
لكي تصالح من في الأرض لا بد وأن تصالح من في السماء أولاً ولكي تصالح داخلك لا بد وأن تصالح من يقع على مرمى حجر منك
أنا وأنت جزء من هذا النهر المتدفق كلنا عرضة للتأثير والتأثر وهذا و بلا شك شيء طبيعي تفرضه البيئة الحاضنة و المشتركات ، المشارب والتوجهات ، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نأتي بتابوت فيه بقية مما ترك آل داوود ونخلطه بماء الحلول السحرية ليتحول العدو والجزار الذي كان ولم يزل يقتات على جماجم ضحايا المقابر الجماعية والعمليات الإرهابية ويعلق ليل نهار نياشين المقاومة اللاشريفة لنربت على يديه ونهلل له ونزغرد .
المصالحة تحتاج إلى إرادة كما النصر يحتاج لرغبة وقابلية ، نحن لم نسمع بأن الأمن ينزل ببرشوت (مظلة) من سماء المصالحات الوطنية ، الأمن عملية معقدة ودقيقة تتشابك وتتمازج فيها التوجهات لكي نتحدث عن الأمن لا بد وأن نتحدث بصوت العقل والحكمة في زمن لم يعد فيه للحكمة من وقت
يتصور الكثيرون بأن الحلول العسكرية والعمليات اللوجستية ومباغتة الارهابيين في عقر دارهم كفيلة بتجفيف منابع الارهاب إذ لا بد وأن تتظافر الكثير من العوامل لكي تخلق التجانس والتعايش والتفاهم اليد التي تحمل السلاح ليست هي التي تقود المعركة هناك ثمة أشياء أخرى تحرك خارج الحدود ، هذه الأيدي هناك عقول شيطانية تخطط لها ليل نهار ، هذه العقول تتلقى دعماً متواصلاً يتجاوز جدلية الداخل والخارج والجماعات الارهابية الصغيرة ، هذه القوى لها أملاءاتها ودوافعها لذا فإن زيارة المالكي لدول الجوارالعراقي هو تحريك لعنصر مهم يتجاوز سياسة الأرض المحروقة تجاه الإرهابيين ، هناك حيث تتموضع العقول الشريرة التي تنطلق بمباركة رساميل الاموال العربية الضخمة تحت مسميات عديدة تحاول أن تختبىء خلف مليون وجه خيري .
الوضع في العراق لم يزح صدام فقط بل أزاح القناع عن مليون زرقاوي يسري في جسد العالم الاسلامي فثقافة الزرقاوي كانت تسكن منذ أمد بعيد وتجري في الوطن العربي مجرى الدم في العروق .
أين يكمن الخلل ؟
إن المصالحة الوطنية في العراق تمر عبر مصارحة كل مواطن ونظام عربي ضيع شعبة وذاته إنها نقد لاذع لذات الثقافة التي كانت تغذي تلك المنابع لا فرق بين الوقت الذي كان يذكي فيه الاعلام العربي ويعزف على أوتار الضحايا في حرب الخليج الاولى والثانية التي كانت الطائفية السياسية والمذهبية تشعل أوراها
إن الوضع الحالي هو نتاج تلك الثقافة التي كان تبيع فيها النساء ذهبهن لترسل ثمنة لطاغية بغداد لتصنع منه كل يوم عجلاً لسامري العنف "صدام حسين" لكي يتحول إلى بارود ورصاص وحقد وكراهية تزكم أنف التاريخ وتخلف الضحايا وتخرب المدن التي كانت تسحق باسم الحفاظ على البوابة الشرقية العربية تلك اللعنة المقيتة التي كنا نستر بها سوأة أحقادنا القومية والاغلال التي كانت تستقر في سعير النفوس ، لم يكن المواطن العربي يخجل في ترديد تعويذات قادسية الخيبة حتى حصدت حواسم البعث آخر ما تبقى فينا من قيم الشهامة والاخوة والقيم الصادقة والحب للانسانية .
لقد اختلطت المفاهيم ونسينا في العالم العربي أن نتصالح مع ذاتنا حتى اهدينا للشعب العراقي شظايا الموت ثم جلسنا نتباكى على أمنه وضحاياه نحن في العالم العربي من صنع هذه الخيبة وهذه الهاوية حين سمحنا لهذا الفكر أن ينخر في جسد الأمة وعقلها وحين لم نقدر في السرد فتركنا جسد الحسين بعد أن قتلناه ونزعنا عن جسده الطاهر كل القداسات التي كان بوسعها أن تهب لنا وللعالم كله العزة والكرامة لانها الامتداد الطبيعي لهبة السماء وقداسات القرون ليأتي لنا من يسلب بعد ذلك قداسة حقوق الانسان .
لا يوجد في العالم العربي من لم يوجه لصدر الحسين سهماً ومن لم يلطم ويرض ضلوع الضحايا بسكوتنا على هذه المهزلة التي لم تكن لتصنع لولا سكوت أعلامنا وثقافتنا لكي نكفر عن سيئات هذا الجيل فالصلحاء يتحملون وزر شراذم القتلة .
والسؤال من أين نأتي للعراق بمصالحة ما لم يصالح العالم العربي بشعوبه وحكامة أنفسهم ويهبوا هبة رجل واحد لكي يقف هذا النزيف وتلك الاجساد المتطايرة كل يوم تحت أزيز الرصاص المدفوع الثمن مما يظن أنه صدقات تقدم لوجه الله مقابل قتل الانسان المحترم النفس في كل الاديان السماوية والاعراف البشرية أياً يكن مذهبه ودينه لأن الارهاب ليس له دين ولا مذهب .
العدو لا يقف عند خط بارليف ولا عند جسر برلين فحسب العدو يقف عند تلك الخطوط الصدامية الحمراء التي لا بد وأن يأتي من يكسرها معي فصدام لن يموت في مقصلة الاعدام ما دامت ثقافته تسري في هذا الوطن المترامي الأطراف .
تعليق