السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
نبث إليكم حديث الجمعة الموافق 4 - ربيع الأول – 1423 ( 17-5-2002)
والذي كان تحت عنوان :
(دوامة العقل الجمعي )
وإليكم أهم محاور هذا الحديث:
1 - كما أن للبذرة حركتان : حركة جوهرية في الداخل ، وحركة بيئية في الخارج ، وبكمالهما تنمو البذرة .. فكذلك للنفس الإنسانية : حركة جوهرية ، تتمثل في تحريك قواها الداخلية ، وحركة خارجية تتمثل في المؤثرات البيئية ، والتي نسميها العقل الجمعي ، أو التأثير اللاشعوري لمجموعة بشرية تتحرك نحو محور واحد.
2 - للعقل الجمعي إيجابيات وسلبيات .. فمن سلبياته : أن المتأثر به يفقد القدرة على التفكير السوي ، في خضم التفكير الغالب .. فيعير عقله للغير ليفكر به..
3 - ومن سلبياته : أنه مما يوجب الحركة المؤقتة – لو كانت صالحة – وحينئذ بانتهاء تلك الحالة الجماعية تنتهي الحركة ، وهو ما نلاحظه في موسم الحج ، فيرجع الحاج فاقدا معظم ما كسبه في تلك الفترة.
4 - ومن سلبياته : أنه يسلب الإنسان القدرة على الابتكار والإبداع ، فلا يفكر خارج المألوف لاكتشاف ما هو الجديد .. ومع انعدام الحركة الإبداعية في الحياة ، يفقد الإنسان سيره التكاملي.
5 - ومن سلبياته : انه يشجع على المراعاة والمراءاة .. فينشط الفرد داخل الجماعة ليرجع الى الخلوة بما فيها من تكاسل وتقاعس.. وقد ورد في الحديث : أن المرائي يكسل اذا كان وحده ، وينشط اذا كان الناس عنده .
6 - ومن سلبياته : أن الفرد ينقلب عما فيه ، اذا انقلبت الحركة الجماعية من الصلاح الىالفساد .. والتاريخ مليء بنماذج من غلبة الروح الجماعية على الفرد عندما يستولي على اصحابها الشيطان ، ومثاله الخوارج في زمان الامام علي (ع) ، وأصحاب مسلم بن عقيل في زمان الحسين (ع).
7 - ومن سلبياته : ان الادراك الجمعي قد تلتبس عنده المفاهيم ، واذا به يرى القبيح جميلا وبالعكس .. وهو ما نراه من تعارف المنكرات - وكأنها هي الحالة الطبيعية - في بلاد الغرب ، وهذا منشأ حكم الفقهاء بحرمة التغرب او التعرب بعد الهجرة ، عندما تكون الظروف ملائمة ، لانسلاخ الفرد عن هويته التي ينبغي أن ينبعث منها.
8 - واما إيجابيات العقل الجماعي فهو : تحفيز الهمم ، وقدح العزائم ، وهو ما نلاحظه في موسم الحج ، فيقوم العبد بحركات روحية وبدنية ، لا يمكنه القيام بها خارج إطار الجماعة المتعبدة في ذلك الموسم ، ويأتي الكلام نفسه في الصيام ، وصلاة الجماعة ، والجهاد.
9 - ومن إيجابياته : إيجاد جو من السباق المحمود والمحموم ، لأن السائرين إلى هدف واحد ، تنتابهم عادة هذه الحالة المقدسة ، بشرط خلوها عن الحسد والتنازع .
10 - ومن إيجابياته : التعرض لأجواء الرحمة الشاملة للهيئة الجماعية ، فإذا كانت النتائج في علم المنطق تابعة لأخس المقدمات ، فان الألطاف الإلهية بالنسبة للجمع ، تابعة لأرقى الافراد ، فباعتبارهم يلطف الحق بالجميع ، واليكم هذا النص الدال على هذا المعنى ( أن الملائكة يمرون على حلق الذكر ، فيقومون على رؤوسهم ، فيبكون لبكائهم ، ويؤمنون على دعائهم ، فيقول الله تعالى : اشهدوا اني قد غفرت لهم وآمنتهم مما يخافون ، فيقولون ربنا : إن فيهم فلانا ولم يذكرك ، فيقول : قد غفرت له بمجالسته لهم ، فإن الذاكرين ممن لا يشقى بهم جليسهم )
11 - وأخيرا لنطبق ما قلناه على أجواء المواسم العبادية ، سواء في شهر رمضان أو في موسم الحج ، أوفي شهري محرم وصفر .. فإن الجو الجماعي يدفع العبد الى حالة من الإنابة والانقطاع إلى الله تعالى ، والميل إلى التأسي بأوليائه المعصومين (ع) ، ولكن بعد الفراغ من الموسم تنتابه حالة من الاكتئاب والحزن ، لفقدان تلك الاجواء المباركة ، فما هو الحل؟.
12 - اولا : لا بد من تغيير الدوافع العرضية الى حالة من القناعة الذاتية ، لئلا تزول الآثار بزوال مؤثراتها .. فالمفروض ان القناعات الراسخة لا تتغير بتغير المواسم .. اذ المعتقد بلزوم السير الجاد الى الله تعالى ، وذلك بالمجاهدة والمراقبة ، لا ينتظرالحج ولا شهر رمضان !..
13 - ثانيا : إثارة الهمة عن طريق تجزيئ الأهداف الكبرى الى اهداف مرحلية .. فالذي يهدف غايات - لا تنال عادة - سرعان ما يبتلى بالفتور في أوائل الطريق ، بخلاف من يجعل لنفسه محطات قريبة المدى ، لتكون لذة الفوز في مرحلة ما ، دافعة للحركة إلى مرحلة أخرى.
14 - ثالثا : تجنيب النفس مواطن الفتور ، والميل الى التوغل في مقتضيات الغريزة ، ولهذا نلاحظ المشغولين بأهداف كبرى - ولو دنيوية - كرجال الأعمال والبحث العلمي ، لا يلتفتون إلى الشهوات العابرة ، شغلا بما هو أهم .. فكيف إذا كان ذلك الهم ، هو كسب أعلى كنز في الوجود ، وهو الرضوان الإلهي ؟..
15 - لا بد من الاستفادة من نظرية الاقتران الشرطي ، في إثارة الحوافز الداخلية .. فالذي يقرن عبادته بمكان خاص ، وفي أجواء خاصة ، وتتكرر منه حالات الإقبال في ذلك المكان الخاص ، سوف يعيش حالة مشابهة بشكل قهري عندما يعايش تلك الاجواء .. ومن هنا أمرنا باتخاذ المصلى في المنزل ، وغير ذلك من الأمور التي تربطنا بالعالم العلوي.. ولا عجب في ذلك بعد أن جعل الله تعالى عبادته مرتبطة حسّـا برموز أرضية ، متمثلة بالمادة مثل : الكعبة ، أو الحجر الأسود ، أو مقام إبراهيم..
16 - إن الضمان الوحيد لكل ما ذكرناه آنفا ، هي الاستقامة في الطريق .. فإن رسول الله (ص) عجل به الشيب ، لآية في سورة هود ، وهي قوله تعالى: { فاستقم كما امرت ومن تاب معك }.. وهذا العنصر هو الذي يفتقده الكثيرون ، فتتحول حركتهم إلى سكون لدى أول مانع من موانع الطريق ، ويتحول أملهم إلى يأس عند أول بادرة من بوادر الفشل .. ولذا كثر السائرون وعزّ الواصلون.
=============================
هذه ترجمة بسيطة ولمن أحب الاستماع بشكل أوضح علني أهملت شيء يمكنه الاستعانة بالرابط التالي :
http://www.alseraj.com/main.shtml
الدال على الخير كفاعله .
والسلام ختام .
===========================
ملاحظة:
1- نشرنا المسابقة الجديدة لهذا الشهر ، مع جوائز قيمة.
2- نشرنا على الموقع كتاب مفاتيح الجنان ، في قسم المقتطفات.
3-كما تم نشر واحة الموسوعات في القسم نفسه ، وفيها معلومات قيمة في العقائد والتفسير والفقه والحديث والتاريخ.
4- نؤكد مرة اخرى لمن يريد حذف عنوانه ، الكتابة على العنوان التالي ليحذف فورا :alseraj@alseraj.com
===========================
اعلان هام للاخوة الكرام : ترشيح موقع السراج في الطريق الى الله لافضل المواقع الشيعية على TOP SHIA SITES
http://www.topshia.com/in.php?site=1003355535
نبث إليكم حديث الجمعة الموافق 4 - ربيع الأول – 1423 ( 17-5-2002)
والذي كان تحت عنوان :
(دوامة العقل الجمعي )
وإليكم أهم محاور هذا الحديث:
1 - كما أن للبذرة حركتان : حركة جوهرية في الداخل ، وحركة بيئية في الخارج ، وبكمالهما تنمو البذرة .. فكذلك للنفس الإنسانية : حركة جوهرية ، تتمثل في تحريك قواها الداخلية ، وحركة خارجية تتمثل في المؤثرات البيئية ، والتي نسميها العقل الجمعي ، أو التأثير اللاشعوري لمجموعة بشرية تتحرك نحو محور واحد.
2 - للعقل الجمعي إيجابيات وسلبيات .. فمن سلبياته : أن المتأثر به يفقد القدرة على التفكير السوي ، في خضم التفكير الغالب .. فيعير عقله للغير ليفكر به..
3 - ومن سلبياته : أنه مما يوجب الحركة المؤقتة – لو كانت صالحة – وحينئذ بانتهاء تلك الحالة الجماعية تنتهي الحركة ، وهو ما نلاحظه في موسم الحج ، فيرجع الحاج فاقدا معظم ما كسبه في تلك الفترة.
4 - ومن سلبياته : أنه يسلب الإنسان القدرة على الابتكار والإبداع ، فلا يفكر خارج المألوف لاكتشاف ما هو الجديد .. ومع انعدام الحركة الإبداعية في الحياة ، يفقد الإنسان سيره التكاملي.
5 - ومن سلبياته : انه يشجع على المراعاة والمراءاة .. فينشط الفرد داخل الجماعة ليرجع الى الخلوة بما فيها من تكاسل وتقاعس.. وقد ورد في الحديث : أن المرائي يكسل اذا كان وحده ، وينشط اذا كان الناس عنده .
6 - ومن سلبياته : أن الفرد ينقلب عما فيه ، اذا انقلبت الحركة الجماعية من الصلاح الىالفساد .. والتاريخ مليء بنماذج من غلبة الروح الجماعية على الفرد عندما يستولي على اصحابها الشيطان ، ومثاله الخوارج في زمان الامام علي (ع) ، وأصحاب مسلم بن عقيل في زمان الحسين (ع).
7 - ومن سلبياته : ان الادراك الجمعي قد تلتبس عنده المفاهيم ، واذا به يرى القبيح جميلا وبالعكس .. وهو ما نراه من تعارف المنكرات - وكأنها هي الحالة الطبيعية - في بلاد الغرب ، وهذا منشأ حكم الفقهاء بحرمة التغرب او التعرب بعد الهجرة ، عندما تكون الظروف ملائمة ، لانسلاخ الفرد عن هويته التي ينبغي أن ينبعث منها.
8 - واما إيجابيات العقل الجماعي فهو : تحفيز الهمم ، وقدح العزائم ، وهو ما نلاحظه في موسم الحج ، فيقوم العبد بحركات روحية وبدنية ، لا يمكنه القيام بها خارج إطار الجماعة المتعبدة في ذلك الموسم ، ويأتي الكلام نفسه في الصيام ، وصلاة الجماعة ، والجهاد.
9 - ومن إيجابياته : إيجاد جو من السباق المحمود والمحموم ، لأن السائرين إلى هدف واحد ، تنتابهم عادة هذه الحالة المقدسة ، بشرط خلوها عن الحسد والتنازع .
10 - ومن إيجابياته : التعرض لأجواء الرحمة الشاملة للهيئة الجماعية ، فإذا كانت النتائج في علم المنطق تابعة لأخس المقدمات ، فان الألطاف الإلهية بالنسبة للجمع ، تابعة لأرقى الافراد ، فباعتبارهم يلطف الحق بالجميع ، واليكم هذا النص الدال على هذا المعنى ( أن الملائكة يمرون على حلق الذكر ، فيقومون على رؤوسهم ، فيبكون لبكائهم ، ويؤمنون على دعائهم ، فيقول الله تعالى : اشهدوا اني قد غفرت لهم وآمنتهم مما يخافون ، فيقولون ربنا : إن فيهم فلانا ولم يذكرك ، فيقول : قد غفرت له بمجالسته لهم ، فإن الذاكرين ممن لا يشقى بهم جليسهم )
11 - وأخيرا لنطبق ما قلناه على أجواء المواسم العبادية ، سواء في شهر رمضان أو في موسم الحج ، أوفي شهري محرم وصفر .. فإن الجو الجماعي يدفع العبد الى حالة من الإنابة والانقطاع إلى الله تعالى ، والميل إلى التأسي بأوليائه المعصومين (ع) ، ولكن بعد الفراغ من الموسم تنتابه حالة من الاكتئاب والحزن ، لفقدان تلك الاجواء المباركة ، فما هو الحل؟.
12 - اولا : لا بد من تغيير الدوافع العرضية الى حالة من القناعة الذاتية ، لئلا تزول الآثار بزوال مؤثراتها .. فالمفروض ان القناعات الراسخة لا تتغير بتغير المواسم .. اذ المعتقد بلزوم السير الجاد الى الله تعالى ، وذلك بالمجاهدة والمراقبة ، لا ينتظرالحج ولا شهر رمضان !..
13 - ثانيا : إثارة الهمة عن طريق تجزيئ الأهداف الكبرى الى اهداف مرحلية .. فالذي يهدف غايات - لا تنال عادة - سرعان ما يبتلى بالفتور في أوائل الطريق ، بخلاف من يجعل لنفسه محطات قريبة المدى ، لتكون لذة الفوز في مرحلة ما ، دافعة للحركة إلى مرحلة أخرى.
14 - ثالثا : تجنيب النفس مواطن الفتور ، والميل الى التوغل في مقتضيات الغريزة ، ولهذا نلاحظ المشغولين بأهداف كبرى - ولو دنيوية - كرجال الأعمال والبحث العلمي ، لا يلتفتون إلى الشهوات العابرة ، شغلا بما هو أهم .. فكيف إذا كان ذلك الهم ، هو كسب أعلى كنز في الوجود ، وهو الرضوان الإلهي ؟..
15 - لا بد من الاستفادة من نظرية الاقتران الشرطي ، في إثارة الحوافز الداخلية .. فالذي يقرن عبادته بمكان خاص ، وفي أجواء خاصة ، وتتكرر منه حالات الإقبال في ذلك المكان الخاص ، سوف يعيش حالة مشابهة بشكل قهري عندما يعايش تلك الاجواء .. ومن هنا أمرنا باتخاذ المصلى في المنزل ، وغير ذلك من الأمور التي تربطنا بالعالم العلوي.. ولا عجب في ذلك بعد أن جعل الله تعالى عبادته مرتبطة حسّـا برموز أرضية ، متمثلة بالمادة مثل : الكعبة ، أو الحجر الأسود ، أو مقام إبراهيم..
16 - إن الضمان الوحيد لكل ما ذكرناه آنفا ، هي الاستقامة في الطريق .. فإن رسول الله (ص) عجل به الشيب ، لآية في سورة هود ، وهي قوله تعالى: { فاستقم كما امرت ومن تاب معك }.. وهذا العنصر هو الذي يفتقده الكثيرون ، فتتحول حركتهم إلى سكون لدى أول مانع من موانع الطريق ، ويتحول أملهم إلى يأس عند أول بادرة من بوادر الفشل .. ولذا كثر السائرون وعزّ الواصلون.
=============================
هذه ترجمة بسيطة ولمن أحب الاستماع بشكل أوضح علني أهملت شيء يمكنه الاستعانة بالرابط التالي :
http://www.alseraj.com/main.shtml
الدال على الخير كفاعله .
والسلام ختام .
===========================
ملاحظة:
1- نشرنا المسابقة الجديدة لهذا الشهر ، مع جوائز قيمة.
2- نشرنا على الموقع كتاب مفاتيح الجنان ، في قسم المقتطفات.
3-كما تم نشر واحة الموسوعات في القسم نفسه ، وفيها معلومات قيمة في العقائد والتفسير والفقه والحديث والتاريخ.
4- نؤكد مرة اخرى لمن يريد حذف عنوانه ، الكتابة على العنوان التالي ليحذف فورا :alseraj@alseraj.com
===========================
اعلان هام للاخوة الكرام : ترشيح موقع السراج في الطريق الى الله لافضل المواقع الشيعية على TOP SHIA SITES
http://www.topshia.com/in.php?site=1003355535