
[grade="008000 FF6347 2E8B57 FF6347"]عندما يكتفي الزوج بدور الممول
لايختلف اثنان على أهمية تولي الزوج مسؤولية الإنفاق على أسرته. وهو أحد أسباب قوامة الرجال على النساء، ويعده الكثيرون والكثيرات من صفات الرجولة الحقة وأحد المؤشرات الهامة لمعرفة مدى اهتمام الرجل بعائلته.
ولكن الملاحظ أن نسبة مخيفة من الرجال يكتفي بدور الممول لطلبات اسرته المادية ولسان حال الواحد منهم يصرخ، لااحد يطالبني بما يزيد عن الإنفاق وكفاني ما ألقاه من متاعب بشعة في مجال عملي، لا أحد يعرف كم الصعوبات التي تواجهني لكي أحصل على المال اللازم لإعاشة أسرتي وطلباتهم المتزايدة التي لا يوجد لها سقف تنتهي عنده. بل أقسم بأنني كلما قمت بتلبية بعضها تضاعفت هذه الطلبات. ولا يشعر أحد بالجحيم الذي أعيش فيه. ولذا فإنني غير مطالب بما هو أكثر من الإنفاق.
الزوجات وراء هروب الزوج!
وأهدئ من روع كل الرجال وأطمئنهم بأنني لا أطالبهم بالمزيد من الأعباء بقدر ما أدعوهم برفق ولين لرؤية الخسائر الفادحة التي تعود عليهم من جراء الاكتفاء بدور الممول وحرمان أنفسهم وأفراد أسرتهم من أدوار الزوج والأب بل والصديق المقرب أيضا لكل من الزوجة والأبناء.
وأعترف بأن هناك بعض الزوجات وراء هروب الزوج من هذه الأدوار، لأنهن يرغبن في حصره في دائرة الممول ويجاهدن لإغلاق هذه الدائرة عليه وعدم السماح له بالقفز خارجها، مما يعود بالخسائر على الجميع ولذلك فهم يعانون من افتقاد واضح للدفء الأسري، وتناقص الإشباع العاطفي وهو الوقود الذي لاغنى عنه لترطيب جفاف الحياة وشحن الطاقات النفسية والذهنية لمواجهة الضغوط اليومية بأفضل ما يمكن، وبتقليص الامتصاص السلبي لهذه الضغوط ومنعها من قيادة الحياة . فالزوج الذي يكتفي بدور الممول تنسحب من داخله تدريجيا مشاعر الود تجاه زوجته وأحياناً تجاه أولاده أيضاً ويحس بأنهم يحاولون عصره ليقدم لهم أفضل عطاء مادي ممكن.
مكاسب متعددة
والملاحظ بأن نسبة كبيرة من الرجال يحرضون الزوجات والأبناء على رؤيتهم بدور الممول فقط، وذلك بإغفالهم أهمية الترويح عن النفس داخل البيت والاكتفاء بالترفيه عن النفس خارجه خلال علاقاتهم مع الزملاء والأصدقاء، وهذا خطأ شائع يزيد من التباعد بينهم وبين أفراد أسرتهم وتدريجيا تزحف أسباب الفجوة المتبادلة، حتى يشعر كل من الأبناء والزوجات بأن الفترة التي يقضيها الأب داخل البيت هي أوقات مزعجة لرجل عابس يكثر من الحديث عن متاعبه من أجلهم ويصرخ في وجوه الكبار والصغار أذا ما ارتكبوا أقل الأخطاء أو طالبوا بأي مصاريف اضافيه أو يطل صامتا محدقا في الجرائد أو التلفاز أو الكمبيوتر.
ويتناسى أن الممول الذكي هو الذي يستمتع بثمار استثماراته ويفرح بنتائجها الرائعة مما ينمي انتعاشه الداخلي بقدرته على إسعاد من حوله، ويجعله يتقبل متاعب الحصول على هذا التمويل.
وقد يهتف أحد الأزواج: من أين لنا بهذه الطاقة الإضافية للترويح عن النفس مع الزوجة والأبناء، هذا كلام ناس مرفهين لا ينقصهم شيء، وقد تناسى هذا الزوج أن الإنسان المثقل بالأعباء هو أشد حاجة الى الترفيه الأسري وهذا لا يتعارض مع استمتاعه بصحبة الأصدقاء، فلماذا لايزيد من مساحة البهجة في حياته، ويعبر عن حبه لآسرته بصورة عاطفيه
ولايكتفي بالإنفاق المادي؟
والحقيقة أن الرجل الذي لايهتم بهذه الناحية يفوز بمكاسب متعددة منها رضاه عن نجاحه في زواجه وسعادته بأسرته، كما أنه يتمتع بأن أسرته تكون أكثر حنانا وأقل استنزافا لموارده المادية، وأفضل استعدادا لتحمل أي ضائقة ماليه تمر بها الأسرة وهذا ما لاتفعله الزوجة وكذلك الأبناء الذين يتعاملون مع رب الأسرة على أنه مجرد ممول لطلباتهم المادية حيث يرفضون التعامل المتوازن والحنون مع أزماته أو أي تناقض في عطائه المادي حيث يرون أن وظيفته الوحيدة في الحياة هي تمويل احتياجاتهم المادية، ولذا لا يقبلون بأي تقصير فيها، ويعتبرون أي شيء يحصلون عليه من قبيل الحق المكتسب الذي لايستحق من يعطيه أي شكر، وإنما يكون مقدمة طببيعية لبذل ما هو أفضل.
ما الحل؟
أرى نظرات الألم في عيون كثيرة من الرجال وتنهدات مريرة بداخلهم ولسان حال الواحد منهم يهتف قائلا: أهذا جزاء من يقوم بتوفير احتياجات أسرته المادية، ويوفر لهم سبل الحياة الكريمة؟ كيف لايقومون من تلقاء أنفسهم بتقدير تعبه من أجلهم؟ ثم كيف أجد الوقت الكافي لرعايتهم عاطفيا لأجد لنفس مكانا في قلوبهم، ولا أكون مجرد ممول لمطالبهم، وأنا أقضي معظم أوقاتي في العمل لأؤمن لهم احتياجاتهم وأعود مرهقا ومنهكا، وأكون في حاجة للراحة التامة وإفراغ ذهني من المسؤوليات؟
أرد على هذا الهتاف الصادق مؤكدة تقديري البالغ لجهد كل رب أسرة من أجل أسرته، وأسأله: لماذا لاترتاح وسط أولادك، ما الذي يضيرك لو خصصت نصف ساعة يوميا لتبادل الحديث الودي مع أولادك واستمعت إلى حكاياتهم، وستحقق مكاسب متعددة في الوقت نفسه ومنها: إقامة روابط عاطفية قوية مع أولادك، وانتزاع نفسك من مشاكل العمل ودواماته المتكررة، وصنع علاقة قوية مع الحاضر من خلال الجيل الجديد وصنع دائرة تراحم بينك وبين أولادك مما سيقلل من ضغوطهم المادية عليك.
فضلاً عن إخبارهم بخبراتك في الحياة أيضاً على أن يكون ذلك بصورة سهله وتلقائية تتحرر فيها من كل الضغوط اليومية وتعود بها طفلا أو شابا في عمر أولادك تضحك معهم وتشاركهم ألعابهم وأحلامهم، مما يجعلهم أكثر أستعدادا لتلقي نصائحك، ولا تكون الآم هي المصدر الوحيد للتفاهم مع الأبناء بل تتعاونان سويا من اجل أفضل أبناء بأقل جهد ممكن.
منقول مع بعض التعديل والإضافة
[/grade]

تعليق