
السعادة الزوجية هدف كل زوجة، وهي حلم وهدف يستحق أن نبذل فيه قصارى جهدنا، وحتى يؤتى هذا الجهد ثماره علينا أن نعي ما يحيط به من أخطاء وما يتهدده من أعداء، فكم من بيوت غابت عنها السعادة رغم أن الزوجين بذلا وسعهما لتحقيقها لكنهما وقعا في أخطاء أذهبت جهودهما سدى.. لكي تحمي سعادتك احذري الأخطاء وتجنبي الأعداء.
و أحد أخطر هذه الأخطاء هو "إفشاء الأسرار"، فأسرار البيت أمانة يجب عليك المحافظة عليها وتفريطك بها يذهب ثقة زوجك بك، فاحذري أن تكون أسرار بيتك موضوعًا لثرثرتك أو فضفضتك؛ كما قد يخيل إليك، ولا تظني أن صديقتكِ أو جارتكِ ستحفظ سرك الذي ضاق به صدركِ، صدق الشاعر حين قال:
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق
ضرره أكثر من نفعه:
ويؤكد علماء النفس أن ترويح الزوجة عن نفسها بالفضفضة إلى صديقاتها او جارتها عموما ونشر أسرار بيتها غالبًا ما يصنع من القلق أكثر مما يجلب من الراحة، صحيح أن الراحة قد تكون آنية وعاجلة لكن القلق حتمًا سيظهر بعد أن تنتشر هذه الأسرار وتجني الزوجة الندم والخسران، فلا أحد من الرجال يستريح لإفشاء أسرار حياته الزوجية، وقديمًا حذرت أمامة بنت الحارث ابنتها في وصيتها المشهورة قبل زواجها فقالت: "... فإن أفشيت سره فلن تأمني غدره...".
وفي ذلك تقول الدكتورة ندا صلاح شحاتة أستاذة العلوم الإنسانية ، أن الإنسان قلما يطيل الحديث دون ان يلمس موضوعا أو فكرة تستهوي السامع الذي يلح بأسئلة عديدة يتعمد بها إحراج المتحدث، فيجيب دون ان تكون لديه الرغبة في ذلك، فمعدل سرعة الكلام للشخص العادي 125 كلمة في الدقيقة ونحن نفكر بسرعة تبلغ أربعة أضعاف سرعة الكلام، أي انه في الدقيقة التي ننصت فيها إلى أحد يكون لدينا وقت فراغ للتفكير في400 كلمة، وهذا يعني ان المتحدثة تتكلم وتتيح لجارتها التفكير والخيال الذي ينسج لها قصصا وراء الكلمات، محاولة ان تجد فيما يقال أمرا مثيرا للاهتمام للاستفادة منه في قص القيل والقال.
وحين تجد الجارة من جارتها حسن الذوق والبساطة والمجاملة تتأثر بذلك فتزيل الحواجز، وتبدأ في عرض مشكلاتها الأسرية ومتاعبها الزوجية، دون وعي منها، بأن من أمامها تنصت لمعرفة المزيد الذي سريعا ما سيذاع بمجرد غلق الأبواب المفتوحة علي السلالم.
ولذلك فالكلمات التي يتم تبادلها أثناء خروج الضيوف علي باب الشقة او ما يقال بعد خروج الأزواج لعملهم ووقوف الجارة مع الجارة بحجة التسلية يجب الا تخرج عن الطابع الرسمي المقتضي وحتي لا نلوم انفسنا. وينطبق ذلك علي علاقات النوادي والعمل فكلما اتسمت الكلمات بالخصوصية واحترام حياة الآخرين كلما زادت العلاقة قوة.
الأسرار أنواع ودرجات:
أسرار البيت ليست على درجة واحدة من الأهمية، فهناك أسرار العلاقة الخاصة بين الزوجين وهذه يجب أن تحتفظ بها الزوجة في بئر عميق داخل نفسها – وكذلك الزوج – وقد مر علينا تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من إفشاء هذه الأسرار.
وهناك الأسرار المتعلقة بالخلافات بين الزوجين، وهذه تقدر بقدرها، والزوجة العاقلة هي التي تحفظ هذه الأسرار ولا تنقل منها إلا ما يعالج المشكلة، ولكن ليس إلى صديقاتها أو قريباتها او جاراتها ، بل إلى من تتوسم فيهم الحكمة ليحققوا النصيحة الإلهية: {فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء:35].
ويجب ألا تبادر الزوجة إلى ذلك بمجرد حدوث المشكلة وألا تفعل ذلك مع كل صغيرة وكبيرة، فما أكثر المشكلات التي لا تحتاج إلى تدخل من أحد بل مجرد حنكة وصبر في الزوجة.
تقول إحدى الأمهات: تزوجت ابنتي منذ عشر سنوات، ما اشتكت إلي ولا إلى والدها من زوجها قط.. لم تخبرني أبدًا عن مشكلة إلا بعد حلها، غاية ما كانت تطلبه مني الدعاء حتى أنني كنت أعرف أنها تواجه مشكلة عندما تلح علي في طلب الدعاء.
سدد الله خطانا ونور قلوبنا بنور الايمان والهدى والصلاح
وآخر دعواتي التوفيق والسداد للجميع
وآخر دعواتي التوفيق والسداد للجميع

تعليق