراثية الإسلامية في المدينة هي الفكر الوهابي، «وهو عقيدة الدولة التي جلبها معهم آل سعود عندما غزا ابن سعود شبه الجزيرة العربية عام 1920».
وينقل الكاتب عن الدكتور عرفان أحمد العلوي، رئيس مؤسسة التراث الإسلامي، قوله إن قبر آمنة بنت وهب أم الرسول محمد، والمكتشف عام 1998 هو مثال حي لما يحدث في المدينة.
هدم القبور:
«لقد تم هدم القبر الواقع في أبوا بالبلدوزر وصب عليه زيت البنزين. ورغم تقدم آلاف المسلمين عبر العالم بالتماسات إلى الحكومة السعودية لاتخاذ إجراءات عاجلة إلا أنه ما من شيء استطاع الحؤول دون هدم القبر».
ويعدد التحقيق بعض المعالم البارزة التي تم هدمها في مكة ومنها: منزل خديجة زوج الرسول، الذي هدم ليفسح المجال لبناء مراحيض ومغاسل عامة، ومنزل أبو بكر الذي يقوم مكانه الآن فندق هيلتون، ومنزل علي العريض ومسجد أبو قبيس.. وغيرها.
ويقتبس الكاتب عن الدكتور سامي العنقاوي، وهو مهندس معماري من منطقة الحجاز سخر حياته للمحافظة على ما تبقى من تراث مكة، قوله إن الوداع الأخير لمكة قد أزف.
ويضيف الدكتور العنقاوي:«إن ما نشهده اليوم هو الأيام الأخيرة لمكة والمدينة».
الترجمة الكاملة للتحقيق:
هناك ظلال متزايدة تُلقى على موقعِ الإسلامِ الأقدسِ. فقط بعد بضعة أمتار مِنْ حيطانِ المسجدِ الكبيرِ ناطحاتِ سحاب مكة المكرمة تَصِلُ بعيدا إلى السماءِ، تحْجبُ الضوءَ ببطئ. تُُقزّم الأبراج الجُدد الهائلة والمبهرجةِ الحجر الأسودِ الرائعِ للكعبة، النقطة المركزية للمسلمين الأربعة ملايين الذين يحجَّون سنويا.
إنّ العمارات العاليةَ هي آخر وأكبرِ دليلِ على دمارِ التراثِ الإسلاميِ الذي مُسحَ تقريباً كُلّ المدينةِ التاريخية مِنْ المنظر الطبيعي. كما كشفنا في الاندبندنت في أغسطس/ آب الماضي، المُدن التاريخية لمكة المكرمة والمدينة تحت هجومِ لم يسبق له مثيلِ مِنْ المتطرفين الدينيينِ ومُساندوهم التجار.
وردَّاً على المقالةِ، قالَ الأميرَ تركي الفيصل بأنّ العربية السعودية كَانتْ تَصْرفُ أكثر مِنْ 19$ بليون (11£ بليون) لصيانة وترميم هذه المكانين المقدّسين. «(نحن مدركون) كَم هو مهم حفظ هذا التراثِ، ليس فقط إلينا لكن إلى ملايينِ المسلمين من حَولِ العَالَمِ الذين يَزُورون المسجدان المقدّسان كُلّ سَنَة. هو من غير المحتمل أن نَسْمحُ لكي يُحطّمَ.»
هذا النفي يأتي على خلاف مع سلسلة الصورِ الممنوعة سابقاً، التي تنشر اليوم، والتي تُوثّقُ تهديمَ المواقعِ الأثريةِ الرئيسيةِ وإبدالِها بناطحاتِ السحاب.
أشرفتْ السلطاتُ الدينية السعودية على حملة تهديمِ استمرت لعقود والتي مهّدتْ الطريق أمام المطوّرين لبَدْء مرحلة بناء الفنادقِ المتعددةِ الطوابقِ، مطاعم، مراكز تسوق وعِمارات سَكنية ممتازة على مِقياس غير مرئي لدبي. إنّ القوة الدافعةَ وراء هذا التهديمِ التاريخي هم الوهابيةُ الدين الرسمي الصارم الذي جلبه البلاط السعودي مَعه عندما فَتحَ إبن سعود شبه الجزيرة العربية في العشريناتِ.
يَعِيشُ الوهابيون في الخوفِ المُتعصّبِ من أن تنال تلك الأماكنِ الاهتمام التاريخي أَو الدينيِ ويُمْكِنُ أَنْ تصبح الأشكالِ البديلةِ عن الحجِّ أَو العبادةِ. هوسهم بمُقَاتَلَة عبادةِ الأصنام رَأى بأنّ يُسطّحونَ كُلّ دليل ماضي الذي لا يُوافقُ تفسيرَهم عن الإسلامِ.
عرفان أحمد العلاوي، رئيس مؤسسةِ التراثِ الإسلاميةِ، بَدأَ حملة لحِماية الأماكن المقدّسةِ، يقول: حالة قبر آمن بنت وهب، أمّ النبي، الذي اكتُشف في عام 1998، مثال لما يحدث، «هُدّمَ في منطقة (أبوا) وصبوا غازولين عليه. بالرغم من أنَّ آلاف العرائضِ في كافة أنحاء العالم الإسلامي أُرسلت إليهم، لا شيء يُمْكِنُ أَنْ يَوقفَ هذا العملِ.»
اليوم هناك أقل مِنْ 20 أثر باقيةِ في مكة المكرمة والتي تَعُودُ إلى عصر النبي قبل 1400 سنةً. الدعاءُ أن يبقى هذا التأريخِ المفقودِ: بيتِ خديجة، زوجة النبي، هدّمَ لفَسْح المجال لبناء مراحيضِ عامّةِ؛ بيت أبو بكر، رفيق النبي، الآن موقع فندقِ هيلتون المحليّ؛ بيت علي العريض، حفيد النبي، ومسجد أبو قُبيس، الآن موقع قصرِ الملكَ في مكة المكرمة.
رغم أن نفس السلالةِ الغنية بالنفطِ التي ضَخّتْ المالَ إلى نظامِ الطالبانَ بينما فجّروا بوذا باميان في أفغانستان قبل ستّة سنوات تَفادى نقدَ دوليَ حتى الآن للأَفْعالِ المماثلةِ مِنْ التخريبِ في البيت.
مي يماني، مُؤلفة «مهدِ الإسلامِ»، قالت بأنّه كَانَ هناك وقتاً للحكوماتِ الإسلاميةِ الأخرى لرفض ثروة آل سعود النفطيةِ والتأثير والتكلم. «الذي يُقلقُ في الأمر بأنّ العالمِ لا يَستجوبُ عائلة آل سعود حامية أهم مكانين مقدسين في الإسلامِ. هذه المواقعَ التي مثل هذه الأهميةِ إلى أكثر من بليون واحد مسلمِ ورغم ذلك دمارِهم مهملُ،». تقول «عندما النبي أهينَ من رسّامي الكاريكاتير الدانمركيين وإذا بآلافِ مِنْ الناسِ نزلت الشوارعَ للاحتجاج. أماكم تَعلّقتْ بالنبي وهي جزءَ من تراثِهم ودينِهم لَكنَّنا لا نَرى أي قلقِ مِنْ المسلمين.»
عامة الناس، وفي بَعْض الحالاتِ حتى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يُمْكِنُ أَنْ يُغْفَر لهم للتَفْكير بأنّ البلاط السعودي كَان وصيا على المكانين المقدّسينِ منذ زمن سحيق. في الحقيقة، هو فقط 80 سنةُ منذ أن احتل الزعيمَ العشائريَ ابن سعود مكة المكرمة والمدينة. البلاط السعودي ارتبط بالوهابيةَ منذ مصلحِ القرن الثامن عشرَ الدينيَ محمد ابن عبد الوهاب الذي وقّع حلف مَع ابن محمد سعود في 1744. المحاربون المتطرفون الوهابيون ساعدوه لفَتْح مملكة للزعماءِ العشائريينِ. البلاط السعودي حَصلَ على ثروتِه وقوَّتِه، ورجال الدين حَصلوا على عربةِ الدولة التي احتاجوها لنشر عقيدتِهم الأصوليةِ حول العالمِ. احتاج حاكمُ هذه المملكةِ الجديدةِ الشرعيةِ لإعْلان نفسها «حامي الحرمين المقدّسينِ».
لكن تلك الشرعيةِ جاءتْ على حساب تنوعِ المسلمين الذين ينظرون إلى مكة المكرمة للتوجيهِ. في يوم مسؤول، أهدرَ الوهابيون وقت صَغير في مُرَاقَبَة الحجِّ. بحدود 1929، حجاج مصريون رُفِض الترخيص لهم أَنْ يحتفلوا بمناسكِ Mahmal الملوّنة وأدى إلى قتل أكثر مِنْ 30 شخص. في ذلك الوقت قَطعتْ مصر العلاقات الدبلوماسية مَع العربية السعودية. بِضْع حكوماتِ واجهتْهم حينها.
بدلاً مِن ذلك، فتماثل مواقعِ الإسلامِ الأقدسِ سُمِحَ للتَعجيل بحملة التهديمِ والذي يُهدّدُ مسقطَ رأس النبي بنفسه الآن. نَجا الموقعُ من العهدِ المبكّرِ لابن سعود قبل 50 سنةً عندما أقنع المُصمّم للمكتبةِ المُخَطَّطةِ الحاكمَ المُستبدَ للسَماح له لإبْقاء البقايا تحت التركيبِ الجديدِ. وتُخطّطُ السلطاتُ السعوديةُ الآن لـ «تَجديد» الموقعِ مَع موقف سيارات والذي يَعْني التحجير على البقايا.

الوهابيون يهدمون بيت النبي في مكة
«تَحتاجُ عائلة آل سعود لكَبْح جماح الوهابيون الآن،»يُحذّرُ الدّكتورَ يماني. «مكة المكرمة كَانتْ رمز التنوعِ الإسلاميِ وهي مِنْ الضروري أَنْ تَكُونَ ثانيةً.» لكن بأسعارِ النفط والأرباحِ، في المستويات العالية القياسيةِ، هناك القليل يتوقع من البلاط السعودي أن يَستمعُ.
سامي أنجواني، مُصمّم حجازي كرّسَ جزء كبير من حياتَه في جُهد مُدان للإبْقاء على بقايا مواقع تاريخِ حجِّ العالمَ الأعظمَ، قالَ: الوداعَ النهائيَ لمكة المكرمة وشيكا. «نحن نَشْهدُ الأيام الأخيرة مكة المكرمة والمدينة.»
أفق مكة المكرمة:
الرافعات العملاقة وبرج ناطحاتِ السحاب النِصْفِ المَبْنيِ على المسجدِ الكبيرِ في مكة المكرمة. تَطَوّرات ملكيةِ جديدةِ ستّة، بضمن ذلك برجِ زمزم لمجموعة بن لادن، يُحوّلُ رمز أقدس مدينة إسلاميةِ.
مؤسسة التراثِ الإسلاميةِ «جبل النور»:
جبل النور، الطريق إلى كهفِ حراء، الهدف القادم للوهابيين.، هنا قيلَ بأن النبي استلم الآيات الأولى للقرآنِ. رجال الدين المتشدّدون يُريدون تحطيمه ليتوقف الحجاج عن الزيَاْرَة. في أسفل التَلِّ هناك فتوى وهابية: «النبي محمد
لَمْ يَسْمحْ لنا لصعود هذا التَلِّ، ولا الصلاة هنا، ولا مس الأحجارَ، ولا ربط العقدَ على الأشجارِ...»
مؤسسة التراثِ الإسلاميةِ «قبر زوجةِ النبي»:
إنّ الخرابَ في بداياته لبقايا قبرِ زوجةِ النبي، البقيع، حطّمَ في الخمسيناتِ. إنّ شرطةَ المطاوعة الدينية حاليا تحرسه ليلاً ونهاراً لمَنْع أي واحد من وضِع الزهورَ على الموقعِ، أَو حتى الصَلاة بقربِ القبورِ.
مؤسسة التراثِ الإسلاميةِ «مسجد العريض»:
المسجد بعمر 1200 سنةً، موقع قبرِ حفيدِ النبي، يُرى هنا وهو يُنْسَفَ. اجتمع حول الموقعِ شرطةَ دينيةَ سعوديةَ بأوشحتِهم الحمراءِ المُتميّزةِ، يبدو أنهم يحتفلون.
-----------------------------------------------------------------------------
ترجم المقالة باللغة العربية بواسطة «منتدى القرآن الكريم».
[1] مَنْشُور: 19 أبريل/نيسان 2006
ولمراجعة نص المقال على موقع الجريدة باللغة الانجليزية عبر الرابط التالي:
http://news.independent.co.uk/world/...icle358577.ece
------------------------
الاندبندنت - « بقلم: ضاحي حسن - بي بي سي «لندن» » - 7 / 5 / 2006م - 2:24 ص

تقرير يفضح المؤامرة المستمرة لهدم ما تبقى من التراث الاسلامي في مكة المكرمة
تظهر صور لمكة لم تنشر من قبل مدى التواطؤ بين المتدينين المتعصبين الذين يسيطر عليهم هاجس أن يروا الناس متعلقين بشيء إلى درجة الحب الأعمى وبين طبقة رجال الأعمال والمقاولين الذين دمروا التراث الإسلامي المتنوع للمدينة.
هكذا بدأ دانيال هاودن تقريره المفصل في صحيفة الإندبندنت الصادرة صباح الأربعاء، إذ أفردت الصحيفة صفحتين كاملتين للتحقيق المصور عن التراث الإسلامي في مدينة مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية.
ويصف التحقيق الذي جاء تحت عنوان فرعي يقول «عار على بيت آل سعود» كيف أتت مشاريع التنمية والتطوير الحديثة في مكة على معظم المعالم العمرانية والتراثية الإسلامية في المدينة.

يقول التحقيق: «إن هناك شبحا قاتما من الحزن والكآبة يخيم على المكان الأكثر قدسية في الإسلام. فعلى بعد أمتار فقط من جدران المسجد الكبير(الحرم المكي) في مكة تشمخ ناطحات السحاب لتعانق السماء ولتحجب النور عن المكان رويدا رويدا».
ويضيف التقرير: «لقد قزمت تلك الأبراج المبهرجة الوافدة على المكان الحجر الأسود الأنيق الذي تشخص إليه أنظار الملايين الأربعة من المسلمين الذين يئمون الموقع سنويا لأداء مناسك الحج».


سامي عنقاوي
يذكر أن صحيفة الإندبندنت كانت نشرت في شهر أغسطس/ آب الماضي تحقيقا مشابها ذكرت فيه أن «المدن التاريخية لمكة والمدينة تتعرضان الآن لاعتداء غير مسبوق من قبل المتشددين الدينيين وأنصارهم من التجار».
وفي معرض رده عل ذلك التحقيق كتب الأمير تركي الفيصل، السفير السعودي الحالي في واشنطن والذي كان يشغل حينذاك منصب سفير بلاده في لندن: «إن السعودية أنفقت مبلغ 19 مليار دولار أمريكي لترميم وصيانة المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة».

ولكن الصحيفة تقول إن الصور الجديدة التي يفرج عنها للمرة الأولى تظهر بوضوح وتوثق عملية هدم مواقع أثرية هامة في المدينة وكيف أنها تستبدل بناطحات سحاب جديدة هي الآن قيد الإنشاء.
وتعتقد الصحيفة أن القوة الدافعة التي تقف وراء عمليات هدم المعالم التراثية الإسلامية في المدينة هي الفكر الوهابي، «وهو عقيدة الدولة التي جلبها معهم آل سعود عندما غزا ابن سعود شبه الجزيرة العربية عام 1920».
وينقل الكاتب عن الدكتور عرفان أحمد العلوي، رئيس مؤسسة التراث الإسلامي، قوله إن قبر آمنة بنت وهب أم الرسول محمد، والمكتشف عام 1998 هو مثال حي لما يحدث في المدينة.

«لقد تم هدم القبر الواقع في أبوا بالبلدوزر وصب عليه زيت البنزين. ورغم تقدم آلاف المسلمين عبر العالم بالتماسات إلى الحكومة السعودية لاتخاذ إجراءات عاجلة إلا أنه ما من شيء استطاع الحؤول دون هدم القبر».
ويعدد التحقيق بعض المعالم البارزة التي تم هدمها في مكة ومنها: منزل خديجة زوج الرسول، الذي هدم ليفسح المجال لبناء مراحيض ومغاسل عامة، ومنزل أبو بكر الذي يقوم مكانه الآن فندق هيلتون، ومنزل علي العريض ومسجد أبو قبيس.. وغيرها.
ويقتبس الكاتب عن الدكتور سامي العنقاوي، وهو مهندس معماري من منطقة الحجاز سخر حياته للمحافظة على ما تبقى من تراث مكة، قوله إن الوداع الأخير لمكة قد أزف.
ويضيف الدكتور العنقاوي:«إن ما نشهده اليوم هو الأيام الأخيرة لمكة والمدينة».
الترجمة الكاملة للتحقيق:
خزي البلاط السعودي: ظلال فوق مكة المكرمة
تَكشف صور غير مرئية سابقاً كَيفَ أن هوس المتطرفين الدينيين بالتآمر مَع المقاولين لتَحْطيم تراثِ الإسلامِ المتنوّعِ. مِن تأليف دانيال هاودن[1] .هناك ظلال متزايدة تُلقى على موقعِ الإسلامِ الأقدسِ. فقط بعد بضعة أمتار مِنْ حيطانِ المسجدِ الكبيرِ ناطحاتِ سحاب مكة المكرمة تَصِلُ بعيدا إلى السماءِ، تحْجبُ الضوءَ ببطئ. تُُقزّم الأبراج الجُدد الهائلة والمبهرجةِ الحجر الأسودِ الرائعِ للكعبة، النقطة المركزية للمسلمين الأربعة ملايين الذين يحجَّون سنويا.

وردَّاً على المقالةِ، قالَ الأميرَ تركي الفيصل بأنّ العربية السعودية كَانتْ تَصْرفُ أكثر مِنْ 19$ بليون (11£ بليون) لصيانة وترميم هذه المكانين المقدّسين. «(نحن مدركون) كَم هو مهم حفظ هذا التراثِ، ليس فقط إلينا لكن إلى ملايينِ المسلمين من حَولِ العَالَمِ الذين يَزُورون المسجدان المقدّسان كُلّ سَنَة. هو من غير المحتمل أن نَسْمحُ لكي يُحطّمَ.»
هذا النفي يأتي على خلاف مع سلسلة الصورِ الممنوعة سابقاً، التي تنشر اليوم، والتي تُوثّقُ تهديمَ المواقعِ الأثريةِ الرئيسيةِ وإبدالِها بناطحاتِ السحاب.
أشرفتْ السلطاتُ الدينية السعودية على حملة تهديمِ استمرت لعقود والتي مهّدتْ الطريق أمام المطوّرين لبَدْء مرحلة بناء الفنادقِ المتعددةِ الطوابقِ، مطاعم، مراكز تسوق وعِمارات سَكنية ممتازة على مِقياس غير مرئي لدبي. إنّ القوة الدافعةَ وراء هذا التهديمِ التاريخي هم الوهابيةُ الدين الرسمي الصارم الذي جلبه البلاط السعودي مَعه عندما فَتحَ إبن سعود شبه الجزيرة العربية في العشريناتِ.
يَعِيشُ الوهابيون في الخوفِ المُتعصّبِ من أن تنال تلك الأماكنِ الاهتمام التاريخي أَو الدينيِ ويُمْكِنُ أَنْ تصبح الأشكالِ البديلةِ عن الحجِّ أَو العبادةِ. هوسهم بمُقَاتَلَة عبادةِ الأصنام رَأى بأنّ يُسطّحونَ كُلّ دليل ماضي الذي لا يُوافقُ تفسيرَهم عن الإسلامِ.
عرفان أحمد العلاوي، رئيس مؤسسةِ التراثِ الإسلاميةِ، بَدأَ حملة لحِماية الأماكن المقدّسةِ، يقول: حالة قبر آمن بنت وهب، أمّ النبي، الذي اكتُشف في عام 1998، مثال لما يحدث، «هُدّمَ في منطقة (أبوا) وصبوا غازولين عليه. بالرغم من أنَّ آلاف العرائضِ في كافة أنحاء العالم الإسلامي أُرسلت إليهم، لا شيء يُمْكِنُ أَنْ يَوقفَ هذا العملِ.»
اليوم هناك أقل مِنْ 20 أثر باقيةِ في مكة المكرمة والتي تَعُودُ إلى عصر النبي قبل 1400 سنةً. الدعاءُ أن يبقى هذا التأريخِ المفقودِ: بيتِ خديجة، زوجة النبي، هدّمَ لفَسْح المجال لبناء مراحيضِ عامّةِ؛ بيت أبو بكر، رفيق النبي، الآن موقع فندقِ هيلتون المحليّ؛ بيت علي العريض، حفيد النبي، ومسجد أبو قُبيس، الآن موقع قصرِ الملكَ في مكة المكرمة.
رغم أن نفس السلالةِ الغنية بالنفطِ التي ضَخّتْ المالَ إلى نظامِ الطالبانَ بينما فجّروا بوذا باميان في أفغانستان قبل ستّة سنوات تَفادى نقدَ دوليَ حتى الآن للأَفْعالِ المماثلةِ مِنْ التخريبِ في البيت.

عامة الناس، وفي بَعْض الحالاتِ حتى أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يُمْكِنُ أَنْ يُغْفَر لهم للتَفْكير بأنّ البلاط السعودي كَان وصيا على المكانين المقدّسينِ منذ زمن سحيق. في الحقيقة، هو فقط 80 سنةُ منذ أن احتل الزعيمَ العشائريَ ابن سعود مكة المكرمة والمدينة. البلاط السعودي ارتبط بالوهابيةَ منذ مصلحِ القرن الثامن عشرَ الدينيَ محمد ابن عبد الوهاب الذي وقّع حلف مَع ابن محمد سعود في 1744. المحاربون المتطرفون الوهابيون ساعدوه لفَتْح مملكة للزعماءِ العشائريينِ. البلاط السعودي حَصلَ على ثروتِه وقوَّتِه، ورجال الدين حَصلوا على عربةِ الدولة التي احتاجوها لنشر عقيدتِهم الأصوليةِ حول العالمِ. احتاج حاكمُ هذه المملكةِ الجديدةِ الشرعيةِ لإعْلان نفسها «حامي الحرمين المقدّسينِ».
لكن تلك الشرعيةِ جاءتْ على حساب تنوعِ المسلمين الذين ينظرون إلى مكة المكرمة للتوجيهِ. في يوم مسؤول، أهدرَ الوهابيون وقت صَغير في مُرَاقَبَة الحجِّ. بحدود 1929، حجاج مصريون رُفِض الترخيص لهم أَنْ يحتفلوا بمناسكِ Mahmal الملوّنة وأدى إلى قتل أكثر مِنْ 30 شخص. في ذلك الوقت قَطعتْ مصر العلاقات الدبلوماسية مَع العربية السعودية. بِضْع حكوماتِ واجهتْهم حينها.
بدلاً مِن ذلك، فتماثل مواقعِ الإسلامِ الأقدسِ سُمِحَ للتَعجيل بحملة التهديمِ والذي يُهدّدُ مسقطَ رأس النبي بنفسه الآن. نَجا الموقعُ من العهدِ المبكّرِ لابن سعود قبل 50 سنةً عندما أقنع المُصمّم للمكتبةِ المُخَطَّطةِ الحاكمَ المُستبدَ للسَماح له لإبْقاء البقايا تحت التركيبِ الجديدِ. وتُخطّطُ السلطاتُ السعوديةُ الآن لـ «تَجديد» الموقعِ مَع موقف سيارات والذي يَعْني التحجير على البقايا.

الوهابيون يهدمون بيت النبي في مكة
سامي أنجواني، مُصمّم حجازي كرّسَ جزء كبير من حياتَه في جُهد مُدان للإبْقاء على بقايا مواقع تاريخِ حجِّ العالمَ الأعظمَ، قالَ: الوداعَ النهائيَ لمكة المكرمة وشيكا. «نحن نَشْهدُ الأيام الأخيرة مكة المكرمة والمدينة.»

الرافعات العملاقة وبرج ناطحاتِ السحاب النِصْفِ المَبْنيِ على المسجدِ الكبيرِ في مكة المكرمة. تَطَوّرات ملكيةِ جديدةِ ستّة، بضمن ذلك برجِ زمزم لمجموعة بن لادن، يُحوّلُ رمز أقدس مدينة إسلاميةِ.

جبل النور، الطريق إلى كهفِ حراء، الهدف القادم للوهابيين.، هنا قيلَ بأن النبي استلم الآيات الأولى للقرآنِ. رجال الدين المتشدّدون يُريدون تحطيمه ليتوقف الحجاج عن الزيَاْرَة. في أسفل التَلِّ هناك فتوى وهابية: «النبي محمد


إنّ الخرابَ في بداياته لبقايا قبرِ زوجةِ النبي، البقيع، حطّمَ في الخمسيناتِ. إنّ شرطةَ المطاوعة الدينية حاليا تحرسه ليلاً ونهاراً لمَنْع أي واحد من وضِع الزهورَ على الموقعِ، أَو حتى الصَلاة بقربِ القبورِ.

المسجد بعمر 1200 سنةً، موقع قبرِ حفيدِ النبي، يُرى هنا وهو يُنْسَفَ. اجتمع حول الموقعِ شرطةَ دينيةَ سعوديةَ بأوشحتِهم الحمراءِ المُتميّزةِ، يبدو أنهم يحتفلون.
-----------------------------------------------------------------------------
ترجم المقالة باللغة العربية بواسطة «منتدى القرآن الكريم».
[1] مَنْشُور: 19 أبريل/نيسان 2006
ولمراجعة نص المقال على موقع الجريدة باللغة الانجليزية عبر الرابط التالي:
http://news.independent.co.uk/world/...icle358577.ece